حكومة السوداني تتقاعس عن حماية وتشغيل ذوي الإعاقة
هيومن رايتس ووتش: يوجد في العراق أحد أكبر أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم، نحو 3 ملايين شخص، نتيجة عقود من النزاعات المسلحة. وخلفت ثورة تشرين 2019 نحو 25 ألف جريح، منهم نحو 5 آلاف لديهم إعاقات دائمة.
بغداد– الرافدين
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن العراق يتقاعس عن تنفيذ قوانينه الوطنية التي تضمن حقوق العمل للأشخاص ذوي الإعاقة، ما يجعل حصص الوظائف المخصصة للعراقيين ذوي الإعاقة غير مستغلة ويترك مئات الآلاف عاطلين عن العمل.
ولدى العراق الاتحادي قوانين تحدد حصة دنيا قدرها 5 بالمائة من وظائف القطاع العام للأشخاص ذوي الإعاقة.
وقال ممثل عن مجلس الخدمة العامة الاتحادي العراقي، الهيئة الحكومية التي تُنظم التوظيف الحكومي، لـ “هيومن رايتس ووتش” إن القطاع العام لم يلتزم بالحصة المقررة.
كما تُظهر الأرقام الخاصة بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام، والتي قدمها ممثل عن حكومة إقليم كردستان في شمال العراق لـ “هيومن رايتس ووتش”، أن السلطات هناك أيضا لا تلبي هذه الحصة في القطاع العام.
وقالت سارة صنبر، باحثة العراق في “هيومن رايتس ووتش” “الوعود القانونية بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق لا تُترجم إلى فرص عمل حقيقية. الفجوة بين القانون والممارسة تجعل مئات آلاف العراقيين ذوي الإعاقة يكافحون من أجل كسب لقمة العيش.”
وأضافت “رغم أن العراق لديه أكبر عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم، إلا أن السلطات العراقية لا تلبي احتياجاتهم. ينبغي للحكومة ضمان ألا يكون التزامها بتوفير فرص العمل للعراقيين ذوي الإعاقة وعدا فارغا”.
وبين كانون الأول 2023 وآذار 2024، قابلت “هيومن رايتس ووتش” ثلاثة نشطاء في مجال حقوق ذوي الإعاقة، وستة عراقيين من ذوي الإعاقة، ومترجمة لغة إشارة، وصاحب عمل يُوظّف أشخاصا ذوي إعاقة، وثلاثة موظفين حكوميين حول حق العراقيين ذوي الإعاقة في العمل.
في 2019، قدّرت “لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، التي تُراقب المعاهدة الدولية ذات الصلة، أن في العراق أحد أكبر أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم، نحو 3 ملايين شخص، نتيجة عقود من النزاعات المسلحة. كما خلفت ثورة تشرين 2019 نحو 25 ألف جريح، منهم نحو 5 آلاف لديهم إعاقات دائمة.
ويخصص القانون رقم 38 لسنة 2013 5 بالمائة من وظائف القطاع العام و3 بالمائة من وظائف القطاع الخاص للأشخاص ذوي الإعاقة. وفي إقليم كردستان العراق، يخصص القانون رقم 22 لسنة 2011 أيضا 5 بالمائة من وظائف القطاع العام للأشخاص ذوي الإعاقة ويُشجّع توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص من خلال تغطية نصف رواتب الموظفين لمدة ثلاثة أشهر.
ولا تُحصي الحكومة في العراق عدد الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعيشون في البلاد أو معدلات توظيفهم.

سارة صنبر: رغم أن العراق لديه أكبر عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم، إلا أن السلطات العراقية لا تلبي احتياجاتهم. ينبغي للحكومة ضمان ألا يكون التزامها بتوفير فرص العمل للعراقيين ذوي الإعاقة وعدا فارغًا
وقالت منظمات حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق الاتحادي لـ “هيومن رايتس ووتش” إنها تعزي عدم تنفيذ القانون رقم 38 لسنة 2013 إلى تقاعس “هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة”، وهي مؤسسة تابعة لـ “وزارة العمل والشؤون الاجتماعية” مكلفة بضمان تنفيذ القانون. بينما تتحمل الهيئة المسؤولية الأساسية عن تطبيق القانون رقم 38، إلا أنها غير قادرة على القيام بذلك بمفردها.
وقالت مديرة الهيئة ذكرى عبد الرحيم لـ “هيومن رايتس ووتش” إن الهيئة ومجلس الخدمة العامة الاتحادي يفتقران إلى السلطة لإنفاذ القانون، ويعتمدان على الوزارات الحكومية في تخصيص وتعيين العدد المطلوب من الوظائف للعراقيين ذوي الإعاقة.
وأضافت “بعض الوزارات لا تُنفذ التزاماتها أو تجعلها أولوية، رغم أن الهيئة تدرس اتخاذ إجراءات قانونية ضد الوزارات التي لا تلتزم بهذه الحصص”.
ويُعاقَب أصحاب العمل في القطاع الخاص الذين لا يلتزمون بحصة التوظيف البالغة 3 بالمائة بغرامة قدرها 500 ألف دينار عراقي “حوالي 382 دولار أمريكي”، بموجب المادة 20 من القانون رقم 38. إلا أنه لم تُفرض قط أي غرامات على أي جهة، بحسب عبد الرحيم.
ويوجد في إقليم كردستان العراق 77.065 شخصا مسجلين على أنهم من ذوي الإعاقة، كان 13.249 منهم يعملون في القطاع العام حتى نهاية 2022، وفقا لوثيقة قدمها منسق التواصل مع الجهات الدولية في حكومة إقليم كردستان ديندار زيباري إلى “هيومن رايتس ووتش”. وهذا يمثل ما نسبته 2 بالمائة فقط من إجمالي عدد موظفي الحكومة البالغ 658.189، وهو أقل بكثير من الحصة المقررة البالغة 5 بالمائة التي ينص عليها القانون رقم 22 لسنة 2011.
وفي القطاع الخاص في إقليم كردستان العراق أيضا، يعتبر الامتثال للقانون رقم 22 غير كافٍ.
وقال المدافع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الإقليم ديلير كوي لـ “هيومن رايتس ووتش” إنه يحاول إقناع الشركات ومديري المشاريع الخاصة بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة لكن دون جدوى في كثير من الأحيان.
وأضاف “غالبا ما يتردد أصحاب العمل في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في القوى العاملة لديهم بسبب تصورهم للتكاليف العالية لخلق بيئات عمل ملائمة. بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص في الضغوط الحكومية لإجبار هذه الشركات على توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة”.
ولم يُطلع زيباري “هيومن رايتس ووتش” على أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة العاملين في القطاع الخاص.
وقالت المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان “يتعين على الحكومة العراقية اتخاذ الخطوات المناسبة لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام وتعزيز توظيفهم في القطاع الخاص، مثلا من خلال برامج العمل الإيجابي، والحوافز، والمبادرات لتعزيز فرص العمل الهادفة للأشخاص ذوي الإعاقة”.
وطالبت المنظمة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بإنشاء آليات مراقبة للوزارات لتقديم تقارير دورية عن أدائها في الوفاء بحصة التوظيف والتزاماتها الأخرى بموجب القانون رقم 38 والقانون رقم 22.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن الحصص في حد ذاتها غالبا ما تكون غير كافية لتفكيك أو معالجة عوائق التوظيف التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة، وبالتالي ينبغي أن تقترن بإنفاذ التشريعات الأخرى المتعلقة بعدم التمييز والمساواة، فضلا عن الدعم والتمويل لخلق بيئات عمل ملائمة.
