أموال عراقية قذرة تحولت إلى عقارات في لندن
نائب وزير الخارجية البريطاني، أندرو ميتشيل: فيما يتعلق بالأموال القذرة، يجب أن ندرك أن بريطانيا منخرطة في المسألة.
عمان- الرافدين
قال رجل أعمال عراقي مقيم ما بين لندن وعمان إن تصريحات نائب وزير الخارجية البريطاني، أندرو ميتشيل، بإن حوالي 40 بالمائة من الأموال القذرة في العالم، تمر عبر العاصمة لندن، تشمل الأموال المهربة أو المنقولة بشكل غير قانوني من العراق إلى بريطانيا.
وأكد رجل الأعمال العراقي المقيم في بريطانيا منذ خمسين عامًا ويدير شركة عقارية ما بين لندن والعاصمة الأردنية عمان، على أن طبقة سياسية وحزبية اغتنت بأموال الدولة العراقية ونقلت أرصدتها إلى بريطانيا عبر شراء العقارات والفنادق.
وقال في تصريح لقناة الرافدين مفضلا عدم الكشف عن إسمه، إن هذه الطبقة التي كانت تحمل أو حصلت لاحقًا بعد احتلال العراق على الجنسية البريطانية، وجدت فرصتها في نقل ما أطلق عليه أندرو ميتشيل بـ”الأموال القذرة” لتكون من بين أثرياء لندن.
وأشار إلى هذه الأموال التي تحولت إلى عقارات بالملايين وجمعيات ومراكز طائفية، هي في حقيقة الأمر واجهات لعمليات غسيل أموال كبرى أخرجت من العراق على مدار عشرين عامًا.
وكان رئيس الجمهورية السابق برهم صالح قد أعترف بتهريب أكثر من 150 مليار دولار من أموال العراق منذ عام 2003. في حين قدرت لجنة النزاهة حجم الأموال المهربة حتى الآن، ما يقارب 350 مليار دولار، وما يعادل 32 بالمائة من إيرادات العراق خلال 18 عامًا.
وسبق أن قدم حامد البياتي القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي الذي تم تعيينه نائبًا لوزير الخارجية ثم سفيرًا للعراق في الأمم المتحدة بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003. نفسه في حوار تلفزيوني مع محطة (CNBC) الأمريكية بأنه يمتلك عقارات في الولايات المتحدة بقيمة ستين مليار دولار.
ويتداول عراقيون صورة شارع في منطقة “بيزوتير” وسط لندن صار ملكًا لعراقيين ممن كان يطلق عليهم المعارضة العراقية عبر غسيل أموال مكشوف.
ويذكر عراقيون مقيمون في لندن دائمًا بأوضاع ما كان يسمى بقيادات المعارضة العراقية قبل احتلال العراق، ويقارنون حالهم اليوم بعد أن اغتنى أغلبهم بأموال العراقيين وامتلكوا بيوتًا فخمة في بريطانيا تقدر قيمتها بالملايين.
وتقلد عناصر من حزب الدعوة والمجلس الإسلامي مناصب وزارية وحكومية بعد احتلال العراق، إلا أنهم فضلوا ترك أسرهم في لندن لتسهيل عملية نقل الأموال.
وتساهلت السلطات البريطانية في نقل الأموال العراقية على مدار عشرين عامًا بذريعة إنشاء مراكز دينية أو جمعيات، أو أموال خاصة.
وسبق أن أجرب لجنة مالية في مجلس النواب سلسلة لقاءات مع السفير البريطاني في العراق وسفراء السويد وإيطاليا وأستراليا لتشخيص أماكن ذهاب الأموال المهربة.
وأعلنت لجنة النزاهة النيابية أن 90 بالمائة من الأموال المهربة خارج العراق هربتها زعامات سياسية إلى الخارج.
شارع غسيل الأموال العراقي في منطقة بيزوتير
ولفت إلى أن أغلب تلك الشخصيات التي هربت الأموال ووضعتها ببنوك دولية هم جهات رفيعة المستوى وبمناصب عليا وزعامات سياسية.
وقال نائب وزير الخارجية البريطاني، أندرو ميتشيل، إن “حوالي 40 بالمئة من الأموال القذرة في العالم، تمر عبر العاصمة لندن”.
وأقر مجلس العموم البريطاني عام 2016، تشريعًا واجه مراوغات من المناطق التابعة لبريطانيا وتقع بعيدا عن حدودها، حيث تتردد في إنشاء سجلات عامة تكشف عن المالكين النهائيين للأموال في مناطق الملاذات الضريبية.
وأوضح ميتشل في حديثه إلى مركز “برايت بلو” البحثي “فيما يتعلق بالأموال القذرة، يجب أن ندرك أن بريطانيا منخرطة في المسألة. وتشير بعض التقديرات إلى أن 40 بالمئة من عمليات غسيل الأموال حول العالم، أموال تسرق في الغالب بواسطة رجال أعمال وسياسيين فاسدين وأمراء حرب وغيرهم، تمر عبر لندن.
وأضاف “المناطق التابعة للتاج البريطاني وأقاليم ما وراء البحار لم تفعل ما عليها القيام به”.
ويكلف التهرب الضريبي في العالم من جانب الشركات والأفراد سنويًا الدول 427 مليار دولار، لمصلحة الملاذات الضريبة أو الدول غير المتشددة من الناحية الضريبية، وفق تقرير منظمة “شبكة العدالة الضريبية” غير الحكومية صدر عام 2020.
وسبق أن حذر تقرير بريطاني من انهيار الثقة بالقطاع المصرفي في العراق إذا ما استمرت عمليات تهريب الدولار من دون السيطرة عليها.
وأوضح التقرير الصادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية في العاصمة البريطانية لندن، أن محاولات البنك المركزي العراقي لمنع تهريب الدولار باءت بالفشل، إذ يستمر سعر الدينار بالتراجع أمام الدولار، مما يفاقم من معاناة العراقيين ويرفع أسعار السلع.
وأشار التقرير إلى أن النظام المصرفي العراقي وبدلاً من أن يكون مسهمًا في تطوير الاقتصاد العراقي أصبح عائقًا كبيرًا أمام النمو أو جذب الاستثمارات فضلاً عن أنه أصبح رديفًا أساسيًا لشبكات تهريب وغسل الأموال، فهناك عدد كبير من المصارف التي تعود لشخصيات مقربة من سياسيين وأحزاب وميليشيات مسلحة تسهم بشكل كبير في تهريب الدولار وتمويل عمليات التجارة الخارجية مع دول الجوار مقابل الحصول على عمولات ودعم سياسي.
وقدر التقرير بأن ثلثي مبيعات البنك المركزي العراقي في ما يعرف بـ”نافذة بيع العملة” التي تتراوح عند مستويات 250 مليون دولار يوميًا لم تستفد منها السوق العراقية على مدى العقدين الماضيين، مما أدى إلى خسارة البلاد مبالغ مالية لا تقل عن 400 مليار دولار.
ولم يستبعد التقرير البريطاني أن تتسبب عمليات تهريب الدولار في عزل وحظر مزيد من المصارف العراقية لأن بعضًا منها يسهم في خرق العقوبات الدولية.
وأشار إلى أن قرارات الخزانة الأمريكية بفرض حظر على عدد من المصارف العراقية وإلزام ما تبقى الامتثال لمنصة مراقبة حركة الأموال الإلكترونية ما هو إلا بداية لخطوات أشد وأعمق وأكثر إيلامًا.