أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدولية

العقيد محمد المقابلة: قوات الاحتلال تستثمر إستراتيجية القلق الوجودي لتعتاش عليها

العقيد المتقاعد الدكتور محمد المقابلة يطالب برصد وتحليل أعمال المقاومة الفلسطينية وترويجها إعلاميًا والتعاطي معها تحليلاً ودراسة؛ لأن ذلك من شأنه أن يرفع المعنويات ويطمئن الناس، مع أخذ الحذر من الاستغراق في التفاصيل عبر وسائل الإعلام والكشف عن صنائع المجاهدين بحسن نية.

عمان- الرافدين
قدم العقيد المتقاعد الدكتور محمد المقابلة؛ قراءة عسكرية تحليلية لأوضاع القتال في غزة ودور المقاومة الفلسطينية في افشال مخطط قوات الاحتلال في أمسية مجلس الخميس الثقافي في ديوان هيئة علماء المسلمين في العراق بمقرها بالعاصمة الأردنية عمان بحضور جمع من ضيوف الهيئة وأبناء الجالية العراقية في العاصمة الأردنية عمّان.
وشدد العقيد المتقاعد في المحاضرة التي حملت عنوان “المقاومة والكيان والواقع في الميدان: قراءة عسكرية تحليلية” على ضرورة أن يتناول المحلل العسكري ونظيره السياسي نوايا العدو بتحليل عميق ينبع من فهم ومعرفة مسبقة بـ “السيكولوجيا الإسرائيلية” والعقلية الأمنية والعسكرية للكيان الصهيوني، أكثر مما يتم التركيز عليه في الإعلام.
وأشار إلى أن رصد وتحليل أعمال المقاومة وترويجها إعلاميًا والتعاطي معها تحليلاً ودراسة؛ من شأنه أن يرفع المعنويات ويطمئن الناس، لكن ذلك يوجب الحذر من أن يكون للاستغراق في التفاصيل عبر وسائل الإعلام والكشف عن صنائع المجاهدين -بحسن نية- ما يعود بالضرر على المقاومة من حيث يقدم معلومات مجانية للعدو.
وبيّن الخبير العسكري الأردني، أن للعدو الصهيوني خطة إستراتيجية؛ تقوم على نظرية القلق الوجودي، ويستغل هذه الإستراتيجية لتأسيس قاعدة تنص على “أنا قلق، أنا موجود”، ليصنع من ذلك مادة يعتاش عليها ويتقن اللعب على أوتارها حين يبتز بها الغرب بذريعة أنه واقع تحت الخطر أو أنه واقع في محيط يريد أن يدمره، فيحصل بذلك على المزيد من الدعم، ويبقى في حالة إشعار الآخرين بأن أمنه مهدد بحيث وصل إلى مرحلة زرع فيها هذه المفاهيم في وعي أنظمة المنطقة وشعوبها تحت مسمى «أمن إسرائيل» الذي صار محورًا في كل حوار أو نقاش أو اتفاقيات أو مؤتمرات.

حضور جمع من ضيوف هيئة علماء المسلمين وأبناء الجالية العراقية في العاصمة الأردنية عمّان لمجلس الخميس الثقافي

وذكر المحاضر أن العدو الصهيوني بعد السابع من تشرين الأول 2023 انتقل إلى نظرية حقيقية اسمها «التهديد الوجودي» لأن معركة طوفان الأقصى كانت وما تزال تُعدُّ تهديدًا وجوديًا لكيان الاحتلال، بعدما شعرت العقلية العسكرية والأمنية له بذلك بعدما كانت غير متوقعة له من قبل، موضحًا أن معركة الطوفان وجبهات غزة حطمت أسس النظرية الأمنية لـ«إسرائيل» التي تقوم على الحسم والردع والإنذار المبكر، حيث فشل الكيان في الإمداد، وفشل على صعيد الاستخبارات، وفشل في أنه لم يردع أهل غزة والفلسطينيين في الحروب والحملات العسكرية السابقة التي شهدها القطاع في السنوات (2008، و2012، و2014م) وغيرها، وهو ما جعل شعوره يتنامى بأن وجوده واقع في دائرة التهديد.
وتناول العقيد المقابلة في محاضرته التطورات الميدانية التي شهدها قطاع غزة مؤخرًا؛ مستعرضًا خطط العدو وغاياته في الناحيتين الأمنية والعسكرية تجاه القطاع؛ والتي كان يريد فيها تقسيمه إلى شطرين من أجل تسهيل السيطرة الأمنية، وإزالة التهديد الذي تواجهه مستوطنات الغلاف، مؤكدًا أن المقاومة الفلسطينية أحطبت هذه النظريات واستطاعت تجاوز ما كان يريده العدو من حرمانها من ممارسة إستراتيجيتها في القتال داخل المناطق المبنية.
واهتمت المحاضرة ببيان التفاصيل الجغرافية، والمسارات العسكرية، ومحاور القتال، ومنهجية الاحتلال في التدمير والإبادة، مقابل منهجية المقاومة في الصمود والمباغتة والتنويع في استعمال وسائل صد العدوان والهجوم المضاد، والتي استطاعت في ضوء ذلك أن تلحق الفشل بالعدو الذي لم يتمكن حتى اليوم من الوصول إلى نقطة تمكنه من تحقيق ما أعلن عنه من أهداف.
وسلط الدكتور المقابلة الضوء على ما يجري بشأن عزم الاحتلال اجتياح مدينة رفح المكتظة بالنازحين جنوبي قطاع غزة، مبينًا أن عزم الاحتلال شن حملة عسكرية عليها يأتي في سياق ما تسمى بـ«الحرب القذرة»، مشيرًا إلى أن من صفات هذا النوع من الحروب أنها لا تمت بصلة إلى قانون إنساني أو دولي، أو بشري، وأن الهدف الإستراتيجي لها ليس تدمير الخصم فقط، بل هي وفق العقلية الصهيونية تعني الإهلاك والإنهاك، بما يضمن بقاء هذا الأثر في وعي الناس لسنوات قادمة.
وأكّد الخبير العسكري أن بعد سبعة أشهر من معكرة طوفان الأقصى بات العدو الصهيوني غير قادر على التخطيط، وعاجز عن العمل، موضحًا أن الخسائر الكبيرة التي يمنى بها دليل على ذلك، وأن الروح المعنوية لجنوده ومرتزقته ستجعلهم يتمردون على قياداتهم لا سيما وأنهم يرزحون تحت ضربات المقاومة التي تؤكد المؤشرات الميدانية أنها لن تخبو وأن العدو لن يستطيع – تحت عامل الوقت – أن يبقى في قطاع غزة، لأن المقاومة بإمكانياتها وصمودها قادرة على إفشال مخططاته كلها.
وختم العقيد محمد المقابلة محاضرته بالحديث عن معادلة النصر وعلاقته بالإيمان والعقيدة الراسخة، لافتًا إلى أن المسلم مطالب بأداء التكليف بمعزل عن النتائج، وأن من الوجب على أهل الإيمان أن يهيئوا الظروف ويتعاملوا مع ما لديهم من إمكانيات وأرض وأدوات بتطويعها لتكون وسيلة لتحقيق النصر، دون النظر إلى نسبة تكافئ القوى وتفوق العدو تسليحًا ودعمًا؛ لأن السنن الكونية، ومن بعدها تجارب التأريخ تقتضي أن تكون الغلبة لذوي العقيدة الذين يأخذون بالأسباب مهما تمادى العدو في قوّته وبطشه.


شن حملة عسكرية على رفح يأتي في سياق ما تسمى بـ«الحرب القذرة»
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى