أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

تحديات أمنية وإهمال حكومي يفاقمان فشل القطاع الخاص في العراق

خبراء اقتصاديون يؤكدون على أن القطاع الخاص يعاني من عدم تجاوب الحكومة في دعمه وجعله شريكًا أساسيًا في عملية التنمية، فضلا عن تعطيل أغلب القوانين الداعمة لنشاطه.

بغداد – الرافدين

يعيش القطاع الخاص في العراق على الهامش الاقتصادي مع تعاقب الحكومات بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، إذ لم تنجح في وضعه على السكة الصحيحة، فضلاً عن غياب دوره في أهم المراحل التي مرت بها البلاد.
وتعرضت المصانع والشركات الأهلية بعد الغزو الأمريكي 2003 لإهمال كبير وتوقف أغلبها، وبات الاعتماد على الاستيراد الخارجي بشكل أساسي، فضلاً عن ضعف الاستثمار في البلاد، ما أسهم في الاعتماد الكلي على القطاع الحكومي، بحيث بات المواطن يفضل القطاع العام الذي يضمن حقوقه في مرحلة ما بعد التقاعد، فضلاً عن الراتب الذي يقدّمه، بعكس القطاع الخاص الذي لم يشكّل جزءًا أساسيًا من بناء عراق ما بعد عام 2003.

صناعة بدائية

وكشف الخبير في الشأن الاقتصادي والمالي نوار السعدي، سبب “العجز والفشل” في القطاع الخاص وهو عدم وجود بيئة ملائمة للقطاع في العراق.
وقال السعدي، إن “الفشل في القطاع الخاص في العراق يعود إلى عدة عوامل، منها التحديات الأمنية والسياسية التي أثرت على سمعة العراق الدولية وأيضًا المحلية والتي بدورها تثني أصحاب الأموال عن استثمارات جديدة وتؤثر على الثقة بين المستثمرين والدولة، كما أن هناك عوامل أخرى منها نقص البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يضعف قدرة الشركات على النمو والعمل في بيئة صالحة”.
وبيّن أن “هناك تحديات في بيئة الأعمال أيضا، مثل البيروقراطية الزائدة والفساد، خاصة أن أغلب المؤشرات العالمية تشير إلى أن العراق من البلدان الأكثر فسادًا في العالم، حتما هذه المؤشرات تجعل العمل في القطاع الخاص أمرًا صعبًا ومعقدًا، لذا يتطلب من الحكومة العمل على تعزيز الشفافية وتبسيط الإجراءات الحكومية، بالإضافة إلى تعزيز

نوار السعدي: التحديات الأمنية والفساد أهم عوامل فشل القطاع الخاص في العراق

حوكمة الشركات وتطبيق القوانين بشكل فعال التي بدورها تقلل الفساد وتسرع وقت انجاز الأعمال”.
وأضاف أنه “يجب أن تكون هناك جهود مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص، وينبغي على الحكومة توفير بيئة استثمارية ملائمة وتحفيزية، وتقديم الدعم المالي والتقني للشركات الصغيرة والمتوسطة، كما يجب العمل على تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الأساسية، وتعزيز التعليم المهني وتطوير مهارات العمل لدى الشباب، بالإضافة إلى العمل على تطوير القطاع المصرفي”.
وأكد الخبير في الشأن الاقتصادي والمالي أنه “من خلال هذه الجهود، يمكن تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز دور القطاع الخاص كمحرك للتنمية في العراق”.
وأغرت الحكومة العراقية في الآونة الأخيرة العديد من العمال والعاطلين عن العمل بقوانين جديدة تجعلهم يتوجهون نحو العمل في القطاع الخاص بعد أن فضل العديد منهم القطاع الحكومي لما له من مميزات لا يجدونها في القطاع الخاص فضلا عن عدم وجود شراكة حقيقية بين القطاعين اللذان يحددان مستقبل البلد.
وأقر البرلمان في العراق في عام 2023 قانون الضمان الاجتماعي والتقاعد للعمال بالقطاع الخاص، في خطوة عدتها الحكومة ركيزة أساسية ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها، إلا أن مراقبون أكدوا أن هناك العديد من المشاريع والقوانين لم تطبق إلى الآن بالرغم من أن تنفيذها سيحل أزمة العاطلين عن العمل في البلد.
وحمل خبراء اقتصاديون سبب فضل القطاع الخاص بالبلد إلى الاستيراد العشوائي وعدم فرض رقابة وضرائب على المواد المستوردة من أسباب فشل القطاع الخاص في العراق.

ضياء المحسن: تعرض المستثمرين للابتزاز من قبل الميليشيات أجبر أصحاب الأموال على مغادرة البلا

ويبين الخبير الاقتصادي ضياء المحسن، أن “حقيقة فشل القطاع الخاص بالعمل في السوق المحلية له أسباب متعددة، منها ما يتعلق بالقوانين والتشريعات التي نظمت عمليات الاستيراد، وكانت بمجملها بالضد من تنشيط الانتاج الوطني، فسمحت باستيراد عشوائي للسلع الداخلة، ما أثر سلبا على السلع المناظرة لها محليا، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن أسعار السلع المستوردة أرخص، كونها معفاة من الكمارك والضرائب الأخرى، في حين إن المواد الاولية الداخلة في انتاج السلع المحلية تم فرض ضرائب عالية عليها، فأصبحت كلفة إنتاجها عالية، ما أدى بأصحاب المصانع العراقيين أما ان يقوم بغلق مصنعه او نقله الى خارج العراق، فاتخذ الخيار الأخير”.
وأضاف المحسن “من ناحية أخرى نجد أن كثير من أصحاب المعامل العراقيين أخذ يتعرض إلى التهديد من قبل الجماعات المسلحة وفرض الإتاوات عليهم ليستمروا في عملهم”. مشيرا إلى، أن “هذا الأمر كان سبب في هروب رؤوس الأموال العراقية إلى الخارج سواء إلى دول الجوار أو الدول الأبعد”.
وأشار إلى أن “القطاع يعاني من عدم تجاوب الحكومة في دعم القطاع الخاص وجعله شريكا أساسيا في عملية التنمية، حتى مع تصريحات كثيرة نسمعها من مسؤولين في الحكومة العراقية والتي تؤكد على ان القطاع الخاص هو شريك للحكومة في عملية التنمية”.

اهدار حقوق العاملين في القطاع الخاص مستمر في العراق

وبالحديث عن معوقات نهوض القطاع الخاص في العراق، عزا مظهر محمد صالح مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، أسباب ذلك إلى أنه “لا توجد سياسات متجانسة في بلادنا لبناء اقتصاد السوق وفق هياكل وتنظيمات مؤسسية”.
وأضاف أن “سياسة دعم الاستثمار الزراعي ما زالت غامضة والقطاع الزراعي الخاص الذي يضم قرابة 90 في المائة من النشاط الزراعي في البلاد، ما زال يعتمد على البنية التحتية الزراعية الحكومية التي تشكل 83 في المائة من تلك البنى الارتكازية الزراعية، وهي بأمسّ الحاجة إلى الاستثمار والتجديد بعدما باتت متهالكة، لذا لا تسهم السوق الزراعية اليوم سوى بـ4 في المائة أو أقل من الناتج المحلي الإجمالي السنوي وتضم 21 في المائة من قوة العمل”.
وأشار صالح إلى أن “القطاع الصناعي الأهلي الذي يضم أكثر من 50 ألف وحدة مصنعية وفي صفوفه قرابة 750 ألف عامل صناعي، فهو الآخر ما زال قوةً معطّلة ويعمل جزئياً ربما بأقل من 10 في المائة من نشاطاته وطاقاته التصميمية، يقابله قطاع عام صناعي هو الآخر عاطل بنسبة 80 في المائة ويضم أكثر من نصف مليون عامل”.
ويتعرض العراق لضغوط متزايدة من المؤسسات المالية الدولية المانحة لتنويع اقتصاده بعيدًا عن النفط والغاز الطبيعي.
وذكر البنك الدولي في تقرير نشره في وقت سابق هذا العام أن العراق سيحتاج إلى 233 مليار دولار كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحا بحلول 2040.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى