أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

التغطية مستمرة لحرب الإبادة في غزة في اليوم العالمي لحرية الصحافة

منظمة مراسلون بلا حدود: عدد الصحافيين الذين قتلوا في حرب غزة خلال هذه الفترة القصيرة يفوق عدد القتلى في أي نزاع شهده العالم منذ 30 عامًا على الأقل.

غزة- يحتفل العالم في الثالث من أيار باليوم العالمي لحرية الصحافة، في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي للشهر السابع حربًا مدمرة على قطاع غزة وعلى الصحافيين والمراسلين لمحاصرة الحقيقة ومنع تداولها.
ومنذ بداية الحرب الوحشية الإسرائيلية على غزة في السابع من تشرين الأول 2023، قتل جيش الاحتلال 141 صحفيًا وصحفية وأصاب 70 واعتقل الشعرات في “إخفاء قسري”، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
كما استهداف، عائلات العشرات من الصحفيين وقتل بعض أفرادها، ودمر منازلهم ومكاتبهم ومقارهم الصحفية والإعلامية، ما زاد الانتهاكات والتحديات أمام استمرارهم في أداء عملهم.
لكن رغم التحديات، وبينها احتمال مقتلهم في أي لحظة، أكد صحفيون فلسطينيون، في أحاديث أنهم مستمرون في التغطية لنقل الحقيقية؛ في ظل “حرب الإبادة الجماعية” الإسرائيلية المتواصلة.
وأسوة بنحو 2.3 مليون فلسطيني في القطاع المحاصر للعام الـ18، يواجه الصحفيون الغزيون وعائلاتهم مخاطر جسيمة بشكل يومي منذ بدء الحرب.
ويعيشون هؤلاء، كما بقية السكان، ويلات كثيرة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل والعشوائي، وانقطاع للاتصالات، وشح المعدات الصحفية، والنقص الشديد بالغذاء والماء والدواء والوقود.
“التغطية مستمرة رغم كل الصعوبات والمشقات والمعوقات”. هكذا بدأ الصحفي ‏عبد الله مقداد مراسل التلفزيون العربي في غزة حديثه قائلا “هذه رسالتنا، وهذا التحدي قبلناه كصحفيين فلسطينيين، فنحن معتادين على ذلك”.
وأضاف “تأتي المناسبة (اليوم العالمي لحرية الصحافة) هذا العام في أجواء حزينة، حيث فقد العديد من الزملاء أحبابهم وعائلاتهم، وآخرون فقدوا مكاتبهم وأرزاقهم ومنازلهم، ورغم ذلك لا يزال الأمل بأن القادم أفضل”.
واوضح “فقدنا الكثير من الزملاء، سواء أكان ذلك بفعل الاستهداف الإسرائيلي أو (أنهم) غادروا الأراضي الفلسطينية بسبب الحرب، أو فصلت بيننا الحواجز العسكرية بين الشمال والجنوب”.
وذاق مئات الصحفيين في غزة آلام النزوح، حالهم حال نحو مليوني فلسطيني أجبرتهم الغارات الإسرائيلية المكثفة والعمليات العسكرية البرية على ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أخرى بحثا عن أمان لم يجدوه.
ويدفع الصحافيون ثمنًا باهظًا لتغطية حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والتي سقط خلالها عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوفهم.
لكن الناجين منهم يواجهون خطر الموت في ظل القصف “الإسرائيلي” المتواصل للقطاع فضلاً عن الصعوبات في الاتصالات والقلق على أسرهم، ونقص المستلزمات الأساسية للبقاء من غذاء وماء.
وقالت الصحافية الغزية هند الخضري لوكالة الصحافة الفرنسية “عملنا هو توثيق الحرب لنطلع العالم على ما يحدث”.
لكنهم يعرفون أن لذلك تكلفة باهظة.
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود إن عدد الصحافيين الذين قتلوا في حرب غزة خلال هذه الفترة القصيرة يفوق عدد القتلى في أي نزاع شهده العالم منذ 30 عامًا على الأقل.
وتفيد لجنة حماية الصحافيين، أن ما لا يقل عن 64 من العاملين في وسائل الإعلام، بمن فيهم صحافيون ومصورون ومصورو فيديو وفنيون وسائقون، ومعظمهم في غزة، قُتلوا منذ هجوم السابع من تشرين الأول.
وقال المصور الصحافي الفلسطيني معتز عزايزة، إن كل يوم هو “مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا”.
فقد قُتل البعض منهم في القصف وهم في منازلهم مع عائلاتهم. وقُتل آخرون أثناء أداء عملهم.
وقُتل ثلاثة صحافيين في القصف في لبنان حيث يحصل تبادل يومي للقصف.
وقالت الخضري “تركت قطعة من قلبي” بعدما أرغمت مثل نحو 1.9 مليون من سكان غزة على الفرار إلى جنوب القطاع.
توجهت في البداية إلى مستشفى الشفاء التي لجأ إليها آلاف آخرون، ومن ثم إلى رفح عند الحدود الجنوبية المغلقة مع مصر. لكنها لم تتوقف قط عن توثيق “أهوال” الحرب.
وقال جوناثان داغر، مدير منظمة مراسلون بلا حدود في الشرق الأوسط، إن ما يحدث في غزة هو “خنق للصحافة”.
وقال عادل الزعنون مراسل وكالة الصحافة الفرنسية منذ نحو 30 عامًا، “في ظل حماس، تغير العمل الصحافي بشكل كبير عما كان عليه الوضع في ظل السلطة الفلسطينية”.
ومنذ بدء القتال، قام رامي أبو جاموس، الصحافي والمنسق لدى الكثير من وسائل الإعلام الفرنسية، بتوثيق الحياة في غزة في ما يسميه بأنه أمر “واجب”.
وبين فيديوهات الجثث ومناشدات الجرحى، ينشر لقطات يلعب فيها مع ابنته ليخطف منها ابتسامة.
مع أكثر من 17 مليون متابع، يلتقط المصور الصحافي عزايزة أيضًا في صوره محنة النازحين، فضلاً عن شعوره هو نفسه “باليأس”.
فهو من خلال دوره كشاهد ومشارك، قام بسحب جثث من تحت الأنقاض أو نقل أطفال الجرحى إلى المستشفى.
وجميع الصحافيين الذين أجرت معهم وكالة الصحافة الفرنسية مقابلات، بمن فيهم اثنان يعملان لديها، دفنوا أحد أحبتهم أو قريبًا لهم أو صديقًا منذ بداية الحرب.
وفي بعض الأحيان تقع المأساة في أثناء أدائهم عملهم. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح علم أثناء بث مباشر أمام الكاميرا بمقتل زوجته وطفليه في غارة إسرائيلية.
وقال “خوفي الأكبر لم يكن أن أؤدي وظيفتي أبدا، بل أن أفقد أسرتي … أسرتي التي استشهدت لم أرها حتى يوم الاستشهاد، منذ اندلعت الحرب على قطاع غزة. ودعتهم قبل أن أذهب إلى الحرب، ثم ودعتهم عندما واريتهم الثرى”.
وأضاف الدحدوح الذي أصيب أيضا في ذراعه خلال الغارة التي قتلت المصور أبو دقة، أن الصحافي الفلسطيني “وجد نفسه في أتون المعركة مرغمًا لا راغبًا، وبات يدفع ثمنًا باهظًا، ومثل أي مواطن فلسطيني عادي بات يخشى على نفسه، على حياته، على عمله وعلى أسرته وأحبابه وأقاربه” وهو عاش مثلهم “حياة النزوح والتشرد والتهجير القسري”.
منذ بداية الحرب، شجبت منظمة “مراسلون بلا حدود” “عجز إسرائيل عن حماية الصحافيين العاملين على الأرض، الذين ليس لديهم ملاذ آمن”.
وبينما يعاني الجميع في غزة من نقص الوقود والغذاء والماء، فإن الصحافيين في حاجة ماسة إلى الكهرباء لشحن الهواتف والكاميرات وأجهزة الكمبيوتر. وهم يعانون من انقطاع الكهرباء المستمر والانقطاع المتكرر للاتصالات.
وقال داغر من منظمة مراسلون بلا حدود إن “من خلال قطع الإنترنت، تمنع السلطات الإسرائيلية الصحافيين من العمل. إنه انتهاك للحق في الحصول على المعلومات”.
واضطر الصحافيون إلى اللجوء إلى أساليب مبتكرة لمواصلة العمل، مثل الصعود إلى أسطح المنازل لالتقاط إشارة لإرسال موادهم مع تكرر الانقطاع.
وحثت منظمة مراسلون بلا حدود السلطات على “فتح أبواب” معبر رفح الحدودي مع مصر، حتى “يتمكن الصحافيون أخيرًا من الدخول والخروج على جانبي الحدود”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى