العلاق يناقض كلام السوداني عن إبقاء منصة التحويلات الخارجية الإلكترونية لمنع تهريب الدولار
التناقض بين العلاق والسوداني خلال شهر واحد في زيارتين إلى الولايات المتحدة والسعودية، يكشف عن انعدام السياسة النقدية للبنك المركزي فضلا عن تخبط حكومة الإطار التنسيقي الواقعة تحت ضغط ميليشيات ولائية تعمل على تهريب العملة إلى إيران.
بغداد- الرافدين
رد خبراء أمنيون واقتصاديون على تصريحات محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، عن نجاح استخدام منصة التحويلات الخارجية الإلكترونية في مكافحة غسل الأموال. بأنها غير واقعية وكجزء من السلوك الإعلامي الحكومي لغسيل سمعتها أمام الضغوط الأمريكية بعد فرض عقوبات على مصارف عراقية مدانة بتهريب العملة إلى إيران.
وأكدوا على أن تصريح العلاق لا يستند على معلومات واقعية طبقًا لتقارير المراقبة الأمريكية للحوالات العراقية، فضلا عن تهريب الأموال التي تقوم بها شركات عراقية بذريعة الاستيراد.
وقالوا إن كلام العلاق عن المنصة الإلكترونية خلال مشاركته في الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد ووحدات التحريات المالية في المملكة العربية السعودية، يتناقض كليًا عما أعلن عنه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني خلال زيارته إلى الولايات المتحدة في شهر نيسان الماضي، عن التخلي عن المنصة الإلكترونية للتحويلات المالية في البنك المركزي العراقي مع نهاية العام الحالي 2024.
وشددوا على أن هذا التناقض بين العلاق والسوداني خلال شهر واحد في زيارتين إلى الولايات المتحدة والسعودية، يكشف عن انعدام السياسة النقدية للبنك المركزي فضلا عن تخبط حكومة الإطار التنسيقي الواقعة تحت ضغط ميليشيات ولائية تعمل على تهريب العملة إلى إيران.
وأكد العلاق في كلمة خلال الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد في العاصمة السعودية الرياض، على الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي العراقي متمثلةً باستخدام منصة التحويلات الخارجية الإلكترونية التي أسهمت في تحديد هوية المستفيد الحقيقي ومنعت استخدام التحويلات الخارجية كوسيلة لعمليات غسل الأموال. من دون أن يشير إلى أساليب التهريب الأخرى التي تقوم بها شركات عراقية تمثل الواجهة الاقتصادية لأحزاب وميليشيات نافذة في داخل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني.
وأشار إلى أن استخدام منصة البيع النقدي أسهمت في وصول العملة الأجنبية للمستفيدين الحقيقيين من المسافرين أو الدارسين خارج العراق فضلاً عن الحالات الأخرى التي تحتاج إلى النقد الأجنبي وفق القانون.
ويتناقض كلام العلاق خلال مشاركته في الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد، مع اعلان السوداني خلال زيارته إلى واشنطن عن التخلي عن المنصة الإلكترونية للتحويلات المالية في البنك المركزي العراقي مع نهاية العام الحالي 2024.
وأواخر العام 2022، اعتمد القطاع المصرفي العراقي نظام سويفت الإلكتروني للتحويلات بهدف إتاحة رقابة أفضل على استخدام الدولار، وضمان الالتزام بالعقوبات الأميركية على طهران، وكذلك من أجل الحدّ من غسيل الأموال وتهريبها.
ومنذ بدء تطبيق الإجراءات الأمريكية فقد تم منع نسبة كبيرة من عمليات تهريب الدولار إلى إيران والتي كانت تصل في بعض الأيام إلى 250 مليون دولار، حسب مسؤولين أمريكيين وعراقيين وبيانات حكومية.
وكانت وكالة “رويترز” للأنباء قد نسبت إلى مسؤول كبير بوزارة الخزانة الأمريكية تأكيده على أن البنك المركزي العراقي يجب أن يعالج المخاطر المستمرة الناجمة عن سوء استخدام الدولار في البنوك التجارية العراقية كي يتجنب فرض إجراءات عقابية جديدة تستهدف القطاع المالي، مشيرا إلى أعمال احتيال وغسيل أموال وتهرب إيران من العقوبات.
وذكر المسؤول الذي تحدث لوكالة “رويترز” شريطة عدم نشر اسمه، أنه لا تزال هناك بنوك عراقية أخرى تعمل بمخاطر يجب معالجتها ومع وجود احتياطيات تزيد على 100 مليار دولار في الولايات المتحدة، يعتمد العراق بشكل كبير على حسن نية واشنطن في ضمان عدم تعرض عائدات النفط وأمواله لعقوبات أمريكية.
ولدى العراق أكثر من 70 بنكًا خاصًا في سمة جديدة نسبيا في قطاع كان يخضع بالكامل تقريبًا لهيمنة الدولة لحين احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية عام 2003.
ومن بين هذه البنوك، ما يقل قليلا عن الثلث في القائمة الأمريكية السوداء.
وقال المسؤول لوكالة “رويترز” في بغداد “أختار التركيز على البنوك التي لا يزال لديها إمكانية الوصول وأرى أن المخاطر مستمرة فيها”.
وتعمدت السلطات الأمريكية التذكير بتمديد المرسوم الذي وقعه الرئيس جو بايدن لحالة الطوارئ المتعلقة بالأوضاع في العراق لعام آخر، في وقت تواجد رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني في واشنطن في نيسان الماضي، في إشارة سياسية عن وضع أموال العراق تحت الوصاية الأمريكية.
وأخفق السوداني خلال لقائه مع مسؤولين في وزارة الخزانة الأمريكية وبعض البنوك، في الحصول على وعد برفع البنوك العراقية من قائمة العقوبات الأمريكية.
وخلال لقاء السوداني مع وكيل وزارة الخزانة الأمريكية والي أدييمو، ونائب رئيس بنك “جي بي مورغان” دانييل زيليكو، بحضور محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، حاول السوداني تقديم صورة عن سيطرة حكومته على تهريب الدولار إلى إيران.
ولم يقتنع المسؤولون الأمريكيون بالذرائع التي قدمها السوداني، حيث استمع إلى جملة تكررت كثيرا من قبل المسؤولين الأمريكيين بأن “على حكومته فعل الكثير من أجل إيقاف تهريب الدولار إلى إيران”.
وقال السوداني للمسؤولين الأمريكيين إنه لا يمكن العمل في أي قطاع تنموي دون خطوات إصلاحية للقطاع المصرفي، وضرورة المضيّ في الحوار مع الخزانة الأمريكية والبنك الفدرالي الأمريكي، وصندوق النقد الدولي، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى.
وسبق أن حذرت مساعدة وزير الخزانة لشؤون تمويل الإرهاب والجرائم المالية في وزارة الخزانة الأمريكية إليزابيث روزنبرغ، كلا من رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني ومحافظ البنك المركزي علي العلاق، من التحويلات المشبوهة من الأموال العراقية التي تذهب إلى إيران وسوريا وحزب الله اللبناني.
صحيفة “وول ستريت جورنال” المتخصصة بالشؤون الاقتصادية: يصعب على حكومة السوداني الوقوف بوجه شبكات غسيل الأموال القذرة، لوقوف جهات سياسية متنفذة خلف تجارة الدولار غير المشروعة.
وأكدت إليزابيث روزنبرغ على أن السلطات الأمريكية تراقب بشكل صارم الأموال التي تخرج من العراق باتجاه إيران وتكسر العقوبات الأمريكية على طهران.
وشددت على أن الحكومة في بغداد لم تؤد عملها حيال وقف هذه العمليات المشبوهة، مشددة بقولها وهي تخاطب السوداني “لا اريد أن أقول متواطئة”.
وبعد عقدين من الاحتلال الأمريكي، لا يزال العراق يحتفظ باحتياطياته من العملات الأجنبية في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ويودع عائدات صادراته النفطية في حساباته الرسمية هناك.
يأتي ذلك في وقت قال ديفيد برجر، نائب رئيس البعثة الأمريكية في سفارة بلاده ببغداد، “لقد شهدنا، للأسف، عددًا متزايدًا من المعاملات المشبوهة، وكميات كبيرة من التحويلات تخرج من البلاد على أساس احتيالي”.
وقال مسؤول أمريكي كبير لصحيفة “وول ستريت جورنال” “لدينا سبب قوي للشك في أن بعض عمليات غسيل الأموال هذه قد تعود بالفائدة، إما لأفراد مشمولين بالعقوبات الأمريكية، أو لأشخاص يمكن أن تشملهم العقوبات”.
وأضاف أن “الخطر الأساسي للعقوبات على البنوك في العراق يتعلق بإيران بالتأكيد”.
يأتي ذلك في وقت شككت صحيفة “وول ستريت جورنال” المتخصصة بالشؤون الاقتصادية في قدرة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، في السيطرة على شبكات تهريب وغسيل الأموال القذرة إلى إيران ودول أخرى.
وذكرت الصحيفة أن تحركات السوداني بشأن محاصرة تهريب الدولار بعد زيادة سعر الصرف مقابل الدينار العراقي، جاءت نتيجة امتثاله للضغوط الأمريكية لمنع تهريب الدولار إلى إيران.
وأشارت إلى أنه يصعب على السوداني الوقوف بوجه شبكات غسيل الأموال القذرة، لوقوف جهات سياسية متنفذة خلف تجارة الدولار غير المشروعة، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق وأثقلت كاهل العراقيين.
ويتخذ تهريب الدولار من العراق أشكالاً مختلفة، مما يعقد أي جهد حكومي. ففي بعض الحالات، تحصل شبكات التهريب على الدولارات نقدًا من تجار العملة وتنقلها في سيارات إلى إيران ودول أخرى مجاورة للعراق.
وتتدفق مئات الملايين من الدولارات يوميًا عبر البنوك العراقية ومكاتب الصرافة غير الخاضعة للرقابة، والتي يقول مسؤولون أمريكيون إنها مليئة بالمعاملات الاحتيالية وغسيل الأموال.
ويؤكدون على أن جزءًا من هذه الدولارات تمر عبر الحدود إلى إيران، مما يزود طهران بالعملة التي تشتد الحاجة إليها للتخفيف من العقوبات الأمريكية عليها.
وتواجه السلطات الحكومية معركة شاقة لتعطل شبكات البنوك القوية وتجار العملة من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران التي تسيطر على المعاملات غير المشروعة.
وذكرت الصحيفة أن زعماء الميليشيات يمتلكون النفوذ السياسي الذي يحول دون اعتقالهم، وقد أثبتوا قدرتهم على الحيلة في إيجاد طرق للالتفاف حول الجهود المبذولة لوقف حركة الدولار باتجاه إيران.