أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

سجن الكرخ المركزي قبو معتم للتعذيب والتجويع وهدر كرامات المعتقلين

حقوقيون عراقيون يؤكدون تسجيل ما لا يقل عن ثلاث حالات وفاة خلال يومين وتردي الأوضاع الصحية لنحو عشرة معتقلين داخل سجن الكرخ المركزي بسبب الإهمال الطبي.

بغداد – الرافدين

كشف المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب عن انتهاكات كبيرة يتعرض لها المعتقلون في سجن الكرخ ببغداد، وذلك عن طريق مناشدة عاجلة وجهها المعتقلون داخل السجن يطالبون فيها إنهاء معاناتهم اليومية.
ونقل المركز مناشدة المعتقلين الذين اتهموا إدارة سجن الكرخ المركزي في بغداد بمعاملتهم بطرق غير إنسانية، وتعرضهم للتعذيب بشكل يومي وتتعمد الإهمال الصحي والغذائي بحقهم، ما تسبب بوفاة الكثير منهم.
وأضاف نقلًا عن المعتقلين، إن “إدارة سجن الكرخ في بغداد تتعمد عدم توفير أبسط الإسعافات الأولية والأدوية الضرورية اللازمة لرعاية المعتقلين المرضى”.
وأكدت مصادر حقوقية عراقية في بغداد، تسجيل ما لا يقل عن ثلاث حالات وفاة خلال يومين وتردي الأوضاع الصحية لنحو عشرة معتقلين.

آلاف المعتقلين يرزحون في السجون الحكومية بتهم كيدية

وأشارت إلى أن الوفيات بين السجناء بسبب ظروف غير صحية وسوء تغذية داخل سجن الكرخ المركزي ببغداد، إضافة إلى انقطاع الماء الصالح للشرب عنهم، واكتظاظ غرف السجن بالنزلاء، وانتشار الأمراض المعدية وتوقف الرعاية الصحية عنهم”.
وبينت المصادر الحقوقية أن الوفيات داخل سجن الكرخ المركزي الواقع غربي بغداد، من غير كبار السن، اثنان منهم بالعقد الثالث، والآخر بالعقد الثاني من العمر، إلى جانب تسجيل تردي حالة 10 آخرين، وإصابة عشرات من النزلاء بالتهابات معوية ومشاكل تنفسية، وأمراض جلدية مختلفة، من دون اتخاذ أي إجراء سريع وفوري من قبل إدارة السجن لعلاج المصابين.
وأكد عمر الفرحان مدير “المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب”، تلقي مركزه العديد من رسائل المناشدات من نزلاء سجون الكرخ للرجال والكرخ للنساء والتاجي والحوت في الناصرية، والتي تؤكد تعرضهم للانتهاكات المستمرة والابتزاز وعمليات الانتقام المتواصلة، مشيرًا إلى أن “الانتهاكات لا تزال مستمرة في السجون العراقية كسجن الكرخ والتاجي والناصرية “الحوت”، ويؤكد ذلك المناشدات التي تصل من نزلاء هذه السجون”.
وأوضح “أن تلك المناشدات نُقلت لبعثة الأمم المتحدة في بغداد والحكومة العراقية، دون أن تجد آذانا صاغية، أو أن تلاقي إجراءات لوقف الانتهاكات في السجون” مبينا أن المجتمع الدولي بات عاجزًا عن القيام بدوره في إنهاء ملف الانتهاكات داخل السجون.
وأضاف أنه “في ظل الظروف المأساوية التي تعاني منها مراكز الاعتقال بات التصويت على قانون العفو العام مطلبا وطنيًا وقانونيًا وإنسانيًا لمراعاة ملف حقوق الإنسان.

عمر الفرحان: مناشدات المعتقلين نُقلت لبعثة الأمم المتحدة في بغداد والحكومة العراقية، دون أن تجد آذانا صاغية.

وحذر الفرحان بأن الكثير من المعتقلين الذين من المفترض أن يشملهم قانون العفو تركوا لمواجهة الممارسات غير الإنسانية كالإهمال والتعذيب والتجويع، ما تسبب بتسجيل العديد من حالات الوفاة في صفوفهم.
ومن جانبها أكدت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان تسجيل جملة من الخروقات والانتهاكات داخل سجن الكرخ وباقي السجون الحكومية.
وقال رئيس اللجنة أرشد الصالحي إن “الانتهاكات لا تزال تسجل في السجون العراقية، والتي أغلبها لا يتطابق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة فيما يخص عمليات ابتزاز المعتقلين والاكتظاظ داخل السجون”.
وشدد على ضرورة التوافق السياسي على تمرير قانون العفو العام للحد من الاكتظاظ في السجون، وإنهاء ملف المعتقلين الأبرياء الذين من المفترض أن يشملهم القانون، مبينا أن القانون حاليًا يخضع للنقاش بين القيادات السياسية.
وكشف الصالحي عن أن القوى المنضوية في الإطار التنسيقي لا تزال رافضة تمرير قانون العفو العام.
وأضاف رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أن “السجون الحكومية ومراكز الاحتجاز تضم حاليًا آلاف النزلاء، وهؤلاء يكلفون الدولة العراقية أعباء مالية كبيرة، فالمعتقل الواحد يكلف الدولة نحو 11 دولارا في اليوم الواحد كأجور للطعام والشراب وغيرها”.

عبد القادر النايل: غالبية الانتهاكات داخل السجون العراقية تمارس بدافع طائفي

وشدد على أن لجنته تؤكد على ضرورة التخفيف من أعداد المعتقلين، والحد من مشكلة اكتظاظ السجون عبر إطلاق قانون العفو، أو عبر تخفيف الأحكام، ولا سيما عن المحكومين الذين أمضوا أكثر من نصف مدة المحكومية.
وعد الناشط السياسي عبد القادر النايل غالبية الانتهاكات داخل السجون العراقية بأنها تمارس “بدافع طائفي”.
وقال النايل إن “أغلب النزلاء في سجن الكرخ متهمون بقضايا كيدية تتعلق بالإرهاب، وهم من ضحايا المخبر السري”.
ودعا النايل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى “زيارة السجون بشكل مفاجئ للتعرف إلى حجم الكارثة الإنسانية هناك”، كما طالب بـ “استبدال المسؤولين عن الانتهاكات وعمليات الابتزاز اليومي للمعتقلين وعائلاتهم داخل تلك السجون”.
وفي الرابع من شهر نيسان، وعدت وزارة العدل العراقية، بإنهاء مشكلة اكتظاظ السجون، ضمن خطة وضعتها لتوسعة السجون في البلاد تتضمن استحداث مدن إصلاحية متكاملة، مؤكدة أن الخطة تحتاج إلى عامين لإتمامها.
وأقرت بأن نسبة الاكتظاظ في سجونها وصلت الى 300 بالمائة، مؤكدة أنه من الصعوبة السيطرة على كل هذه الأعداد، في إشارة إلى عدد المعتقلين.

العفو الدولية تتهم السلطات في العراق بتنفيذ احكام إعدام في ظل انعدام الشفافية

وخلال السنوات الماضية زُج بآلاف العراقيين داخل السجون، بسبب “التهم الكيدية”، أو ما يعرف بـ”المخبر السري”، إذ اندرجت أغلب تلك القضايا التي أثيرت ضدهم تحت العداوات الشخصية والتصفيات السياسية، وسط أجواء غير صحية داخل السجون، وانتزاع “اعترافات تحت التعذيب”.
ومع ما يحدث من موت بطيء داخل السجون تستمر حكومة بغداد بتنفيذ احكام إعدام بحق المعتقلين في ظروف مقلقة وسط انعدام للشفافية كما وصفتها منظمة العفو الدولية.
وطالبت منظمة العفو الدولية السلطات الحكومية في العراق وقف جميع عمليات الإعدام وبشكل فوري عقب إعدام 13 رجلًا على الأقل في الثاني والعشرين من نيسان في سجن الناصرية المركزي بمحافظة ذي قار.
وأكدت المنظمة أن “العديد من الأشخاص ربما أُعدموا سرًا وسط انعدام مقلق للشفافية فيما يتعلق بالإعدامات التي نُفّذت في العراق في الأشهر الأخيرة”، حيث أبلغ نشطاء ومحامين يمثلون سجناء محكوم عليهم بالإعدام، أبلغوا منظمة العفو الدولية أن العشرات من الأشخاص الإضافيين قد أُعدموا منذ العاشر من نيسان دون أن تعطي السلطات إشعارًا مسبقًا للسجناء أو لأسرهم ومحاميهم.
وقالت المنظمة إن “الإعدامات في العراق مروّعة وتُسبّب الإحباط، حيث يعاني نظام القضاء في العراق من إرث من الانتهاكات والتجاوزات فيما يخص حقوق الإنسان، ما أدى إلى الحكم بالإعدام على الآلاف من الأشخاص عقب محاكمات بالغة الجور”. وأكدت على أن الإعدامات تُنفَّذ عقب محاكمات لا تستوفي المعايير الدولية لحقوق الإنسان إلى حد الحرمان التعسفي من الحياة.
ويبقى ملف السجناء بالعراق من الملفات المعقدة، في وقت تعاني السجون من إدخال الممنوعات، وانتهاكات وخروقات واكتظاظ، ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في البلد، لكن أرقامًا متضاربة تؤكد أنها تقترب من المائة ألف سجين تتوزع على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية، مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب وميليشيا الحشد، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى