أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة السوداني تضع أسعارًا غير واقعية لبرميل النفط للتقليل من عجز الموازنة

تراجع أسعار النفط يهدد موازنة 2024 بارتفاع قيمة العجز بعد اعتمادها على سعر 80 دولارًا للبرميل الواحد دون مراعاة تقلبات الأسواق وانخفاض الطلب والظروف العالمية الراهنة.

بغداد – الرافدين
حذر خبراء اقتصاديون من المواد التي تضمنتها جداول موازنة 2024 عقب تصويت البرلمان عليها بعد اعتمادها سعر 80 دولارًا لبرميل النفط الواحد بدلًا من 70 دولارًا للبرميل في ظل مخاوف من تراجع أسعار النفط وتأثيرات ذلك على الموازنة الريعية للبلاد.
وثبتت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني قيمة العجز في الموازنة الحالية عند 64 ترليون بعد رفعها سعر البرميل بعد أن وصلت قيمة العجز بالنسبة للسعر السابق إلى 81 ترليون دينار عراقي بفارق 17 ترليون بين العجز الحقيقي والعجز المعلن رسميًا.
وجاء إقرار الموازنة متزامنًا مع توجه أسعار النفط نحو تكبد المزيد من الخسائر للأسبوع الثالث على التوالي على خلفية اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول والمتحالفون معها أوبك+ على تمديد معظم تخفيضات الإنتاج حتى عام 2025 في ظل توقعات بانخفاض أكبر لأسعار النفط جراء تأثرها بالأوضاع الراهنة عالميًا مع انخفاض الطلب في فصل الصيف.
والعراق، ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك بعد السعودية، بمتوسط إنتاج يومي 4.6 ملايين برميل يوميًا في الظروف الطبيعية، ويعتمد على عائدات تصدير الخام لتوفير أكثر من 90 بالمائة من المداخيل المالية للدولة.
ووصف خبراء الاقتصاد تغيير سعر برميل النفط في جداول الموازنة الحالية بالتحايل المعيب للتغطية على حجم العجز المالي بدلًا من إيجاد حلول ناجعة لردم فجوة العجز في ظل ارتفاع النفقات التشغيلية.

زياد الهاشمي: التلاعب بسعر البرميل مسألة معيبة وغير مهنية بحق حكومة السوداني وكان الأجدر مواجهة ارتفاع العجز ببرامج فعالة لضبط الإنفاق بدلًا من التستر خلف سعر برميل غير واقعي

وقال الباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية زياد الهاشمي إن “أسعار النفط في تدهور وقد وصلت دون 77 دولارا للبرميل الواحد وهذا يعني أن السوق النفطي العالمي يبيع دون سعر برميل الموازنة بـ 3 دولارات، والأسعار في نزول”.
وتابع الهاشمي “هذا يعني أن واردات العراق النفطية في الفترة القادمة ستتجه نحو الانخفاض وهذا سيجبر الحكومة على اتخاذ خطوات قد تكون مؤلمة للتعامل مع احتمالات التعثر في توفير الأموال الكافية لتغطية النفقات”.
وبين أن “التلاعب بسعر البرميل هي مسألة معيبة وغير مهنية بحق الحكومة، وكان الأجدر مواجهة ارتفاع العجز ببرامج فعالة لضبط الإنفاق بدلًا من التستر خلف سعر برميل غير واقعي”.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن “عوائد النفط تشكل أكثر من 95 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ مما يجعل العراق عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية لارتباط الوضع المالي فيه ارتباطًا وثيقًا بحجم صادرات النفط، وهو ما يؤدي إلى اقتصاد هشّ مكشوف أمام الصدمات.
وأشار الهاشمي إلى أن “هذا الارتباط يدفع بالاقتصاد العراقي إلى التأرجح بين الوفرة المالية والعجز، كما حدث عام 2020 عندما انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 بالمائة بسبب انهيار أسعار النفط، ثم عام 2022 حين شهد الاقتصاد نموًّا إيجابيًّا بنسبة 9.3 بالمائة بفضل ارتفاع أسعار النفط.
وخلص بالقول إن “هذه الريعية العالية وارتباط الاقتصاد العراقي بسعر برميل النفط، تُعيق بشكل كبير عملية التخطيط الاقتصادي المتوسط والطويل الأمد، وتحول دون إيجاد بيئة اقتصادية مستدامة”.
بدوره أشار الخبير في الشأن المالي نبيل المرسومي إلى “وجود مخاطر كبيرة لعجز الموازنة لعام 2024، فالعجز بلغ 64.025 تريليون دينار حيث بلغ الرصيد المدور في حساب وزارة المالية 1.571 تريليون دينار، والزيادة في أسعار بيع النفط الخام المصدر تبلغ 16.607 تريليون دينار”.
وبين المرسومي أن “الحوالات المخصومة من الاحتياطي القانوني للمصارف الحكومية تساوي 5 تريليونات دينار”.
ولفت إلى أن هناك ثلاثة مصادر في تمويل عجز الموازنة وهي الزيادة المتوقعة في الإيرادات النفطية ومقدارها 16.607 تريليون دينار في تمويل عجز الموازنة، والاقتراض الداخلي والخارجي والرصيد المتراكم من الحسابات الحكومية للسنوات السابقة”.
وبين الخبير في الشأن المالي أن الحكومة بنت الموازنة على افتراض تصدير 3.5 ملايين برميل يوميًا وبسعر يتجاوز الـ 80 دولارًا للبرميل بدلًا من 70 وهو سعر غير تحفظي ومليء بالمخاطر لسببين الأول أن صادرات العراق النفطية أقل من 3.5 ملايين برميل يوميًا بسبب قيود أوبك+، والثاني أن السعر المرتفع للنفط الذي تبنته الموازنة غير واقعي ومتفائل جدًا وهو ما قد يعرض الموازنة لاختلالات أخرى في حال عدم تحقق هذين الافتراضين”.

عروض نفطية في حكومة تتبوأ المراتب العليا في الفساد

وكانت شركة “BMI” للأبحاث إحدى شركات مجموعة “Fitch Solutions” للتصنيف الائتماني قد رفعت توقعاتها لعجز موازنة العراق في 2024 من 3.3 بالمائة إلى 7 بالمائة، جراء ضعف آفاق إيرادات النفط التي تمثل 93 بالمائة من إجمالي الإيرادات الحكومية.
وبينت الشركة في تقرير لها أن توقعات عجز الموازنة المعدلة تستند إلى آفاق أكثر تشاؤمًا لإنتاج النفط وإيراداته في عام 2024.
وأضاف التقرير أن فريق الشركة المعني بالنفط والغاز خفض من توقعاته لإنتاج العراق من النفط في عام 2024 ككل، إلى انكماش بنسبة 5.3 في المائة، مقارنة مع انكماش بنسبة 1.9 بالمائة في السابق.
وقالت الشركة إنه “بالنظر إلى أننا نعتقد أن الحكومة لن تكون قادرة على خفض الإنفاق الحالي بشكل كبير بسبب مخاطر حدوث اضطراب اجتماعي، فمن المرجح أن يؤدي الانخفاض الأكثر قوة في الإيرادات إلى عجز أكبر في الموازنة مما نتوقعه حاليًا”.
وسبق أن أوصى صندوق النقد الدولي، العراق بتقليل الاعتماد على النفط، والعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية، وضبط الأوضاع المالية، وفاتورة أجور القطاع العام، وتوسيع الوعاء الضريبي، من أجل ضمان تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وجاءت تلك التوصيات في بيان صادر عن الصندوق، في ختام مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 مع مسؤولين ماليين واقتصاديين عراقيين، في العاصمة الأردنية عمان خلال الفترة بين 20 – 29 شباط الماضي.
وحذر البيان من “زيادة كبيرة في مواطن التعرض لتقلبات أسعار النفط على المدى المتوسط”.
وذكر البيان أن “خفض مستوى الاعتماد على النفط، وضمان الاستدامة المالية، مع العمل في الوقت ذاته على حماية الإنفاق الاجتماعي والاستثماري بالغ الأهمية”.
وقال صندوق النقد إن انخفاضات أكبر في أسعار النفط أو تمديد تخفيضات أوبك+ قد يؤثران على حسابات العراق المالية والخارجة”.
وأشار البيان أيضا إلى مخاطر تصاعد التوترات الإقليمية وتأثيرها المحتمل في حال حدوث انقطاع لمسارات الشحن أو إلحاق ضرر بالبنية التحتية النفطية بما يؤدي إلى وقوع خسائر في الإنتاج النفطي تفوق الأثر الإيجابي المحتمل لحدوث ارتفاع في أسعار النفط.
وأضاف أن “العراق يحتاج إلى زيادة الصادرات غير النفطية والإيرادات الحكومية، وتقليل تعرض الاقتصاد لصدمات أسعار النفط”.
وذكر البيان أن “العراق يحتاج إلى نمو أعلى وأكثر استدامة في القطاع غير النفطي لاستيعاب القوى العاملة سريعة النمو”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى