حكومة الإطار التنسيقي تدير معركة المخدرات على الأطراف وتخشى التقرب من كبار تجارها
انتشار المخدرات بات أسرع من جهود السيطرة عليها في العراق بسبب استشراء الفساد والفوضى في المعابر الحدودية مع إيران وسوريا التي تسيطر عليها ميليشيات منضوية في الحشد الشعبي.
النجف – الرافدين
بات انتشار المخدرات في العراق أسرع من جهود السيطرة عليها من قبل الجهات الحكومية بسبب استشراء الفساد والفوضى في المعابر الحدودية مع إيران وسوريا تحت سيطرة الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي، فضلًا عن تواطؤ جهات حكومية مع تجار متنفذين ويرتبطون بمصالح مالية مع كبار السياسيين في حكومة الإطار التنسيقي.
ونجحت مافيا المخدرات التي تنقل بضاعتها من إيران وسوريا، في تحويل العراق إلى مستهلك بعد أن كان مجرد معبر لها.
ويجمع خبراء أمنيون على أن السلطات الحكومية أضعف من الاقتراب من رؤوس تجارة المخدرات المتنفذين، وعادة ما تركز تقاريرها الإعلامية على صغار الموزعين في محاولة لتحقيق إنجاز أمام الرأي العام في العراق.
وأعلنت وزارة الداخلية الحالية الثلاثاء ضبط كميات ضخمة من الحبوب المخدرة في محافظتي النجف والأنبار تقدر بنحو مليونين ونصف مليون حبة مخدرة من نوع كبتاغون، تزامنًا مع إعلانها اعتقال أكثر من 6 الاف مُتهم بتجارة المخدرات بينهم عصابات ومافيات لديها ارتباطات بجهات متنفذة داخل وخارج العراق، وضبط 10 أطنان من المؤثرات العقلية خلال النصف الأول من عام 2024.
وأبدى الشارع العراقي مخاوفه من خطر المخدرات الذي يهدد بنية المجتمع بشكل مخيف وينذر بانهيار كبير يهدد منظومة القيم في العراق في ظل الفساد الذي ينهش جميع مفاصل الدولة والوضع السياسي والاقتصادي المتردي وازدياد معدلات البطالة في البلاد.يأتي ذلك، في وقت كشف فيه نواب في البرلمان الحالي عن تورط ضباط في مكافحة المخدرات بنشر المخدرات والإتجار بها تحت حماية مسؤولين كبار في الدولة وبرعاية الميليشيات الإيرانية التي جعلت المخدرات أحد أهم مصادر تمويلها.
وبحسب اعتراف السلطات في العراق فإن إيران تعد المنفذ الأبرز لدخول المواد المخدرة إلى البلاد، بينما تؤكد مصادر رسمية وقوف أحزاب وميليشيات متنفذة وراء عمليات تجارة المخدرات.
وتعمل إيران على إغراق العراق بأنواع المخدرات بعد أن كان خاليًا منها بتخطيط وتنفيذ الميليشيات التي تعمل دون محاسبة ومراقبة حكومية وفقًا لموقع المونيتور الأمريكي الذي رجح استمرار تجاهل كبح تجارة المخدرات في بلد تخضع فيه الحكومة بالكامل لتنفيذ الأجندات الخارجية.
ويؤكد خبراء وأكاديميون على أن تجارة المخدرات في العراق تقف خلفها أجندات خارجية هدفها تفكيك البنية المجتمعية للشعب العراقي وجعل العراق محطة لتصنيع وتصدير المخدرات تديرها الميليشيات على غرار ما يحصل في سوريا ولبنان.
وقال أستاذ علم الاجتماع الدكتور عبد السلام الطائي إن إيران تفرض هيمنتها عبر ميليشياتها على البوابات الرئيسية لعبور المخدرات للعراق كالشلامجة والأهوار وشط العرب، لضمان دخول المخدرات وتوزيعها داخل العراق، ومنه إلى دول أخرى.
وأكد الطائي، في حديثه لبرنامج “تحت الضوء” الذي تبثه قناة “الرافدين” الفضائية، على أن “الميليشيات أصبحت تمول نفسها ذاتيًا عن طريق المخدرات وأصبح لها مصانع ومزارع للمخدرات في جرف الصخر على غرار تجربة ميليشيا حزب الله في سوريا ولبنان”.
وشبّه الدكتور الطائي انتشار المخدرات في العراق بالغزو الفيروسي أو حروب الجيل الخامس لتسهيل سرقة الشعوب واقتيادها، بدليل أن “العراق لم يسجل سوى حالتين فقط لتجارة المخدرات قبل الاحتلال في حين أن حجم المدمنين والمتاجرين بالمخدرات حاليًا يقدر بالآلاف”.
وأشار إلى أن هناك أسبابًا أخرى اجتماعية واقتصادية ساهمت في انتشار المخدرات وتجارتها، فالإدمان يعد أحد أسباب التفريق القضائي الذي يؤدي إلى التفكك الأسري، فضلًا عن الوضع الاقتصادي المتردي وانتشار الفقر والبطالة وتهريب العملة.
وأوضح أن الهدف الأول من تنامي تجارة المخدرات في العراق هو تدمير الشباب والسيطرة على عقولهم، وتحويلهم من طاقة منتجة إلى طاقة مستهلكة.
من جانبه قال الدكتور عرفان يونس أخصائي طب الطوارئ إن “انتشار المخدرات وتجارتها في العراق بعد 2003 سياسة اتبعها الاحتلال الأمريكي الذي سلم البلاد على طبق من ذهب إلى إيران لتدمير المجتمع العراقي.
وأشار إلى أنه وبعد مرور أكثر من عشرين عامًا أصبح العراق نموذجًا للمخدرات والإتجار بها بعد أن كان نموذجًا يحتذى به بين دول المنطقة في الشرق الأوسط بخلوه منها.
وأكد على أن الاحتلالين الأمريكي والإيراني سعيا بكل إمكانياتهم إلى جعل العراق نموذجًا للشعب الكسول وضرب قيمه الإسلامية والعربية الأصيلة.
وطالب الدكتور عرفان الجهات المسؤولة خاصة الصحية منها بضرورة التكثيف من برامج التوعية حول آفة وخطر المخدرات، والتواصل الفعال مع منظمة الصحة العالمية وطرح البرامج والخطط الحقيقة للحد من هذه الآفة.
وكان قاضي التحقيق بقضايا المخدرات في جانب الرصافة وليد إبراهيم، قد أكد في وقت سابق على أن “غالبية المتعاطين للمخدرات ومروجيها من الشباب وأن أعمار الذين يتعاطون ويتاجرون من 15 إلى 25 عامًا وأن نسبتهم ما بين 70 إلى 80 بالمائة”.
وسبق أن أكدت منظمة “عراق خال من المخدرات” على أن عدم السيطرة على المنافذ الحدودية ساهم بانتشار المخدرات بشكل كبير .
فيما حذر مؤتمر علمي أقيم في كلية العلوم الإنسانية بجامعة السليمانية مما وصفه بالانتشار السريع والهائل بوسائل متنوعة تجتاح بآثارها القاتلة وأخطارها المحدقة بكافة طبقات المجتمع لا سيما فئة الشباب وطلاب المدارس.
وتأتي تجارة المخدرات في وقت يشجعها النظام الإيراني متخذًا إياها سلاحًا لإلحاق الضرر بدول الشرق الأوسط وشعوبها بشكل عام والعراق بشكل خاص ضمن سياسة طهران التوسعية.