أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

عصابات إجرامية تستغل الفقر والبطالة في العراق لتزيد من الاتجار بالبشر

مسارعة البرلمان نحو تشريع قانون يجيز إنشاء بنك للأعضاء والأنسجة البشرية يمثل الغطاء القانوني للميليشيات لممارسة المتاجرة بالأعضاء البشرية دون قيود.

بغداد – الرافدين
انتقدت أوساط حقوقية ضعف دور الأجهزة الأمنية في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر وتقاعس حكومة الإطار التنسيقي عن تفعيل القوانين اللازمة لمواجهة هذه الآفة الخطيرة بالتزامن مع الكشف عن عدد المعتقلين بهذه الجريمة.
وأكدوا أن استمرار ذات المعطيات الحالية يشير إلى أننا سنسجل آلاف الحالات سنويًا خلال السنوات المقبلة.
وحذروا من أن يصبح العراق مصدرًا رئيسًا لتجارة البشر على الصعيد الإقليمي والدولي مع تزايد النشاط الإجرامي وتوفر البيئة الخصبة لانتشارها.
وأوضحوا أن المتاجرين يستغلون معاناة المواطنين من الفقر والبطالة، فضلاً عن ضعف الأمن، وقوة المليشيات التي تقوم بدعم الشبكات الإجرامية والانتفاع منها ماديًا.
وكشفت مديرية مكافحة الاتجار بالبشر عن القبض على شبكتين دوليتين مكونتين من أربعين عنصرًا أجنبيًا في بغداد ومحافظات أخرى متورطتين بارتكاب جرائم الاختطاف والاتجار بالبشر والمخدرات.
وقالت المديرية إن عدد المعتقلين الكلي ضمن الاتجار بالبشر في العام الماضي 2023 بلغ 1866 معتقلا، مضيفة أن هذا الرقم ينقسم إلى 1230 متسولًا، و636 متهمًا بالاتجار بالبشر.
وتابعت أن عدد المحكومين بالاتجار بالبشر بلغ 252 محكومًا، أما عدد ضحايا الاتجار بالبشر فبلغ 204 أشخاص، فيما بلغ عدد المتهمين بالاستغلال الجنسي 202.

جواد البولاني: أهم أسباب ارتفاع نسبة الجريمة المنظمة هي الفقر والبطالة، وانتشار المناطق العشوائية التي تفتقر للخدمات النظامية

وقال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية جواد البولاني، إن العراق يواجه أكبر تهديد للأمن وهو الجريمة المنظمة التي تشكل مصدر قلق للمجتمع العراقي.
وأضاف البولاني أن أهم أسباب ارتفاع نسبة الجريمة المنظمة هي الفقر والبطالة، وانتشار المناطق العشوائية التي تفتقر للخدمات النظامية، ما يؤدي إلى أن تكون بيئة خصبة لتجنيد وعمل الشباب ضمن عصابات الجريمة المنظمة.
وقال عضو التحالف الوطني لبيد الصميدعي خلال مداخلة له على قناة “الرافدين” إن “العراق يعاني من الفساد والفوضى ومن أوجه الفوضى وجود السلاح المنفلت وهذا الفلتان في السلاح أدى إلى نشوء عصابات تتكاثر يومًا بعد آخر”.
وأشار أن “العراق تنتشر فيه عصابات متنوعة وهي محمية من جهات نافذة من الناحية القانونية، وهناك عصابات لها علاقات وثيقة مع مراكز قوى داخل الحكومة أو بحكم علاقاتها مع المؤسسة العسكرية أو الميليشيات”.
ولفت إلى أن هذه العصابات لها مهام وأجندات متنوعة ومن بينها ملف الاتجار بالأعضاء البشرية، والأمر يصبح سهلًا بالنسبة لها بحكم علاقاتها الوثيقة مع الحكومة، وهي تعلم مسبقًا أنها لن ينالها العقاب إذا كشف أمرها.
وأضاف أن “هذه الإحصائية المخيفة التي تم الكشف عنها لا تمثل الأعداد الحقيقية لهذه الجريمة ومن المحتمل أن تكون الأرقام أضعاف ما ذكر”.
وأكد على أن مسارعة البرلمان نحو تشريع قانون يجيز إنشاء بنك للأعضاء والأنسجة البشرية يمثل الغطاء القانوني للميليشيات لهذه الجريمة.
وبين أن “القانون سيمكنها من العمل بشكل علني بعدما كانت تعمل في الظلام، حيث يكفيها أن تجبر “المتبرع” على ملء استمارة ومن ثم إجراء العملية داخل إحدى المستشفيات التي يديرونها”.
وسبق أن أكد الخبير في مجال حقوق الإنسان، الدكتور فاضل الغراوي، على أن الاتجار بالبشر يمثل تحدياً أمنياً جديداً بات يقلق الأسر العراقية، ولا سيما أن المجرمين يعتمدون كثيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها فيسبوك على وجه الخصوص في استدراج الضحايا.
وقال إن “عمليات الاتجار بالبشر في العراق أخذت أشكالاً مختلفة تبدأ باستغلال العصابات للأطفال والنساء في التسول وصولاً إلى بيعهم لبيوت الدعارة وسرقة أعضائهم”.
وتابع أن “الاتجار بالبشر لم يقتصر على النساء والأطفال، بل يصل للشباب في سرقة أعضائهم، وكذلك الاتجار بالعمال الآسيويين الذين يقعون في أيدي شبكات عصابات الاتجار بالبشر، حال دخولهم العراق”.
وقالت نهى السماوي، وهي ناشطة تعمل على مكافحة الاتجار بالبشر ضمن مجاميع تنتسب لمنظمات المجتمع المدني، إن “الحالات التي كانت تصدم المجتمع العراقي بشأن بيع الأطفال والمراهقات، باتت طبيعية بالنسبة لنا، لأنها في زيادة مستمرة، وتخضع لآليات منظمة تستفيد منها في النهاية جهات متنفذة وعصابات جريمة منظمة”.
وأكدت على أن القانون ضعيف في ملاحقة حالات كثيرة تقع، وعادة ما تتم إطاحة الحالات الضعيفة.
وأضافت السماوي، أن “الاتجار بالبشر موجود في عموم مناطق العراق، لكنه يزداد في محافظات الجنوب بسبب انفلات الوضع الأمني وتفلت السلاح وتفشي المال الفاسد”
وأشارت إلى أن الكثير من الحالات التي يتم الإعلان عنها عبر الإعلام الرسمي للمؤسسات القضائية والأمنية، تأتي من البائعين أو المتاجرين أصلاً بسبب الإحساس بالذنب، ما يعني أن الجهود الأمنية والاستخباراتية ليست كما يروج لها، فإنها أضعف من المعلن عنه.

لبيد الصميدعي: تنتشر في العراق عصابات محمية من جهات نافذة ولها علاقات وثيقة مع مراكز قوى داخل الحكومة أو بحكم علاقاتها مع المؤسسة العسكرية أو الميليشيات

من جهته يرى الناشط الحقوقي هيثم أحمد، أن ظاهرة الاتجار في البشر تمثل مسألة معقدة ومتشابكة تتداخل فيها عدة عوامل ومسببات، مما يتطلب تظافر الجميع  لمواجهة تلك الظاهرة.
وشدد هيثم أحمد على ضرورة إقدام الحكومة نحو الشروع في اتخاذ بعض الإجراءات الفورية التي قد تساهم في الحد من تفشى تلك الظاهرة.
وأضاف، أنه “ينبغي على الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية السعي للعمل تعديل قانون مكافحة الاتجار بالبشر للتأكد من مقاضاة المتاجرين المتورطين وإدانته وإصدار أحكام صارمة ضدهم، بما في ذلك المسؤولين الحكوميين المتواطئين”.
وترى الباحثة الاجتماعية علياء عمر أنه لا يمكن التغاضي عن وقوع هذه الجرائم المروعة من دون توفير الحماية والعدالة للضحايا، ولا يمكن السكوت عن انتهاك حقوق الإنسان الأساسية بهذا الشكل البشع.
وطالبت الحكومة والمؤسسات الدولية والمجتمع الدولي بأسره التعاون لمكافحة هذه الظاهرة والقضاء عليها من جذورها.
وأضافت أن مكافحة تجارة الأعضاء البشرية تتطلب جهودًا مشتركة في عدة مجالات، بما في ذلك تعزيز الوعي العام حول هذه الظاهرة وتعزيز التشريعات المحلية والدولية لمنع هذه الأنشطة غير القانونية، بالإضافة إلى تعزيز الإجراءات الأمنية والرقابة لمنع عمليات الاتجار ومعاقبة المتورطين.
وأشارت أنه على المستوى الإنساني، يجب تقديم الدعم اللازم لضحايا تجارة الأعضاء البشرية، بما في ذلك توفير الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية لهم، فضلاً عن توفير الحماية والمساعدة في إعادة تأهيلهم في المجتمع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى