أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

لا عيد للعمال في العراق وهم يسحقون يوميًا بحثًا عن قوت أطفالهم

مزاعم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني عن حفظ كرامة العمال مجرد رسائل إعلامية لا أهمية لها على أرض الواقع بمجرد التجول في تجمعات العمال الباحثين عن عمل بالأجرة اليومية في جميع المحافظات العراقية.

بغداد – الرافدين
يستقبل عمال العراق الأول من أيار يوم العمال العالمي، وسط صعوبات اقتصادية متلاحقة ألقت بظلالها على أوضاع المواطنين بشكل عام والعمال بشكل خاص.
وتتزايد معاناة شريحة العمال مع قلة الأجور وإجحاف بحقوقهم، فضلًا عن غياب الضمانات الاجتماعية والحرمان من حرية التنظيم النقابي.
ويؤثر غياب الرؤية والخطط الخاصة بتطوير قطاعي الصناعة والزراعة، بضياع فرص العمل على العديد من العمال سنويًا ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة.
ويحتفل في الأول من شهر أيار من كل عام بيوم العمال العالمي وهو يوم مخصص لدعم العمال وللاحتفاء بالإنجازات الاجتماعية والاقتصادية التي يتم تحقيقها من قبل فئة العمال في المجتمع، وفي أغلب الدول يتم إعلان هذا اليوم بكونه عطلة رسمية تكريمًا للعمال.

ليس هناك أي حقوق للعمال في العراق

وأجمع عدد من عمال العراق على انعدام فرص العمل للعراقيين وعدم التكافؤ في الأجور اليومية والامتيازات بين العامل العراقي والأجنبي.
وأكدوا على أن الحكومات المتعاقبة على مدار 21 عامًا لم تقدم الدعم المطلوب للطبقة العاملة ورفع كفاءتها في سوق العمل وضمان حقوقهم عبر تشريع القوانين التي تحميهم.
ولفتوا إلى أن العمالة الأجنبية شكلت سببًا رئيسيًا في تنامي معدلات البطالة المقنعة لان العمال الأجانب مطلوبون وبقوة في سوق العمل لرخص الأجور التي يتقاضونها.
وتشهد محافظة البصرة حراكًا متصاعدًا وتظاهرات مستمرة للمطالبة بتشغيل اليد العاملة العراقية وتقليل وجود العمالة الأجنبية المتدفقة للبلاد بكميات كبيرة دون وجود آلية حكومية تنظم آلية التوظيف.
وأكد أحد المواطنين في مقطع مصور أن أغلب الشركات الأجنبية لا توظف اليد العاملة العراقية وتجلب العمالة الأجنبية بصورة عشوائية في ظل غياب القوانين التي تلزمها بعدم استقدام أي موظف أجنبي لا يمتلك خبرة عالية.
ونظم العمال في محافظة النجف تظاهرة عبروا فيها عن حزنهم من ضياع حقوقهم.
وقالت مصادر صحفية إن المئات من عمال النجف تظاهروا وسط المدينة ولبسوا الملابس السوداء حدادًا على حقوقهم خاصة قطع الأراضي التي أخذت منهم وتم تخصيصها إلى جهة أمنية.
وأظهرت صور على منصات التواصل الاجتماعي قيام مئات العمال بارتداء الملابس السوداء ورفع رايات سوداء أيضًا خلال “تظاهرتهم الحزينة”، في إشارة واضحة على مدى ضياع حقوق العمال والعاملين في القطاع الخاص في عموم العراق الذي يضم أكثر من ستة ملايين عامل، ومنهم فقط 10 بالمائة مسجلون في الضمان الاجتماعي.
وبدا تعهد رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بـ “حفظ كرامة العمال” بالتزامن مع حلول يوم العمال العالمي بمثابة اعتراف متأخر بهدر حقوقهم وسلب كراماتهم في العمل غير المضمون.
وقال السوداني إن “حكومته ستلتزم بتوفير بيئة عمل تحفظ كرامة عمال العراق وتكفل حقوقهم المادية والمعنوية”.
غير أن نقابيين يرون أن كلام السوداني مجرد رسائل إعلامية لا أهمية لها على أرض الواقع بمجرد التجول في تجمعات العمال الباحثين عن عمل بالأجرة اليومية في جميع المحافظات العراقية. فهؤلاء جميعًا يضعون مصيرهم وقوت أسرهم بيد المصادفة في الحصول على عمل أو العودة خائبا إلى أطفاله.
وقال رئيس اتحاد نقابات عمال ذي قار هشام عودة خضير العبادي إن الواقع الذي يعيشه العمال في ذي قار واقع مزري يرثى له ولا يختلف كثير عن واقع الطبقة العاملة في عموم البلاد.
وبين أن العمال يعانون من تفشي البطالة وارتفاع معدلاتها وغزو العمالة الأجنبية التي اخذت تنافس العمال العراقيين على فرص العمل المحدودة.
ووصف البطالة التي يعاني منها العمال في ذي قار بأنها عامة وشاملة، موضحًا أن نسبة البطالة في ذي قار تقدر بـ 70 بالمائة من القوى العاملة.

معاناة العمال تتوزع بين ساعات العمل الطويلة وقلة الأجور والإجحاف بحقهم

وتعاني الطبقة العاملة من شتى صنوف الاضطهاد والحرمان والمعاناة، وأن معانتها تختلف نسبيًا عن نظيرتها في الدول الأخرى، حيث توقفت عمليات التنمية الاقتصادية ودمرت أغلب المشاريع الإنتاجية، وما يصاحب ذلك من عزوف وبطالة جماعية دون حقوق تذكر، والحرمان من المخصصات والمكافئات الأولية.
وقال العامل أحمد الجاف من مدينة خانقين إنه “ليس هناك يوم للعمال بالنسبة لهم وأول الناس الذين يعملون في كل يوم العمال هم عمال العراق في الأمطار والعواصف وفي كل الظروف، منتقدًا قلة رواتب العمال التي تبلغ (300) ألف دينار للعامل الواحد وماذا سيغطي هذا الراتب من الإيجار والمدارس والأطفال والملابس والأدوية”.
من جانبه أوضح ريزان احمد وهو أيضًا عامل من خانقين، أنه “ليس هناك أي حقوق للعمال في العراق وأنهم لم يستلموا راتب العام الجاري وأن الراتب الذي يستلم هو راتب نفس الشهر أما الشهور غير المستلمة فتضيع على العمال”.
ويرى الناشط علي طالب أن “عمال العراق يعانون من غياب أبسط الحقوق، حيث يعمل العامل في يومه أو يبحث عن العمل لتأمين لقمة العيش”.
وأكد على أن العامل العراقي ليس له أي ضمان اجتماعي، وكمثال على ذلك، توفي عامل بسبب ماس كهربائي في خانقين أثناء العمل ولم يكن له أي ضمان اجتماعي.
وسلط رئيس نقابة النسيج والجلود صباح حسن عبد الله على معاناة العمال في القطاع الصناعي، مؤكدًا أنهم يتعرضون لعقوبات وانتهاكات تطال حقوقهم الأساسية.
وحث على ضرورة الالتزام باتفاقيات حرية العمل النقابي وعدم التمييز بين النقابات، مجددًا التأكيد على المطالب المستمرة للنقابة بزيادة الرواتب وإعادة تشغيل المعامل المتوقفة لتحسين أوضاع العمال ودعم الصناعة الوطنية.
وانتقد الحكومة لتجاهلها هذه المطالب، ما يجعل القوانين الموجودة بلا تأثير فعلي، مشددًا على أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية.
ويرى رئيس نقابة الطاقة والتعدين جمال عبد الجبار، أن القوانين الحالية غالبًا ما تكون غير ملائمة لمصالح الطبقة العاملة.
وقال إن هناك ضرورة لتغيير القوانين غير المناسبة، وسن قوانين جديدة تحمي حقوق العمال، مشددًا على أهمية تعددية النقابات لضمان تمثيل متنوع، ومنع هيمنة نقابة واحدة على كافة قضايا العمال وشؤونهم.
من جهته، يؤشر الخبير القانوني جمال الأسدي، مشكلة تواجه العمال، وهي “نقص الثقافة القانونية وعدم معرفة العامل بحقوقه التي يضمنها قانون العمل، ويكتفي بالواجبات التي تفرض عليه من رب العمل”.
وأضاف أن ” الحكومة لغاية اللحظة تهمل وضع العامل وطريقة عمله بعدم وجود ضامن، ما يجعله في موقف قانوني ضعيف يسهم في قبوله للرضوخ إلى رب العمل وعدم الاعتراض خوفا من خسارته للعمل”.
وأكد على ضرورة وجود تعريف عام بقانون العمل، وتثبيت حقوق العامل وتعريف أرباب العمل بها، والأهم أن الحكومة عليها أن توفر البديل المالي للعامل في حال تعرضه لخسارة عمله حتى إيجاد عمل آخر.

واقع العمال يرثى له وأبناؤهم يضطرون للعمل معهم لتأمين لقمة العيش
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى