سائقو الشاحنات يتوعدون بالإضراب العام احتجاجًا على عدم حمايتهم من الابتزاز في العراق
استعدادات واسعة لسائقي شاحنات نقل البضائع للإضراب العام يوم الأربعاء الخامس عشر من أيار احتجاجًا على الجباية والإتاوات المفروضة عليهم في السيطرات الحكومية بين المحافظات العراقية.
نينوى – الرافدين
كشف مجموعة من سائقي شاحنات نقل البضائع في العراق عن استعداداتهم لتنظيم إضراب عام عن العمل منتصف شهر أيار الجاري احتجاجًا على الممارسات التي يتعرضون لها في السيطرات الحكومية (نقاط التفتيش) بين المحافظات وفي مداخل المدن.
وأعرب سائقو الشاحنات عن امتعاضهم من التجاهل الحكومي لمناشداتهم المتكررة بعد أن طفح بهم الكيل جراء الإتاوات المفروضة عليهم في السيطرات التي باتت تباع وتشترى بين متنفذين بعد أن تحولت إلى ما يشبه الآبار النفطية بسبب حجم عائداتها المالية.
وأشار السائقون إلى تحولهم فريسة تنهشها مافيات الفساد التي باتت تمتهن كرامتهم في السيطرات الحكومية بهدف الحصول على أموالهم حيث يكون مصير من لا يدفع الانتظار لأيام طويلة في طوابير تمتد مسافة عدة كيلو مترات ما يعرض البضاعة التي ينقلونها للتلف في كثير من الأحيان.
وقال معن الحمداني المتحدث باسم عدد من السائقين خلال تجمع لهم في محافظة نينوى استعدادًا للإضراب “إذا لم تتكفل الحكومة بإيجاد حل في الخامس عشر من أيار فسنمنع سيارات النقل والشحن من السير في الشوارع”.
واضاف الحمداني إنه “من غير المنطقي أن أعود من بغداد إلى الموصل، وتمنعني سيطرة العقرب من الدخول إلى مدينتي بحجة السونار، علمًا أننا نحتاج إلى ثلاث ساعات للدخول إلى فحص السونار، في الوقت الذي تغلق السيطرة أبوابها في وجهنا الساعة الثانية عشر ليلا.
واوضح أن “الأمر ينطبق على سيطرة زاخو، فبعد أن أقوم بتحميل البضائع، اضطر للوقوف لنحو 3 – 4 ساعات فقط للدخول إلى فحص السونار”.
وتابع “لو افترضنا أنني أريد نقل بضاعة من زاخو إلى النجف، عليّ أن أمر بخمس محطات لفحص السونار، وفي كل سونار أضطر لقضاء 3 – 4 ساعات، لأن القائمين على الأمر يقومون بفتح وغلق السونار متى ما أرادوا”.
وأشار إلى أن “الطريق يبدأ من سونار سيطرة سد الموصل، وهي السيطرة التي تسمح لك بالمرور إلى الموصل، ومن ثم سونار سيطرة الصقور في الأنبار، ومن ثم سونار الحلة”.

بدوره قال عمر محمد وهو سائق شاحنة لنقل البضائع إننا “نطالب جميع الجهات المسؤولة بالوقوف إلى جانبنا، فما نتعرض له كبير ولا يطاق، فإذا ما تحدثنا عن قضية السونار، هناك 3 مراحل سونار، الأولى في زاخو والثانية في سيطرة سد الموصل، والثالث في سيطرة الصقور”.
وأضاف عمر محمد “في كثير من الأحيان يكون السونار مغلقًا ولأسباب لا يعلمها أحد”.
وتساءل “كيف لي أن أقف في السونار ثلاث مرات من زاخو حتى الموصل، كل هذا وانا لم ادخل بعد إلى بغداد ففي بغداد، هناك سونار الغزالية أيضًا.
وخلص بالقول إننا “سوف نضرب بشكل كلي يوم الخامس عشر من أيار، وسنمنع أي شخص يحاول نقل البضائع، وذلك بهدف الوصول إلى حل نهائي لمشاكلنا، ونذكر الحكومة أننا في يوم الأيام أوقفنا العمل لعشر ايام فوصل سعر طبقة البيض إلى 30 ألف دينار”.
ويتفق عمار الربيعي مع ما ذهب إليه السائق عمر محمد بالقول إن “المعاناة تبدأ من سيطرة السد إلى سيطرة بغداد، والمشكلة تبدأ من عبور سيطرة السد، فإذا كان لديك علاقات جيدة مع المسؤولين في الجمارك، ستتمكن من العبور، وبخلافه ستبقى متوقفا وربما يتم أخذك للحجز”.
ويستعرض الربيعي “مشكلة أخرى تتمثل بدخول للموصل والخروج منها، فمثلاً سيطرة العقرب لا تسمح لي بالدخول للموصل بعد منتصف الليل، على الرغم من أن سيارتي فارغة ولا أحمل شيئاً، كذلك الحال سيطرة سد الموصل لا تسمح لي بالخروج من الموصل قبل منتصف الليل”.
وتابع “بيتي خارج سيطرة سد الموصل، وإذا تأخر الوقت وأردت العودة للمنزل سأضطر للمبيت عند السيطرة، حتى السابعة صباحاً”.
ويقول سائق آخر من محافظة التأميم ويدعى علي العباسي إن “دفع الإتاوة واجب على جميع سائقي الشاحنات الذين ينقلون بضائع من كردستان العراق عبر طريق سيطرات كركوك أربيل وكركوك والسليمانية والأمر معروف للجميع”.
وأضاف “السائق يدفع على طول الطريق بين كردستان وبغداد مروراً بكركوك وديالى 100 – 150 ألف دينار (100 دولار أميركي) إتاوة بعلم جميع الأجهزة الرقابية الحكومية وقد نظمنا كسائقي شاحنات وقفات احتجاجية عدة لكن دون جدوى.. أنت مرغم على أن (تُحلب) شئت أم أبيت”.
ويتفق أحمد العامري وهو سائق شاحنة لنقل البضائع في التأميم مع ما ذهب إليه العباسي بالقول إن “سيطرات كركوك بين اربيل والسليمانية تمنع دخول السيارات بعد الساعة 12 ليلاً وتفتح الطريق لنا في الساعة 7 صباحاً وهذا الامر يولد الزحام والطوابير التي تصل لمسافات كبيرة ونضطر للمبيت في الشوارع لعدة أيام لنقل البضائع من كردستان الى محافظات الجنوب وبالعكس”.
وتابع العامري أن “سائقي الشاحنات ينقلون بضائع أصلية صادرة فيها كتب رسمية ولا نقوم بتهريب المواد فعملنا رسمي وقانوني، ولكننا نتعرض للابتزاز في السيطرات وكذلك قبان كركوك يأخذ عشرين الف بينما في كردستان العراق وبغداد والبصرة فإن سعر الوزن خمسة آلاف”، وأردف “هذا فساد وسرقة”.
وأكد أن “عموم سائقي الشاحنات سوف يضربون عن العمل منتصف الشهر الحالي وسوف تتوقف حركة النقل من زاخو للفاو لحين تلبية مطالبنا بتسهيل الحركة وعدم قطع الطرق علينا ليلاً”.

وفي السنوات الماضية، كانت “سيطرة الصفرة” في قضاء الخالص في ديالى، مثار حديث المواطنين العاديين بسبب الحديث المتواتر حول تعرض سائقي الشاحنات للابتزاز فيها، قبل أن ترفع تلك السيطرة التي كانت تمثل نقطة جمركية بين كردستان العراق وبقية المحافظات العراقي إلا أن عودة الحديث مجددا عن الإتاوات في عموم السيطرات ينسف ادعاءات الحكومة بمعالجة الأمر بعد إزالة سيطرة الصفرة.
ومنذ سنوات الاحتلال الأولى شهد العراق فوضى كبيرة غيب اسم الدولة بشكل شبه كامل بعد أن أصبحت الميليشيات تتحكم بالمعابر بين المحافظات وتفرض إتاواتها في المناطق التي تسيطر عليها حتى تحولت إلى واحدة من ظواهر الفساد التي تنخر الوزارات والمؤسسات الحكومية.
ويبدو ان “سيطرة الصقور” التي تقع جنوب شرقي مدينة الفلوجة بطريق وعر ومخيف بمنطقة صحراوية تمتد فيها العجلات لطوابير طويلة جدا، تحولت من نقطة امنية الى محطة لاستنزاف سائقي الشاحنات على غرار سيطرة الصفرة سيئة الصيت في ديالى”.
وابدى العديد من السائقين تذمرهم من تلك السيطرة لما تسببه من معاناة لهم وما سجلت فيها من احداث مؤلمة من بينها حالات وفيات لمرضى في سيطرة الصقور بسبب طول ساعات الانتظار لأوقات طويلة جدا.
وفي هذا السياق يقول عدنان محمد، وهو سائق يستعد للإضراب إن “الإضراب العام سيدخل حيز التنفيذ الاربعاء المقبل ولن تعمل اي شاحنة من دون ايجاد حلول للمشكلات التي نعاني منها”.
ويضيف “إنني في كل نقطة تفتيشية أمر بها أدفع رسوم بدءًا من سيطرة سد الموصل مرورًا إلى سيطرة الصقور وسيطرات بغداد والحلة والنجف وغيرها”.
ويطالب القوات الأمنية بـ “فتح طريق التاجي امامهم والذي سيؤدي الى تخفيف الزخم على السيطرات والهروب من ابتزاز نقاط التفتيش لاسيما سيطرة الصقور عن التعامل معهم بسهولة خدمة للصالح العام وعدم التضييق عليهم خلال رحلاتهم”.
وسبق وأن أعلنت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية وجود 22 نقطة تفتيش أمنية بين المحافظات، وأن بعض هذه النقاط تعد كارثية للرأي العام بسبب إلزام السائقين بدفع رشى ورسوم.
وأكدت اللجنة أن هذه النقاط الأمنية تؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويعاني فيها المواطنون والتجار، فضلا عن تأثيرها السلبي على الأمن.
وطالبت العمليات المشتركة برفع النقاط غير الضرورية وتحديد مواقعها في مداخل المدن، وتساءلت اللجنة “ما الفائدة من وضع نقاط تفتيش لا تزيد المسافة بينها عن كيلومتر واحد؟ فضلًا عن عدم مشاركتها في القبض على المخربين أو عناصر تنظيم داعش طوال السنوات”.