أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

الطفل هذال في قضاء الضلوعية يجسد مأساة الطفولة في العراق

مليون طفل عراقي منخرطون في سوق العمل ويجري استغلال جزء كبير منهم في الاتجار بالبشر في ظل غياب أي تشريع حكومي يحمي الفئات الهشة ومنهم الأطفال.

صلاح الدين- الرافدين
تعبر محنة الطفل هذال صبار “10 أعوام” عن مأساة الطفولة في العراق، وتكاد تختصر سيرته قصص آلاف الأطفال من العراقيين بعد أن فقدوا أسرهم سواء بالقتل أو بالتغييب القسري أو بالاختفاء والاعتقال من دون أن يعرف مصيرهم.
وقال شلال الشمري جد الطفل هذال إنه ولد في قضاء الضلوعية في محافظة صلاح الدين. واختطف والده ووجد مقتولا فيما بعد، فيما اختفت والداته بعد تحطم منزلهم أثناء المعارك ضد تنظيم “داعش”.
ومنذ ذلك الوقت، يعيش هذال صبار مع جده شلال “80 عاما” إلى جانب أرامل أعمامه الثلاثة، وأبناء عمومته الأصغر منه سنًا.
ولكي يتمكن من المساهمة في إعالة الأسرة، فإن هذال، وهو في السنة الثالثة الابتدائية، يمضي وقت فراغه في رعي الأغنام.
وقال الشمري لوكالة “شينخوا” الصينية للأنباء إن “هذال ما يزال يعاني من اضطراب في النوم ويستيقظ في أحيان كثيرة ليلا خائفًا وهو يصرخ “إنهم قادمون!!”.
ومع كل الكوابيس وفقدان الأمومة والحنان يحلم الطفل هذال أن يصبح طيارًا، على الرغم من العيش في فقر وعدم اليقين بشأن المستقبل.
وقال الطبيب ماهر عباس، إن “مشاهد الدمار المروعة والجثث الممزقة المبعثرة في الشوارع ومشاهد مقتل أفراد عائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم ستبقى راسخة في أذهان أطفال العراق، وتترك بصمات نفسية سلبية على سلوكهم المستقبلي”.
وقال الناشط الاجتماعي حسين محمد، الذي يعمل ضمن فريق الضلوعية التطوعي لرعاية الأيتام والعائلات المحتاجة، إن الصدمات النفسية التي يعاني منها هؤلاء الأطفال غالبا ما تستمر لسنوات طويلة.
وأضاف “شاهدنا العديد من حالات الأطفال الذين يطاردهم الرعب مثل الكوابيس وغيرها من المشكلات النفسية”.
وقالت منظمة اليونيسف في العراق إن الطفولة في العراق مهمشة وأن أطفال العراق محرومون من حقوقهم في التعليم، محملين الحكومات المتعاقبة مسؤولية تدهور وضع الطفل العراقي، وتجاهل دعوات تفعيل قانون حقوق الطفل.
ولفت المنظمة إلى وجود أطفال محرومين من الدراسة ومشردين ومجبرين على العمل في أسوأ الظروف، إضافة إلى إصابة العديد من الأطفال بالأمراض.
وطالبت ممثلة منظمة اليونيسف في العراق ساندرا لطوف، حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بتحسين جودة التربية والتعليم، كما دعت إلى تحسين حقوق الطفل.
وشددت على ضرورة اتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة لدعم الشرائح الهشة وإطلاق المشاريع لدعم شريحة الأطفال.

المستقبل الغامض في عيون أطفال العراق

واتهمت لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية الكتل السياسية بعرقلة سن قانون لحماية الطفل بسبب انشغالها بمصالحها الخاصة وحملاتها الانتخابية وتعمد عدم إكمال النصاب داخل مجلس النواب.
وأكدت على أن الأرقام والإحصائيات تشير إلى أن الطفل العراقي في وضع سيئ جدًا، لأن العائلة لا تستطيع أن تحمي الأطفال بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، مؤكدة أن الأطفال بحاجة ماسة إلى ظروف آمنة.
وقالت إن الطفل العراقي يفتقر إلى حماية من الناحية القانونية حتى اللحظة، متهمة الحكومة بالتنصل عن مسؤولياتها تجاه الطفولة من حيث توفير حياة آمنة وكريمة لهذه الشريحة.
ويعاني أطفال العراق من مشاكل معقدة، نتيجة العنف وغياب البنى التحتية والأزمات المتلاحقة التي مرت بها البلاد خلال سنوات ما بعد الاحتلال وعدم جدية الحكومات بإيجاد حلول حقيقية.
وأكد عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق أنس العزاوي، أن ظاهرة بيع الأطفال والاتجار بهم في تزايد مطرد مؤخرًا في العراق مع انتشار شبكات الجريمة المنظمة في المحافظات العراقية.
وأضاف “هناك مؤشرات على وجود نحو مليون طفل منخرطين في سوق العمل ويجري استغلال جزء كبير منهم في الاتجار بالبشر في ظل غياب أي تشريع حكومي يحمي الفئات الهشة ومنهم الأطفال”.
وسبق أن كشف تقرير لموقع “ريليف ويب” عن وجود 2.5 مليون عراقي من بينهم 1.1 مليون طفل، بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وقال التقرير، إن الوضع الإنساني في العراق مترد بسبب العنف والصراعات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي.
ونوه إلى وجود فجوات تمويلية كبيرة في مجالات المياه والصرف الصحي والنظافة والتعليم والصحة والتغذية، مشددًا على أن الإنفاق الحكومي الحالي غير كاف لمواصلة تقديم الخدمات لشريحة الأطفال.
وأكد الموقع على ضرورة توفير الخدمات الأساسية للأطفال في العراق كونهم الأكثر ضعفًا.
وعبرت منظمات الحقوقية عن قلقها من استفحال ظاهرة عمالة الأطفال في العراق وما رافقها من تداعيات تهدد البنية المجتمعية في البلاد، وسط إهمال من قبل الحكومات المتعاقبة لأسباب هذه الظاهرة والتي تتطلب وجود برامج حقيقية للمعالجة وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات وإطلاق التصريحات.
وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف إلى أن ثلث أطفال العراق تدفعهم ظروفهم المادية الصعبة للعمل بغرض مساعدة عائلاتهم مما أدى إلى توسع نطاق عمالة الأطفال غير المنظمة التي تغيب عنها السيطرة والمراقبة من قبل الحكومة والنقابات المعنية مما يجعلهم عرضة للاستغلال.
وقال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، إن عوامل اجتماعية واقتصادية وبيئية وسياسية غير منصفة تعزز الممارسات الاستغلالية والتمييزية للأطفال، مبينًا إنه تم الاتجار بما يقرب من نصف الأطفال في العمل المنزلي والتسول والزراعة.
وأشار إلى أن ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق هي جريمة منظمة دولية تقودها عصابات تدر عليهم المليارات، وأن أساليب هذه الظاهرة تطورت بشكل يومي حتى وصلت إلى الاتجار الإلكتروني مستهدفة الأطفال والفتيات في جميع محافظات العراق.

أطفال العراق هم الأكثر تأثرًا بالعنف المستمر والتهجير والفوضى في البلاد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى