أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

ليالي من الجحيم يعيشها العراقيون بسبب أزمة انقطاع الكهرباء

سخرية واسعة في الشارع العراقي من حملات الحكومة لرفع التجاوزات على الكهرباء والتي لن تقوى على إزالة تجاوزات المتنفذين ومقرات ومكاتب أحزاب السلطة.

بغداد – الرافدين
أثارت أزمة انقطاع التيار الكهربائي في العراق غضب الشارع العراقي من فشل الحكومات المتعاقبة وآخرها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني التي تطلق الوعود الوهمية بمعالجة ملف الكهرباء على الرغم من إنفاق نحو 80 مليار دولار على ملف الكهرباء منذ 2003.
وكان وزير الكهرباء في حكومة السوداني زياد علي فاضل، قد أعلن الأربعاء، قرب إطلاق حملة واسعة لرفع التجاوزات، الأمر الذي أثار سخرية الشارع العراقي من جدوى هذه الحملات التي لن تقوى على إزالة تجاوزات المتنفذين ومقرات ومكاتب أحزاب السلطة.
ومع ارتفاع درجات الحرارة في العراق تزامنًا مع موجة حر تشهدها البلاد هذه الأيام تكرر انقطاع الكهرباء ولساعات طويلة عن مختلف المحافظات العراقية عدا محافظات كردستان العراق.
ففي العاصمة بغداد تساءل مواطنون عن الوعود التي تطلقها الحكومة والمسؤولون كل عام بتحسين واقع الكهرباء في البلاد، إلا أنهم لا يرون حلولًا على أرض الواقع.
وأشار مواطنون إلى أن السبب الرئيسي لمشكلة الكهرباء يكمن في حيتان الفساد، إذا صرف أكثر من 80 مليار دولار على ملف الكهرباء إلا أن المواطن لم يلحظ تحسنًا في واقع الكهرباء.
واستغرب مواطن من أسباب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي عن مناطق عديدة في العاصمة بغداد، في حين لا ينقطع عن مناطق المسؤولين ومقراتهم والمجمعات السكنية التي يمتلكها متنفذون في الحكومة.
وتساءل مواطن آخر حول الأزمة بالقول هل يعقل في عام 2024 ونحن نعيش بلا كهرباء؟ هل نعود لبناء بيوت الطين ونضمن بيوتًا باردة ولدينا إمكانيات هائلة.
وفي ديالى مرت “ليالي الجحيم” كما أسماها سكان المحافظة صعبة وقاسية بفعل كثرة انقطاعات التيار الكهربائي لعشرات المرات بشكل متتال، وقضاء ساعات الليل في إطفاء وتشغيل المولدات المنزلية والتغيير بينها وبين ما يُعرف بمولدات السحب الأهلية.

20 عامًا وأزمة الكهرباء مستمرة في العراق
وفي ذي قار -الأولى بارتفاع درجات الحرارة على مستوى العراق- عقد مجلس المحافظة جلسة طارئة، لمناقشة أوضاع الطاقة الكهربائية وأوقات التشغيل، وضرورة استثناء ذي قار من القطع المبرمج أسوة بمحافظة البصرة، لأنها تعد من المحافظات المنكوبة.
وفي قضاء الكفل بمحافظة بابل أغلق مواطنون الطريق الرابط بين بابل ومحافظة النجف احتجاجًا على الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، مطالبين السلطات الحكومية بمعالجة هذه الأزمة المتكررة كل عام.
وأبدى عراقيون في محافظة القادسية امتعاضهم بسبب انقطاع الكهرباء وقلة ساعات التجهيز بالتيار الكهربائي في المحافظة، فضلًا عن الانقطاع المتكرر خلال ساعات التجهيز.
وفي محافظة صلاح الدين لم يختلف الواقع كثيرًا، بل تحول إلى ليالي مظلمة عاشتها مناطق عدة في المحافظة بعد انقطاع مستمر للطاقة الكهربائية وصلت إلى ما يقرب من ثلاثة أيام متواصلة الأمر الذي تسبب بموجة غضب بين المواطنين من هذه الأزمة المتكررة وغياب الحلول الناجحة.
وليد السهلاني: الأجدر بوزارة الكهرباء والحكومة إخبار المواطنين بوضع الكهرباء وأن تضعهم في الصورة الواضحة بدلًا من إعطاء وعود وهمية وتطمينات لا تستطيع تنفيذها
من جانبه قال عضو لجنة الطاقة النيابية، وليد السهلاني، إن أسباب انقطاع الكهرباء هي تزايد الاحمال على محطات توليد الكهرباء في أوقات النهار.
وأوضح أن الحاجة الفعلية للعراق أكثر من 40 ألف ميغاواط وما ينتج الآن من 25-26 ألف ميغاواط وهي لا تكفي لسد حاجة الكهرباء قياسًا مع نسبة عدد السكان.
وأشار إلى أن الأجدر بوزارة الكهرباء والحكومة إخبار المواطنين بوضع الكهرباء وأن تضعهم في الصورة الواضحة بدلًا من إعطاء وعود وهمية وتطمينات لا تستطيع تنفيذها”.
وكان رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني قد أكد في تموز 2023، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تكللت بإيصال إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 26 ألف ميغاواط، وهو الإنتاج الأعلى بتاريخ البلد، معتبرًا ذلك إنجاز لم تحققه الحكومات السابقة.
ويعاني العراقيون كثيرًا خلال فصل الصيف بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، حيث تعجز شبكة الكهرباء الوطنية عن تلبية الطلب المتزايد على الطاقة لتشغيل المكيفات والمراوح الهوائية لتبريد المنازل والمباني.
ويضطر العديد من العراقيين إلى الاعتماد على مولدات الكهرباء الخاصة، التي تكلفهم الكثير من المال لشراء الوقود اللازم لتشغيلها.
وتعاني البنية التحتية الكهربائية في العراق من التدهور والإهمال بسبب فساد الطبقة السياسية والأحزاب الحاكمة منذ 2003، فضلًا عن نهب أموال المشاريع الذي يحول دون تحقيق إنجاز حقيقي على أرض الواقع.
وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا لمروحة كهربائية وضعت أمام وزير البيئة الحالي نزار ئاميدي، وانطفاء الكهرباء أثناء حضوره حفلًا في مقر الوزارة ببغداد، بينما يمسك باقي الحضور بمرواح يدوية.
وأثار المقطع المصور موجة سخرية واسعة في الشارع العراقي من وعود الحكومة وتصريحاتها بتحقيق الاستقرار في التيار الكهربائي في حين أنها فشلت في توفيرها للمواطنين.
وأوضح ناشطون أن حكومة السوداني تصر على بيع منجزات وهمية للمواطن العراقي، وترويج تلك المنجزات في وسائل إعلامها على أنها حلول لمشاكل يعاني منها العراقيون، إلا أنها تزيد من رصيد النقمة ضد الطغمة الفاسدة في البلاد.
ولم يجد العراق حلًا لحرق الغاز الذي يسهم في تحويل سماء البلاد إلى سوداء وبيئته إلى مسمومة.
يأتي ذلك بعد توقيع وزارة الكهرباء العراقية في السابع والعشرين آذار، عقدًا لتوريد الغاز من إيران لمدة خمس سنوات.
ويستورد العراق الكهرباء والغاز من إيران بما يتراوح بين ثلث و40 بالمائة من احتياجاته من الطاقة، وهو أمر بالغ الأهمية، خاصة في أشهر الصيف عندما تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية، ويبلغ استهلاك الطاقة ذروته.
ويواجه العراق مشكلة مزدوجة منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، ففيما يستورد الغاز بمليارات الدولارات سنويًا لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، فهو في المقابل يحرق يوميًا ما يمكنه من تأمين احتياجاته وتجنب إنفاق هذه المليارات وحماية البيئة من التلوث.
وسبق أن أكد مختصون بقطاع الطاقة والغاز استمرار التلكؤ في ملف الغاز المصاحب في العراق، جراء السياسات الخاطئة وتفشي الفساد، وسط توقعات بعدم نجاح البلاد باستثمار الغاز خلال السنوات المقبلة، والحاجة إلى سنوات طويلة للوصول إلى هذا الهدف.
وقالت المختصة باقتصاديات النفط والتدريسية بكلية الإدارة والاقتصاد في جامعة دهوك، سعاد عبد القادر، أن “العراق وقع منذ سنوات عشرات العقود الخاصة باستثمار الغاز المصاحب، وآخرها في آذار الماضي، ولم يستفد العراق حتى الآن من جولات التراخيص في استثمار الغاز الطبيعي، مثلما استفاد من رفع معدلات إنتاج النفط”.
وعزت عبد القادر، ذلك إلى “عدم توفر بيئة العمل الصحية وعدم امتلاك العراق الأسس المناسبة للاستثمار، إلى جانب تقلبات رؤى الجهات المعنية بإدارة ملف الغاز نتيجة ارتباطها بجوانب سياسية، بالإضافة إلى التقلبات السريعة والمستمرة في الحكومات التي تفتقر للاستقرار في قراراتها، وهذا ما يمثل عائقًا أمام خلق البيئة المناسبة لاستمرارية النشاط الاستثماري للشركات المتعاقد معها، وهو ما يصعب وضع خطط وبرامج تنموية مستدامة تخدم أنشطة وعمليات الاستثمار في الغاز بشكل جدي”.
حكومة لا تجرؤ على محاسبة الفاسدين
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى