أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مطار الأنبار الدولي كذبة أم ملف فساد يغدق على المروجين له

منذ الإعلان عن بناء سياج للمنطقة المخصصة لمطار الأنبار قبل سنوات لم تكشف أي جهة عن مخططات وتصاميم المطار ونسبة الإنجاز فيه.

الأنبار – الرافدين

أجمع سياسيون عراقيون على أن حكومة الإطار التنسيقي لن تسمح بتحويل محافظة الانبار إلى مركز تجاري وصناعي وسياحي وتشييد مطار دولي فيها لأسباب متعلقة بتهميش المدينة جغرافيا.
وأكد اقتصاديون على أن تزاحم المطارات في مساحة جغرافية صغيرة نسبيا لا يدر بالنفع الاقتصادي على محافظة الأنبار لاسيما أن مطار بغداد لا يبعد كثيرا، إضافة إلى عدم وجود نسبة سكانية كبيرة بالمحافظة ليتم خدمتها بمطار جديد.
وأشاروا إلى أن المطار في حال بنائه فأن وارداته لا تسد رواتب موظفيه، مؤكدين على أن مشروع انشاء مطار دولي في الأنبار ولد ميتًا اقتصاديًا.
ووصف سياسيون من محافظة الأنبار مشروع مطار الأنبار بأنه “كذبة ووهم” ولا وجود له على أرض الواقع، والغاية منه كانت للتسويق الانتخابي فقط.
وقال وزير الكهرباء الأسبق قاسم الفهداوي في تصريح تلفزيوني، إن “مطار الأنبار كذبة كبيرة ولن ينجز، وذلك لأن المطار بحاجة إلى تعداد سكاني يتجاوز المليونين لكي يعمل، والمحافظة لا تحقق هذه النسبة، إلا بعد 41 عاما مع النمو السكاني، واللجنة المكلفة رأت أن يكون المطار في منطقة الحبانية”.
ورغم الإجراءات الحكومية الخجولة التي تحاول كشف ملفات الفساد في محافظة الأنبار، عن طريق هيئة النزاهة، إلا أن ذلك لم يقف عائقًا أو يمنع السراق من الاستمرار بمشروعهم الممنهج.
وأصبح مطار الأنبار واحدًا من أبرز المشاريع الكبيرة التي يتم طرح اسمها في كل حديث عن شبهات فساد في المحافظة، لاسيما بعد إعلان الشروع بالعمل فيه وبناء سياج له بكلفة 20 مليار دينار، إلا أنه ومنذ سنتين لا يوجد أي تفاصيل جديدة عن التقدم في العمل على أرض الواقع.

ضاري الدليمي: محافظ الأنبار وقع عقدًا مع شركة تركية وهمية لبناء المطار
وكان مجلس محافظة الأنبار، قد أعلن في أيلول 2021، عن قرب المباشرة بإنشاء مطار الأنبار الدولي، بعد لقاء مع ممثلي الشركة المصممة للمطار، موضحًا أن المطار، سيتم إنشاؤه على مساحة تقدر بثلاثة آلاف دونم في منطقة الكيلو 35 غربي مدينة الرمادي، وسيخصص لنقل المسافرين، والشحن الجوي، بطاقة استيعابية تقدر بنصف مليون مسافر سنويا، وسيوفر فرص عمل للخريجين والعاطلين عن العمل.
ومنذ ذلك الحين ما تزال بوادر العمل وتقدم نسب الإنجاز غير واضحة، ولا يوجد أي نشر لبيانات توضح نسب الإعمار والموعد النهائي للإنجاز الكامل.وأكد سياسيون مستقلون من محافظة الأنبار على أن “مطار الأنبار لا وجود له على الأرض، وتم إنشاء سياج فقط، لغرض إيهام المواطنين بإنجازات وهمية، وهو ملف سيادي والجهة المسؤولة عن بناء المطارات وإعمارها هي وزارة النقل وليست الإدارات المحلية في المحافظات”.
وقال مهند الراوي إن “قضية إنشاء مطار الأنبار، الغرض منه بث إنجازات وهمية من قبل الحزب المسيطر على مجلس المحافظة، وفي الحقيقة هو كذبة لا وجود لها على الأرض ولن يرى النور الآن وبعد سنوات إطلاقا، وهي محاولة سابقة لكسب ود الشارع، وإيهام الناخب، وأيضا ملف كبير من ملفات الفساد التي قام بها الحزب الحاكم”.
وأشار الراوي الذي عرف نفسه بالسياسي المستقل، إلى أن “الأنبار غير قادرة على استقبال أعداد كبيرة من المسافرين من مدنها والمحافظات الأخرى، لوجود مطارات قريبة من مناطقهم ولا نعلم كيف سيدار في حال إنشاءه وكيف سيستطيع استقبال رحلة جوية واحدة على مدار 24 ساعة”.
حيدر عرب: المال السائب الموجود في محافظة الانبار هو من شجع مسؤولي المحافظة على السرقة والابتزاز
وكان المكتب الإعلامي لمحافظ الأنبار علي فرحان الدليمي، قد أعلن في الرابع والعشرين من آذار 2022 عن تسليم الأرض المخصصة لمطار الأنبار الدولي لممثلي شركة polikon التركية، مبينا أن هذه الخطوة جاءت للشروع بتنفيذ المرحلة الأولى المتمثلة بتشييد المحيط الخارجي وأبراج المراقبة للمطار.
ويرتبط الحديث عن الفساد بمشروع مطار الأنبار بملف فساد كبير آخر تم الكشف عنه في وقت سابق، بعد أن تبين قيام متنفذون بالمحافظة ببيع أراضي للمواطنين لم تدخل ضمن مخطط البلدية، وتقع بمحاذاة الأرض التي خصصت للمطار، مما جعل الكثير من الناس يتوجه لشراء الأراضي هناك بمبالغ كبيرة ظنًا بأنه ستصبح منطقة حيوية في حال اكتمل المطار، وهذا ما أشار اليه القيادي في تحالف الأنبار طارق الدليمي في تصريح أكد فيه أن “الغرض من ترويج إشاعة التعاقد مع شركة تركية لغرض بناء مطار في الأنبار، كان الهدف منها رفع سعر الأراضي في منطقة الكيلو 35 القريبة من الخط السريع الدولي”.
ولفت الدليمي إلى أن “أغلب المواطنين عندما يسمعون إنشاء مطار أو مشروع استراتيجي في منطقة ما، يسارعون لشراء العقارات في تلك المنطقة لأنهم يدركون بأن سعرها سيرتفع، وهذه المنطقة ستصبح مدينة متكاملة”.
وأضاف “بالفعل هذا الذي حصل، بعدما كشفت هيئة النزاهة عن أكبر عملية تلاعب في ملف الأراضي، وهناك ملف فساد كبير في الأنبار لأكثر من ثلاثة آلاف قطعة أرض، تم فرزها من قبل طابو الأنبار وبتأثير من مجلس المحافظة لغرض توزيعها وبيعها بأسعار مرتفعة على المواطنين، من خلال إشاعة عملية إنشاء المطار”.
وأوضح أنه “بالفعل تم إنشاء سياج للمطار والتعاقد مع شركة أمنية، ولكن هذا الأمر فيه ملف فساد كبير لأنه تم دفع نحو خمسة ملايين دولار في سياج يحيط بأرض صحراوية، وهذا المبلغ كبير جدا، ودلالة على وجود ملف فساد بقضية المطار الوهمي”.
من جانبه، يوضح قائممقام قضاء الرمادي، مركز محافظة الأنبار، إبراهيم العوسج، أن “مشروع مطار الأنبار ما زال قائما والشركة المنفذة تواصل أعمالها، وسيكون نقلة نوعية ومشروعًا استراتيجيًا مهما يخدم أهالي المحافظة ويربطهم بالعالم الخارجي ويخفف الأعباء ويقدم فائدة كبيرة، خاصة وأن هناك مرضى وكبار في السن يضطرون إلى السفر لبغداد أو كردستان لغرض الطيران برحلات علاجية”.
ونفي أن يكون مطار الأنبار مشروعًا وهميًا، “وسيرى النور في السنوات المقبلة، وأن على من يشكك بالأمر أن ينتظر ويرى الأعمال التي ستنجز، لكن هناك جهات دأبت على أن تشكك في كل شيء وتسقط في كل منجز لأغراض سياسية فقط”.

اتهامات لمجلس محافظة الأنبار بتوقيع عقد إنشاء مطار مع شركة وهمية
مقابل ذلك كشف تحالف الأنبار الموحد تفاصيل جديدة تخص ملفات فساد في مشروع المطار، متهمين المحافظ بتوقيع عقد مع شركة تركية وهمية لا وجود لها.
وقال القيادي بالتحالف، ضاري الدليمي إن “محافظ الأنبار وقع عقدًا لإنشاء مطار الأنبار، ووضع الحجر الأساس للمشروع، مع شركة تركية وهمية ولا وجود لها، حسب المعلومات التي وردت لنا”.
وأضاف أن “الجهات الإدارية والمجتمع الأنباري علم بمشروع مطار الأنبار، والذي أصبح حديث الشارع في الآونة الأخيرة”، مبيناً أن “ما دار حول المشروع من سرقة ملف أراضي ناحية الوفاء التي روج لها كأنها ملاصقة للمطار، مما دفع المواطنين الى شراء مجموعة كبيرة من القطع الأراضي في هذه المنطقة”.
وأوضح أن “ملف الأراضي اعقبه بعد ذلك، مشروع سياج المطار وإحالته الى شركة تركية بمبلغ فاق الـ40 مليار دينار ولما تم تعقب الموضوع، بين أن كلفة السياج أقل من 20 مليار، أي تمت سرقة أكثر من نصف المبلغ”.
ولفت إلى، أن “إصرار الحزب المسيطر على مجلس المحافظة في الأنبار على هذا الملف يؤكد مضيها بمشروع الفساد، وأن رئيس مجلس الوزراء، مطالب بالتدخل ومتابعة هذا الموضوع لا سيما أن كانت هذه الشركة وهمية وغير رصينة”.
وعزا مركز “القمة للدراسات الاستراتيجية” أسباب انتشار الفساد في مؤسسات محافظة الأنبار، إلى “ثقافة الفساد” الشائعة بين السياسيين والمسؤولين في العراق وليس الأنبار وحدها.
وقال مدير المركز حيدر عرب إن “المال السائب الموجود في محافظة الانبار هو من شجع مسؤولي المحافظة على السرقة والابتزاز وأن الفساد الحاصل في مؤسسات الانبار حدث نتيجة هذا المال”.
وأضاف “أكثر من جهة مولت المحافظة لاسيما فيما يتعلق بقضية ملف إعادة الاعمار المحافظات الغربية لاسيما الأنبار، عن طريق تبرع بعض الدول، بالإضافة الى المبالغ المالية التي خصصت في الموازنات العراقية وقانون الأمن الغذائي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى