السوداني يعترف بمعضلة انعدام ثقة العراقيين بالعملية السياسية
رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني يحاول منع خروج الصراع بين ميليشيا "أنصار المرجعية" ومجلس محافظة المثنى عن سلطة حكومته.
بغداد- الرافدين
أعترف رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بالتحديات التي تواجهها حكومته بشأن إعادة ثقة المواطن بالعملية السياسية القائمة منذ احتلال العراق عام 2003.
وأكد السوداني خلال لقاء جمعه مع وفد من أهالي محافظة المثنى، وآمر لواء أنصار المرجعية في ميليشيا الحشد الشعبي، لاحتواء أزمة مخاوف احتلالها من قبل الميليشيات، على أن شرعية أي نظام سياسي تكون من خلال علاقته بشعبه.
ويمثل اعتراف السوداني بمعضلة العملية السياسية القائمة منذ احتلال العراق عام 2003 وعدم شرعية الحكومات المتعاقبة بالنسبة للشارع العراقي، إشارة واضحة طالما غضت الأحزاب الحاكمة النظر عنها.
ويجمع العراقيون على فشل العملية السياسية برمتها ويدفعون باتجاه حلول جذرية تطيح بالعملية السياسية بعد 21 عاما من إدارة أكبر عملية فساد في التاريخ السياسي المعاصر شرعها الاحتلال الأمريكي وأكملتها استراتيجية إيرانية في الهيمنة على مقدرات العراق عبر أحزاب وميليشيات تدار من الحرس الثوري الإيراني.
ولا توجد مشكلة بين أبناء الشعب العراقي كما يشيع أقطاب الأحزاب الطائفية الحاكمة، وإنما المشكلة هي في النظام السياسي الذي فرّق بين العراقيين، وهو نظام لا يمكن إصلاحه، والحل يكون في تغييره.
وحاول السوداني الدفاع عن مجالس المحافظات بوصفها بؤرة فساد مشرع من أموال الشعب العراقي بذريعة أنها “جاءت عن طريق الانتخابات وأن على الجميع احترام خيارات المواطنين”.
يذكر أن انتخابات مجالس المحافظات واجهت مقاطعة شعبية واسعة ولم تمثل نسبة المشاركين وفق الأرقام الحكومية أكثر من عشرين بالمائة من عدد المصوتين، الأمر الذي يؤكد فقدان الثقة الشعبية بمجالس المحافظات.
وكشفت الانتخابات قناعة الشارع العراقي بفساد العملية السياسية وعدم جدوى الحكومات المحلية التي نتجت عنها مجالس المحافظات وفقًا لغايات سياسية والتي تزيل الستار عن كذبة الديمقراطية التي يتمسك بها الساسة في العراق.
وقال رئيس المجموعة المستقلة للبحوث، والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن، منقذ داغر، إن “الانتخابات كالديمقراطية في العراق، ليست وسيلة لتنفيذ إرادة الناخب، بل جسرًا لتمرير إرادة الصاحب”.
وبين في تغريدة له على منصة “إكس” أن “الحكم ليس للشعب، وإنما للمبشَّرين بالسلطة، موضحًا أن “من صوت في الانتخابات فقد أعان المبشَرين على سلطتهم، والمتحاصصين على حصتهم”.
وحقق العراق، البلد الغني بالنفط والمنهك بعقود من النزاعات، إيرادات نفطية هائلة خلال العام 2023 و2024 وتقبع هذه الأموال في البنك المركزي، الذي بلغت احتياطاته من العملة الأجنبية مائة مليار دولار.
لكنّ الاستفادة من هذه الأموال في مشاريع يحتاج إليها العراق مرهون بتشكيل حكومة وطنية خارج أجندة الأحزاب والميليشيات التي تعلن بشكل واضح ولاءها للخارج وتدير أكبر عملية فساد في سرقة أموال الدولة شهدها التاريخ المعاصر.
ويحاول السوداني منع انفجار الصراع بين ميليشيا أنصار المرجعية ومجلس محافظة المثنى، خشية أن تخرج الأمور عن سيطرة حكومته خصوصا وأن القوات الحكومية تتجنب أي معركة مع ميليشيا الحشد.
ومثل لقاء السوداني مع وفد من أهالي محافظة المثنى، وآمر لواء أنصار المرجعية في ميليشيا الحشد الشعبي، محاولة لمنع التظاهرات المقرر إقامتها يوم الأربعاء المقبل بدعوة من الياسري لاقتلاع الفساد بحسب دعوته.
وفي السابع من حزيران دعا القيادي في “حشد العتبات” حميد الياسري، إلى اعتصام في محافظة المثنى وأعلن مهلة تنتهي الأربعاء المقبل لـ”طرد الفاسدين من المحافظة ومجلسها”، كما طالب رئيس الوزراء بإرسال “حاكم عسكري” للمحافظة.
وتأتي دعوة الياسري ضمن الصراعات بين جهات سياسية التي تمتلك ميليشيات مسلحة من أجل الكسب السياسي وتقاسم المناصب التنفيذية في الحكومات المحلية.
وردّ محافظ المثنى مهند العتابي، على الياسري، الداعي لاعتصام وجعل المحافظة تحت “الحكم العسكري”، محذراً من “خطف” المحافظة.
وتعيش مدينة المثنى أسوة بالمحافظات الجنوبية في فقر مدقع وبطالة وجفاف وتصحر، فيما يستولي أقطاب الفساد من المتنفذين المرتبطين بالأحزاب والميليشيات الحاكمة على أموال المشاريع.
ويواجه أهالي محافظة المثنى خطر الفقر والبطالة بشكل كبير نتيجة انحسار المساحات الزراعية إلى مستويات قياسية بسبب استمرار أزمة الجفاف، على الرغم من خصوبة أراضيها ووفرة مواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي المهم.
ووصلت نسبة الفقر في المثنى إلى أكثر من 52 بالمائة وسط تفاقم نسبة البطالة وعدم استثمار الموارد، فضلاً عن انعكاسات الجفاف وشح المياه.
واتهم النائب باسم خشان، وزارة الكهرباء الحالية بغض الطرف عن سرقة أموال الدولة في مجمعات الدوح والقرية الإيطالية وبن يقطين في محافظة المثنى.
وقال خشان، إن لدى وزارة الكهرباء ووزيرها الحالي علم بما يتم من سرقة للكهرباء في مجمعات الدوح والقرية الإيطالية وبن يقطين، ومع ذلك لم تحرك ساكنًا، وما يزال مدير توزيع كهرباء المثنى المتورط في هذه السرقة يباشر مهامه الوظيفية دون أي محاسبة.
وأضاف أنه بعد أشهر من إبلاغ الوزارة بهذه الجريمة، اكتشف أن مجمع البيادر تم ربطه بالشبكة الحكومية بدون عدادات أيضًا، وبعلم مدير توزيع كهرباء المثنى الذي لم يبادر إلى إلزام المستثمر بتنصيب عدادات في الوحدات السكنية قبل بيعها.
وأكدت مديرية تخطيط محافظة المثنى، أن مواجهة الفقر يحتاج إلى خطوات في مقدمتها تنشيط القطاع الاقتصادي بشكل عام ودعم الواقعين تحت خط الفقر في برامج الإقراض ورعاية المشاريع الصغيرة.
وأوضح مدير تخطيط المثنى قابل محمود، أن نظام الحماية الاجتماعية المعمول به حاليًا يخص شريحة معينة من الفقراء، ولكنه نظام إعانات ومنح فقط وليس نظام تمكين.
ولفت إلى أن نظام الرعاية الاجتماعية يحتاج إلى إصلاح لكي يتحول من نظام إعانات ربما يساهم في تحويل العائلات إلى عائلات غير عاملة، إلى نظام تمكين يعمل على تدريب هذه الأسر وتأهيلها وإعطائها القروض لإنشاء المشاريع الصغيرة.