أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

وزارة التربية تثير غضب العراقيين بعد منع موظفيها من انتقاد السياسيين

حقوقيون يؤشرون محاولات حكومية لتكريس الدكتاتورية عبر تهديد الموظفين برواتبهم في حال انتقادهم للسياسيين في وقت يكفل فيه القانون حرية تعبير الموظف عن رأيه بما فيها الأراء السياسية.

بغداد – الرافدين
أثار إجبار وزارة التربية في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني موظفيها على التوقيع على تعهدات خطية تلزمهم بعدم انتقاد أي شخصية سياسية عبر منصات التواصل الاجتماعي استياء الملاكات التدريسية ومنظمات حقوقية.
وعدت أوساط تعليمية وأخرى حقوقية الإجراء بمثابة خطوة تقيد من حرية التعبير وتندرج ضمن مساع أخرى تكرس سياسة تكميم الأفواه و تشيع ثقافة إرهاب الموظفين عبر منعهم من ممارسة حقهم المدني في التعبير عن الرأي.
وبحسب وثائق مسربة، خاطبت مديريات تربية بابل وكربلاء في وزارة التربية، منتسبيها في تعميم صادر استنادًا على كتاب سابق لوزارة التربية بالتوقيع على تعهد خطي يقضي “بعدم نشر منشورات تهجم وانتقاد للشخصيات السياسية كونها ظاهرة غير أخلاقية”.
وصدر الكتاب بناءًا على توصيات لجنة تحقيقية وافق عليها الوزير بإيلاء الموضوع “الأهمية القصوى” فيما توعدت الوزارة المخالفين باتخاذ إجراءات قانونية، بعدما ألزمت كافة ملاكاتها التربوية والتدريسية بالتوقيع على التعهد الخطي بعدم نشر مثل تلك الأمور.

التربية تمنع موظفيها من انتقاد السياسيين وحقوقيون يعدون الإجراء خطوة لوضع المزيد من القيود على حرية التعبير في البلاد

وإزاء هذا الإعمام، بدا أحد مديري المدارس مثل الكثير من نظرائه محرجًا من الإقدام على الطلب من طاقم مدرسته التوقيع على هذا التعهد.
وأضاف المدير الذي طلب عدم ذكر اسمه “عندما وصل الكتاب إلى المدرسة، قرأته مرارًا ولكن خجلت من الطلب من المدرسين التوقيع على التعهد”.
وبين أن “الكادر التدريسي بحسب هذا الكتاب مجبر على التوقيع على التعهد، وعدم الإدلاء بأي رأي سياسي وهذه حالة جديدة من تكميم الأفواه، التي تستهدف قطاعات معينة الواحدة تلو الأخرى، مهددة إياهم بقطع الأرزاق”.
بدوره أكد نقيب المعلمين العراقيين عدي العيساوي، أنه “سيطلب من وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري مراجعة قراره الأخير بمنع المعلمين والمدرسين والكوادر التربوية من إبداء الرأي والانتقاد عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل”.
وأردف العيساوي، إن “القرار يوحي بأن الإساءات أمر متكرر في سلوك الكوادر التربوية لكن ذلك غير صحيح نهائيًا”.
ووجه نقيب المعلمين الدعوة إلى “المتضررين من أي من منشور أو تعليق للجوء إلى القضاء بدل إصدار تعميمات من هذا النوع لا تتلاءم وأجواء الحرية والديمقراطية التي تسعى البلاد لإشاعتها”.
ويتفق عضو جمعية الدفاع عن الحريات علي عبد الزهرة، مع ما ذهب إليه نقيب المعلمين بالقول إنه “في حال التهجم أو التشهير والتسقيط، فثمة قوانين مسنة مسبقًا تعالج هذا الأمر باللجوء إلى القضاء من قبل المتضرر، ولا دخل لمديرية التربية أو أي دائرة حكومية أخرى بهذا التخصص”.
وأضاف أن “هذا الإعمام والتعهد يتعارض مع المادة 38 من الدستور التي ضمنت حق حرية التعبير عن الرأي لكل العراقيين من دون استثناء”.
وأشار عضو جمعية الدفاع عن الحريات إلى أن “الموظف في القطاع العام لديه مهام وواجبات يؤديها حسب عنوانه الوظيفي وخلال ساعات الدوام الرسمي ويتقاضى مقابل ذلك أجرًا يسمى مُرتبًا”.
وبين أن “الموظف خارج هذه المهام والساعات هو مواطن كامل الأهلية له حقوق المواطن وعليه واجباته، ومن حقوقه بل وواجباته أن ينتقد ويقوّم ما يراه من اعوجاج سياسي أو إداري كونه من خوّل المسؤولين بأداء مهامهم وفق العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم”.

تعهد وزارة التربية يخالف القانون ومواده التي كفلت حرية التعبير وفقًا لحقوقيين

ورفضت لجنة التربية النيابية قرار وزارة التربية المتضمن منع الملاكات التربوية من إبداء الرأي أو الانتقاد مشيرة إلى أن القرار يمثل خطوة نحو تكميم الأفواه.
وقالت عضو لجنة التربية النيابية، زليخة إلياس البكار، إن اللجنة ترفض توجيه وزارة التربية الأخير بخصوص منع الطواقم التعليمية والتدريسية من إبداء الرأي كونه يعد خطوة نحو تكميم الأفواه تتعارض وحرية الرأي والتعبير والإعلام في العراق.
وأضافت البكار أن “اللجنة تقبل بهذا الفرض في حال تضمن إساءات وليس انتقادات، لأن الإساءة مرفوضة لكن النقد من حق الجميع”.
وبينت أن “وزارة التربية تتخذ أغلب قراراتها بالمناقشة مع لجنة التربية النيابية لكن قرارها الأخير لم يتخذ بالمناقشة معنا”.
وأوضحت عضو لجنة التربية النيابية أن “لجنة التربية النيابية سترفع كتابًا إلى وزارة التربية نبلغهم رفضها القاطع لمثل هكذا قرارات على أمل أن إيقاف العمل به”.
بدوره تساءل عضو اللجنة القانونية النيابية محمد الخفاجي، عن الإجراءات القانونية التي هددت وزارة التربية باتخاذها ضد الموظفين”.
ووجه الخفاجي سؤالًا ما “إذا كانت الوزارة قد نصبت نفسها وكيلاً للدفاع عن السياسيين؟”.
ويشهد ملف الحريات منذ سنوات العديد من الانتهاكات كان أبرزها ما جرى إبان ثورة تشرين عام 2019 حينما ألزمت دوائر الحكومة موظفيها على التوقيع على تعهدات بعدم المشاركة في الثورة فضلًا عن منعهم من الذهاب الى ساحات التظاهر بعد تهديدهم بعقوبات إدارية تصل إلى حد الفصل والحرمان من الراتب قبل أن تتوج تلك الانتهاكات بإعمام وزارة التربية الأخير.
وفي هذا السياق يبين الخبير القانوني عدنان الشريفي، أن “الموظف بعد انتهاء الدوام الرسمي هو حر بممارسة كافة حقوقه الدستورية والقانونية كأن يخرج في تظاهرة أو ينتقد في حدود القانون شخصيات سياسية أو ظاهرة معينة”.
ويلفت الشريفي إلى أن إعمام مديريات التربية الأخير “خارج عن كل السياقات الدستورية والقانونية والاختصاص الوظيفي لمديرية التربية، فالمنتسب مطالب بتطبيق قانون موظفي الدولة وقانون الخدمة العامة، إذ أنه ملزم بعدم إذاعة وإفشاء أسرار دائرته، كما أنه ملزم بعدم التكلم بالنيابة عن دائرته أو وزارته ما لم يكن مخولًا بالتصريح”.
ويؤكد أن “هذا الإعمام مخالف للقانون، وإذا تعرض أحد الموظفين إلى عقوبة بسبب مخالفته، فيقينا أن لجوءه للمحكمة الإدارية سيمنحه إلغاء العقوبة وإنصافه”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى