أخبار الرافدين
تقارير الرافديندولية

تحطم طائرة رئيسي لن يخفف من السخط الشعبي على النظام في إيران

أدى فوز رئيسي في انتخابات 2021 إلى سيطرة غلاة المحافظين على جميع أذرع السلطة، واندلاع احتجاجات حاشدة مناهضة للحكم بعد إخفاقه في تحسين الوضع الاقتصادي، الذي تضرر بشدة جراء العقوبات الأمريكية.

إسطنبول– الرافدين
جاء تحطم الطائرة التي تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان وعدد من المسؤولين في وقت تتزايد فيه حالة السخط داخل إيران بسبب مجموعة من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويواجه حكام إيران ضغوطًا دولية بسبب برنامج طهران النووي المثير للجدل وعلاقاتها العسكرية المتنامية مع روسيا خلال الحرب في أوكرانيا.
وقالت أوساط إيرانية إن حالة التعاطف مع الحادث سرعان ما ستنتهي، لأن السخط الشعبي على النظام أكبر من رئيسي نفسه، فيما قالت أوساط إيرانية معارضة “إن القاتل سيلاقي مصيره” مذكرة بأن إبراهيم رئيسي كان سفاح الإعدامات التي ارتكبت عندما تقلد منصب المدعي العام في إيران.
وُلد رئيسي في تشرين الثاني 1960 في مدينة مشهد (شمال شرق)، وقضى معظم حياته المهنية في النظام القضائي، وتولّى مناصب أبرزها المدّعي العام لطهران ثم المدّعي العام للبلاد ورئاسة السلطة القضائية اعتبارًا من العام 2019.
واسم الرئيس الإيراني مدرج في اللائحة الأمريكيّة السوداء للمسؤولين الإيرانيّين المتّهمين بـ”التواطؤ في انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان”، وهي اتهامات رفضتها السلطات في طهران باعتبارها لاغية وباطلة.
والنظام السياسي في إيران مقسم بين المؤسسة الدينية والحكومة، ويكون للزعيم الأعلى سلطة اتخاذ القرار في جميع السياسات الرئيسية.
ويرى كثيرون منذ سنوات أن رئيسي مرشح قوي لخلافة خامنئي (85 عامًا). ويتولى خامنئي منصب الزعيم الأعلى منذ عام 1989 وأيد سياسات رئيسي.
وأدى فوز رئيسي في انتخابات 2021 إلى سيطرة غلاة المحافظين على جميع أذرع السلطة، وذلك بعد ثماني سنوات من حكم الرئيس حسن روحاني والتفاوض على اتفاق نووي مع واشنطن.
لكن مكانة رئيسي تأثرت باحتجاجات حاشدة مناهضة لحكم رجال الدين وإخفاقه في تحسين الوضع الاقتصادي، الذي تضرر بشدة جراء العقوبات الغربية.
وقال مسؤولون ووسائل إعلام رسمية الاثنين إن تحطم طائرة هليكوبتر في منطقة جبلية قرب حدود أذربيجان أودى بحياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
وعثرت فرق البحث في وقت مبكر من صباح الإثنين على حطام متفحم للطائرة الهليكوبتر التي سقطت الأحد وهي تقل رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان وستة ركاب آخرين وطاقمها بعد عمليات بحث مكثفة خلال الليل في ظروف جوية صعبة بالغة البرودة.
وقال مسؤول إيراني لرويترز بعد أن طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر “الرئيس رئيسي ووزير الخارجية وكل الركاب في الهليكوبتر لقوا حتفهم”.

المشاهد الأخيرة من حياة إبراهيم رئيسي
وأكد محسن منصوري نائب الرئيس فيما بعد في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى التلفزيون الرسمي وفاة رئيسي. ومن المتوقع أن يصبح محمد مخبر النائب الأول للرئيس رئيسًا مؤقتًا بموجب الدستور الإيراني.
وذكر التلفزيون الرسمي أن صورا من الموقع تظهر أن الطائرة اصطدمت بقمة جبل. ولم يصدر بعد تصريح رسمي عن سبب تحطم الطائرة.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن رئيسي كان يستقل طائرة هليكوبتر أمريكية الصنع من طراز بيل 212.
وقالت الوكالة إن من بين ركاب الطائرة الذين لقوا حتفهم “ممثل الولي الفقيه وإمام جمعة تبريز سيد محمد علي آل هاشم وحاكم أذربيجان الشرقية مالك رحمتي”.
وأشارت الوكالة إلى أن الطائرة سقطت “في غابات ديزمار الواقعة بين قريتي أوزي وبير داود بمنطقة ورزقان في إقليم أذربيجان الشرقية شمال غرب إيران” لدى عودة الرئيس من زيارة رسمية لمنطقة على الحدود مع أذربيجان.
وانُتخب رئيسي في 2021 وأمر منذ توليه منصبه بتشديد قوانين الآداب العامة، كما أشرف على حملة قمع دموية على الاحتجاجات المناهضة للحكومة ومارس ضغوطًا قوية في المحادثات النووية مع القوى العالمية.
وسعى الزعيم الإيراني علي خامنئي إلى طمأنة الإيرانيين قائلا إن شؤون الدولة لن تتعطل. ويتمتع خامنئي بسلطة مطلقة في إيران وله القول الفصل في سياستها الخارجية وبرنامجها النووي.
وكافحت فرق إنقاذ عواصف ثلجية وتضاريس وعرة في منطقة جبلية خلال الليل للبحث عن الحطام ووصلت إليه في الساعات الأولى من صباح الاثنين.
وقال رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني بير حسين كوليوند للتلفزيون الرسمي “عند العثور على موقع التحطم لم تكن هناك أي علامة على أن ركاب الهليكوبتر على قيد الحياة”.
وأظهرت لقطات فريق إنقاذ وأفراده يرتدون سترات لامعة ويضعون حول رؤوسهم مصابيح إنارة وهم يتجمعون حول جهاز تحديد المواقع خلال عمليات البحث سيرا على الأقدام عند سفح جبل غارق في الظلمة وسط عاصفة ثلجية.
وعبرت عدة دول في وقت سابق عن قلقها.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن اطلع على تقارير بشأن الحادث.
ولا يتوقع ساسة بارزون في الائتلاف الحاكم بألمانيا حدوث أي تغير في مسار السياسة الإيرانية.
وقال زعيم حزب الخضر أوميد نوريبور في تصريحات لمجلة “دير شبيغل” الألمانية “كان رئيسي شخصيا مسؤولا عن العديد من الأحكام الظالمة والإعدامات، والآن لن يكون بالمقدور محاكمته. وحتى من دون هذا المتشدد، سيظل النظام عدوانيًا”.
كما حذر الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر، بيجان جير-ساراي، من التوهم بأن إيران ستغير الآن أجندتها الجيوسياسية، وقال في تصريحات لنفس المجلة إن وفاة رئيسي لن تغير السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، موضحا أن القرارات المحورية في النظام السياسي الإيراني يتخذها المرشد علي خامنئي، وليس الرئيس.
وقال جير-ساراي في تصريحات أخرى لصحيفة “راينيشه بوست” الألمانية إن التحديات لا تزال كما هي بالنسبة للسياسة الألمانية والأوروبية.
وأضاف “نحن بحاجة إلى استراتيجية جديدة تجاه إيران”، معتبرا التركيز فقط على الاتفاق النووي خطأ كبيرا، لأنه تم أيضا تجاهل أن الإيرانيين أسسوا بجانب ذلك برنامجهم الصاروخي الخاص وزعزعوا استقرار المنطقة بأكملها.
وفي المقابل، أعرب خبير الشؤون الخارجية في الحزب الديمقراطي الحر، أولريش ليشته، عن أمله الحذر في أن تتمكن القيادة الإيرانية من اتخاذ مسار جديد بعد وفاة المتشدد رئيسي، وقال لـ”دير شبيجل”: “أمام خامنئي الآن فرصة أخرى لاعتدال سياسة بلاده”.
ويرى خبير شؤون السياسة الخارجية في حزب المسيحي الديمقراطي، يورغن هارت، أن هناك فرصة ضئيلة للتغيير.
وقال هارت للمجلة “الكثير من الناس، وليس فقط في إيران، يأملون الآن في التغيير… سيواجه نظام الملالي الذي عفا عليه الزمن مشكلات في إيجاد بديل للرئيس عبر شخص يتمتع بنفس السطوة في غضون فترة قصيرة. لقد اشتعلت الآن الصراعات على قمة السلطة من جديد”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى