أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حكومة الإطار التنسيقي تتستر على تنفيذ إعدامات جماعية في سجن الناصرية

مرصد "أفاد" المعني بملفات حقوق الإنسان، يعلن تسجيل 63 حالة إعدام لم تعلن عنها السلطات الحكومية في سجن الناصرية خلال الأسابيع الماضية.

بغداد – الرافدين
كشفت مصادر حقوقية، عن تسارع بوتيرة تنفيذ أحكام الإعدام التي تنفذها السلطات الحكومية في العراق بحق معتقلين في سجن الناصرية رغم قيام المعتقلين برفع دعاوى تظلم بعد أن انتزعت منهم الاعترافات تحت وطأة التعذيب.
وأكد مرصد “أفاد” المعني بملفات حقوق الإنسان، تسجيل 63 حالة إعدام لم تعلن عنها السلطات العراقية في سجن الناصرية، محذرًا من مواصلة عمليات الإعدام بشكل متصاعد لمعتقلين صدرت بحقهم أحكام الإعدام تحت محاكمات قال إنها “تفتقر لاشتراطات العدالة”.
وأضاف المرصد في تقرير جديد “أن السلطات وبإيعاز من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني سرّعت وتيرة تنفيذ أحكام الإعدام في العراق خلال الشهرين الماضيين بواقع يومين أسبوعيا بحق محكومين بتهم الإرهاب تحديدا”.
وأشار أن التحقيقات بعمليات الإعدام الأخيرة أظهرت أنها تنفذ بحق محكومين منذ سنوات طويلة بعضهم من عام 2008 و2007 رغم تقديمهم تظلمات تطالب بعرضهم على القضاء، وتؤكد براءتهم من تهم نسبت إليهم أو باعترافات انتزعت تحت التعذيب، وسط إصرار حكومي على تجاهل كل الدعوات الأممية والدولية بإعادة النظر بأحكام الإعدام في العراق التي استسهلتها الحكومات السابقة والأجهزة القضائية في أجواء تفتقر للعدالة والمحاكمات الشفافة.
وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق قد رصدت سلوك حكومات الاحتلال في العراق بتنفيذها أحكام الإعدام الجائرة والمتواصلة ضد المعتقلين من “أهل السنة والجماعة” بدوافع طائفية على الرغم من المطالب والمناشدات الداخلية والخارجية لإيقافها.
وأكّدت الهيئة في بيان جاء على خلفية سلسلة من عمليات الإعدام في شهر أيار الماضي، أنها ماضية في متابعة ملف السجناء والمعتقلين العراقيين وأحكام الإعدام الجائرة بحقهم، وأنها تسعى جاهدة لبذل كل ما يمكنها من جهود لإنقاذهم من مشانق الموت الظالمة، التي تنفذها حكومات الاحتلال المتعاقبة دون هوادة على مدى إحدى وعشرين سنة.
وانتقد مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين الدكتور مثنى الضاري موقف رئيس الجمهورية في العراق الذي تصدر عنه المصادقات على أحكام الإعدام، وصمتها على ما يحدث من عمليات إعدام جماعي، مؤكدًا على أن رئاسة الجمهورية لا تقدم ولا تؤخر شيئًا في ملف المعتقلين وحملات الإعدامات الظالمة التي تقودها السلطات الحكومية تجاههم.
وأشار الدكتور مثنى حارث الضاري في أمسية سابقة لمجلس الخميس الثقافي التي تناولت أوضاع المعتقلين وأوضاعهم وعمليات الإعدام التي تجري بحقهم، إلى اعتماد المنظمات الدولية في غالبها على الرواية الحكومية التي تكون مغايرة للحقيقة، ومناقضة لواقع الحال، فضلاً عن كونها رواية غير حيادية لأن السلطات متهمة بالانتهاكات، ولا يمكن أن تكون شهادتها في هذا الشأن معتبرة.
وحمل مراقبون حقوقيون رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، “مسؤولية إعدام الكثير من الأبرياء عبر التوقيع على أوامر الإعدام”، عادين رفض السلطات النظر بطلبات عرض المعتقلين المحكومين بالإعدام على لجان طبية أو استئناف محاكمتهم والمماطلة بإقرار قانون العفو العام رغم تعهدات قوى التحالف الحاكم في البلاد قبيل تشكيل الحكومة الحالية، بأنه يمثل دليلا على “رغبة تنكيل جديدة بحق المعتقلين المحكومين بالإعدام، ممن يتخطى عددهم الحالي الآلاف”.
واتهمت منظمة العفو الدولية القضاء في العراق بإصدار أحكام إعدام ظالمة نتيجة انتزاع الاعترافات من المعتقلين بالقوة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب.

العراق.. الإعدامات تفتقر لشروط العدالة

وأشارت المنظمة إلى عيوب في منظومة القضاء في العراق، وإلى أن العدالة في هذا البلد أدخلت الآلاف من الرجال والصبية في طابور الإعدام، بعد اعترافات انتُزعت تحت التعذيب والإكراه وأنواع أخرى من سوء المعاملة.
وشددت على أنه يتعين على العراق إصلاح المنظومة القضائية وإصدار قانون بشأن الجرائم الدولية، مؤكدة أن الإرادة السياسية قد تكون غائبة لدى الائتلاف الحاكم الذي يضم ميليشيات مسلحة.
وتشير مصادر حقوية ومعنية بحقوق الإنسان في العراق، إلى مواصلة عمليات الإعدام بأسلوب جديد من خلال إعدام المحكومين دون الإعلان عن ذلك رسميا وإبلاغ ذويهم عبر الهاتف بالمجيء إلى الطب العدلي في الناصرية بغية تسليمهم مع توقيعهم على تعهدات بعدم الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي أو التحدث لوسائل إعلام وعدم إقامة مجالس عزاء لذويهم، وحتى منعهم من فتح النعش لمعاينة الجثة، مؤكدًا أن قوة أمنية ترافق ذوي المعدومين إلى المقبرة لدفن الجثة، تمثل واحدة من أسوأ صور انتهاكات حقوق الإنسان.
وأكد مرصد “أفاد” في بيانه على أن محافظة صلاح الدين حلت بالصدارة بأعلى نسبة بمن تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، حيث تجاوز العدد 32 معدومًا بينهم شقيقان، كما نُفذ حكم الإعدام بشخص تجاوز عمره 74 من أهالي تكريت، وبمعتقل آخر قبع ما يزيد على 16 عاما في السجن.
وسجل المرصد وصول جثمان شخص من أهالي الرمادي سبق وأن أيد تقرير طبي صادر عن لجنة بوزارة الصحة تعرضه للتعذيب والضرب بالفترة التي تم التحقيق معه فيها في سجن ببغداد عام 2018 لكن تم تجاهل التقرير، وطُلبت إعادة المحكمة إعدامه مطلع الشهر الحالي.
وأكد ذوي أحد المعدومين في تصريح خاص لـ “الرافدين” أنهم تلقوا خبر إعدام ابنهم فجأة دون أي خبر مسبق وأنه معتقل منذ 2008 بتهمة الإرهاب وأجبر على الاعتراف بتهمة لم يرتكبها بعد تعرضه لتعذيب شديد.
وقال الشخص وهو من أهالي منطقة العوجة جنوب تكريت بمحافظة صلاح الدين طالبا عدم الكشف عن هويته خشية من الملاحقات الحكومية، “مع وصول خبر إعدام اثنين من أهالي العوجة تلقوا بنفس الوقت أوامر بعدم إقامة مجلس عزاء لهم واضطروا إلى حذف المنشورات من مواقع التواصل الاجتماعي التي ذكر فيها خبر إعدامهم ونعيهم”.
ويقدر عدد المحكوم عليهم بالإعدام بنحو 17 ألف شخص، أدين معظمهم وفقًا لمعلومات “المخبر السري”، والاعترافات تحت الإكراه والتعذيب، بحسب منظمات حقوقية وإنسانية عراقية وأجنبية.
ويعد ملف السجناء العراقيين، خصوصًا المحكوم عليهم بالإعدام، من أبرز القضايا التي شكّلت جدلاً سياسيًا وشعبيًا وإعلاميًا واسعًا في البلاد خلال السنوات الماضية، واستخدمت قضيتهم كورقة انتخابية لمساومة الأهالي من قبل بعض السياسيين الذين وعدوا بالمضي في إقرار قانون العفو العام، الذي يتضمن توفير ظروف قانونية لإعادة محاكمة السجناء، لضمان العدالة القضائية، لكن هذا الوعد يواجه عراقيل كثيرة من قبل الأحزاب المنضوية في الإطار التنسيقي الحاكمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى