السوداني وعبد اللطيف يضفيان شرعية على ميليشيا العصائب و”يستجديانها”
الاحتفال الحكومي والرئاسي بميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي سقوط أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا لأن أيدي عناصرها ملوثة بعمليات قتل على الهوية وسرقة ممتلكات الدولة ومسؤولة عن آلاف المغيبين قسرًا.
بغداد- الرافدين
تحول الاستعراض الاحتفالي من قبل رئيس الجمهورية الحالي عبد اللطيف رشيد ورئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، بميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي، إلى إدانة أخلاقية لهما قبل أن تكون سياسية.
وينظر الغالبية العظمى من العراقيين إلى ميليشيا العصائب بأنها مجموعة طائفية من القتلة على الهوية ولصوص الدولة، وزعيمها الخزعلي مصنف من قبل السلطات الأمريكية ضمن قائمة الإرهاب.
وشارك السوداني ورشيد في الاحتفالية التي أقامتها الميليشيا في بغداد بمناسبة تأسيسها، بعد أن انشق الخزعلي عن ميليشيا جيش المهدي بزعامة مقتدى الصدر وأسس العصائب في أوج عمليات القتل على الهوية التي شهدتها المدن العراقية.
وبدا السوداني أشبه بمن يطالب عناصر ميليشيا العصائب باحترام حكومته بضرورة “إعلاء كلمة الدولة، وحماية الدستور، وإنفاذ القانون”، في وقت يرى عناصر العصائب بأنهم “الدولة” وأنهم “القانون” وفق تقرير عن الفساد نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
بينما حثّ عبد اللطيف جمال رشيد في الاحتفالية نفسها، على دعم الاجراءات والخطط التي تتبناها حكومة الإطار التنسيقي.
وسبق أن وصف مصدر إعلامي مقرب من التيار الصدري، زيارة رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لزعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي، بأنها “إعلان تلفزيوني لإذعان الخزعلي للتعليمات الأمريكية الجديدة بعد مقتل قياديين في ميليشيا الحشد بغارتين أمريكيتين”.
وقال المصدر في تصريحات لقناة “الرافدين”، إن الزيارة “المعكوسة” لرئيس الحكومة إلى زعيم ميليشيا، بينما يفترض أن يقوم الخزعلي بزيارة السوداني وفقا للتقاليد الحكومية، تبعث برسالة إلى الولايات المتحدة مفادها “إن الخزعلي وميليشيا العصائب تحت رعاية الحكومة، ولن يقوموا بأي مناوشات ضد القوات الأمريكية ولن يطالبوا بمغادرتها الأراضي العراقية”.
وشدد على أن الخزعلي يحاول في رسائل سياسية متوالية الإذعان التام للشروط الأمريكية في العراق، ويقدم نفسه “كسياسي” بدلا من زعيم ميليشيا مارقة من أجل استمرار الظفر بامتيازات الحكومة.
ووصف المصدر الإعلامي المقرب من التيار الصدري، وصف السوداني للخزعلي بأنه “شخصية وطنية” بغسيل سمعة سياسي للخزعلي أمام الأمريكان. فوطنية الخزعلي أو السوداني تفندها صفقات الفساد والفشل السياسي والتخادم مع الولايات المتحدة وإيران.

محمد الجميلي: يا لها من كلمات رنانة للرئيس عبد اللطيف رشيد؛ دستور وأمن وديمقراطية، في حضرة ميليشيا إرهابية مدرج زعيمها على قوائم الإرهاب
وقال إن السوداني تناسى كيف كان يخاطبه الخزعلي في اجتماعات الإطار التنسيقي مطالبًا إياه بأن لا يتصرف أمام الحاضرين في الإطار كرئيس وزراء. وأنه غير مخول باتخاذ أي قرار سياسي أو أمني من دون العودة لقادة الإطار.
يذكر أن السوداني سبق وأن برئ الخزعلي وميليشيا العصائب من سرقة مصفى بيجي. وقدم في عرض تلفزيوني أثار سخرية العراقيين معدات زعم أنها مسروقة من قبل تاجر كردي في شمال العراق.
وكانت ميليشيا العصائب قد سيطرت على مصفى بيجي في العام 2015 وفككت معدات وآليات المصفى وقامت بسرقتها وتهريبها إلى إيران على مدار عام كامل.
وكتب الإعلامي العراقي محمد الجميلي “رئيس العراق الحالي يتحدث في احتفالية تأسيس ميليشيا العصائب عن أهمية احترام الدستور ومؤسسات الدولة ومحاربة الفساد بجميع أشكاله لترسيخ الأمن والاستقرار والتجربة الديمقراطية”
وقال “يا لها من كلمات رنانة؛ دستور وأمن وديمقراطية، في حضرة ميليشيا إرهابية مدرج زعيمها على قوائم الإرهاب”.
وشدد الجميلي بقوله “اعترف مقتدى الصدر بأن قيس قتل بيده ألفًا وخمسمائة مدني بريء بدون أي ذنب، ليشفي غليله منهم -كونهم من السنة-، انتقامًا لمقتل أخيه، وهم لا يعرفونه ولا يعرفون أخاه المقتول، ثم أتى هذا اليوم فيجمع الرئاسات يتبارون بإلقاء الكلمات في ما يسمى ذكرى تأسيس ميليشياته الإرهابية، المختصة بالاغتيالات ومنها تصفية متظاهري ثورة تشرين، والنهب والسرقات الكبرى بوزن مصفى بيجي، وتهريب المخدرات، ثم أخيرا تشرف البرلمان وتنور بانتخاب ممثلين عنها فيه”
وعبر الإعلامي العراقي في نهاية تعليقه عن أسفه بقوله “مصيبتك كبيرة يا عراق”.
ويحاول الخزعلي أن يكون نوري المالكي الجديد من خلال إزاحته واللعب على وتر ثنائية العلاقات بين أمريكا وإيران، إلا أن مشكلة الخزعلي أنه بدأ يتصور نفسه أكبر من حجمه.
ويرى زعيم ميليشيا العصائب أن حكومة السوداني دون التيار الصدري فرصة لا مثيل لها، والمالكي كذلك يرى ذلك، ولكن كليهما يريد من أن يكون السوداني منصاعًا لمطالبهما ومصالحهما السياسية والمالية.
وتتوافق واشنطن مع طهران على هذا التخادم وإبقاء الوضع علما ما هو عليه في حكومة السوداني.

وصف السوداني للخزعلي بالشخصية الوطنية أثار سخرية العراقيين
يذكر أن ميليشيا العصائب هي إحدى أبرز الميليشيات الموالية لإيران وسبق أن أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب.
وأدرجت، وزارة الخزانة الأمريكية ميليشيا العصائب على لائحة الإرهاب في كانون الأول 2019، كما أدرجت الخزعلي وشقيقه ليث أحد قادة ميليشيا العصائب على اللائحة على خلفية تورطهما في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، واصفة إياهما بـ “وكيلين عنيفين” لإيران وأنهما تلقيا التمويل وحصلا على التدريب من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ويرتبط قيس الخزعلي بإحدى لجان فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني التي وافقت على استخدام العنف المميت ضد المتظاهرين بغرض الترهيب العام.
وخلال احتجاجات ثورة تشرين أواخر عام 2019 في العديد من مدن العراق، فتحت ميليشيا العصائب النار على المتظاهرين، كما لاحقت نشطاء ثورة تشرين في عمليات اغتيال واختطاف.
وشاركت ميليشيا العصائب في محافظة ديالى في عمليات الاختفاء القسري والاختطاف والقتل والتعذيب على نطاق واسع، واستهدفت العراقيين على الهوية من دون التعرّض لعقاب.
بالإضافة إلى ذلك، كانت لقيس وليث الخزعلي أدوار قيادية في هجوم كانون الثاني 2007 على مجمّع حكومي في كربلاء.
وقبل أن يشكل الخزعلي ميليشيا العصائب المرتبطة عضويًا بفيلق القدس الإيراني، كان واحدًا من زعماء الحرب الطائفية التي شهدها العراق بين عامي 2006 و2007 من خلال موقعه في ميليشيا جيش المهدي التي كان لها الحصة الأكبر في قتل المدنيين على الهوية ومهاجمة الأحياء السكنية في بغداد.
وتسبب اختلاف على توزيع الحصص بينه وبين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الانشقاق وتشكيل ميليشيا العصائب بدعم مالي وتدريبي من الحرس الإيراني.