أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

أسئلة تتصاعد مع ألسنة اللهب في كوارث حرائق العراق وسط فشل حكومي

بعد كل حادث حريق أو انهيار مبنى أو غرق عبارة وسقوط مئات الضحايا، تجري الجهات الحكومية عمليات جرد وإحصاء، إلا أن أي خطوات عملية لم تتخذ.

أربيل- الرافدين
تصاعدت من جديد الأسئلة مع تصاعد ألسنة اللهب بشأن مصدر الحراق ومسبباتها وسط فشل حكومي بالتزامن مع إصابة العشرات معظمهم عناصر إطفاء خلال محاولة السيطرة على حريق مستمر منذ ساعات في مصفاة للنفط في إقليم كردستان بشمال العراق، حسبما أعلن الدفاع المدني الخميس.
واندلعت النيران مساء الأربعاء في مصفاة نفط تابعة لجهة خاصة، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية الذي صوّر سحبًا من الدخان الأسود الكثيف تتصاعد فوق طريق جنوب غرب مدينة أربيل.
وقال الدفاع المدني في أربيل في بيان “أصيب أكثر من 10 أشخاص في الحريق معظمهم من رجال الدفاع المدني في أربيل مع احتراق ثلاث سيارات إطفاء وأربعة صهاريج” لتخزين القير والنفط.
ولم تعرف بعد أسباب الحريق الذي امتدّ إلى مصفاة أخرى، بحسب المصدر نفسه.
وتواصل فرق الدفاع المدني العمل منذ أكثر من 12 ساعة للسيطرة على الحريق في عاصمة إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي بشمال العراق.
وفي الأيام الأخيرة، زاد عدد الحرائق في مختلف أنحاء العراق مع ارتفاع درجات الحرارة والإهمال وبعض الحرائق متعمدة وانتقامية كما يحدث في المحاصيل الزراعية أو دوائر الدولة والمستشفيات لحرق الوثائق لاخفاء عمليات فساد.
وغالبًا ما لا يتمّ الالتزام بتعليمات السلامة في العراق، لا سيّما في قطاعي البناء والنقل، كما أنّ البنى التحتية في هذا البلد متداعية نتيجة عقود من النزاعات والإهمال والفساد الحكومي، ما يؤدّي مرارًا إلى اندلاع حرائق وكوارث مميتة أخرى.
وأكد موقع تنبيهات الحرائق العالمي أن اجمالي تنبيهات عدد الحرائق في العراق بلغ أكثر من 18 ألف و700 حريق منذ بداية العام وحتى 15 نيسان الماضي، فيما كانت نفس الفترة من العام الماضي 2023 عدد الحرائق الإجمالي 15 ألف حريق. وأزاد هذا العدد بشكل ملفت حتى أخر حريق في أربيل الخميس.
أما تنبيهات الحرائق الشديدة فمنذ بداية العام الحالي وحتى الخامس عشر من نيسان الماضي بلغت أكثر من ألفين و400 حريق، وأن هذا يعني وجود زيادة بنسبة 24 بالمائة بأجمالي عدد الحرائق بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
وفي شهر أيار الماضي اندلع حريق بمحاصيل الحنطة والشعير في منطقة حاوي القيارة، التابعة لمحافظة نينوى على مساحة 40 دونمًا وتسبب بخسائر مادية كبيرة.
وقال مدير بلدية القيارة ياسر البدراني، إن فرق البلدية قدمت الإسناد لفرق الدفاع المدني وتمكنت من إخماد حريق اندلع في أرض زراعية بمساحة 40 دونمًا في حاوي القيارة.
وأوضح أن الأرض كانت للحنطة والشعير وأن نصف المحصول كان قد تم حصده من قبل المزارعين، بيد أن المتبقي احترق نتيجة اندلاع النيران، مبينًا أن الحريق استمر قرابة الساعة وشاركت البلدية بإخماد الحريق عبر استخدام الحوضيات والآليات الثقيلة.
وفي أيلول 2023، اندلع حريق في قاعة خلال حفل زفاف في بلدة قرقوش في شمال العراق، أودى بحياة أكثر من 107 أشخاص، قالت السلطات إن الألعاب النارية ومواد بناء شديدة الاشتعال تسببت به.
وفي نيسان 2021، قضى أكثر من 80 شخصًا جراء حريق في مستشفى لمرضى كوفيد-19 في بغداد نجم عن انفجار أسطوانات أكسجين.
وفي تموز من العام نفسه، لقي 64 شخصًا حتفهم جرّاء حريق في مستشفى بالناصرية في جنوب العراق اندلع في جناح لمرضى كوفيد-19.
وأجمع ناشطون في مجال حقوق الإنسان على أن مهام الحكومة مقتصرة على الإحصاء فقط، ولا معالجات على أرض الواقع، وهذا هو سبب تكرار الفواجع.


عدد الحرائق في العراق بلغ أكثر من 18 ألف خلال خمسة أشهر

وقالوا “بعد كل حادث حريق أو انهيار مبنى أو غرق عبارة وسقوط مئات الضحايا، تجري الجهات المسؤولة عمليات جرد وإحصاء للمباني المخالفة وعددها بالآلاف، إلا أن أي خطوات عملية لم تتخذ سواء لإخلاء تلك المباني أو إعادة ترميمها أو هدمها إذا كانت غير صالحة كليًا”.
وأشاروا إلى، أن هذا الإهمال يهدد حياة العراقيين ويستوجب وضع ضوابط وشروط صارمة، محملين الحكومة مسؤولية هذا الملف الخطير.
وتشهد، المدن العراقية حرائق مفتعلة عادة لأسباب انتقامية أو تنافسية، ما تؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، وسط ضعف الإجراءات الوقائية وتهالك البنى التحتية، وغياب الدعم الحكومي بتوفير أجهزة الإطفاء الحديثة واعتماد معايير السلامة.
ويستمر، تكرار مآسي الحرائق على الرغم من الحوادث السابقة التي أزهقت أرواح المئات من الأبرياء وآخرها فاجعة الحمدانية، بسبب الفساد والتواطؤ الحكومي في تشييد مبانٍ من دون شروط السلامة، فضلًا عن عدم محاكمة المتورطين بها، في استمرار لسياسة الإفلات من العقاب.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن تكرار الحرائق في العراق أدى لحالة غضب عارمة في الشارع العراقي بسبب فوضى البناء غير القانوني وغياب المحاسبة.
وأضافت الصحيفة، أن “الحرائق في العراق تتكرر وتمتد حتى للمستشفيات بسبب عدم الالتزام بتعليمات السلامة، كما أنّ البنى التحتية متداعية نتيجة عقود من النزاعات، وانشغال الأحزاب السياسية بإبرام العقود الفاسدة لنهب المزيد من أموال العراق”.
وسبق أن حذر نواب في البرلمان الحالي من خطورة استمرار مسلسل الحرائق وغياب الدور الرقابي الذي يساهم في التقليل من هذه الحوادث.
وقال رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي “إن 90 بالمائة من المرافق العامة في العراق غير ملتزمة بإجراءات السلامة، وأن أصحاب المرافق العامة يوظفون نفوذهم وسيطرتهم على أجهزة التفتيش لمنع تنفيذ القانون والالتزام بمتطلبات السلامة في هذه المرافق ومنها أبواب ومخارج الطوارئ”.
ووصفت النائبة السابقة منار عبد المطلب بناء قاعات بمواد سريعة الاشتعال بأنها “صفقة قرن فاسدة أخرى في العراق عمرها 20 سنة ولاتزال مستمرة في ظل فساد مطبق يمنع فتح هذا الملف للأسف من أجل إيقاف مسلسل المجازر البشعة التي تصيب الأبرياء”.
وشددت على ضرورة أن يكون هناك قرار حكومي بشأن إعادة النظر بملف شروط السلامة وأن يتم إغلاق أي مبانٍ وقاعات لا تطبق شروط السلامة ومحاسبة من أعطوا الإجازات وغضوا النظر عن معايير السلامة.
وتبدأ شبهات الفساد عبر إعطاء “رخصة بناء” لأي مبنى من دون خضوعه لشروط السلامة من الحرائق، ناهيك عن شروط السلامة العامة.


90 بالمائة من المرافق العامة في العراق غير ملتزمة بإجراءات السلامة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى