إدارة بايدن حذرت السوداني: لن نسمح بسيطرة روسيا وإيران على حقل عكاز الغازي في الأنبار
السوداني اختار شركة أوكرانية مغمورة لتطور حقل عكاز في الأنبار بعد تحذير واشنطن بأنها ستزيد من الرقابة المالية على الأموال العراقية وسيتم إيقاف المدفوعات إلى إيران مقابل توريد الغاز للمحطات الكهربائية في العراق.
بغداد- الرافدين
عزا خبير دولي متخصص بشؤون الطاقة اندفاع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، في منح تطوير حقل عكاز الغازي في الأنبار، إلى شركة أوكرانية غير معروفة، إلى تحذيرات واشنطن للسوداني بأنها لن تسمح لإيران وروسيا والصين بالسيطرة على حقول الغاز في العراق.
وقال سايمون واتكينز، في دراسة نشرها بموقع “أويل براس” المتخصص بشؤون الطاقة، بأن واشنطن حذرت السوداني بأنها ستزيد من الرقابة المالية على الأموال العراقية برمتها وسيتم إيقاف المدفوعات إلى إيران مقابل توريد الغاز للمحطات الكهربائية في العراق، بمجرد أن تفكر حكومته بمنح تطوير حقل عكاز إلى روسيا.
وأكدت واشنطن على أهمية هذا التحذير خلال زيارة السوداني الأخيرة إلى الولايات المتحدة.
ونقل عن مصدر في وزارة النفط العراقية تأكيده على أن السوداني تسلم هذه الرسالة بوضوح.
وكانت وزارة النفط العراقية قد وقعت في الرابع والعشرين من نيسان الماضي عقدًا مع شركة “يوكرزم” الأوكرانية لتطوير حقل عكاز الغازي بطاقة 400 مليون قدم مكعب في محافظة الأنبار لسد متطلبات البلاد من الطاقة الكهربائية.
وانسحبت شركة “كوكاز” الكورية الجنوبية من عقد تطوير حقل عكاز لافتقاد بيئة العمل للسلامة الأمنية. فضلا عن الضغوطات التي سلطت عليه من قبل جهات متنفذة في الحكومة آنذاك في شبهات فساد مكشوفة.
وقال سايمون واتكينز، في الدراسة المطولة، بأن عين إيران وروسيا تنظر إلى عكاز بأنه صفقة استراتيجية لأنه يحتوي على حوالي 5.6 تريليون قدم مكعب من الاحتياطيات المؤكدة.
وأكد في تقرير تحت عنوان ” لماذا منح العراق حقل غاز حيوي استراتيجي لشركة أوكرانية” بأن روسيا والصين وإيران ستفعلان أي شيء من أجل الحصول على حقل عكاز في الأنبار.
وعزا واتكينز الذي سبق أن عمل في فوركس لتداول العملات وألف خمسة كتب عن تداول المال والنفط والأسواق المالية ذلك إلى أن شركات النفط والغاز يحق لها قانونًا تأمين عملياتها في الحقول حول العالم من خلال أي وسيلة تشعر أنها ضرورية. ومن الناحية العملية، يمكن أن يشمل ذلك تمركز قوة أمنية ضخمة مدججة بالسلاح حول حقل النفط أو الغاز. وهي فرصة مضاعفة لإيران في تشغيل ميليشياتها في العراق.
ويمثل حقل عكاز واحدًا من ثلاثة حقول غازية كبيرة تشكل مثلثًا منحرفًا عبر جنوب العراق، ويمتد من حقل المنصورية بالقرب من الحدود الشرقية مع إيران، وصولاً إلى حقل السيبة في محافظة البصرة ثم على طول الطريق غربًا حتى عكاز القريبة من الحدود مع سوريا.
وأضاف واتكينز أهمية سياسية لحقل عكاز غير الأهمية الاقتصادية، بأنه يقع في المدن المعادية عبر تاريخها المعاصر للهيمنة الأمريكية على العراق من الفلوجة والرمادي وهيت حتى حديثة.
وتمثل تلك النقاط الحدودية مع سوريا طريقًا استراتيجيًا، إذا لا يبعد كثيرًا عن الموانئ الاستراتيجية الرئيسية في بانياس وطرطوس واللاذقية، وكلها مواقع عالمية حاسمة بالنسبة لموسكو.
وتساعد روسيا إيران في مشروعها السياسي في الإطلالة عبر المتوسط مرورا بالعراق، ومن شأن هذه الخطوط أن تنقل النفط الإيراني إلى موانئ سوريا ومن ثم إلى الموانئ الأقل صرامة في جنوب أوروبا.
ولن يسمح هذا الطريق بحركة النفط والغاز الإيراني الخاضع للعقوبات إلى أوروبا فحسب، بل سيسمح أيضًا بدخول أي شيء آخر تريد روسيا وإيران تمريره إلى القارة دون الكثير من الضوابط. كما كان منذ فترة طويلة الجزء الأخير من الخطط الروسية والإيرانية لبناء “جسر بري” من طهران إلى البحر المتوسط يمكن من خلاله زيادة حجم ونطاق تسليم الأسلحة بشكل كبير إلى حزب الله في جنوب لبنان والميليشيات الإيرانية العاملة في سوريا.
وكان الهدف الأساسي لهذه السياسة يتلخص في إثارة صراع واسع النطاق في الشرق الأوسط، وهو صراع من شأنه أن يجر الولايات المتحدة وحلفائها إلى حرب واسعة لن تكون كاحتلال العراق وأفغانستان.
وأصرت حكومة السوداني على الاستمرار بمنح شركة وهمية أوكرانية عقد تطوير حقل عكاز الغازي في محافظة الأنبار، على الرغم من كشف خبراء عدم أهلية هذه الشركة، وأن الملف برمته هو صفقة فساد كبرى تفرط بثروات العراق.
وأكد مسؤولان بوزارة النفط على أن الوزارة ستمضي قدمًا في إجراءات تطوير حقل “عكاز” الغازي في محافظة الأنبار من قبل شركة “يوكرزم” الأوكرانية بعد انسحاب شركة “كوكاز” الكورية من تطوير الحقل أثر صفقات فساد مكشوفة مع جهات داخل الحكومة في العراق فضلا عن تردي الحماية الأمنية لأفراد الشركة الكورية.
ولا تمتلك الشركة الأوكرانية الإمكانات الكافية لتولّي مسؤولية الحقل بمفردها، وقد تعمل على “تحشيد” شركات أخرى لتقاسم العمل معها، ولكن من خلال العقد الذي وقّعته بمفردها مع وزارة النفط.
وقال وكيل وزارة النفط العراقية باسم محمد خضير، في بيان صحفي إن شركة “يوكرزم” الأوكرانية اجتازت المعايير الفنية وهي الوحيدة التي قبلت بشروط عقد الخدمة لتطوير حقل “عكاز” الغازي في محافظة الأنبار غربي بغداد، وهي ماضية باستكمال إجراءات طلب منح سمات الدخول للعراق لمهندسي وجيولوجي وفنيي الشركة تمهيدا لاستلام الحقل والمباشرة بتنفيذ الالتزامات التعاقدية المطلوبة”.
ولم يكشف وكيل وزارة النفط عن طبيعة هذه المعايير وعما إذا الشروط الهندسية والجزائية واضحة في العقد ضمن المعايير الدولية للسيطرة النوعية. كما لم يشر إلى الضغوط الأمريكية لمنح الحقل إلى الشركة الأوكرانية.
وذكر أن الشركة الأوكرانية ستعمل وفق العقد المبرم معها في الرابع والعشرين من نيسان الماضي للوصول إلى “تحقيق الإنتاج التجاري البالغ 100 مليون قدم مكعب قياسي باليوم خلال المرحلة الأولى ومن ثم صعودا إلى إنتاج الذروة البالغ 400 مليون قدم مكعب قياسي باليوم وفقا للتوقيتات التعاقدية.
وأعتبر الباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية زياد الهاشمي، عقد حقل “عكاز” الغازي في محافظة الأنبار فضيحة احتيال من العيار الثقيل، والضحية هي موارد العراق الطبيعية.
وكتب الهاشمي بأن منح أحد أهم حقول الغاز العراقية لشركة وهمية أوكرانية، يعني رهن مستقبل الغاز العراقي بيد أرباب الفساد في الداخل والخارج.
وعزا ذلك إلى أن الفساد في عقود “الدولة العراقية” يعد أحد أخطر أبواب السرقة وهو محمي ومدعوم وتحت رعاية جهات قوية تمتلك كل مقومات القوة من سلاح ومال ومقرات دعم سياسي وطائفي.
وشدد بقوله على إن كل تلك الأسباب تبقي العراق في خانة طرد الاستثمارات وإخافة المستثمرين ورجال الأعمال.
وسبق أن رفضت لجنة النفط والغاز في البرلمان إعلان وزارة النفط توقيع عقد تطوير حقل عكاز الغازي مع الشركة الأوكرانية.
وقال عضو لجنة النفط والغاز النيابية علي المشكور، إن “وزارة النفط عملت على استبدال شركة كوكاز الكورية، بشركة يوكرزم ريسورس الأوكرانية، بديلا عن التعاقد مع شركات عالمية رصينة”.
وأضاف “هذا العقد فيه هدر كبير لثروات العراق، وسيكون هناك هدر لنفط العراق، وهذا يؤكد أن العراق يخفق من جديد في اختيار الشركات الرصينة للعمل داخل أهم مجال اقتصادي في البلد”.
وطالب بالتصدي لهذا العقد ورفضه لما له من تداعيات كارثية على اقتصاد العراق ونفطه خاصة هو تعاقد مع إحدى الشركات “الهزيلة”.
ووعد المشكور بكشف وفضح الشبهات في هذا التعاقد خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن هذا التعاقد جاء من قبل بعض النواب لمصالح معينة، ولدينا الأدلة التي سنعلنها قريبًا.