تجاهل السلطات الألمانية لظاهرة الإسلاموفوبيا يزيد من معاداة المسلمين والهجمات على المساجد
أظهرت دراسة شاملة قام بها مجموعة من الخبراء المستقلين الذين عينتهم الحكومة الألمانية لمدة ثلاث سنوات، أن معاداة المسلمين منتشرة في المجتمع الألماني بشكل عام.
إسطنبول- قالت الباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية ألماز تيفيرا إن كثيرا من المسلمين تعرضوا لاعتداءات عنصرية في ألمانيا، لكنهم لم يتقدموا بشكاوى لدى الشرطة، لاعتقادهم بأن السلطات لن تولي اهتماماً بذلك، وهي غير جاهزة لذلك.
وأشارت تيفيرا إلى تزايد ظاهرة معاداة المسلمين في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة.
ومنتصف آذار الماضي، افتتح في العاصمة الألمانية برلين معرض صور للفت الانتباه إلى التمييز والمشاعر المعادية للمسلمين “الإسلاموفوبيا”.
وتضمن المعرض الذي افتتحه الاتحاد الإسلامي في برلين “IF”، أمام مسجد مولانا في منطقة كروزبرج، بمناسبة “اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا” الموافق الخامس عشر من آذار من كل عام، صورًا مختلفة لهجمات على مساجد وحرق عمد وتمييز وإرهاب عنصري في ألمانيا.
كما تضمن صورا ألتقطها مراسلو وكالة “الأناضول” لهجمات على مساجد والإرهاب العنصري في ألمانيا، فضلا عن سلسلة أخبار منشورة في الصحافة الألمانية بشأن الهجمات العنصرية والتمييز.
وأوضحت الباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن “دراسة شاملة قام بها مجموعة من الخبراء المستقلين الذين عينتهم الحكومة الألمانية لمدة ثلاث سنوات، أظهرت أن معاداة المسلمين منتشرة في المجتمع الألماني بشكل عام”.
وأكدت أن “ثلاثة مسلمين يتعرضون يوميًا للتمييز في ألمانيا وفق الدراسة، وهذا يؤثر سلبًا في حياة المسلمين اليومية”.
واعتبرت تيفيرا أن “العنصرية المعادية للمسلمين ليست ظاهرة جديدة، لكن الحكومة الألمانية لم تعترف بها رسميًا، وبالتالي ليست مجهزة بما يكفي لمعالجتها”.
وتساءلت “كيف يمكنك الثقة في أن السلطات التي لا تقر بتزايد حالات العنصرية ضد المسلمين، ستساعدك عندما تتعرض لهجوم بسبب هويتك؟”.
وجراء انعدام تلك الثقة، قالت تيفيرا إن 9 من بين كل 10 مسلمين تعرضوا لاعتداءات عنصرية في البلد الأوروبي، امتنعوا عن إبلاغ الشرطة لإدراكهم عدم جدوى تلك المساعي أمام تجاهل السلطات الألمانية لشكاوى سابقة.
وفي طرحها للحلول، أشارت الباحثة إلى “ضرورة تزويد الشرطة أو السلطات القضائية بالمعرفة والأدوات اللازمة أولا لفهم العنصرية تجاه المسلمين والتعرف عليها والتدخل لمواجهتها”.
وأوضحت أن الطلاب المسلمين في ألمانيا “يتعرضون أيضا لظاهرة العنصرية”، مبينة أن هذه الظاهرة “انتقلت من المجتمع إلى المدارس”.
وقالت إن “المعلمين في ألمانيا لا يملكون المعرفة الكافية حول معاداة المسلمين والتمييز”.
وطالبت بمناقشة “حقيقة أن الحكومة الألمانية لم تعترف رسميا بالعنصرية المعادية للمسلمين كشكل من أشكال العنصرية، قبل أن نناقش ما إذا كانت هناك أرضية لمواجهة الهجمات التمييزية ضد الطلاب المسلمين في المدارس”.
وأشارت إلى أن السلطات الألمانية لا تزال ترى الهجمات على المسلمين دينية، ولا تصنفها على أنها شكل من أشكال العنصرية.

وفيما يتعلق بتأثيرات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أضافت تيفيرا إلى أن المسلمين في ألمانيا بعد السابع من تشرين الأول الماضي، أصبحوا عرضة للشك بسبب تشويه الصورة من السياسيين وعموم الرأي العام.
وتشهد العديد من المدن الألمانية لاسيما العاصمة برلين، مظاهرات حاشدة أعرب فيها المشاركون عن تضامنهم مع قطاع غزة، وطالبوا بوقف الدعم الغربي لإسرائيل، لتنضم لاحقًا جامعات ألمانية إلى الحراك العالمي الذي يطالب بوقف “حرب الإبادة الجماعية” في قطاع غزة.
واعتبرت الباحثة الدولية أن “ارتفاع شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة في ألمانيا يشكل تهديدا للمجتمع الألماني، وهي ليست تهديدا فقط للجاليات الضعيفة، بل أيضا للفقراء ووسائل الإعلام المستقلة وسيادة القانون”.
وحذرت من أن “ارتفاع شعبية اليمين المتطرف في ألمانيا يؤدي إلى زيادة الهجمات على الجماعات الأخرى”.
ودعت “الحكومة الألمانية إلى عدم تبني خطابات الكراهية أو السياسات التمييزية، وإبراز أهمية المهاجرين لألمانيا بما في ذلك في مجال الاقتصاد”.
وتعد ألمانيا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 84 مليون نسمة ثاني أكثر دولة في أوروبا الغربية بعد فرنسا بتعداد المسلمين، إذ يبلغ عددهم نحو 5 ملايين.
ومنتصف أيلول الماضي، قال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إن بلاده تشكلت من خلال التنوع الديني منذ عدة قرون، مبينا أن أكثر من 5 ملايين مسلم ألماني يعود انتماؤهم إلى بلدهم ألمانيا.
وجاء تصريح شتاينماير في حفل أقيم بمدينة كولونيا غربي البلاد بمناسبة الذكرى الـ 50 لتأسيس اتحاد المراكز الثقافية الإسلامية، الذي تأسس في المدينة عام 1973 ويحمل صفة منظمة إسلامية مستقلة.