أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عودة الصدر للعملية السياسية لا تصنع من الفشل نجاحًا ولا تزيح قوى الفساد

التيار الصدري لم يكن حلا لمحنة الفساد والفشل السياسي المستمرة في العراق، عندما كان داخل الحكومة على مدار السنين الماضية، ولم يؤثر عندما انسحب أعضاء التيار من البرلمان، وعودته للعملية السياسية هي للاتفاق مجددًا مع أحزاب إيران في العراق لتوزيع جديد لحصص مغانم الدولة.

بغداد- الرافدين

قلل عراقيون من أهمية التقارير الإخبارية التي تتحدث عن عودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للعملية السياسية، مؤكدين على أن الصدر لم ينجح في استثمار فوز تياره في الانتخابات البرلمانية عام 2021، وفشل أيضًا في انتهاز فرصة انسحابه في التأثير على تشكيل الحكومة في العراق.
وأكدوا على أن الاستعراض الإعلامي والتصريحات التي يصدرها الصدر وزعماء تياره، أشبه بمحاولة حضور لإغاظة منافسيه من أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي.
وقالوا إن الصدر لم يكن حلا لمحنة الفساد والفشل السياسي المستمرة في العراق، عندما كان داخل الحكومة على مدار السنين الماضية، ولم يؤثر عندما أمر أعضاء تياره الانسحاب من البرلمان، وعودته للعملية السياسية هي للاتفاق مجددا مع أحزاب إيران في العراق لتوزيع جديد لحصص مغانم الدولة.
ووصفوا “التيار الوطني الشيعي” الذي أعلن الصدر عن رفع لافتته بدلا من “التيار الصدري” باستعراض جديد، لن يحصد منه العراقيون سوى المزيد من الفوضى التي تعصف بفكرة إقامة دولة في العراق وتزيد من استحالتها.
وقالوا “إن كان الصدر يمارس ألعابا ساذجة ومبسطة من خلال اللعب بالتسميات وإبدال شعار بآخر من غير طرح برنامج عمل سياسي، يكون قاعدة للعمل الوطني النزيه في مقاصده والواضح في ثوابته العملية، فإنها صفة تخدم الأطراف التي تمكنت من القبض على مفاصل الدولة الهشة ومكنت النظام السياسي الذي كاد يسقط نهاية عام 2019 من إعادة إنتاج آليات وجوده”.
وفاز التيار الصدري في الانتخابات البرلمانية عام 2021 لكن الصدر أمر نوابه بالاستقالة، ثم أعلن في العام التالي الانسحاب بشكل نهائي من العملية السياسية في البلاد بعد أن أحبطت أحزاب وميليشيات منضوية في الإطار التنسيقي منافسة محاولته تشكيل حكومة.
وكان مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري قد أكد أن قيادة التيار الصدري لا تُحسن العمل السياسي لكونها غير مؤهلة لذلك، فضلًا عن ادعائها الاعتزال وترك العملية السياسية بين حين وآخر لكنها تعود مرة أخرى بموجب توافقات وتفاهمات في إطار المحاصصة القائمة.
وأشار الدكتور الضاري إلى التناقض في فكرة “التيار الوطني الشيعي” التي طرحها الصدر، متسائلا “كيف يمكن أن يكون وطنيًا ويقيد بوصف طائفي شيعي”.
وقال “لنفترض أن الصدر يقصد الفكرة الوطنية التي يطرحها تيار شيعي. لكن مع ذلك يبقى التناقض قائمًا ويزداد خطورة بوجود البعد الطائفي”.
وأوضح سبق أن انسحبت قيادة التيار الصدري من العملية السياسية، في آب عام 2013، وفي شباط من عام 2014، وفي آذار من عام 2016، وفي تموز من عام 2021، وتكرر الانسحاب مرة أخرى في آب من 2022، ما يعني أن هناك خمس مرات انسحاب من قبل التيار الصدري انتهت بالتراجع والعودة، وبانتظار ما يحصل اليوم.
وشدد الدكتور الضاري في قراءته لما يحدث في العراق على أنه لا يمكن للتيار الصدري أن يغيب عن المشهد، بحكم القاعدة العريضة التي يمتلكها، ولأنه يحسب على القوى السياسية الشيعية الداخلية وليست من القوى الطارئة التي جاءت من خارج العراق.
وعزا ذلك إلى أن محددات النظام السياسي بعد الاحتلال قامت على أساس التوافق بين المكونات العراقية، بغض النظر عن الظلم الحاصل في نسب هذه المكونات.
وكانت وكالة “رويترز” قد نقلت عن مصادر متعددة قولها إن الصدر يمهد الطريق لعودته إلى المشهد السياسي بعد عامين من فشل محاولته تشكيل حكومة بدون منافسيه.
ورجحت الوكالة عودته المزمعة في الانتخابات البرلمانية عام 2025، متوقعة تهديد النفوذ المتزايد للمنافسين، ومنهم أحزاب ولائية وميليشيات مسلحة عراقية تنضوي في الإطار التنسيقي.
وتوقعت أن يرحب الكثير من أنصاره الفقراء الذين يعتبرونه “نصير الضعفاء”.


الدكتور مثنى حارث الضاري: التناقض قائم في فكرة “التيار الوطني الشيعي” التي طرحها مقتدى الصدر، فكيف يمكن أن يكون وطنيًا ويقيد بوصف طائفي شيعي
وتحدثت “رويترز” مع أكثر من عشرين مصدرًا منهم ساسة من التيار الصدري وفصائل منافسة ورجال دين وسياسيين في مدينة النجف ومسؤولين حكوميين ومحللين.
وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية الموضوع.
وقال نائب سابق عن التيار الصدري “هذه المرة لدى التيار الصدري تصميم أقوى من ذي قبل على الفوز بعدد أكبر من المقاعد لتشكيل حكومة أغلبية”، رغم أن القرار النهائي للترشح لم يُتخذ رسميًا.
وتعتبر إيران مشاركة الصدر في الحياة السياسية مهمة للحفاظ على النظام السياسي الذي يهيمن عليه حكم الطائفة في العراق على المدى الطويل.
وسبق أن فند موقع “المونيتور” الأمريكي المزاعم السائدة عن “العداء الافتراضي” بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومراكز القرار في إيران بما فيها فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني.
وأكد علي خلخالي محرر الشؤون الإيرانية في موقع “المونيتور” أن طهران لا تزال تنظر إلى مقتدى الصدر على أنه حليف مفيد ويستحسن الاحتفاظ به بالرغم من انتقاداته العنيفة لاتباعها في الإطار التنسيقي في العراق.
وأشار الى أن طهران لم تتخذ أي خطوة ضد الصدر، لأنها لا تزال تعتبره حليفًا يستحق أن تحافظ عليه.
ويقول كثير من العراقيين إن أحوالهم تسوء بغض النظر عمن يتولى السلطة بينما تستنزف النخب ثروة البلاد النفطية.
وفي مدينة الصدر، وهي معقل مترامي الأطراف للتيار يعاني من الفقر منذ فترة طويلة على الجانب الشرقي من بغداد، ينتظر كثيرون عودة الصدر على أمل أن يترجم ذلك إلى فرص عمل وخدمات.
وقالت ستة مصادر من التيار الصدري إن الصدريين يفسرون اللقاء مع المرجع علي السيستاني الذي جرى في الثامن عشر من مارس آذار، على أنه تأييد ضمني.
وقال رجل دين مقرب من السيستاني إن الصدر تحدث عن عودة محتملة إلى الحياة السياسية والبرلمان وخرج من هذا الاجتماع المهم “بنتيجة إيجابية”. ولم يرد مكتب السيستاني على طلب للتعليق من وكالة “رويترز”.
وبعد أيام من الاجتماع مع السيستاني، دعا الصدر نواب الكتلة الصدرية الذين استقالوا عام 2021 لتجميع صفوفهم والتواصل مجددا مع القاعدة السياسية للتيار.
وقال مصدر مقرب منه إن الصدر أعاد بعد ذلك تسمية التيار ليحمل اسم “التيار الوطني الشيعي”، في تناقض مكشوف يجمع بين الطائفية والوطنية في تسمية واحدة.

حمزة حداد: الفصائل السياسية تعلم أنه من الأفضل تقاسم السلطة بدلا من خسارتها بالكامل
وفي حين يخشى بعض المحللين حالة من الارتباك جراء عودة الصدر إلى المشهد السياسي، يقول آخرون إنه قد يعود أكثر تواضعًا بسبب هزيمة أنصاره خلال مواجهات مسلحة مع ميليشيات منافسة.
وقال الكاتب العراقي فاروق يوسف “لا يُلام مقتدى الصدر في استعراضاته المتكررة، بل يقع اللوم على مَن يصدق تلك الاستعراضات ويشارك فيها. وإذا ما كان مناصرو الصدر قد انخفض عددهم بسبب ما أصيبوا به من خيبات نتجت عن سلوك زعيمهم الملتبس والغامض الذي أدى في النهاية إلى أن يتم تزييف نتيجة الانتخابات بقرار من الصدر نفسه فيستلم المهزومون في انتخابات عام 2021 دفة الحكم في العراق”.
واستدر يوسف بقوله “غير إن ذلك الانخفاض في عدد المناصرين لا يعني أن الصدر فقد شعبيته، بدليل أنه لا يزال قادرا على ابتكار أشكال وأساليب استعراض جديدة يعتقد أنها تؤهله لتعكير مزاج الطبقة السياسية المتنفذة التي كانت دائما تقف في انتظار خطوته التالية التي يمهد من خلالها لعودته إلى العملية السياسية بعد انسحابه المذل وقد كان منتصرا”.
وقال حمزة حداد، وهو محلل عراقي وزميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية “بالطبع، يزيد دائما خطر الاضطرابات عندما يزيد عدد الفصائل في عملية توازن السلطة، خاصة عندما تكون مسلحة. لكن على الصدريين أن يعودوا بشكل أقل عدائية”.
وأضاف “الفصائل السياسية تعلم أنه من الأفضل تقاسم السلطة بدلا من خسارتها بالكامل”.
وقال سياسي بارز من الصدريين إن التيار قد يسعى إلى التحالف مع بعض الميليشيات الحاكمة، مثل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع استبعاد آخرين بما في ذلك منافسه اللدود قيس الخزعلي زعيم ميليشيا العصائب المتحالف مع إيران.
وذكر السياسي الصدري “هناك فصائل في الإطار تربطنا بها علاقات طويلة الأمد ويمكن أن نتحالف معها قبل الانتخابات أو بعدها. ما لا نقبله هو الدخول في اتفاقات مع الفصائل الفاسدة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى