ركام الدمار والنفايات “قاتل صامت” يهدد حياة الفلسطينيين في غزة
تتعمد قوات الاحتلال مفاقمة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، بتعميق الكوارث الصحية والبيئية، ووقف إمدادات الوقود والمياه والغذاء والكهرباء، ما تسبب بأزمة حقيقية تهدد استمرار عمل البلديات في مختلف محافظات قطاع غزة، وتقليص خدماتها بشكل كبير جدًا.
غزة – يعاني الفلسطيني أحمد العرجة وعائلته جراء انتشار الروائح الكريهة والحشرات والقوارض في منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بسبب تكدس آلاف الأطنان من النفايات الصلبة في تلك المنطقة.
ويخشى العرجة النازح من مدينة رفح أقصى جنوبي القطاع، إصابة أفراد عائلته بأمراض تهدد حياتهم أو تشكل خطورة على صحتهم، في ظل انتشار العديد من الأمراض المعدية بين النازحين كالأمراض التنفسية والمعوية والتهاب الكبد الوبائي.
واضطر العرجة إلى نصب خيمة لعائلته قرب مكب النفايات العشوائي الذي استحدثه النازحون خلال الحرب “الإسرائيلية” بجوار مقر جامعة الأقصى بمنطقة مواصي خان يونس، وذلك بعد نزوحهم من رفح، بسبب العملية العسكرية البرية التي انطلقت في السادس من أيار الماضي.
ويواجه آلاف النازحين في منطقة المواصي مخاطر بيئية وصحية كارثية جراء تكدس أطنان كثيرة من النفايات في ظل عجز البلديات عن القيام بمهامها بسبب الحصار “الإسرائيلي” الخانق ومنع إدخال الوقود والآليات والمعدات اللازمة لعملها.
ومنذ اندلاع شرارة الحرب المدمرة في السابع من تشرين الأول الماضي، يمنع جيش الاحتلال “الإسرائيلي” طواقم البلديات أو مجالس الخدمات المشتركة للنفايات الصلبة في قطاع غزة، من الوصول إلى مكبات النفايات الرئيسية الواقعة في المناطق الشرقية، ما تسبب بتراكم النفايات في مكبات عشوائية استحدثت بين السكان والنازحين.
وتتعمد “إسرائيل” مفاقمة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، بتعميق الكوارث الصحية والبيئية، ووقف إمدادات الوقود والمياه والغذاء والكهرباء، ما تسبب بأزمة حقيقية تهدد استمرار عمل البلديات في مختلف محافظات قطاع غزة، وتقليص خدماتها بشكل كبير جدًا.
ويقول العرجة لمراسل الأناضول “نزحت من رفح باتجاه مواصي خان يونس وكان المكان مزدحمًا، ولم أجد متسعًا باستثناء المنطقة المجاورة لجامعة الأقصى بنقطة قريبة من مكب النفايات، فاضطررت إلى نصب خيمتي هناك، ومنذ ذلك الوقت ونحن نعاني معاناة شديدة جداً”.
ويشكو الرجل الذي تبدو على وجهه علامات التعب والإرهاق، انتشار الروائح الكريهة والحشرات مثل البعوض والذباب بشكل مخيف في المكان، الأمر الذي يشكل مصدر إزعاج وقلق لأفراد العائلة ولا سيما الأطفال وكبار السن، خاصة في ساعات الليل مع زيادة حركة الرياح.
ويضيف “تم تسجيل حالات وفاة بين النازحين في المنطقة، بعد الإصابة بمرض الكبد الوبائي، فضلا عن إصابة الأطفال بأمراض مختلفة كالإسهال وارتفاع درجات الحرارة والتقيؤ”.
وتظهر على أفراد العائلة تهيجات جلدية بفعل لدغات البعوض والذباب، ويقول: “الروائح هنا لا تطاق ولا يمكن تحملها”.
يواجه آلاف النازحين في منطقة المواصي مخاطر بيئية وصحية كارثية جراء تكدس أطنان كثيرة من النفايات في ظل عجز البلديات عن القيام بمهامها بسبب الحصار “الإسرائيلي”
وعلى مقربة من خيمة العرجة، يقف الطبيب جهاد أبو جزر المختص بالأمراض الجلدية، أمام خيمته التي أقامها بعد نزوحه من مدينة رفح إلى مواصي خان يونس، يشكو لجيرانه التأثيرات السلبية لمكب النفايات على صحة النازحين والقاطنين في المكان.
ويقول الطبيب أبو جزر “تكدس النفايات غير مألوف ولم نشاهده بهذا الشكل قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وله تداعيات سلبية خطيرة جدًا على الصحة العامة وسلامة البيئة، فضلا عن التسبب بانتشار الأمراض والأوبئة بشكل كبير”.
ويوضح أن تكدس النفايات قد يكون سبباً رئيسًا في انتشار مرض الكوليرا بين الفلسطينيين، إضافة إلى الأمراض الجلدية والمعوية والتنفسية.
ويضيف “الروائح الكريهة تنتشر في المكان ولا يمكن للقاطنين بالجوار احتمالها خاصة وأنها تزداد مع ساعات الليل بسبب زيادة حركة الرياح”.
ويعزو الطبيب الفلسطيني سبب تكدس النفايات في هذه المنطقة إلى عدم تمكن طواقم البلديات من الوصول إلى المكب الرئيس في منطقة الفخاري شرق خان يونس بسبب التوغل البري الإسرائيلي واستهداف الجيش كل جسم متحرك في تلك المنطقة.
ويأمل أبو جزر انتهاء الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، وبدء عمليات التدخل العاجل لإغاثة القطاع والسكان، وتخفيف الأزمات الحقيقية التي تشكلت بفعل الحرب، قبل البدء بعملية الإعمار الشامل.
ومنذ السابع من تشرين الأول الماضي، تشن “إسرائيل” حربًا وحشية على غزة خلفت أكثر من 119 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل “إسرائيل” هذه الحرب متجاهلة قرارا من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فورا، وأوامر من محكمة العدل بوقف هجومها على رفح، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، و”تحسين الوضع الإنساني” بغزة.