أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

ضباط متنفذون يجبرون أهالي بغداد على دفع الإتاوات مقابل السماح لهم بالبناء

ابتزاز القوات الحكومية وضباط في وزارتي الدفاع والداخلية يحول دون دخول المواد الإنشائية لبناء الوحدات السكنية في الأراضي الزراعية المشغولة والأراضي السكنية خلافًا للقرارات الرسمية.

بغداد – الرافدين

تصاعدت وبشكل لافت ظاهرة ابتزاز المواطنين ممن يحاولون بناء منازلهم في بغداد من قبل ضباط متنفذين في وزارتي الدفاع والداخلية بالتواطؤ مع دوائر البلدية في قواطع مسؤولية الضباط المبتزين.
وتمثلت عمليات الابتزاز بمنع دخول مواد البناء وهدم المنازل التي لايدفع أصحابها الإتاوة المطلوبة التي قد تصل إلى مبلغ مليوني دينار عراقي على الرغم من وجود قوانين تكفل حق البناء ومنح الإجازات لمن يرغب ببناء مسكنه سواء كانت الأرض سكنية أم زراعية بشرط إشغالها.
وعرض برنامج “صوتكم” الذي تبثه “قناة الرافدين” الفضائية في حلقة يوم الأحد الثاني عشر من أيار الجاري شكاوى لمواطنين من منطقة الشعلة غربي بغداد ومنطقة الطائيات في شمالها تضمنت شهادات ولقطات مصورة لعمليات الابتزاز التي تعرضوا لها من قبل ضباط مرتشين قبل أن ينتهي الحال بهم إلى هدم منازلهم بعد امتناعهم عن دفع الإتاوات.
وأكد مواطنون ممن عرض البرنامج شهاداتهم أن “عملية دخول مواد البناء للمنطقة، باتت تشهد حالة من التشديد خلال الأشهر الـ 3 الماضية، جراء منع القوات الماسكة لقاطع المسؤولية بدخولها، بالرغم من القرار الحكومي المعروف بقرار 320 الذي يسمح لهم بتشييد المساكن في الأراضي الزراعية” ما أثار استغراب اهالي المنطقة.
وينقل الأهالي عن منتسبين في القوات الحكومية “وجود اجتهادات شخصية واخرى بتصرفات تأتي من قبل ضابط القاطع، بمنع دخول مواد البناء أو السماح لهم وفقًا للمزاج الشخصي أو بحكم تأثير العلاقات”.
ويشير هؤلاء المواطنين إلى أن “بعض الشاحنات المحملة بمواد البناء والعائدة لشخصية متنفذة أو مرتبطة بجهة سياسية بالعادة تدخل دون أي معوقات، فيما يقع المواطن البسيط ممن لم يمتلك أي تأثير بمصيدة الابتزاز والمساومة والمزاج الشخصي لضابط قاطع المسؤولية، بالسماح أو عدمه بدخول تلك المواد لاستكمال عملية بناء منازلهم المشيدة قبل عدة سنوات”.
وفي منطقة الطائيات أو طي، التابعة إداريًا لمنطقة شاطئ التاجي، شمالي بغداد، تتزايد عمليات الابتزاز بشكل لافت عبر منع إدخال مواد البناء إلى المنطقة من قبل القوات الماسكة للأرض.
ولطالما طالب المواطنون في هذه المنطقة القوات الحكومية المنتشرة على مداخل منطقتهم بالسماح لعبور شاحنات مواد البناء التي يرفضون إدخالها.
ويؤكد مواطنون على أن “بعض المنازل أصبح من السهل بناؤها بناءً على تفاهمات أو واسطات تحصل مع بعض أفراد القوات المكلفة بحماية المنطقة، أو عبر جهات أعلى، فيما يبقى المواطن الذي ليست لديه هذه الواسطات ممنوعًا من إدخال المواد اللازمة لبناء منزله”.
ويتابع المواطنون أن “من يحاول البناء دون دفع الإتاوة التي لاتقل في هذه المنطقة عن مليوني دينار يكون مصير منزله الهدم كما حصل مع أحد المواطنين من المنطقة الذي اتهم ضابطا برتبة مقدم بهدم منزله بعد تشييده لعدم دفعه الإتاوات على الرغم من وجود طابو صرف يؤكد امتلاكه لأرض المنزل”.
وكان محافظ بغداد عبد المطلب العلوي ذكر أن الحكومة سهلت إجراءات إدخال مواد البناء لغرض السكن.
وقال العلوي في تصريح للوكالة الحكومية الرسمية، إن الهدف من قرار مجلس الوزراء رقم 320 لسنة 2022 بتحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية هو الحفاظ على وحدة الأراضي الزراعية وعدم تفتيتها لأي سبب، وهو محكوم بضوابط.
وسبق وأن أقرّ مجلس الوزراء في حكومة الإطار التنسيقي في جلسته الاعتيادية الثامنة، المُنعقدة في الحادي والعشرين من شهر شباط من العام الماضي، ضوابط تنفيذ قرار مجلس الوزراء (320 لسنة 2022)، بشأن تغيير جنس الأراضي من زراعي إلى سكني، وشملت الأراضي المملوكة للدولة والمُثقلة بحقوق تصرفية وإقرار أمين بغداد.
وفي نيسان من العام الماضي، وجه السوداني، بتسهيل إدخال المواد الإنشائية إلى الأراضي الزراعية.
وبحسب وثيقة؛ أن التسهيل يشمل الأراضي التي مضى على بنائها فترات طويلة واكتسبت الطابع السكني من خلال خدمات متكاملة لكنها لاتزال تعاني من منع دخول مواد الترميم والخدمات.
وأشارت الوثيقة إلى أن قرار تسهيل دخول تلك المواد منعًا للابتزاز والمساومة من قبل البعض، لافتة إلى أن هذا القرار لا ينطبق على المناطق الزراعية التي يتم تقطيعها وبيعها حديثًا تجاوزًا للضوابط والتعليمات.

القوات الحكومية تهدم وحدات سكنية في الأراضي الزراعية لمواطنين تخلفوا عن دفع الإتاوات للضباط المتنفذين

وتقر مصادر برلمانية بوجود حالات ابتزاز يتعرض لها المواطنون على الرغم من قرار الحكومة بتحويل جنس الأراضي الزراعية التي أنشئت عليها تجمعات سكانية إلى سكنية من قبل القوات الحكومية التي تمنع دخول مواد البناء إلى هذه المناطق والتي تستخدم لأغراض الترميم أو بناء القطع الفارغة في هذه التجمعات.
وترى عضوة لجنة الخدمات النيابية مديحة الموسوي أن “قرار مجلس الوزراء في هذا الجانب واضح جدًا، وينص على تحويل جنس الأراضي الزراعية المشغولة من قبل المواطنين إلى سكنية ويسمح بدخول مواد البناء وترميمها”.
وأشارت إلى أن “وزارة الداخلية تمنع دخول مواد البناء إلى المناطق الزراعية المشغولة خلافًا للقرار الحكومي على الرغم من وضوحه في منع تجريف الأراضي الحالية وسماحه بالبناء على الأراضي المشغولة”.
وأكدت على أن بعض ضعاف النفوس في الأجهزة الأمنية يبتزون المواطنين من أجل السماح لهم بالبناء.
بدوره وجه عضو لجنة الخدمات النيابية، باقر الساعدي، دعوة إلى عمليات بغداد بالسماح لساكني المناطق الزراعية بإدخال المواد الإنشائية.
وقال الساعدي في مذكرة موجهة لقيادة عمليات بغداد أواخر شهر نيسان الماضي “نشيركم إلى قرار رئيس الوزراء في السادس من نيسان 2023، بتسهيل إدخال المواد الإنشائية إلى الأراضي الزراعية والتي مضى على بنائها فترات طويلة واكتسبت الطابع الخدمي السكني”.
وأضاف “ندعو قيادتكم إلى توجيه كافة القطاعات الماسكة للأرض برصد ومنع أي حالات ابتزاز من قبل بعض ضعفاء النفوس، وتسهيل مهمة المواطنين بإدخال المواد وخاصة أن أغلب ساكني هذه المناطق من طبقة محدودي الدخل”.
وتابع “سنقوم نحن بلجنة الخدمات النيابية بجولات ميدانية إلى المناطق الزراعية، ورصد أي حالات مخالفة للقانون”.
وتشهد مناطق العاصمة بغداد مخالفات كبيرة في البناء سواء على صعيد البناء العشوائي في الاراضي المتجاوز عليها، او تقطيع وتقسيم الاراضي الزراعية الواسعة وبيعها كقطع سكنية، فضلا عن تقسيم البيوت السكنية إلى 3 أو 4 أو 5 منازل صغيرة أحيانًا، حتى شهدت بعض مناطق العاصمة بغداد بيع منازل بمساحة تبلغ 30 مترًا مربعًا فقط.
ويمثل القرار 320 المتعلق بتغيير جنس الأراضي الزراعية المشغولة خطوة حكومية خجولة في التخفيف من أزمة السكن المزمنة لاسيما في العاصمة بغداد في وقت تعجز فيه الحكومة عن إيجاد حلول جذرية لأزمة السكن والبناء العشوائي في ظل الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.
ويؤكد الباحث الاقتصادي عادل الدلفي، أن نحو ربع العشوائيات أو ما يشكل نسبة 23 بالمائة من العشوائيات في العراق هي في العاصمة بغداد وعدد المناطق العشوائية في عموم العراق يقدر بنحو خمسة آلاف منطقة أو تجمع.
ويوضح الدلفي أن “الدولة لم تخطط للتعامل مع النمو السكاني بشكل صحيح في العاصمة بغداد بشكل خاص وفي عموم المحافظات بشكل عام، وهناك حلول يجب أن تلتفت إليها الدولة، ولكنها لهذه اللحظة لم تضع يدها على الجرح، فكيف تعطي الأراضي للاستثمار كمجمعات سكنية وإعفاء من الجمرك وامتيازات خاصة دون تحديد سعر الوحدة السكنية لكي تتناسب مع قدرة المواطن والموظف”.
وبين أن “العشوائيات تؤثر على عدة مستويات منها الصحي كانتشار الأمراض والأوبئة وكذلك رفع معدلات الفقر والبطالة بالإضافة إلى الجانب الأمني، ويجب أن تضع الحكومة خطة عمل استراتيجية للتخلص من العشوائيات بشكل تدريجي بتوفير سكن مناسب لسكانها مع خطة لسد النقص في الوحدات السكنية بشكل عام”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى