أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

مأساة غرق الطفلة العراقية سارة الهاشمي تفند المزاعم الحكومية عن الاستقرار السياسي

والد الطفلة الغريقة أثناء عبورهم من فرنسا إلى بريطانيا يؤكد أن أسرته هربت من البصرة تحت تهديد الميليشيات الطائفية، وأنهم فضلوا الموت على العودة للعراق.

بغداد- الرافدين
قال والد فتاة عراقية تبلغ من العمر سبع سنوات، سحقت حتى الموت على متن قارب صغير إنهم حاولوا عبور القناة بين فرنسا وبريطانيا بعد أن أبلغوا أنه سيتم ترحيل عائلته الصغيرة إلى العراق بعد قضاء سنوات في أوروبا.
وفقد أحمد الهاشمي “41عامًا” السيطرة على ابنته سارة، على متن زورق مطاطي بعد أن اندفعت مجموعة كبيرة من الرجال على متن القارب أثناء انسحابه من شواطئ ويميرو، جنوب كاليه في فرنسا.
ولقي خمسة مهاجرين، بينهم العراقية سارة الهاشمي، حتفهم ليلا أثناء محاولتهم عبور المانش من فرنسا إلى بريطانيا، وفق ما أفاد مصدر في الشرطة الفرنسية.
وقال جاك بيلان الحاكم المحلي للصحفيين “وقعت مأساة على متن قارب مكدس بالمهاجرين. نأسف لوفاة خمسة أشخاص منهم طفلة في السابعة وامرأة وثلاثة رجال”.
وأضاف “توقف المحرك على بعد مئات الأمتار من الساحل وسقط عدد من الأشخاص في المياه”.
وتابع أن رجال الإنقاذ وصلوا إلى المكان بسرعة وانتشلوا 47 شخصًا، ونقل أربعة إلى المستشفى.
وقال “ظل 57 آخرون على متن القارب. رفضوا أن يتم إنقاذهم وحاولوا إعادة تشغيل المحرك وتحركوا نحو بريطانيا”.
وتعرضت سارة للدهس عندما انحشر الهاشمي، الذي كان يسافر أيضًا مع زوجته نور السعيد وابنته رهف البالغة من العمر 13 عامًا وابنه حسام البالغ من العمر ثماني سنوات، ولم يتمكن من الوصول إليها. وكانت سارة واحدة من خمسة أشخاص لقوا حتفهم في حادث التدافع يوم الثلاثاء الماضي.
وفي حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” قال الهاشمي، إنه غادر البصرة في العراق قبل 14 عامًا بعد أن هددته الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران، وإن سارة ولدت في بلجيكا وعاشت في السويد، لكن طلباته المتعددة للحصول على اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي رُفضت.
وأضاف “لو كنت أعرف أن هناك فرصة بنسبة واحد بالمائة أن أتمكن من الاحتفاظ بالأطفال في بلجيكا أو فرنسا أو السويد أو فنلندا لاحتفظت بهم هناك”.
وأوضح “كل ما أردته هو أن يذهب أطفالي إلى المدرسة. لم أكن أريد أي مساعدة. أنا وزوجتي نستطيع العمل. أردت فقط أن أحمي طفولتهم وكرامتهم”.
وكانت هذه هي المحاولة الرابعة للعائلة لعبور القناة منذ وصولهم إلى منطقة باس دي كاليه في فرنسا قبل شهرين.

هربت من البصرة مع أسرتي تحت تهديد الميليشيات الطائفية

وقد ألقت الشرطة القبض عليهم من قبل، لكن الهاشمي قال إن المهربين أكدوا له أنه مقابل 1500 يورو لكل شخص بالغ، ونصف لكل طفل، سيكونون من بين أربعين شخصًا، معظمهم من العراقيين، للركوب على متن قارب.
وقالت نور زوجة الهاشمي إن سارة كانت هادئة في البداية، حيث كانت ممسكة بيد والدها أثناء سيرهما من محطة القطار في ويميرو في المساء السابق ثم اختبأت في الكثبان الرملية شمال المدينة طوال الليل.
وقبل الساعة السادسة صباحًا بقليل، قامت المجموعة بتضخيم زورقهم وأمرهم المهربون بحمله إلى الشاطئ والركض به نحو البحر.
وفجأة انفجرت قنبلة غاز مسيل للدموع بالقرب منهم وبدأت سارة بالصراخ.
وبمجرد صعوده على متن القارب، أبقى الهاشمي سارة على كتفيه، لكنه أنزلها بعد ذلك لمساعدة ابنته الأخرى، رهف، على الصعود على متن القارب.
وتوسل إلى من حوله، ومن بينهم شاب سوداني كان من بين الذين انضموا إلى القارب في اللحظة الأخيرة، أن يتنحوا جانباً للسماح له بإمساك طفله الأصغر.
وقالت نور “أردت فقط أن يتحرك حتى أتمكن من سحب طفلي. لكن ذلك الرجل تجاهل طلبي”.
وقال الهاشمي “كان ذلك الوقت مثل الموت نفسه. لقد رأينا الناس يموتون. رأيت كيف كان هؤلاء الرجال يتصرفون. لم يهتموا بمن كانوا يدوسون عليه، طفل، أو رأس شخص ما، صغيرًا أو كبيرًا. بدأ الناس يختنقون”.
وأضاف “لم أستطع حمايتها. لن أسامح نفسي أبداً لكن البحر كان خياري الوحيد”.
ولم يتمكن الهاشمي من الوصول إلى جثة ابنته إلا في وقت لاحق، بعد أن وصل رجال الإنقاذ الفرنسيون إلى القارب وأنزلوا بعضاً من الركاب الـ112 الذين كانوا على متنه.
وقال “رأيت رأسها في زاوية القارب. كانت كلها زرقاء. لقد كانت ميتة عندما أخرجناها. لم تكن تتنفس.”
وأضاف أن بلجيكا رفضت في الآونة الأخيرة طلبه للجوء على أساس أن البصرة آمنة. وكانت الأسرة قد أمضت السنوات السبع الماضية في العيش مع صديق في السويد.
وأوضح الهاشمي “كل ما حدث كان رغماً عني. لقد نفدت الخيارات. يلومني الناس ويقولون: كيف يمكنني المخاطرة ببناتي؟ لكنني أمضيت 14 عامًا في أوروبا وتم رفضي”.
ووصفت إيفا جونسون، معلمة سارة عندما كانت في السويد، الطفلة البالغة من العمر سبع سنوات بأنها “لطيفة ولطيفة”، في رسالة فيديو أرسلتها إلى “بي بي سي”.
وقالت “كان لديها الكثير من الأصدقاء في المدرسة. وكانوا يلعبون معًا طوال الوقت… وفي شباط، سمعنا أنه سيتم ترحيلها وأن ذلك سيحدث بسرعة. لقد تلقينا إشعارًا بذلك قبل يومين”.
وبعد أن علموا بوفاتها، تجمع الطلاب في دائرة ووقفوا دقيقة صمت.
وأضافت المعلمة “من المؤسف للغاية أن يحدث ذلك لعائلة لطيفة كهذه. لقد قمت بتعليم أطفال آخرين في تلك العائلة، وقد صدمت حقًا بشأن الترحيل”.
وشددت بقولها “لا تزال صورة سارة أمامنا، وسوف نحتفظ بها هناك طالما أراد الأطفال ذلك.”
وتفند مأساة غرق الطفلة العراقية سارة الهاشمي مزاعم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عن الاستقرار السياسي والأمني ورغبة ملايين اللاجئين العراقيين بالعودة إلى بلدهم.
وسبق أن أثارت مزاعم مستشار الأمن القومي في حكومة الإطار التنسيقي قاسم الأعرجي، عن عودة ملايين العراقيين في الخارج، والسلم الأهلي والسيطرة على سلاح العشائر، تكهنات بشأن الخطاب الحكومي الذي تجاوز مرحلة “ما بعد الحقيقة” إلى بيع التفاؤل الزائف كسلعة سياسية.
وعبّر الاعرجي وهو قيادي في ميليشيا بدر عاش وتدرب في إيران والتحق بميليشيا الحشد قبل أن يتسلم مناصب وزارية، عن تفاؤله بعودة جميع العراقيين في الخارج إلى وطنهم.
ويأتي كلام الأعرجي بعد أسابيع من إعلان الحكومة الألمانية، أن أكثر من 244 ألف شخص، بينهم عراقيون، قدموا طلبات اللجوء في البلاد، خلال العام 2022.
وأثارت مزاعم الأعرجي المفرطة بالتفاؤل عن عودة العراقيين في الخارج الى بلدهم، سخرية وتناقضًا في آن واحد، بينما يخطط عدد كبير من العراقيين على الهجرة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وانعدام فرص العمل وسوء الخدمات.
ويوجد ما يقارب ستة ملايين عراقي موزعين على شتى بلدان العالم، ولا يفكر الغالبية منهم بالعودة إلى بلادهم.

سارة مفعمة بالأمل قبل أن يختطفها الموت
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى