أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

إهمال حكومي محمّل بالضغينة يهدد منارة السيدة زبيدة أجمل قباب بغداد العباسية

باحثون ومعماريون يطالبون بإيقاف أعمال الحفر بموقع زمرد خاتون وإيجاد حل لترميم ما دمر من القبة والحفاظ عليها كإرث حضاري شاهد على بقايا عاصمة العالم الإسلامي زمن العباسيين.

بغداد – الرافدين
استهجن عراقيون الصمت المعيب لحكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني من أعمال التخريب المتعمد لما تبقى من معالم بغداد الأثرية، عبر آلة الاستثمار الوحشية التي تهدد قرونًا من التاريخ لا تزال شاخصة إلى يومنا الحاضر.
وبحسب مصادر محلية فإن وزارة الإعمار والإسكان الحالية نفذت أعمال حفر عميقة وضخ كميات كبيرة من المياه مباشرة على الباب الخارجي لقبة زمرد خاتون الأثري ضمن مقبرة الشيخ معروف الكرخي بالعاصمة بغداد والتي يقدر عمرها بنحو 800 عام، لمدر جسر بمحاذاة الموقع الأثري.
وتداول معماريون وناشطون وإعلاميون مقاطع فيديو وصورًا تُظهر أعمال الحفر بجانب الموقع الأثري فضلًا عن تدمير أجزاء من جدار الموقع، في ظل صمت حكومة السوداني، الأمر الذي أثار موجة غضب في الشارع العراقي لما تقوم به من أعمال تدمير لتراث العاصمة الفريد.
وطالبوا بضرورة إيقاف أعمال الحفر وإيجاد حل لترميم ما دمر من القبة والحفاظ عليها كإرث حضاري شاهد على بقايا عاصمة العالم الإسلامي زمن العباسيين.
وعلى الرغم من ادعاء وزير الإعمار والإسكان في حكومة السوداني بنكين ريكاني التنسيق مع وزارة الثقافة والآثار لتدعيم القبة وإحالة العمل إلى شركات مختصة بالتدعيم الداخلي والخارجي، إلّا أن أعمال الحفريات مستمرة دون توقف، ودون تحرك حكومي.

عثمان المختار: يتحمل وزير الإعمار بنكين ريكاني مسؤولية تدمير أحد أهم آثار بغداد العباسية باسترخاص كل ما يتعلق بالعراقيين

وحمل الصحفي العراقي عثمان المختار الوزير ريكاني مسؤولية تدمير أحد أهم آثار بغداد العباسية.
وقال عثمان في تدوينة له على منصة “أكس”: “يتحمل وزير الإعمار العراقي مسؤولية تدمير أحد أهم آثار بغداد العباسية”، مشددًا على أن الوزير يمارس نسقًا سياسيًا مستمرًا في استرخاص كل ما يتعلق بالعراقيين”.
وأشار إلى أزمة شق الطرق عبر مقبرة الشيخ معروف الكرخي في كانون الأول 2023، من قبل حكومة السوداني بذريعة تخفيف الاختناقات المرورية، الأمر الذي أثار ضجة في حينها لتجبر حكومة السوداني على إيقاف العمل بالمخطط.
وكتب “بالأمس مقبرة معروف الكرخي التي تعود للعام 200 هجرية واليوم منارة السيدة زبيدة، التي تضم حولها قبور مندرسة لخلفاء عباسيين أخشى أنها نبشت بالحفر الآن!”
ووجه معماريون وباحثون تاريخيون مناشداتهم العاجلة لإنقاذ الموقع الأثري من خطر الانهيار عبر أعمال الحفر العبثية، دون مراعاة لهوية البلد التاريخية.
وتولي دول العالم أهمية لتراثها وإرثها الحضاري وتسعى لصيانته والحفاظ عليه، في حين تسعى حكومة الإطار التنسيقي إلى طمس معالم بغداد التاريخية، بذريعة إنشاء طرق لتخفيف الاختناقات المرورية.
وعلق الناشط والمتخصص بعلوم آثار العراق القديمة عباس كوكز بالقول “إن الشعوب تحترم تاريخها، وتؤسس لهوية وطنية تعتز بها الأجيال لاحقًا”، محذرًا من “خطر انهيار محتمل لقبة زمرد خاتون الفريدة في تصميمها ببغداد”.
وعلى الرغم من رفض وزارة الثقافة والآثار، والهيئة العامة للآثار والتراث الموافقة على المشروع بحسب مدير عام الصيانة في وزارة الثقافة والآثار محمد البياتي إلا أن الشركة المنفذة بدأت بأعمال الحفر وتنفيذ المشروع على بعد 15 مترًا ضمن محرمات الموقع الأثري.
وقال البياتي إن العمل “سيؤدي إلى سقوط هذا الأثر المهم لبغداد والعالم وهو مخالف لما جاء بقانون الآثار المرقم 55 لسنة 2002، وأن التجاوز على المحرمات والموقع الأثري يحاسب عليه القانون بالسجن والغرامة لكل من ارتكب هذه الجريمة البشعة والمتعمدة لسقوط الأثر أو لتشويه أو لحجب المنظر”.
وطالب البياتي رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني بإعطاء الأوامر فورًا بإيقاف العمل والبحث عن طريقة أخرى من قبل المنفذين لإكمال المشروع كان يكون جسرًا معلقًا أو تغير مسار المجسر.
ويعد مرقد السيدة زبيدة أو جامع زمرد خاتون، من المراقد الأثرية المشهورة القديمة في العراق، ويقع في مقبرة الشيخ معروف الكرخي بجانب الكرخ من بغداد، ويحوي قبرًا ينسب خطأً إلى السيدة زبيدة، وتعلو المرقد منارة مخروطية الشكل.
وذكرت المصادر التاريخية إنها ليست زبيدة زوجة هارون الرشيد بل هو مرقد السيدة زمرد خاتون أم الخليفة الناصر لدين الله العباسي وزوجة المستضيء بأمر الله المتوفاة عام 1202م، والتي بنت هذا الموقع وأبنية أخرى حوله خلال فترة حياتها على الطراز السلجوقي.
وتعرض الموقع على مدى الأعوام إلى أضرار كبيرة، وأجريت عليه أكثر من 20 عملية ترميم، وبنيت حوله العشوائيات، الأمر الذي دفع هيئة الآثار في أيار الماضي إلى القول بأن “الموقع بحاجة ماسة إلى أعمال صيانة وتأهيل”.
وللمرة الثانية تقترب حكومة السوداني عبر وزارة الإعمار والإسكان من مقبرة الشيخ معروف الكرخي وإحداث ضرر بمبانٍ وقبور مهمة، بعد أن كانت تنوي إزالة جزء من مقبرة الشيخ معروف الكرخي التاريخية في العاصمة بغداد بحجة تنفيذ مشاريع فك الاختناقات المرورية، الأمر الذي
أثار غضب واستنكار ذوي المتوفين والأوساط الشعبية لقيمة المقبرة التاريخية المرتبطة بهوية بغداد، ولكون المقبرة وقفًا إسلاميًا لا يحق للجهات الحكومية التصرف بها.
وتأتي أعمال التوسعة ومد مجسر قرب موقع زمرد خاتون استمرارًا لسلسلة الانتهاكات التي توصف بالطائفية والتي طالت كثيرًا من المعالم والمساجد التاريخية للعراقيين، كان آخرها هدم منارة جامع السراجي التاريخي في البصرة بحجة التوسعة أيضًا.
وتضم مقبرة الشيخ معروف قبورًا تعود إلى عام 200 هجري، للعديد من العلماء والشخصيات الإسلامية أبرزهم الشيخ معروف الكرخي، والمفسر المشهور أبو الثناء الآلوسي، والعلامة عبد الرحمن الآلوسي، وعلماء آل السنوي وآل الحريري وعائلات بغداد القديمة وأعيانها، ومفتي بغداد نوري الشيراوني، وقبر والدة الناصر لدين الله العباسي.

طمس لتاريخ بغداد برعاية حكومة الإطار
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى