أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

محاولات حكومية مستمرة لإنهاء مجحف لملف النازحين!!

تحذيرات من تغييرات ديموغرافية تسعى إلى تحقيقها حكومة السوداني عبر قرارها إنهاء ملف النزوح مع نهاية شهر تموز القادم دون تقديم ضمانات بإعادة النازحين لمناطقهم الخاضعة لسيطرة الميليشيات الولائية.

بغداد – الرافدين
كشف تحديد حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، الثلاثين من شهر تموز القادم موعدًا لإغلاق معسكرات النزوح وما يرافق هذا القرار من خطوات متسارعة لتسوية هذا الملف؛ حجم التخبط وعدم المبالاة بمصير النازحين في ظل عدم إيجاد الظروف الطبيعية والملائمة لعودتهم.
ولفت مراقبون إلى أن الحكومة تريد التخلص من ملف النزوح بأي شكل من الأشكال للتملص من التبعات الحقوقية والإنسانية على حساب آمال النازحين بالعودة لديارهم عبر إعادة توطينهم في مناطق أخرى لإكمال مشروعها الطائفي المتمثل بتغيير ديموغرافية المدن المنكوبة.
ويجمع المراقبون على أن خطة الحكومة لا تنسجم مع الواقع، إذ إنّ مناطق النازحين ما زالت مهدمة وغير صالحة للسكن إلى جانب خضوع مناطق كثيرة لسيطرة فصائل تتبع ميليشيات الحشد الشعبي التي تمنع بدورها عودة النازحين.
وقال الصحفي العراقي عثمان المختار إن “حكومة السوداني تعمل من خلال وزارة الهجرة على إغلاق قسري لما تبقى من مخيمات النازحين من العراقيين السنة”.
وأضاف المختار أن “المسألة لا تتعلق بأي إجراء تنظيمي وليس لها أي نوايا حسنة، بل هي بداية عملية إعادة توطين أهالي المدن والمناطق العراقية السنية التي تحتلها المليشيات بمناطق أخرى لوقف واحدة من أهم ورقات الضغط الدولية والحقوقية على النظام السياسي بالعراق والمتمثل بالنازحين من أهالي المدن التي تحتلها الميليشيات التابعة لإيران”.
وأوضح أن “إغلاق المخيمات دون إعادة السكان لمناطقهم الأصلية يعني (نثرهم) أو (تفريقهم) بين المدن الأخرى وبذلك إعادة توطينهم وإسكاتهم، وإبقاء المدن والمناطق المحتلة تحت سيطرة ميليشيات “الحشد الشعبي”، وتغييرها ديموغرافيا”.
واستعرض الصحفي العراقي في تغريدة له على منصة أكس أبرز المناطق التي تحتلها الميليشيات وترفض إعادة أهلها إذ شملت محافظة بابل مناطق جرف الصخر والفارسية وصنيديج والكراغول والمنشئات والمشروع.
وتضمنت مناطق محافظة الأنبار مناطق العويسات ومجمع الفوسفات وذراع دجلة ومجمع جديدة عرعر وأجزاء من إبراهيم بن علي فضلًا عن حصيبة الغربية.
وبحسب المختار فإن محافظة صلاح الدين تضمنت قرى “العوجة وعزيز بلد وسليمان بيك ومكحول والثرثار وجزيرة سامراء وطوزخورماتو ومناطق في يثرب إلى جانب القرية العصرية في بيجي.
وضمت قائمة المناطق التي يمنع أهلها من العودة في محافظة التأميم 62 قرية عربية جرفتها قوات البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني إبان العمليات العسكرية في المدن المنكوبة إلى جانب 17 قرية أخرى في حمرين.
وأحصت القائمة عدة مناطق في ديالى من بينها “السعدية ومناطق في المقدادية وقرى في العظيم والوقف وشهربان مع بساتينها إلى جانب قرى أخرى شمال شرقي بعقوبة”.
وفي محافظة نينوى تصدرت القرى العربية في سنجار وسنوي وفيشخابور والعائلات العربية في مركز مدينة سنجار قائمة المناطق منزوعة السكان إلى جانب مناطق عين فتحي والكرسي والحصان فضلًا عن نحو 10 قرى عربية في قضاء تلعفر إلى جانب مناطق سايلوات ربيعة والخازر وحسن شام ومخمور”.

مصير مجهول ينتظر مئات الآلاف من النازحين بعد تحديد السلطات الحكومية نهاية تموز القادم موعدًا لإغلاق المخيمات

ويوجد في العراق أكثر من 400 موقع غير رسمي تضم أكثر من 14 ألف عائلة نازحة غير مسجلة من سكان تلك المناطق التي تمنع الميليشيات عودتهم كما يوجد حوالي 1.3 مليون شخص يعيشون في حالة نزوح دائم في جميع أنحاء البلاد حتى نهاية عام 2023، معظمهم باتوا في أماكن غير رسمية خارج المخيمات بينما تشير البيانات الحكومية إلى وجود نحو 35 ألف نازح عراقي فقط ما زالوا في مخيمات النزوح في العراق.
ويعلق الناشط الحقوقي أنس العزاوي، بالقول إن “إحصائية النازحين في العراق، لا تزال غير متطابقة بين الإحصائيات الحكومية التي لا تتجاوز 35 ألف عائلة، وبين الإحصائيات الدولية المعتمدة وفق مصفوفة النزوح لمنظمة الهجرة الدولية IOM، التي تقدر بحدود مليون و200 ألف فرد شاملة للنازحين في الداخل والموزعين على (24) مخيما ضمن حدود كردستان العراق في (أربيل ودهوك)، ومن هم خارج المخيمات والمستوطنين في المجتمعات المضيفة”.
ويرى العزاوي وهو عضو سابق في المفوضية العليا لحقوق الإنسان؛ أن “الحكومة على الرغم من خططها في غلق مخيمات النزوح، وغلق هذا الملف خلال حكومتي الكاظمي والسوداني حاليا، إلا أن الجهات المعنية لا زالت تقرّ بأن هناك معوقات تشوب تنفيذ الخطة الحكومية لغلق المخيمات”.
وأوضح أن أبرز المعوقات تتمثل في “قلة التخصيصات المالية لضمان مخصصات العودة، وسيطرة بعض الجهات المسلحة على مناطق النزوح والتي ترفض عودة أهاليها إلى مناطق سكناهم، إلى جانب غياب خطط العودة المبرمجة وبرامج التحفيز للعودة وضماناتها”.
ويرى الناشط الحقوقي أن “إغلاق المخيمات دون خطة متدرجة ورؤية واضحة، وضمانات معيشية ومجتمعية، وبيئة حاضنة سليمة، وتعويض مالي مجزي وتشغيل لرب العائلة، فإن كل الخطط الحكومية لن تنجح بإقناع النازحين العودة إلى مناطق سكناهم”.
وسبق أن أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين الحالية عن دعم مالي للنازحين بقيمة 4 ملايين دينار لكل عائلة عائدة من النزوح، ونسبة 2 بالمائة من تعيينات العقود في وزارة التربية للعائدين إلى محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين فضلا عن بناء دور واطئة الكلفة في سنجار والموصل للعائدين، وتخصيص راتب رعاية اجتماعية للعائدين، وفتح مكاتب وممثليات للوزارات ومؤسسات الدولة في سنجار، وغيرها من القرارات المعنية بعودة النازحين.
وعد مراقبون القرارات التي أطلقتها الوزارة بالحالمة والبعيدة عن الواقع، ولا تعدو عن كونها تصريحات إعلامية برسائل سياسية، بعد تقاعسها عن فعل ما يضمن تحقيق إعادة سليمة للنازحين لمناطق سكناهم الأصلية.

محاولات حكومية لطي صفحة التغريبة العراقية بشكل متسرع بعد 10 سنوات من المعاناة والإهمال والتقاعس عن نجدة النازحين

في المقابل تتمادى حكومة الإطار التنسيقي بتجاهل مطالبات ومناشدات المنظمات الحقوقية في تحسين ظروف النازحين المعيشية، وتوفير الضمانات لتحقيق عودة آمنة لمناطقهم دون ترك النازحين لمواجهة مصير مجهول.
وفي هذا السياق يتساءل الناشط في ملف حقوق الإنسان عدنان الفراجي عن كيفية إنهاء الملف في وقت لا تستطيع فيه الحكومة ذاتها الدخول إلى المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة وتمنع عودة أهلها”.
وتابع الفراجي “نحتاج إلى حلول منصفة وواقعية، من بينها حلّ ملف المناطق التي تسيطر عليها الفصائل وإعمار المناطق المهدمة وإيجاد حلول واقعية للملف”.
وأوضح أنّ “العائلات تناشد من أجل معالجة ملفها، وعدم الضغط عليها وتخييرها ما بين العودة إلى مناطقها الأصلية وبين مواجهة إغلاق المخيمات وسحب الدعم الذي هو ضعيف في الأساس”.
وبيّن الناشط الحقوقي أنّ “الحل الحكومي هو بمثابة فرض واقع مؤلم تتحمله العائلات النازحة في العراق فقط فهي كما أُجبرت على النزوح (في السابق) فإنّها تُجبَر اليوم على العودة”.
بدوره يوضح أحد الناشطين في المجال الإغاثي، أن إغلاق المخيمات يشكل مصدر قلق كبير لمئات الآلاف ممن يقيمون حاليًا فيها، وأن كثيرا من الناس ينظرون إلى المخيمات على أنها ليست الحل على المدى الطويل، وهذه هي الحقيقة، ولكنها تمثل الحل الحالي، ولا يزال هذا الحل يمثل مشكلة لا توجد لها إجابات.
ويضيف الناشط الذي طلب عدم ذكر اسمه أن “القوات الحكومية والميليشيات المساندة لها تعاملت بقسوة لا متناهية مع أهالي المحافظات المستهدفة بالعمليات العسكرية ودمرت المدن وحاولت القضاء على جميع سكانها بحجة محاربة تنظيم الدولة، واضطر مئات الآلاف من النازحين إلى اللجوء لـلمخيمات في كردستان، واليوم يتم طردهم من تلك المخيمات”.
وتابع “بالنسبة للكثيرين منهم، وبسبب مرارة ما عايشوه في المخيمات، الوطن لم يعد يعني لهم الوطن حقًا، وطردهم من المخيمات يعني إعادة توطينهم مرة أخرى ولكن في أماكن مجهولة بالنسبة إليهم هذه المرة، لقد تم تدمير منازلهم ولم تعد مناطقهم آمنة، وليس لديهم سبل للعيش ولا وظائف؛ والكثير الكثير من الأسباب الأخرى، ولا أمل في الأفق لحل أزمة النزوح والحكومة لا تتدخل لتسد الحاجة”.
ومنذ العام 2003، تعد المعاملة التمييزية الممنهجة وما نتج عنها من حملات تطهير طائفي وعرقي أبرز أسباب النزوح في العراق، حيث أصبح مئات الآلاف من العراقيين، الذين وجدوا منازلهم وأراضيهم محتلة من قبل الميليشيات والقوات الحكومية، مشردين في مناطقهم الأصلية إلى جانب ما تسببت به العمليات العسكرية التي شنتها الحكومات المتعاقبة وحلفاؤها بعد العام 2014 من موجات نزوح لملايين العراقيين يُزاد عليهم، الآلاف من النازحين داخليًا في مناطق وسط وجنوب العراق من جراء أزمة المياه المتفاقمة والجفاف الناجم عنها.
وقد أُجبر معظم النازحين داخل العراق على ترك منازلهم بسبب السياسات الطائفية للحكومات المتعاقبة في بغداد، التي استخدمت إزاحة السكان الأصليين كسلاح لمعاقبة وإخضاع أبناء المدن الرافضة للاحتلال، في سبيل القضاء على الجهات المعارضة والمناهضة للنظام السياسي القائم على المحاصصة المجحفة التي فرضها الاحتلال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى