أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

طوابير الانتظار الطويلة أمام محطات الوقود تفند المزاعم الحكومية بحل أزمة البنزين

انتعاش السوق السوداء لبيع البنزين بسبب أصحاب بعض محطات الوقود الذين يهربون حصصهم ويبيعونها إلى بعض التجار بالتواطؤ مع الجهات الرقابية لاستحصال أرباح مضاعفة.

ذي قار – الرافدين
تشهد محطات الوقود في محافظات الوسط والجنوب أزمة في مادة البنزين، على الرغم من إعلان وزارة النفط وشركة توزيع المنتجات النفطية، قرب انتهاء الأزمة والسيطرة عليها بشكل كامل.
وظهرت الأزمة في محافظة القادسية، حيث اصطفت طوابير طويلة من مئات السيارات على شارع رئيسي تنتظر الحصول على الوقود من المحطة الحكومية الرئيسية التي كانت هي الوحيدة التي تمتلك الوقود مع توقف جميع المحطات الأخرى في المحافظة.
لتبدأ بعدها مشاهد خلو المحطات في البصرة وميسان وواسط والمثنى من الوقود وتكدس الطوابير السيارات.
وأظهرت مقاطع مصورة من محافظة ذي قار مشاهد من أزمة البنزين بسبب قلة تجهيز المحافظة بمادة البنزين العادي، حيث رصدت اكتظاظ المواطنين وتكدس أعداد كبيرة من السيارات في محطات التعبئة والانتظار لساعات الطويلة من أجل التزود بمادة البنزين.
وأرجعت شركة المنتجات النفطية في وزارة النفط أزمة البنزين نسبة لحدوث صيانات وتأخر بوصول البنزين المستورد.
وقال مدير عام الشركة حسين طالب إنه “تم إجراء صيانة لمصفى كربلاء مع قرب إكمال الأعمال فيه من قبل الشركة الكورية المنفذة وتوقف العمل فيه لمدة عشرين يوماً”.
وأضاف أنه “حدث كذلك تأخر في البواخر التي تحمل البنزين المستورد بسبب ظروف جوية في طريقها للموانئ العراقية وهي وصلت حاليًا وبدأت بضخ حمولاتها، وكذلك فإن العامل المساعد في مصفى بيجي عاد للعمل أيضاً ما سيساهم بعودة الإنتاج”.
وتابع “الأزمة عولجت وسيعود الوضع لطبيعته بعد أن توفرت كميات كافية تغطي الحاجة”.
وعلى الرغم من الترويج الحكومي لحل الأزمة إلا أن المواطنين لم يلحظوا أي انفراجة تذكر حيث ما زال يستغرق الحصول على مادة البنزين الانتظار في الطابور لمدة تتراوح بين ساعتين إلى خمس ساعات بحسب مواطنين مع وجود مخاطرة بأن وقود المحطات قد ينفذ بعد الانتظار لوقت طويل ما يجبر سائقي السيارات إلى تكرار مأساة الانتظار أمام محطات أخرى بوجود ذات المخاطرة.
وقال مواطنون إنهم “ينتظرون منذ ساعات الصباح الأولى ولفترة طويلة دون تمكنهم من الحصول على الوقود في أزمة طارئة برزت خلال هذه الأيام”.
وأشاروا إلى أن “هذه الأزمة أضافت أعباء أخرى على معاناتهم من ارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات التجهيز من التيار الكهربائي وشحة ماء الإسالة “.
وأكدوا أن “الأزمة تصاعدت دون وجود معالجات حكومية ما أثر وبشكل كبير على مصالحهم داعين الحكومة إلى التدخل العاجل وإيجاد الحلول من أجل توفير مادة البنزين”.
ودفعت الأزمة إلى انتعاش السوق السوداء لبيع البنزين من جديد وسط اتهامات لمجموعة من أصحاب محطات الوقود ببيع البنزين في السوق السوداء وعدم بيعه في المحطات لاستحصال أرباح مضاعفة.
وقال المواطن أحمد الشيحاني وهو أحد سائقي التكسي في مدينة الناصرية، إن “البنزين القليل المتبقي لديه قد نفذ في رحلة البحث عن البنزين بين المحطات المختلفة والتي تغلق أبوابها بشكل مفاجئ بحجة عدم امتلاكها مادة البنزين أو نفاده”.
ويبين الشيحاني أن “سعر اللتر في السوق السوداء وصل إلى ألف دينار، بمعنى أن سعره أصبح أكثر من الضعف، حيث أنه يباع في محطات الوقود بـ (450) دينار فقط ونحن نرى بأنه متوفر بكميات كبيرة في السوق السوداء، ما يعني وجود مهربين كبار”.
ولفت إلى أن “أزمة البنزين مفتعلة من قبل أصحاب بعض محطات الوقود والذين يهربون البنزين المخصص لهم ويقوموا ببيعه إلى بعض التجار الجشعين لبيعه في السوق السوداء، وهناك تواطؤ معهم من قبل الجهات الرقابية التي يفترض أن تراقب وتتابع عمل المحطات للتأكد من بيع حصتها الكاملة من خلالها حصرًا”.

