أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

انفجار الصراع بين محكمتي التميز والاتحادية يكشف هشاشة القضاء في العراق

فائق زيدان يجمع نواب رئيس محكمة التمييز ورئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية بحضور رئيس الإشراف القضائي، لمحاولة تدارك الصراع بعد تحول القضاء إلى أداة بيد أحزاب وجهات متنفذة.

بغداد- الرافدين
أجمع خبراء قانونيون وقضاة على أن الصراع بين محكمة التمييز والمحكمة الاتحادية بشأن الصلاحيات، يكشف هشاشة القضاء العراقي الذي وضعت قوانينه على عجل ومن دون قراءة عميقة لمعايير ومدونة القضاء العراقي بعد الاحتلال الأمريكي وبإشراف الحاكم الأمريكي بول بريمر.
وأكدوا على أن ظهور هذا الصراع إلى العلن مؤخرا بعد قرار محكمة التمييز بأن لها الرقابة على جميع المحاكم، بما في ذلك المحكمة الاتحادية، لا يعني أنه مستجد، بل هو كامن في بنية القضاء الذي تحول إلى واجهة لتمرير قرارات لحساب أحزاب سياسية وجهات متنفذة.
وعزوا ظهور الصراع إلى العلن بعد قرار محكمة التمييز، إلى وجود قوى سياسية متنفذة ومتصارعة بدأت تمد نفوذها إلى المحكمة الاتحادية ومحكمة التمييز لتمرير قرارات خدمة لأجندتها ومصالحها للاستمرار في الحكم.
وأصبحت المحكمة الاتحادية جزءًا من أزمة النظام السياسي في العراق، وأسهمت في رسم أو تغيير خارطة المشهد السياسي في البلاد، بإصدارها قرارات وأحكام بما يتناسب مع مصالح القوى الحاكمة.
وأصدرت محكمة التمييز قرارًا من خمس صفحات سعى لتنظيم صلاحيات المحكمة الاتحادية، وتناول أحكاماً خلافية صدرت خلال الفترة الماضية، وهو أمر غير مسبوق؛ لأن الأخيرة غالبًا ما تقول إن قراراتها “باتة وملزمة للجميع”.
وقالت محكمة التمييز، إنها “الهيئة القضائية العليا، ولها الرقابة على جميع المحاكم، بما في ذلك المحكمة الاتحادية”، وحكمت بِعَدِّ “أي حكم صادر من المحكمة الاتحادية معدومًا إذا كان يمس الشأن القضائي”.
ويفتح قرار محكمة التمييز النقاش لتشريع قانون خاص بالمحكمة الاتحادية وآلية الرقابة عليها، وتعيين قضاتها.
وسبق أن اتخذت المحكمة الاتحادية قرارات سياسية غير عادلة وظالمة وغير دستورية، لإرضاء مصالح قوى سياسية وطائفية.
وطالما أبدى العراقيون امتعاضهم، حول صمت القضاء تجاه ملفات تمس جوهر العدالة في العراق، مثل ملف المغيبين قسرًا وإفلات الجناة من العقاب وتسييس القضاء وجعله هامشًا للأحزاب السياسية الحاكمة.
ومنذ الاحتلال الأمريكي للعراق 2003 يتم استخدام القضاء كأداة للانتقام الطائفي وتلفيق التهم للخصوم السياسيين، كما حصل في قرار المحكمة عام 2010 بشأن الكتلة البرلمانية الأكبر، وقرارها بشأن نفط إقليم كردستان العراق، وتشكيل الحكومة، وصولًا إلى إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من منصبه مؤخرًا والتي لن تكون الأخيرة بحسب مراقبين وخبراء في القانون.
وفي تطور متسارع، استضاف رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، يوم الاثنين، اجتماعًا مشتركًا ضم نواب رئيس محكمة التمييز ورئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية بحضور رئيس الإشراف القضائي.
وناقش زيدان، مع المجتمعين، في محاولة لتدارك الصراع، اختصاص المحكمتين، واتفقوا على الالتزام بما نص عليه الدستور والقوانين النافذة التي حددت اختصاصات المحكمتين.
وشدد على أنه “في حال التوجه للاجتهاد بما لم يرد به نص دستوري أو قانوني، يصار إلى عقد اجتماع مشترك للوصول إلى رأي متفق عليه”.
ويرى عراقيون أن القضاء بوصفه هامشا لعملية سياسية فاسدة منذ عام 2003، لم يجد غير أن يكرر حد الابتذال كلمات متشابهة في كل قضايا الفساد والقتل على الهوية من أجل استغفال الرأي العام والتهرب من تحقيق العدالة.
وقالوا “إن القضاء لم يستطع منذ عام 2003 أن يقود أيا من كبار رؤوس الفساد إلى المحاكمة العادلة، فكيف به أن يحقق العدالة”.
واتهموا مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان بأنه شريك فاعل ومتواطئ مع كبار رؤوس الفساد في الأحزاب والقوى والميليشيات المسيطرة على العملية السياسية.
وسبق أن أعترف زيدان في محاولة لتبرئة نفسه بتعرضه للابتزاز من قبل قوى سياسية، لكن ذلك وفق خبراء لا يبرؤ ذمته من إضفاء شرعية على عملية سياسية فاسدة.
ويمثل مجلس القضاء الأعلى الذي أسسه الحاكم الأمريكي بول بريمر بعد احتلال العراق، واجهة لتمرير مشاريع الاحتلال والتواطؤ مع القوى والأحزاب لتمرير مصالحها بتشريعات قانونية.
ولا يعول العراقيون على سلطة القضاء ويعتبرونه هامشا لعملية سياسية ودستور مسخ أنتج نظامًا سياسيًا فاشلا.
وكان خبير قانوني عراقي ترأس المعهد القضائي على مدار 12 سنة في ثمانينات القرن الماضي، قد عبر عن أسفه أن يكون القضاء في العراق هامشًا لعبث سياسي وتنافس على الحصص بين قوى وأحزاب فاشلة.
وقال الخبير القضائي مفضلا عدم ذكر اسمه حفاظًا على سلامته، في تصريح لقناة “الرافدين” “لم يحدث في تاريخ القضاء العراقي، هذا الانحدار في مستوى العدالة وعدم الإخلاص لجوهر القضاء، عندما تحول القضاء إلى لاعب سياسي يتنافس بين المتصارعين على حصتهم في مغانم الدولة”.


لدى فائق زيدان القدرة على إخفاء القضايا

وأضاف “للأسف الشديد أن القضاء صار يداهن ويخضع وينافق الأحزاب السياسية وفقا لمصالح أنانية لا تمت بصلة لمفاهيم العدالة الوطنية العليا”.
وقال مايكل نايتس، زميل معهد واشنطن الذي كتب عن زيدان، إن “زيدان أصدر أمراً تلو الآخر يمنع معارضة الميليشيات الإيرانية في العراق”.
وأضاف إنه بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، كان قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس أكثر من دفع بفائق زيدان لرئاسة النظام القضائي. وكان يدير محاكم مكافحة الإرهاب حتى لا تتم محاكمة أي من أتباع إيران بموجب القانون العراقي.
وأشار إلى افتقار القضاء العراقي إلى المعايير القضائية الحديثة، حيث يقوم زيدان بتعيين وإقالة قضاة آخرين. ويمتلك وحده سلطة على القضاة كسلطة رئيس الحكومة، كما أنه غير منتخب. وتم تثبيته من قبل إيران في المنصب إلى زمن مفتوح.
وأكد على انتهاكات زيدان لحقوق الإنسان، وهو ما يتعلق بقضية مواطن أمريكي تم اعتقاله في العراق لأنه كان يحقق في سوء سلوك زيدان.
وطالب نايتس الحكومة الأمريكية بفرض عقوبات “مطلقة” على فائق زيدان بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
ووصف أحد العملاء الذين عملوا مع قوات الاحتلال الأمريكي بعد عام 2003، فائق زيدان بالشخص الخطير.
ولم يُدن فائق زيدان أيًا من القتلة من عناصر الميليشيات المدعومة من إيران بعد أن قتلوا 800 عراقي عام 2019 في ثورة تشرين.
وقال سفير سابق ومسؤول سابق في المخابرات العراقية إن لدى زيدان القدرة على إخفاء القضايا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى