أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مرضى الثلاسيميا في العراق.. غياب العلاج وإهمال الرعاية!

منظمات صحية تحذر من التزايد السنوي الخطير في أعداد المصابين بمرض الثلاسيميا وتؤكد وجود 30 ألف إصابة في العراق وسط غياب للحلول الحكومية.

بغداد ــ الرافدين
يشكو مرضى الثلاسيميا أو ما يعرف (فقر دم البحر الأبيض المتوسط) في العراق من عدم تأمين المستشفيات الحكومية لحاجاتهم الأساسية من العلاجات والرعاية المناسبة.
ويتفق المصابون بالمرض على أن هذه المستشفيات لا تقدم الأدوية المناسبة والكافية، مؤكدين أن كميات العلاج التي توزع لا تكفي حاجتهم، فضلًا عن نقص المستلزمات الخاصة بإعطاء الدم.
وتحدث ذوو المرضى المصابين بالثلاسيميا عن رحلتهم الشاقة في الحصول على الدم داخل المستشفيات الحكومية بسبب عدم كفاية الدم في مصرف الرصيد، مما يفاقم الأعباء للبحث عن متبرعين وسط عجز حكومي لإنقاذ المرضى.
والثلاسيميا هو واحد من أمراض الدم الوراثية وينتشر في المناطق التي يكثر فيها زواج الأقارب ولايتم فيها الإلتزام بفحوصات ما قبل الزواج، وينقله والدان حاملين لصفة المرض ولا يعانيان منه إلى مولودهما الذي ستظهر عليه آثار المرض في الأشهر الأولى من عمره.
ويعجز مريض الثلاسيميا عن إنتاج كريات الدم الحمراء، لذا يحتاج إلى تلقي الدم من متبرعين مرة واحدة في الأقل شهريًا لإدامة حياته.
وتشير الإحصائيات الحكومية إلى أن أعداد المرضى المشخصين تتصاعد بنحو كبير.
ويقدر رئيس منظمة أحياء لإغاثة مرضى الثلاسيميا عامر الجميلي، وجود 30 ألف مصاب بمرض الثلاسيميا في العراق.
وقال في تصريح صحفي إن منظمته التي بدأت بتسجيل وإحصاء المرضى منذ سنة 2013 نلاحظ حصول تزايد سنوي في الأعداد.
وتبلغ أعداد المصابين بالمرض المسجلين في مركز الثلاسيميا بنينوى 1100 مصابًا والكثير منهم تغلب عليهم المرض، وليس بمقدورهم في ظل فقدان الأمل بالشفاء لتضرر أبدانهم بنحو بليغ أو عدم وجود متبرع لهم بنخاع العظم وفرص لإجراء عملية نقله إليهم سوى إنتظار الموت.
وقال رئيس جمعية الثلاسيميا في نينوى ثائر إبراهيم الطائي، إن المرض في تزايد مستمر مقابل ضعف الرعاية اللازمة لهم ونقص العلاجات.
وأضاف الطائي، أن المئات من المرضى كانوا قد توفوا لأنهم لم يكونوا يحصلون على العلاجات اللازمة أو لنقل الدم اليهم في الوقت المناسب لإنقاذ حياتهم.
ويعاني آلاف المصابين بهذا المرض في العراق من خيبات أمل كبيرة جراء التدهور المستمر للواقع الصحي بالبلاد، وتلاشي فرص إجراء عمليات زرعة النخاع التي تتطلب كلفة عالية وفريق طبي مختص فضلًا عن المعدات الطبية المتطورة والفحوصات الدقيقة التي لا تتوافر معظمها داخل العراق.
وأكد مدير مستشفى الحدباء الدكتور مدين على حاجة مريض الثلاسيميا الأكيدة إلى علاج طارد للحديد تبدأ منذ سن الثالثة.
وأضاف أن المركز التخصصي للثلاسيميا في الموصل، يعاني من شحة في المستلزمات الطبية والأدوية الخاصة بالمرضى التي ينبغي توفرها مجانًا من قبل وزارة الصحة.
ولفت إلى شراء هذه العلاجات على النفقة الخاصة بقيمة تصل الى 10 آلاف دولار مما تشكل عبئًا ماليًا ثقيلًا على المرضى ولا سيما أن معظمهم من عائلات فقيرة وبعضها معدمة.
ويواجه المصابون بالثلاسيميا تداعيات هذا المرض وصعوبة الحصول على الدواء في بعض الفترات ومتطلبات نقل الدم وعدم وجود سجلات للتطابق النسيجي أو مختبرات مؤهلة لإجرائها داخل البلاد، فضلًا عن المشاكل الأخرى التي تواجههم وفي مقدمتها المشاكل النفسية نتيجة لفقدانهم الأمل بالشفاء نتيجة عدم توفر الرعاية الكافية وغياب الأدوية المناسبة.
وتؤكد المتخصصة في الطب النفسي الدكتور أسماء غانم، أن المريض يحتاج إلى فريق عمل لكي تخف عنه أعراض المرض وتداعياته النفسية.
وأوضحت أن الطفل المصاب يحتاج إلى مراجعات متكررة للأطباء والمستشفيات والمختبرات ونقل الدم إليه بنحو دائم ومنتظم فينتابه القلق والرهاب والكآبة جراء ذلك.
ويعد الأمل الوحيد لشفاء مريض الثلاسيميا بنحو نهائي دون الحاجة بعدها إلى التزود بالدم بما يحمله من عوارض وأحيانا مخاطر أو أدوية طرد الحديد، هو بالحصول على متبرع بالنخاع مطابق 100 بالمائة.
ولكن حتى الحصول على متبرع لاينهي المشكلة للمرضى في العراق وسط تدهور البنية التحتية وعدم المقدرة الطبية لإجراء عمليات معقدة التفاصيل مثل زراعة النخاع.
وتضع قلة التخصيصات والكوادر المؤهلة والمتطلبات الأخرى المئات من مرضى الثلاسيميا على لوائح الانتظار الطويلة والروتين الممل من أجل الحصول على العلاج.
ويرى ناشطون في مجال الصحة على ضرورة تكيثف الجهود وتطبيق برامج حقيقية للوقاية من الإصابة بمرض الثلاسيميا، مضيفين أن هذه الجهود ينبغي أن لا تقتصر على فحص ما قبل الزواج، بل أيضًا إلى بث الوعي في المجتمع بخطورة المرض وآثاره السلبية العميقة على المريض والأسرة بحد سواء.
وأشار الناشطون إلى أن الكثير من الزيجات تبرم عقودها خارج أروقة المحاكم ولاسيما في ظل غياب البرامج الثقيفية من قبل الجهات الحكومية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى