نازحو سنجار يكذبون وعود حكومة السوداني بتعويضهم وتأهيل مدينتهم المدمرة
نازحو سنجار يرفضون العودة قبل أن تقدم لهم حكومة السوداني تعويضات لإعادة بناء منازلهم وتوفير الخدمات وإنهاء سيطرة حزب العمال والميليشيات على مدينتهم.
الموصل- قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إنّ خطط إغلاق مخيّمات النازحين في إقليم كردستان العراق بحلول الثلاثين من تموز ستهدد حقوق الكثير من سكان المخيمات، أهالي منطقة سنجار الشمالية.
ما تزال سنجار غير آمنة وتفتقر إلى الخدمات الاجتماعية اللازمة لضمان الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية لآلاف النازحين الذين قد يضطرون إلى العودة قريبًا.
ويرفض الغالبية العظمى من نازحي سنجار العودة إلى ديارهم المدمرة قبل تقدم لهم حكومة السوداني تعويضات لإعادة بناء منازلهم وتوفير الخدمات وإنهاء سيطرة حزب العمال الكردستاني والميليشيات المستحوذة على مناطقهم.
وفقا لوزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، تستضيف المخيمات الـ23 المنتشرة في الإقليم حاليا حوالي 157 ألف شخص، الكثير منهم من سنجار.
وقالت سارة صنبر، المعنية بشؤون العراق في “هيومن رايتس ووتش” “العديد من أهالي سنجار يعيشون في المخيمات منذ 2014، ويستحقون العودة إلى ديارهم، لكن هذه العودة يجب أن تكون آمنة وطوعيّة. ونظرا إلى نقص الخدمات والبنية التحتية والأمان في المنطقة، فإنّ الحكومة تخاطر بمفاقمة الوضع السيئ أصلا”.
ووفقا لـ”المنظمة الدوليّة للهجرة”، ما يزال حوالي 183 ألف شخص من سنجار نازحين، وهذا يشمل 85 بالمائة من السكان الإيزيديين في القضاء. في الوقت الحالي، تستضيف 65 بالمائة من البلدات والمدن في سنجار نصف سكانها الأصليين أو أقلّ، بينما لم تشهد 13 بلدة أيّ عودة على الإطلاق منذ 2014.
وسبق أن أعلنت وزارة الهجرة والمهجّرين أنّ الموعد النهائي هو نهاية شهر تموز. ولتشجيع العودة، أعلنت الوزارة أيضا عن حزمة من المساعدات والحوافز للعائدين، منها مبلغ يُدفع مرّة واحدة بقيمة 4 ملايين دينار عراقي.
قال معلّمٌ، وهو أحد سكان المخيّم حضر في الاجتماع مع الوفد الحكومي لـ “هيومن رايتس ووتش” “حدّدوا ثلاثة خيارات للنازحين: العودة إلى سنجار أو الانتقال إلى مدن أخرى خاضعة للسلطة الاتحادية أو البقاء في إقليم كردستان لكن خارج المخيّمات. لكن على الحكومة أن تقدّم لنا تعويضات لإعادة بناء منازلنا وتوفير الخدمات قبل أن تتوقع منا العودة”.
وجدت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير أصدرته في 2023 أنّ العوائق الرئيسيّة أمام عودة السنجاريين هي تقاعس الحكومة عن تقديم تعويضات عن فقدان ممتلكاتهم وسبل عيشهم، وتأخر إعادة الإعمار، والوضع الأمني غير المستقرّ، وانعدام العدالة والمحاسبة عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت بحقهم.
ووجدت “هيومن رايتس ووتش” ألّا أحد من سنجار حصل على تعويض مالي على خسارة ممتلكاته وسُبل عيشه كما ينصّ على ذلك “القانون رقم 20 لعام 2009″، إذ تمت الموافقة على 3.500 طلب في انتظار السداد من قبل “الدائرة المالية في نينوى”.
و بحلول شباط 2024، ارتفع عدد الطلبات المكتملة إلى 8.300، دون أن يحصل أي شخص على أي مدفوعات، وفق ما قال لـ “هيومن رايتس ووتش” القاضي عمار محمد، وهو رئيس لجنة التعويضات في تلعفر، التي تشرف على اللجنة الفرعية للتعويضات في سنجار.
على مدى الأشهر الماضية، قال العديد من المسؤولين الحكوميين إنّه سيتمّ قريبا الإفراج عن الأموال المخصّصة لدفع تعويضات السنجاريين، وأكّد أحدهم أن ذلك سيتم “في أقرب وقت الأسبوع المقبل”، وأنّ الانطلاق في مشاريع إعادة الإعمار وشيك. ولكن بعد مرور سنة، لم يحصل تقدم كبير.
وقال مسؤولان حكوميان لـ “هيومن رايتس ووتش” إنّ التأخير في صرف التعويضات كان ناتجا عن “مشاكل في الميزانية” حالت دون دفع الأموال المخصّصة، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وقال مدير “مستشفى سنجار العام” الدكتور دلشاد علي إنّ المستشفى ما يزال متضرّرا ومهجورا، وما يزال الطاقم الطبي يعمل في موقع كان مخصصًا للاستخدام المؤقت.
وأضاف “نحن بانتظار إحالة مشروع إعادة الإعمار إلى جهة تنفيذيّة للبدء فيه. حيث تشرف منظمة (سلسة الأمل) غير الحكوميّة على بناء توسعة تضمّ 27 سريرًا في الموقع المؤقت لمنحنا المزيد من القدرة، وقد انتهت من ذلك تقريبا. لكن ذلك ليس كافيًا، خاصة إذا عاد المزيد من الناس”.
وقال موظف في مديرية التعليم في نينوى لـ “هيومن رايتس ووتش” إنّ 86 مدرسة فقط تعمل الآن من أصل 206 كانت موجودة قبل 2014، وهي مكتظة وتعاني من نقص في المعلمين.
وقال الآباء والأمهات الذين تمت مقابلتهم إنّهم يدفعون 5 آلاف دينار عراقي لكل طفل في كلّ فصل دراسي حتى تتمكّن المدارس من انتداب معلّمين، في بلد يُفرض فيه التعليم العام المجاني.
وقال الموظف إنّ جماعات مسلّحة تحتلّ مدرستين في قرية خناصر، إحداهما تابعة للشرطة والأخرى لـ “وحدات مقاومة سنجار”، وهي ميليشيا يقودها إيزيديون وينظر إليها على أنها مرتبطة بحزب العمال الكردستاني. وهناك مدرسة ثالثة احتلتها قوات الأمن العراقية حتى نهاية 2023، ثم أعادتها إلى مديريّة التربية.
واحد فقط من بين 14 مهجرا من سنجار ممن قابلتهم “هيومن رايتس ووتش” في آذار 2023 عاد إلى منزله، هو خليل حسن. قال “كانت العودة إلى سنجار في يوليو/تموز 2023 قرارا نابعا من راحتي الشخصيّة، لأنني شعرت أنّ حياة المخيّم لم تعد مستدامة، والدعم الحكومي لعودتنا لم يكن موجودا. كان هدفي الأساسي هو الرجوع إلى موطني وإعادة بناء حياتي بشكل مستقل”.
ومازال عبدو آلو يعيش في المخيّم حيث قال “ما أزال في مخيم خانكي. هناك عوامل عديدة حالت دون عودتي، مثل غياب الخدمات الأساسيّة، والمخاوف الأمنيّة، والدمار الذي لحق بمنزلي”.
وأعرب عن قلقه بشأن المستقبل الغامض مع اقتراب موعد إغلاق المخيّم، واحتمال إجبارهم على العودة إلى سنجار، وغياب أي مكان آخر يقصدونه.
وقالت صنبر “لا أحد يريد العيش في مخيّم للنازحين إلى الأبد، لكن إغلاق هذه المخيّمات عندما لا تكون المناطق الأصلية آمنة ليس حلا مستداما للنزوح. الأموال اللازمة لإعادة بناء سنجار موجودة، وينبغي للحكومة أن تصرفها حتى يتمكّن السنجاريون من العودة وإعادة بناء حياتهم”.
وشكك أهالي سنجار ونواب في البرلمان الحالي بالوعود الحكومية التي أطلقها رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لإعمار قضاء سنجار شمالي محافظة نينوى في ظل سيطرة ميليشيا حزب العمال الكردستاني المصنفة إرهابيًا، وميليشيات موالية لإيران على القضاء.
وأكدوا على عدم جدية حكومة الإطار بإنهاء ملف سنجار وإخراج الميليشيات المدعومة من إيران والتي تعيق مشاريع الإعمار وعودة النازحين من أهالي سنجار إلى القضاء، والذين يقدر عددهم بأكثر من 350 ألف نسمة بحسب تقارير دولية.
وكان رئيس حكومة الإطار التنسيقي، محمد شياع السوداني، قد أعلن خلال زيارته لقضاء سنجار عن إطلاق مشاريع لإعادة إعمار القضاء وتخصيص 50 مليار دينار لدعم الاستقرار في سنجار ومناطق سهل نينوى، فضلًا عن حسم ملف تعويضات المتضررين جراء العمليات العسكرية، وإعادة النازحين من الأيزيديين والأكراد والعرب إلى القضاء. من دون أن يتحقق أي من تلك الوعود