أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

بلاسخارت تنهي مهمتها كشاهدة زور على الأوضاع في العراق

الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة تطالب بطيّ صفحة الصور المظلمة لماضي العراق، وتتعمد عدم الإشارة إلى فساد "يونامي" وتجاهل معاناة العراقيين وتبوأ البلاد هرم الفساد على مستوى العالم.

بغداد- الرافدين
أنهت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين هينيس بلاسخارت، مهمتها برسم صورة ملفقة للأوضاع في العراق عندما زعمت بخيال سياسي يتجاهل معاناة العراقيين وتبوأ البلاد هرم الفساد في العالم بقولها “تبدو مختلفة عن البلد الذي تمّ نشر يونامي فيه للمرة الأولى قبل نحو 20 عامًا”.
وقالت “أعتقد أن الوقت حان للحكم على البلاد بناء على التقدّم المحرز، وطيّ صفحة الصور المظلمة لماضي العراق”.
وأضافت في إفادتها الأخيرة أمام مجلس الأمن من دون الإشارة إلى طلب رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني إنهاء مهمة “يونامي” “إذا جاز التعبير، نشهد عراقًا في تطوُّر”، لكنها تحدّثت في إشارات خجولة عن تحدّيات متعدّدة لم تُحَلّ بعد، مثل الفساد ومسألة الفصائل المسلّحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة.
وعبرت بلاسخارت في إفادتها مساء الخميس، بإيجاز عن قلقها من زيادة الإعدامات الجماعية غير المعلنة مسبقًا لمدانين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.
ولم تأت بلاسخارت بجديد في إفادتها الأخيرة أمام مجلس الأمن بوصفها شاهدة زور على أوضاع البلاد ومتواطئة مع ميليشيات وأحزاب تلوثت أيديهم بدماء العراقيين.
وتعمدت التركيز والثناء على حكومة الإطار التنسيقي فيما وضعت الملفات المهمة عن الفساد المستشري والإعدامات وإفلات الجناة من العقاب في هامش كلمتها.
ويجمع عراقيون على أن بلاسخارت لم تكن نزيهة أو منصفة مع الشعب العراقي وافتقدت إلى المهنية الوظيفية والأخلاقية، عندما شاركت الجناة من الإفلات من العقاب في كل ما يتعلق بدمار ثورة تشرين التي راح ضحيتها مئات الشباب برصاص الميليشيات الحكومية.
ولم تتطرق بلاسخارت في إفادتها أمام مجلس الأمن إلى فضيحة الفساد داخل موظفي “يونامي” التي كشفتها صحيفة الغارديان.
وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد كشف أن الموظفين العاملين لدى الأمم المتحدة في العراق يطالبون برشى مقابل مساعدة رجال الأعمال في الفوز بعقود في مشاريع البناء.
وتعد العمولات واحدة من أركان الفساد وسوء الإدارة التي كشفت عنها الصحيفة البريطانية في تقرير “التمويل لتحقيق الاستقرار”، وهو مخطط لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تم إطلاقه في عام 2015 ويحظى بدعم مقداره 1.5 مليار دولار من 30 جهة مانحة، بما في ذلك المملكة المتحدة.
ولم يستفد العراقيون من أي دور للممثلة الخاصة للأمين العام على مدار سنوات عملها، بل كانت أشبه بصوت الأحزاب والميليشيات الحاكمة أمام المجتمع الدولي، وطالما قدمت صورة مزيفة للواقع السياسي العراقي.
ويجمع عراقيون على ازدواجية بلاسخارت وفقدان الضمير الإنساني والمهني، بينما يفترض بها أن تكون داعمة لجيل ثار في كل المدن العراقية مطالبًا بهدم معبد العملية السياسية المشيد بالقتل والفساد وسرقة ثروة البلاد على حساب مصلحة العراقيين.
وأجمعوا على أن الصورة المزيفة التي تقدمها بلاسخارت للأوضاع السياسية في العراق تعكس فساد الممثلة الأممية كجزء من فساد الطبقة السياسية الحاكمة، مطالبين الضمير الإنساني بمحاسبتها على مثل هذا التزييف.
والبعثة التي أنشأها مجلس الأمن عام 2003 بعد احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية، تمّ تعزيزها عام 2007 ويجري تجديدها سنويًا، ويتمثّل تفويضها في تقديم الدعم إلى حكومة العراق من أجل تعزيز الحوار السياسي الشامل والمصالحة الوطنية وإجراء الانتخابات والإصلاح الأمني.
وكان آخر النشاطات الداخلية التي أجرتها بلاسخارت، لقاءها برئيس السلطة القضائية فائق زيدان، لكن بعد أقل من 48 ساعة، أصدر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بيانًا، وجهه إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يطالب فيه بإنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة في العراق المعروفة بـ”يونامي”، بعد أكثر من عقدين على عملها.

اجتماع لإدارة عمولات الصفقات
وتهكم المحلل السياسي شاهو القره داغي على إنهاء بلاسخارت كلمتها أمام مجلس الأمن بجملة “عاش العراق.. عاش العراق” من دون أن تشير ولو بكلمة واحدة عن ملفات الفساد وقضايا الرشوة داخل “يونامي” التي أثارتها صحيفة الغارديان.
وكتب القره داغي “لا يمكن خداع الناس بهذه الشعارات”.
فيما تساءل علي القيسي رئيس جمعية ضحايا سجون الاحتلال الأمريكي الإيراني في العراق مخاطبًا بلاسخارت “كيف تتغلب الحكومة على عقبات أوجدتها ميليشيات وأحزاب تمثل نفس الحكومة بوزاراتها، ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية”
وكتب “لقد أعطت سنوات عمل بلاسخارت في العراق مشروعية وغطاء لجرائم الحكومات العراقية وفسادها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان وتعذيبها وإعدامها وتغييبها وتهجيرها القسري للأبرياء وعائلاتهم الذين استنجدوا بكم بكل الوسائل، وكان ردكم يأتي بالظهور مبتسمة مع أعتى المجرمين وحشية من زعماء الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران”.
إلى ذلك أيّد عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي، بينهم روسيا والصين، طلب بغداد إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة في العراق بحلول العام المقبل، لكنّ واشنطن لم تقدّم دعمها لهذه الخطوة على الفور.
وأيّد المبعوث الروسي فاسيلي نيبينزيا وجهة النظر هذه، قائلا إن “العراقيين مستعدون لتحمل مسؤولية المستقبل السياسي لبلادهم”.
وأضاف “المشاكل المتبقية يجب ألا تصبح ذريعة لبقاء بعثة الأمم المتحدة في البلاد إلى أجل غير مسمى”.
وأشار نائب مندوب الصين لدى الأمم المتحدة غينغ شوانغ إلى أنه في إطار التجديد السنوي للبعثة التي ينتهي تفويضها في نهاية أيار، يتعين على المجلس “اقتراح خطة (…) من أجل ضمان الانسحاب التدريجي والانتقال السلس نحو الانسحاب النهائي”.
ونظرا إلى أن بعثات الأمم المتحدة لا يمكنها العمل إلا بموافقة الدولة المضيفة، فقد أعربت بريطانيا وفرنسا أيضا عن دعمهما للتحول في الشراكة بين العراق والأمم المتحدة.
وكان موقف الولايات المتحدة أكثر غموضا، إذ قالت السفيرة ليندا توماس غرينفيلد إن بعثة الأمم المتحدة (يونامي) لا يزال أمامها “عمل مهم يتعيّن عليها تأديته”، ولم تتطرّق إلى طلب بغداد.
وشددت على الدور الرئيسي للبعثة في كثير من القضايا السياسية المهمّة، مثل دعم تنظيم الانتخابات وتعزيز حقوق الإنسان، على الرغم من أنّ العراق طلب بوضوح أن تركّز البعثة بشكل أكثر مباشرة على القضايا الاقتصادية.
وفي تقييم طلبه المجلس، قال الدبلوماسي الألماني فولكر بيرثيس في آذار، إنّ بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق التي كان لديها أكثر من 700 موظف حتى أواخر عام 2023، “تبدو في شكلها الحالي كبيرة جدا”.
ودعا بيرثيس البعثة إلى “البدء في نقل مهمّاتها إلى المؤسّسات الوطنيّة وفريق الأمم المتحدة في البلاد بطريقة مسؤولة ومنظّمة وتدريجيّة ضمن إطار زمني متّفق عليه”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى