زيادة معدل الانتحار بين الشباب في العراق بسبب الظلم الاجتماعي وفقدان الأمل
بغداد تشهد أربع حالات انتحار لفئات عمرية شابة خلال ثلاثة أيام، ومنظمة الصحة العالمية تحذر من تزايد حالات الانتحار التي تحولت إلى مصدر قلق للصحة العامة في العراق ولم يعد من الممكن تجاهلها.
بغداد- الرافدين
حذر باحثون متخصصون وتقارير لمنظمة الصحة العالمية من خطورة تحول الانتحار بين الشباب في العراق إلى ظاهرة قاتلة ومخيفة تهدد بنية المجتمع العراقي، إثر فقدان الأمل بالحاضر والمستقبل جراء الظلم الاجتماعي والسياسي والتفاوت الطبقي.
وأجمعت دراسات متخصصة على أن معدل انتحار الشباب في العراق وصل إلى مؤشر الخطر في ظاهرة لافتة ومثيرة للقلق الصحي في البلاد التي عاشت سنوات من القتال والتقسيم المجتمعي والفشل السياسي.
وأشارت إلى أن الخطر يكمن في ارتفاع نسبة الانتحار بين الشباب أكثر من كبار السن أو من هم في منتصف العمر، الأمر الذي يحيل إلى أن فقدان الأمل بين الشباب يكاد يتحول إلى ظاهرة.
وتأتي التحذيرات الدولية بعد الإعلان عن انتحار طفل “11 عامًا” شرقي العاصمة بغداد، لتبلغ أربع حالات خلال 72 ساعة وكلها لفئات عمرية شابة.
وأقدم طالب على الانتحار بأسلوب الشنق مستخدمًا حبل معلق في سقف غرفته في مدينة الصدر شرقي بغداد.
وانتحرت “طفلة متزوجة” وشاب، شنقًا، في بغداد أيضًا.
وأقدمت الطفلة المتزوجة على الانتحار بواسطة حبل معلق في سقف غرفتها في قرية الذهب الأبيض في قضاء أبو غريب شمال غربي بغداد.
ويأتي ذلك بعد أن حذرت منظمة الصحة العالمية من أن العدد المتزايد لحالات الانتحار في العراق خلال السنوات الماضية يشكل مصدر قلق للصحة العامة ولم يعد من الممكن تجاهله.
وطالبت المنظمة العالمية بدراسة ومعالجة ظاهرة الانتحار في العراق وإذا لم تتم معالجتها، فإنها ستستمر في إلحاق خسائر فادحة بالأفراد والمجتمعات في البلاد.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية، على أن واحدًا من كل أربعة عراقيين يعاني من هشاشة نفسية في بلد يوجد فيه ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص.
وتذيّل العراق مؤشر الصحة النفسية لمنظمة (Sapien Labs) البحثية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، كواحدٍ من أكثر البلدان التي تشهد تراجعًا مُطردًا في صحة مواطنيها النفسية والعقلية.
وسجلت شرطة محافظة ديالى، 17 حالة انتحار خلال الربع الأول من العام 2024، بما يعكس ارتفاع معدل حالات الانتحار في المحافظة، لاسيما أن العام 2023 بأكمله سجل 38 حالة.
ووفقًا للأرقام الحكومية التي هي أقل من العدد الحقيقي بلغت حالات الانتحار في عام 2015 ما عدا إقليم كردستان 376 حالة، وفي عام 2016 بلغت 343 حالة انتحار، أما في عام 2017 فقد بلغت 449 حالة، وفي عام 2018 بلغت 519 حالة.
وفي عام 2019، بلغت حالات الانتحار في العراق 588 حالة، وفي عام 2020 بلغت 644 حالة، بينما في عام 2021 بلغت 863 حالة، وفي العام 2022 بلغت 1073 حالة انتحار.
وعزت وزارة الداخلية ارتفاع حالات الانتحار إلى الزيادة السكانية، والوضع الاقتصادي، والبطالة، وتعاطي المخدرات، فضلا عن العنف الأسري والجرائم الإلكترونية والابتزاز الإلكتروني الذي له تأثير مباشر في هذا الموضوع. متجاهلة السبب الأساسي الذي جعل أكثر من جيل عراقي يشعر بالاغتراب النفسي في بلده أثر التداعيات السياسيات وسطوة كارتلات الفساد والثراء غير المشروع من السياسيين والتفاوت الاجتماعي.
وذكرن تقرير لمنظمة الصحة العالمية وفاة أكثر من 590 شخصًا في عام 2019 في العراق بسبب الانتحار، و1112 حاولوا الانتحار؛ وكان 80 بالمائة من هؤلاء الأشخاص من النساء، وهو ما يعني وفاة واحدة في المتوسط يوميًا بسبب الانتحار، وثلاثة أشخاص يوميًا حاولوا الانتحار.
وذكر بحث نشر في مجلة “الاضطرابات العاطفية” اشترك في كتابته داريا رستم أحمد ورينهارد هيون، أن الانتحار شكل نسبة 26.4 بالمائة من إجمالي حالات الموت في كل من المحافظات العراقية.
وعلى وجه التحديد، تم تسجيل 16.0 بالمائة من حالات التضحية بالنفس في المحافظات الوسطى والجنوبية من العراق، في حين سجل إقليم كردستان نسبة أعلى بلغت 36.8 بالمائة.
وعانت العديد من الأسر العراقية على مدى عدة سنوات، من ندوب الصحة العقلية الناجمة عن الصراعات والتهجير والاستحواذ على أملاكها وبيوتها من قبل ميليشيات متنفذة.
كما يمكن أن تساهم عوامل مختلفة في معدلات الانتحار في العراق وفق منظمة الصحة العالمية، بما في ذلك مشاكل الشريك الحميم، والظروف الصحية البدنية، والتحديات المالية، والمسائل القانونية. والبعض الآخر عبارة عن تجارب شخصية أو عائلية للعنف، على سبيل المثال، إساءة معاملة الأطفال أو الإهمال أو التاريخ العائلي للانتحار وظروف المجتمع الأوسع، مثل ارتفاع معدلات الجريمة والعنف.
ووفقًا للدكتور عماد عبد الرزاق، المستشار الوطني للصحة العقلية في وزارة الصحة، فإن أحد العناصر الرئيسة في الوقاية من الانتحار في العراق، يعمل على تحسين إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية. ومن خلال العمل المتعدد القطاعات، من الضروري بناء القدرات، وضمان جودة رعاية الخدمات الصحية، وزيادة الوعي والدعوة بشأن الصحة العقلية ومعالجة الوصمة.
وقال الدكتور عبد الرزاق “يجب التركيز بشكل خاص على المجموعات المعرضة للخطر من خلال الكشف المبكر والإدارة المناسبة”.
حياة بائسة وشاقة تعيشها الفتيات في العراق