عودة طوابير الانتظار في محطات البنزين تعكس فشل الحكومة في أداء مهامها في بلد الثراء النفطي

ورأى نائب محافظ ذي قار ماجد العتابي، أن أزمة البنزين في المحافظة متجددة وليست أزمة تمر بها المحافظة لأول مرة.
وقال العتابي إن “أزمة البنزين ليست موجودة فقط في ذي قار بل تعاني منها العديد من المحافظات بسبب الاستهلاك في الوقود وقلة التجهيز “.
وبين أن ذي قار تحصل في هذه الفترة على نصف حصتها من الوقود من قبل وزارة النفط وشركات المشتقات النفطية.
وقال معاون محافظ ذي قار سلامة السرهيد إن “السلطة المحلية في ذي قار قد خاطبت وزارة النفط بزيادة حصة المحافظة من البنزين وتوفيره للمحطات الأهلية كافة، خصوصًا أن عدد المحطات الحكومية في مدينة الناصرية هي اثنين فقط وبقية المحطات هي محطات أهلية”.
وأوضح السرهيد، أن “المحطات الأهلية لم تستلم الحصة الكافية من البنزين من أجل إنهاء أزمة الوقود التي تشهدها المحافظة وفك الزحامات التي تشهدها محاطات الوقود”.
وسخر عراقيون من تصريحات مسؤول الإعلام في الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية إحدى تشكيلات وزارة النفط رافد صادق والتي قال فيها أن  “ما حصل في بعض مدن الوسط والجنوب ليس أزمة وقود كما روج لها، بل ما حصل هو حصول طلب كبير على الوقود مع ارتفاع درجات الحرارة وقيام أغلب السيارات بتشغيل التبريد وحصول صرف كبير في الوقود، ولهذا كان هناك اقبال كبير وليس وجود ازمة ونقص في التجهيز”.
وكتب أحد المواطنين تعليقًا ساخرًا على منصة فيسبوك قائلا “فعلاً صحيح بسبب التبريد، وأزمة الكهرباء لأن السخانات يتم تشغيلها في الصيف، وأزمة الأمان لأن السيطرات في كل مكان، وأزمة التعليم لأن منعوا الطباشير، وأزمة الحمص المجروش بالحصة التموينية لأن تم قطع الحمص الصحاح”.
وقال مواطن آخر إن “تصريح مسؤول الإعلام في الشركة النفطية ينم عن جهل كبير وعدم كفاءته لتسنم مثل هذا المنصب”.
ويرى آخرون أن “أزمة البنزين العادي مفتعلة يراد منها الضغط على المواطن الفقير ليجبر على شراء البنزين المحسن ومن بعدها يتم زيادة أسعار البنزين من جديد”.
وأكدوا أن “ما ينتج من أزمات في المشتقات النفطية هو نتيجة السرقة وهدر المال العام وكذلك لتهريبها لخارج البلد ليس إلا”.
ووصف ناشطون حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بحكومة أزمات وليس كما تروج لنفسها في الوسائل الإعلامية على أنها حكومة خدمات.
وانتقدوا تجدد أزمة البنزين في المحافظات مؤكدين أن عودة طوابير الانتظار في محطات البنزين يعكس فشل الحكومة في أداء مهامها في بلد الثراء النفطي الذي عجزت فيه جميع الحكومات المتعاقبة منذ 2003 وإلى الآن في إيجاد الحلول المنطقية للأزمات عبر الاستفادة من موارد البلاد بدل شرائها مادة البنزين من الدول التي تصدر لها النفط الخام.
ويعيش العراق منذ عام 2003 في دوامة إضاعة وإهدار للموارد النفطية والتي كانت كفيلة بإصلاح المشاكل الاقتصادية في البلاد، حيث بلغ الفساد في قطاع النفط مستويات خطيرة، في ظل استمرار شح الوقود والذي يفاقم من معاناة العراقيين أمام محطات التعبئة من أجل الحصول على الوقود، الأمر الذي ينذر بثورة شعبية قادمة لإنهاء حكم الأحزاب السياسية الفاسدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى