أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

ماثيو ميلر يمارس التضليل المكشوف بمطالبة السوداني السيطرة على ميليشيات الحشد

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر يتعمد تضليل الرأي العام عندما يتجاهل عن عمد بأن حكومة السوداني شكلت من أحزاب وميليشيات منضوية في الإطار التنسيقي الذي تعد الميليشيات المكون الرئيسي له.

بغداد- الرافدين
وصف عراقيون تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، بشأن قلق واشنطن من عدم إطاعة ميليشيات الحشد الشعبي لأوامر “القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني” بالنفاق المكشوف والتضليل السطحي.
وقالوا إن السفيرة الأمريكية آلينا رومانوسكي طالما التقت بزعماء في حكومة السوداني يمثلون ميليشيات الحشد. في إشارة مقتضيات الصراع الأمريكي الإيراني التخادمي في العراق.
وأكد مراقبون سياسيون على أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يتعمد تضليل الرأي العام عندما يتجاهل عن عمد بأن حكومة السوداني شكلت من أحزاب وميليشيات منضوية في الإطار التنسيقي الذي تعد الميليشيات المكون الرئيسي فيه.
وقالوا إن السوداني بلعب دور الشريك الضعيف مع الميليشيات، يبدو مناسبًا لواشنطن في هذه المرحلة، وهو ما تريده طهران في كل المراحل.
ويحظى السوداني بنفوذ محدود على الميليشيات المتحالفة مع إيران. واحتاج إلى دعم تلك الجماعات المنضوية في الحشد الشعبي والإطار التنسيقي للظفر برئاسة الحكومة.
وقال ميلر في مؤتمر صحفي “نحن قلقون من أن عناصر الحشد الشعبي لا يطيعون القائد العام للقوات المسلحة العراقية ويشاركون في أعمال عنف وزعزعة الاستقرار في العراق وسوريا”.
وأضاف أن “الهجمات على القوات الأمريكية، وقوات التحالف الدولي، وأفراد الجيش العراقي، والمواقع التجارية تنتهك أمن العراق واقتصاده”.
وأكد على مواصلة بلاده مطالبة حكومة السوداني بكبح جماح الميليشيات الولائية، وتحميلها مسؤولية خرق القانون.
ومنذ أواخر شهر أيار الماضي تعرضت مطاعم وشركات تحمل علامات تجارية أمريكية لهجمات واعتداءات كان آخرها مساء يوم الإثنين الماضي حيث هاجم أشخاص مطاعم في منطقة شارع فلسطين وسط بغداد، وكانت قد سبقتها هجمات على مطاعم وشركات في مناطق متفرقة من العاصمة.
وسبق أن جرى اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والسوداني تضمن، بحسب مسؤول مقرب من السوداني، تهديدات ضمنية حول ضمان المصالح الأمريكية، والتي قد تؤدي إلى استهداف ميليشيا النجباء المنضوية في الحشد الشعبي وزعيمها أكرم الكعبي.
وقال أحد المقربين من السوداني، إن بايدن أوضح لرئيس حكومة الإطار التنسيقي أن إدارته “تدعم حكومته بدرجة واسعة، إلا أن هذا الدعم ليس مجانيًا ولا مفتوحًا”.
وأضاف أن السوداني سعى “لتهدئة الوضع” وتقديم ضمانات للأمريكيين بما يتعلق بميليشيات الحشد خوفًا من خروج الأمور عن السيطرة.
واعتبر موقع “لوو فير” الأمريكي المتخصص بالنزاعات والقضايا القانونية، أن الهجمات التي تشنها الميليشيات من وكلاء إيران على القوات والمصالح الأمريكية في العراق وسوريا، هدفها توجيه “إشارات سياسية” الطابع إلى واشنطن، وأنه برغم أن هذه الميليشيات لا تسعى إلى افتعال مواجهة كبرى مع الولايات المتحدة.
وتسعى طهران من خلال حث وكلائها على شن الهجمات إلى الحفاظ على شرعيتها وتعزيزها بين وكلائها باعتبارها القوة المعارضة الرئيسية للولايات المتحدة في المنطقة، في حين أن الوكلاء يستفيدون من هذه الهجمات من أجل تحقيق مصالحهم والاستمرار في الهيمنة وتخويف الشارع العراقي.
وقال مصدر مقرب من الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية “الحقيقة إن السوداني لم تعد لديه أي رافعة سياسية، بعدما انقلبت معظم قوى الإطار عليه، بسبب نواياه الانتخابية.”
وأجبر الوضع المتقلّب الذي يشهده العراق والمنطقة منذ أسابيع عدّة، السوداني على ممارسة فعل توازن يتمثّل في الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد وصوله إلى السلطة بدعم أحزاب مؤيّدة لإيران.
ويجمع مراقبون سياسيون على أن السوداني يحاول المحافظة على وضعه في رئاسة الحكومة ببعث رسائل خضوع لخطاب الميليشيات، فيما يتحدث بشكل مختلف كليًا مع المسؤولين الأمريكيين.
وقال قيادي في الإطار التنسيقي إن المرشد الإيراني علي خامنئي في آخر اجتماع مع زعماء الميليشيات في المنطقة حضره من العراق زعيم ميليشيا بدر هادي العامري وميليشيا العصائب قيس الخزعلي ورئيس الحشد الشعبي فالح الفياض، قال للوفود انه يجب دعم الوضع الحالي في العراق والالتزام بقرارات الإطار التنسيقي.

صبي إيران وأمريكا في آن واحد!

وتهكم معلقون سياسيون على الازدواجية التي تتسم بها تصريحات عناصر الميليشيات الولائية من القوات الامريكية، وفقا لسياسة التخادم بين طهران وواشنطن.
وقال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري أن “هذا الخطاب المعلن (لحكومة العراق) يأتي من نظام سياسي عقدت إحدى حكوماته اتفاقية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، ومن نظام سياسي يعُد واشنطن صديقًا للعراق”.
واعتبر مسؤول القسم السياسي في الهيئة الرافضة للعملية السياسية في العراق ومخرجاتها أن “ما يجري في العراق هو مقتضيات الصراع الأمريكي الإيراني التخادمي”.
وتساءل الدكتور الضاري “كيف لنا أن نفهم هذا التناقض في ظل الاجتماعات المستمرة مع السفيرة الأمريكية آلينا رومانوسكي، والتي تكاد تكون أسبوعية لضبط سياسة الحكم؟”.
وبسؤاله عن دوافع الاستهداف الأمريكي لقوات الحشد الشعبي في العراق ما دام هناك “تفاهمات” بين واشنطن وطهران، أجاب الضاري “الدوافع معلومة، فكلنا يعلم أن الصراع بين الدول تنتابه أحيانًا مراحل من التدافع اللين أو الهين”.
واستطرد “عندما تتقاطع مصالح قوتين أو دولتين في مكان أو زمان ما، تبدأ كل واحدة منهما تدفع الأخرى بطريقة ما”.
وبيّن “ليس بالضرورة أن يكون هناك جلوس إلى الطاولة وتقسيم للكعكة، فالولايات المتحدة احتلت العراق وهي في المنطقة لأهدافها الخاصة، وإيران أخرجت العراق من معادلة القوة في المنطقة، واستطاعت أن تفرض نفسها قوة كبيرة فيها”.
وقال الكاتب السياسي مصطفى سالم “عندما تسمع عن انتشار أمني مكثف في بغداد، فهذا يهدف إلى حماية الميليشيات وتوفير الأجواء لها لتنفيذ عملية إرهابية، والتي وصلت إلى المطاعم بدلا عن مواقع العدو الذي هو من يوفر الدعم والغطاء لحكومة الحشد الشعبي”.
وأضاف “رئيس أركان جيش الحكومة أكثر ولاءً للميليشيات وإيران، والعلاقات الثنائية المستدامة مع واشنطن لا تهدف لتحجيم سلطة الميليشيات على الدفاع والداخلية والأجهزة المرتبطة برئيس الوزراء. وحسب معلومات عن صفقات السلاح، لا توجد موانع تمنع وصولها لحشد خامنئي، باعتباره قوة حكومية”.
ووصف المعلق السياسي العراقي علي الصراف موقف الميليشيات والأحزاب الولائية من القوات الأمريكية بالنفاق أو “التقية”، فهو مبدأ أيديولوجي في المذهب الصفوي. وله تنظيرات مسطورة في كتب. وهو سلوك “سوسيولوجي” و”سايكولوجي” في إيران ومن لفَ لفّها في الطائفة والسياسة.
وكتب الصراف “الولايات المتحدة، بما اكتنزت من خبرات في العراق، تعرف هذا، وتتماشى معه، وتأخذ حصتها منه، وهي تغمز لنفسها غمزة العارف. إنما لتكسب من هذا ما لم تستطع كسبه من ذاك. ولكي لا تقطع جسرا من جسور المنافع، لا مع الميليشيات التي كانت تقصف معسكراتها، ولا مع إيران التي تريد طردها من المنطقة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى