أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

الطفل توفيق من مخيم النصيرات عاد للحياة بعد إعلان المستشفى استشهاده

أثناء إيداعه بالقرب من ثلاجات الموتى بمستشفى شهداء الأقصى، تمهيدا لتكفينه ووضعه داخل الثلاجات، عاد الطفل توفيق أبو يوسف إلى الحياة وسط دهشة الأطباء وأفراد من عائلته.

غزة- في ما يشبه “المعجزة”، عاد الطفل توفيق أبو يوسف (5 سنوات) من “الموت”، بعد أن أصيب خلال مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة في الثامن من حزيران الجاري.
فأثناء إيداعه بالقرب من ثلاجات الموتى بمستشفى، تمهيدا لتكفينه ووضعه داخل الثلاجات، عاد توفيق إلى الحياة وسط دهشة المحيطين، حسب مصدر طبي وأفراد من عائلته في أحاديث للأناضول.
وفي هذه المجزرة، قتل جيش الاحتلال 274 فلسطينيا، بينهم 64 طفلا و57 امرأة، فيما أصيب مئات المدنيين، وذلك ضمن حرب متواصلة على غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
ونفذ الجيش مجزرته لتخليص أربعة أسرى كانوا في قبضة المقاومة الفلسطينية، التي أعلنت مقتل 3 أسرى إسرائيليين آخرين في المجزرة، التي أثارت إدانات وانتقادات واسعة لتل أبيب إقليميا ودوليا.
وإجمالا، خلفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 122 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة العشرات معظمهم أطفال.
وخلال المجزرة، أُصيب توفيق بشظايا في رأسه واستقرت قطع حجارة داخل الدماغ، وأُبلغت عائلته داخل مستشفى شهداء الأقصى (وسط) بمقتله جراء” إصابته الخطيرة”.
وهو يحمل طفله بين يديه، توجه الأب لوضعه جثمانه بين مجموعة من جثامين الشهداء، بالقرب من ثلاجات الموتى، تمهيدا لتكفينهم.
وبينما كان الأب يبحث عن مكان لطفله بين الجثامين، وبعد أن سلّم بمقتله، حرك توفيق يده، ليفزع الوالد، ويهرع نحو الأطباء لإجراء التدخل اللازم.
ووثَّق مقطع مصور، نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الواقعة، ويُظهر توفيق وهو يبدي أول استجابة بعد إعلان موته.
وتوفيق هو الطفل الوحيد لأسرته، التي فقدت طفلتيها في قصف إسرائيلي سابق استهدف سوق النصيرات، ونجلها الأكبر العام الماضي جراء إصابته بمرض السرطان وعدم توفر العلاج المناسب في ظل الحصار.
وللعام الـ18، تحاصر “إسرائيل” قطاع غزة، وأجبرت حربها نحو مليونين من سكانه، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد في الغذاء والماء والدواء.
وحاليا، يرقد توفيق موصولا بأنابيب طبية في غرفة العناية المركزة بمستشفى غزة الأوروبي في مدينة خان يونس (جنوب).
وبعد أن ألقت نظرة عليه، قالت ورود النجار، وهي ممرضة، “تم تحويل الطفل إلى هنا بعد مجزرة النصيرات من مستشفى شهداء الأقصى”.
وأضافت في تصريح لوكالة الأناضول “كان مفارقا للحياة، لكن حينما أخذه والده لتكفينه، وجد استجابة منه تشير إلى أنه ما زال يتنفس”.
وقالت “شرع الأطباء بوضع الطفل على الإنعاش فور إبدائه للاستجابة، وتم تحويله لاحقا للمستشفى الأوروبي للتعامل معه، في ظل الضغط الذي واجهته شهداء الأقصى إبان المجزرة”.
وأوضحت أن توفيق أصيب “بشظايا وحجارة كبيرة وصلت الدماغ، وتسببت بنزيف في الجانب الأيمن والأيسر من الجمجمة”.
وقالت والدة توفيق، طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، إن “الوضع في النصيرات كان طبيعيا قبل أن يتحول في غضون دقائق إلى ساحة حرب”.
وأضافت الأم “لم نفهم ماذا جرى، فجأة حاصرنا الرصاص من كل حدب وصوب والقذائف العشوائية في جو من الرعب”.
وبقوة، احتضنت آنذاك طفلها الأخير، وقالت إنه كان “خائفا جدا في تلك اللحظة من أصوات الانفجارات القريبة.. هذا الولد الأخير لي، هو أملي في الحياة، حرصت على حمايته”.
وبعد دقائق، استهدف صاروخ منزلا مجاورا لعائلة أبو يوسف؛ ما أدى إلى انهيار نصف منزلهم فوق رؤوسهم، وفق قولها.
وأردفت “فجأة تحول المكان إلى ظلام جراء دخان القصف الكثيف، فحملت توفيق وحاولت الهروب به”.
وشعرت الأم بدماء على يديها، فاعتقدت أنها أصيبت، ولم تتمكن من رؤية شيء جراء الدخان الكثيف.
لكن صرخة استغاثة من طفلها جعلتها تدرك أنه أصيب، لتهرع به إلى المستشفى.
وقالت إن “الشارع كان خاليا إلا من أزيز الرصاص الذي كان يصيب جدران المنازل وأصوات الانفجارات”.
وأوضحت أن “جزءا من دماغ توفيق كان خارج رأسه بسبب الإصابة، ومشيت طويلا حتى وجدني أحد الأقارب وقدم لي المساعدة”.
وتنقلت الأم بين مستشفيي العودة وشهداء الأقصى لإنقاذ طفلها، فيما تولى والده مهمة متابعته داخل المستشفى، حين غادرت هي نحو المنزل.
وهناك، أُبلغ الأب من المستشفى بـ “استشهاد توفيق” جراء خطورة إصابته، حسب الأم.
وتابعت “في مكالمة هاتفية، أبلغوني باستشهاد توفيق، وهذه كانت من أصعب اللحظات التي تمر عليّ، ولم أشعر بنفسي إلا داخل مستشفى العودة (بسبب الإغماء من صدمة الخبر)”.
وأضافت “حينما استعدت وعيي أبلغوني بأن توفيق عاد للحياة مجددا”.
لم تستوعب الأم الصدمة، فحملت نفسها وهرعت نحو مستشفى شهداء الأقصى، لتجد طفلها داخل غرفة العمليات.
واستكملت “بقي في غرفة العمليات لمدة ثلاث ساعات ونصف، وبعد خروجه أبلغنا الطبيب أنه أخرج شظيتين وحجرين كبيرين من الدماغ، فيما تم تحويله للعناية المركزة”.
وناشدت الأم بضرورة إعادة فتح المعابر مع قطاع غزة لإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لمعالجة الجرحى، وبينهم توفيق، وكذلك إخراجه لتلقي العلاج وإنقاذ حياته.
وختمت قائلة “هذه هي أهداف إسرائيل.. المطلوب إخراجه للعلاج كي يأخذ حقه في الحياة التي حرموا منها شقيقتيه”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى