نائب الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق يمارس دور “شاهد زور” على محنة النازحين والمهجرين
النازحون العراقيون يرفض قرار حكومة الإطار التنسيقي بإغلاق المخيمات وإعادتهم قسرًا إلى مناطقهم بسبب عدم توفر الخدمات والعمل فضلًا عن افتقارهم إلى مكان يعيشون فيه داخل مناطقهم الأصلية بعد تدمير منازلهم أو الاستحواذ عليها من ميليشيات الحشد.
بغداد- الرافدين
سقط نائب الممثل الخاص والمنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق، غلام إسحاق زاي، في تناقض مكشوف مع تقارير الأمم المتحدة نفسها عندما زعم أن العراق أثبت التزامه بإصلاحات حوكمة الهجرة.
وأثنى زاي في مؤتمر إدارة الهجرة في العراق، على وزارة الهجرة والمهجرين لإدارة الهجرة بموجب الاتفاق العالمي للهجرة، مسقطًا عن عمد الدور السلبي الذي تمثله الوزارة في ترك مصير أكثر من مليون ونصف المليون من العراقيين الذين يعيشون في نزوح مستمر.
وقال نائب الممثل الخاص والمنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق “نغتنم الفرصة لمراجعة التقدم المحرز وتحديد التحديات واستكشاف الفرص لتعزيز مسارات الهجرة النظامية ومعالجة الهجرة غير الهجرة غير النظامية”.
ويغطي كلام غلام إسحاق زاي على الوضع الذي يعيشه النازحون العراقيون في مخيمات تفتقر إلى الشروط الإنسانية. كما أنه يغفل عن عمد تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بالهجرة التي تضع العراقيين في مقدمة دول العالم في ركوب مخاطر الهجرة غير الشرعية هربا من واقعهم.
وتؤكد آخر تقارير الأمم المتحدة على وجود مليون و300 ألف نازح في العراق في حالة نزوح دائمة موزعين ما بين مخيمات ومساكن عشوائية.
ويتجاهل المسؤول الأممي نداءات النازحين العراقيين الذين يرفضون خطط وزارة الهجرة والمهجرين في حكومة الإطار التنسيقي بترك المخيمات، والعودة إلى مناطقهم المدمرة والتي تسيطر على بعضها ميليشيات منضوية في الحشد الشعبي.
ويجافي كلام نائب الممثل الخاص في خيانة مهنية وأخلاقية، الوضع الحالي لمأساة المهجرين العراقيين، كما يمارس غسيل سمعة سياسي لوزارة المهجرين التي كانت سببا في استمرار مأساة المهجرين لأسباب سياسية وطائفية.
ويرفض المهجرون والنازحون أن يكون المسؤول الأممي “شاهد زور” في محنتهم المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات، بينما كان ينبغي عليه الضغط على حكومة الإطار التنسيقي لحل محنة المهجرين والنازحين وإخلاء مناطقهم من الميليشيات ومساعدتهم في بناء بيوتهم المدمرة.
وسبق أن كشف تحديد وزارة الهجرة والمهجرين في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، موعد الثلاثين من شهر تموز القادم لإغلاق مخيمات النزوح عن تخبط في قرارات لا تبالي بمصير النازحين، من دون توفير ظروف طبيعية وملائمة لعودتهم.
وكانت وزارة الهجرة والمهجرين الحالية قد أعطت النازحين ثلاثة خيارات أولها، العودة إلى مناطقهم، أو الاستقرار في المكان الذي يعيشون فيه حاليًا كنازحين، أو الانتقال إلى محافظة أخرى وعندها سيتم اعتبارهم عائدين.
ومثّل تصريح المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، علي عباس، بشأن الخيارات أمام بقاء النازحين في معسكراتهم وعودتهم العشوائية إلى مناطقهم أو أي مدينة أخرى من دون أي ضمانات حكومية، الارتباك الذي تعاني منه الوزارة في معالجة ملف النازحين.
وتتساءل منظمات مدنية معنية بأحوال النازحين، كيف للوزارة أن تحدد موعدًا لإغلاق معسكرات النزوح وفي الوقت نفسه تعرض عليهم خيار البقاء فيها.
ويرفض النازحون قرار إغلاق المخيمات وإعادتهم قسرًا إلى مناطقهم بسبب عدم توفر الخدمات والعمل فضلًا عن افتقارهم إلى مكان يعيشون فيه داخل مناطقهم الأصلية بعد تدمير منازلهم أو الاستحواذ عليها من ميليشيات الحشد.
وقال قاسم خضر أحد النازحين من محافظة نينوى والذي يعيش في “مخيم بحركة” شمال أربيل مع عدد من أبنائه وأحفاده، إنه يعارض قرار إغلاق المخيمات ولا يريد العودة قسرًا إلى منطقته الأصلية، لأنه لا يملك منزلًا يستقر فيه هو وعائلته.
وأضاف “لا نريد العودة، فلا نملك شيئًا ولا تتوفر خدمات كما لا نملك منازل”، متسائلًا “ما الذي يمكننا القيام به بالملايين الـ 4 التي يمنحونها لنا كتعويض لمغادرة المخيم؟ هل ستوفر لنا مستلزمات بناء منازلنا؟”.
وتقول النازحة هيفاء حسن إننا “لا نريد العودة ومغادرة هذا المكان بسبب عدم امتلاكنا مصدرًا للدخل”، مطالبة الدولة بتعويض يعادل كل هذه السنوات التي ضاعت من عمرنا وفقدان منازلنا.
ويشوب قرار إغلاق المخيمات الكثير من المعوقات، أبرزها أن مناطق النازحين التي طالتها يد الحرب، ما زالت تفتقر للخدمات الأساسية، فضلًا عن تعويض المتضررين وإعادة الإعمار، الأمر الذي يقلق النازحين من أن يؤدي قرار عودتهم القسرية إلى إرباك وضعهم والعبث بمصيرهم ومصير أبنائهم.
وقال العضو السابق في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق أنس العزاوي إن “قلة التخصيصات المالية، وسيطرة بعض الجهات المسلحة على مناطق نزوح ترفض عودة أهاليها إلى مناطق سكناهم، والرفض المجتمعي للعائدين في بعض المناطق، وغياب خطط العودة المبرمجة وبرامج التحفيز للعودة وضماناتها، أبرز معوقات عودة النازحين”.
وكانت وزارة الهجرة والمهجرين الحالية قد أعلنت عن دعم مالي للنازحين بقيمة 4 ملايين دينار لكل عائلة عائدة من النزوح، ونسبة 2 بالمائة من تعيينات العقود في وزارة التربية للعائدين إلى محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين.
كما أعلنت عن بناء دور واطئة الكلفة في سنجار والموصل للعائدين، وتفعيل لجان للتنسيق مع العشائر لحل النزاعات العشائرية والاجتماعية، وتخصيص راتب رعاية اجتماعية للعائدين، وفتح مكاتب وممثليات للوزارات ومؤسسات الدولة في سنجار، وغيرها من القرارات المعنية بعودة النازحين.
ويصف مراقبون القرارات التي أطلقتها الوزارة بالحالمة والبعيدة عن الواقع، ولا تعدو عن كونها تصريحات إعلامية برسائل سياسية، فقد سبق أن أعلنت أكثر من مرة عن تحديد موعد لإغلاق المخيمات، إلا أنها تتراجع في كل مرة، ولم تفعل شيئًا لتحقيق إعادة سليمة للنازحين.
ونفى النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، شيروان الدوبرداني وجود ما يسمى بـ “منحة العودة” حيث أكد أن آلاف العائلات التي تمت إعادتها إلى أماكنها لم تتسلم المنحة إلى هذه اللحظة، مشيرًا إلى، أن وزارة الهجرة والمهجرين الحالية حوّلت النازحين من قضية إنسانية إلى ملف ذو أغراض سياسية.
وفي السياق يتهم سياسيون وزارة الهجرة بالفساد وعدم صرف إعانات للنازحين.
وقال رئيس لجنة الصحة والبيئة في البرلمان الحالي، ماجد شنكالي “الواضح للجميع أن وزارة الهجرة والمهجرين فاسدة في توزيع السلع والمواد الغذائية، لأنها قامت مرارًا ببيع المواد المخصصة للنازحين مقابل المال خارج المخيمات”.
وأضاف “باستثناء أن الوزارة وزعت عددًا من المرات سلعًا ومواد غذائية منتهية الصلاحية في مخيمات النازحين، فإنها وزعت عليهم في عام 2023 السلع والمواد الغذائية ثلاث مرات فقط، في حين أنه كان ينبغي عليها توزيع المواد الغذائية والسلع على النازحين مرة كل شهر”.
وشدد على، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على علم بالفساد الموجود في وزارة الهجرة والمهجرين، لكنه مع الأسف لم يتخذ أي إجراء أو موقف إزاء ذلك.
وأوضح “أننا طالبنا بصرف مبلغ من المال شهريًا لكل عائلة نازحة في المخيمات، لكنهم لغاية الآن لم يستجيبوا إلى مطلبنا.
وذكر أن، وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق جابرو تهدف إلى إغلاق مخيمات النازحين في كردستان العراق، وإجبار الناس على العودة القسرية إلى مناطقهم الأصلية.
وتساءل عراقيون، كيف لوزارة الهجرة والمهجرين أن تعيد النازحين في ظل سيطرة الميليشيات الطائفية على مناطق سنجار وجرف الصخر وتمنع دخول أهلها إليها، فلا بيوتهم ومدنهم صالحة للسكن ولا استطاعت ان تفرض على الميليشيات أن تغادر مدنهم.
وأوضحوا، أن وضع وزارة الهجرة والمهجرين النازحين أمام ثلاث خيارات ابتزاز لهم وإجبارهم على العودة قسريًا، وسط ظروف صعبة وغير ملائمة.
وتروج حكومة السوداني عبر وزارة الهجرة والمهجرين دعاية زائفة بالعمل على إرجاع جميع النازحين طوعًا إلى مناطقهم الأصلية، وإنهاء ملف النازحين، وسط تأكيدات من مسؤولين في الوزارة نفسها على أن إمكانية حسم هذا الملف غير ممكنة، في ظل سيطرة الميليشيات على القرار السياسي في البلاد، ووجود أكثر من مليون نازح في المخيمات.