أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة السوداني تقابل الدعوات الطائفية لإزالة تمثال باني بغداد بالصمت المطبق

السعي لإثارة النعرات الطائفية من قبل أحزاب وميليشيات إيران في العراق يعبر عن إفلاسها السياسي لصرف أنظار الشعب العراقي عن سرقات الفساد الكبرى ومشاريع التغيير الديمغرافي في العراق.

بغداد – الرافدين
أدان عراقيون الهجمة الطائفية من عناصر في الميليشيات الولائية دعت إلى إزالة تمثال باني بغداد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في حي المنصور في مسعى لإثارة نعرات طائفية معبرة عن هويتها السياسية وتحقيق مكاسب سياسية لصالح أجندة خارجية.
وكانت شخصيات وقنوات ميليشياوية دعت إلى هدم تمثال باني بغداد التاريخية أمام أنظار حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، دون اتخاذ أي إجراء ضدهم لما تمثله هذه الدعوات من تأجيج الطائفية والإخلال بالسلم المجتمعي.
وفي مقابلة تلفزيونية قال النائب في البرلمان الحالي عن دولة القانون بزعامة نوري المالكي، جمعة العطواني إن التمثال يستفز 60 بالمائة من الشعب العراقي معتبرًا أنه فتك بأهل بيت النبي عليهم السلام ، في إشارة إلى سردية تاريخية لا أصل لها يحاول من خلالها اللعب على وتر الطائفية.
ويعد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (714- 775م) باني بغداد التاريخية حيث بدأ ببنائها على ضفتي نهر دجلة في تموز من العام 762 ميلادية وأطلق عليها اسم مدينة السلام .
وأدت بغداد منذ إنشائها دورًا محوريًا في الحضارتين الإسلامية والعربية على مدار قرون منذ تأسيسها في العصر العباسي.
ويقول المؤرخ العراقي الدكتور محمد مظفر الأدهمي عندما أكمل المهندسون تخطيط بغداد المدورة أراد الخليفة أبو جعفر المنصور أن يرى المخطط واقعًا على الأرض قبل المباشرة بالبناء، فأمر أن تُخط بالرماد ثم سار على المخطط يدخل من كل باب ويمر في تفاصيل بنائها، ثم أمر أن يوضع على مخطط المدينة المدورة حب قطن ويصب عليه الزيت، فنظر إليها والنار تشتعل فيها فاستوعب تماما مخططها، عندها أمر البدء بحفر أسس المدينة المدورة .
وازدهر العمران فيها في سبعينات القرن الماضي وعُدَّت من بين أفضل مدن العالم. وتميزت بالنصب والتماثيل في ميادينها وشوارعها منذ ستينات القرن الماضي.
واستهجن مدونون على منصات التواصل الاجتماعي الخطاب المحرض على أعمال التخريب دون أي تحرك حكومي، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع العراقي من إصرار الميليشيات على محو تراث العاصمة بغداد ومعالمها التاريخية.
وسبق أن فجرت ميليشيات طائفية التمثال بعد احتلال العراق عام 2003، وأثارت استياء شعبيًا، الأمر الذي دفع السلطات آنذاك إلى إعادة وضع نسخة من التمثال.

عثمان المختار: عندما يحكم التخلف والجهل ويغيب القانون سنسمع دعوات إزالة تمثال أبو جعفر المنصور

وطالب أكاديميون وصحفيون بالتصدي لهذه الدعوات وحماية تراث بغداد، مشددين على أن هذه الدعوات مفتعلة ولها أبعاد سياسية وطائفية وليست أبعادًا تاريخية.
وأبدى الصحفي والباحث السياسي الدكتور جاسم الشمري، استغرابه من هذه الهجمة والنقمة غير المفهومة، وهذا الحقد ضد رموز وشخصيات تاريخية كان لها دور فاعل في تاريخ البلاد، مطالبًا السلطات بالضرب بيد من حديد لجميع مثيري الفتن في العراق.
ويرى مراقبون بأن محاولة إثارة النعرات الطائفية في البلاد إفلاس سياسي لصرف أنظار الشعب العراقي عن سرقات الحكومة وأحزاب السلطة ومشاريع التغيير الديمغرافي الذي تنفذه إيران عبر ميليشياتها في العراق.
وبحسب المراقبين فإن هناك جهات سياسية موالية لإيران تحاول تسويق سرديات جدلية واستخدام أدوات مذهبية من أجل استمالة الجمهور وشحنه طائفيًا.
وفي حوار سابق مع مجلة كل العرب التي كانت تصدر في باريس عام 1985 تحدث الفنان الراحل خالد الرحال الذي نحت تمثال المنصور، عن فكرته الأصلية لتمثال الخليفة العباسي: كان المقرر أن يكون حجم التمثال كبيرًا جدًا، والفكرة شبيهة بنصب الحرية في نيويورك، وأن يوضع وسط نهر دجلة من جهة الراشدية، بحيث يستطيع الناس الدخول إليه والصعود حتى منطقة العينين ومشاهدة بغداد من خلال عيني أبو جعفر المنصور، لكن لظروفٍ مالية أو تقنية لم تتحقق فكرته واقتصر على نحت رأس التمثال الموجود حاليًا في حي المنصور ببغداد .
وترك خالد الرحال عشرات النصب والتماثيل في بغداد والمحافظات من بينها نصب الجندي المجهول الذي دفن في أروقته بعد وفاته عام 1986، فيما قامت أحزاب وميليشيات ولائية بعد احتلال العراق عام 2003 بإزالة أغلب التماثيل والنصب التي تركها الرحال في العاصمة بغداد.
وسخر المحلل السياسي شاهو القره داغي من دعوات إزالة تمثال المنصور في بغداد هل ستقلدون إيلون ماسك وتبدؤون بغزو الفضاء وبعدها غزو الدماغ؟ لا، بل نعمل على هدم تمثال يعرقل مشاريعنا ويقيد أفق أفكارنا، وبعدها سننطلق نحو العالمية .
وفي وقت يحتاج فيه العراقيون إلى الأمن والخدمات وإصلاح واقعهم وتوفير فرص عمل، وتطوير مستقبلهم، تعمل الميليشيات على نشر صور قائد الحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سليماني وأتباعه، ونصب التماثيل له في محاولة لاستفزاز مشاعر العراقيين الذين دمر سليماني مدنهم وغيب أبناءهم.
وفي رد على صور متداولة على منصات التواصل الاجتماعي بفرض القوات الأمنية طوقًا حول نصب أبو جعفر المنصور، قال الصحفي عثمان المختار: منذ صباح اليوم تحيط قوات الأمن بتمثال مؤسس بغداد أبو جعفر المنصور لمنع ميليشيات تابعة لإيران من تدميره .
وأضاف، عندما يحكم التخلف والجهل ويغيب القانون سترى مثل هذه المشاهد .
من جانبه انتقد الإعلامي حيدر الساعدي الهجمة الميليشياوية لإزالة تمثال المنصور، قائلا بدلًا من دعوات إزالة النصب التي استثارت غضبكم، لِمَ لا تغضبون من مصير الشباب المغيبين في السجون، وحال عائلاتهم .
وطالب الساعدي الأصوات الداعية لإزالة النصب، بإزاحة الميليشيات من واقع العراقيين، وإنهاء دور الدولة العميقة بقيادة فائق زيدان ومن يقف خلفه من أحزاب السلطة، وإنهاء ظواهر الاختطاف والقتل والمساومات التي تنفذها ميليشيات إيران.

محاولات طائفية لمحو تاريخ بغداد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى