أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الأوضاع الاقتصادية وانهيار الخدمات يخطفان بهجة العيد من العراقيين

العراقيون يتحدون ظروفهم الصعبة ويحاولون رسم فرحة من وسط المعاناة خلال أيام عيد الأضحى المبارك على الرغم من الأجواء الحارة وانعدام الخدمات.

بغداد – الرافدين
يستقبل العراقيون أيام عيد الأضحى وسط أجواء مشحونة بالغضب، جراء الأزمات السياسية والاقتصادية والخدمية المتلاحقة التي تشهدها البلاد في وقت يحاول الكثير منهم إضفاء أجواء الفرح على حياتهم خلال هذه الأيام المباركة.
ويحرص معظم العراقيين على التمسك بمظاهر العيد وتقاليده المتوارثة، على الرغم من الظروف القاسية التي سرقت منهم بهجة العيد على أمل أن يعود عليهم وهم في حال أفضل.
ويسمى عيد الأضحى بالعيد الكبير لدى المسلمين كونه من أربعة أيام، كما أن من المتوقع أن تكون أجواء عيد الأضحى “شديد الحرارة” في العراق بسبب تمركز كتلة هوائية ساخنة ترتفع معها درجات الحرارة في مدن الجنوب إلى أكثر من 50 درجة مئوية، وملامسة للخمسين في مدن الوسط ببغداد وكربلاء، وأقل بفارق 5 درجات مئوية في المناطق الشمالية بحسب خبراء الطقس.
وأصبح تدهور الخدمات هاجسًا يؤرق العراقيين، لا سيما الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء، خصوصًا في ظل ارتفاع حرارة الصيف ومع إجازة العيد وجلوس أفراد العائلة في البيت أسبوعًا كاملًا، إذ يكون غياب المتطلبات الأساسية مشكلة حقيقية تلاحق حياة العراقيين وتحرمهم أفراحهم.

رائحة “الكليجة” تفوح من بيوت العراقيين عشية عيد الأضحى المبارك

وعلى الرغم من الظروف الخدمية الصعبة والتدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد بعد سنوات من تذبذب سعر صرف الدولار وفقدان الدينار العراقي لقيمته يحرص العراقيون على تلبية متطلبات الفرحة بهذه الأيام المباركة عبر تجهيز حلوى العيد الشهيرة المعروفة شعبيًا باسم “الكليجة”.
ويؤكد المؤرخ محمد خليل كيطان أن العائلات العراقية عادة ما تتحضر لاستقبال عيد الأضحى بصنع حلوى “الكليجة” وصولًا إلى ملابس العيد ولحظات انتظار ارتدائها في الصباح.
ويضيف كيطان، أن “ليلة العيد كانت من أجمل الليالي التي يستقبلها الأطفال والشباب ويتم التحضير لها قبل عدة أيام بالتنظيف وإعداد الحلويات التي يتم تقديمها للضيوف خلال أيام العيد”.
ويتابع، أن “تحضيرات العيد هي إعلان للفرح والغبطة التي تبدأ مع أول خيوط الفجر وتكبيرات المساجد وتهليلات المصلين”.
وأشار إلى أن “للعيد أفراحًا لا تنتهي، فمجرد كلمة عيد كافية لرسم ابتسامة مشفعة بالسرور والابتهاج، على وجوه الأطفال والكبار على حد سواء”.
وتابع “الكثير من هذه الطقوس والعادات بدأت تتلاشى بسبب دخول التكنولوجيا في حياتنا، الأمر الذي جعل الزيارات بين الأقرباء في الأعياد أمرًا ثانويًا، بعدما أصبح تبادل التهاني عبر الهواتف”.
إلى ذلك، يشير الباحث الاجتماعي أحمد الذهبي إلى أن “العادات والتقاليد في عيد الأضحى المبارك موروث اعتادت عليه الاجيال بطقوس وعادات ثابتة للاحتفال”.
ويكمل الذهبي القول إنه “عندما نتحدث عن العادات والتقاليد في العيد بين الماضي والحاضر فإن تدخل التكنولوجيا التي نسفت جزءًا كبيرًا من هذه العادات والتقاليد ولكن تبقى بجزئها البسيط المتبقي هي النكهة الأصيلة للعيد”.
ويتابع، ان “العادات والتقاليد اختلفت مع التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي ومن هذه الاختلافات أن معظم العائلات اكتفت بإرسال برقيات التهنئة بينما في السابق كان الجار يطرق الباب على جاره والعائلات تتبادل الزيارات فيما بينها، أما الآن تراجعت هذه العادات وأصبح من النادر التعامل بها”.
ويلفت إلى أن “الكثير من العائلات محدودة الدخل مع ارتفاع أسعار الدولار أصبحت لا تتمتع أو لا تشعر بنكهة أو فرحة العيد بسبب عدم قدرتها على شراء الملابس الجديدة لأطفالها بالإضافة إلى الأشياء الكمالية الأخرى التي تقتنيها العائلات لتزيين المنزل في العيد”.

العائلات العراقية تواجه صعوبات في تأمين الملابس الجديدة وتغطية تكاليف زينة العيد جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة

وعشية عيد الأضحى الذي تذبح فيه الأضاحي كفريضة دينية، يحرص العراقيون على ذبح الأضاحي في كل عام إلا أن ارتفاع أسعارها والأوضاع الاقتصادية الصعبة دفعتهم إلى العزوف مجبرين عن أداء هذه الشعيرة هذا العام، في حين راح الكثير منهم إلى خيار المشاركة في أكثر من سهم في الذبيحة الواحدة لتقليل التكاليف.
وعلى صعيد متصل يخطط الكثير من العراقيين لإرسال قيمة الأضاحي إلى قطاع غزة، كنوع من المؤازرة والتراحم في ظل حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني منذ تشرين الأول من العام الماضي والتي تسببت إلى افتقار القطاع إلى أبسط مقومات الحياة.
وتأثرت أسعار الأضاحي في العراق إلى عوامل بيئية وأخرى سياسية وأمنية وسط تقاعس حكومي عن ضبط الأسعار التي وصلت إلى الضعف قياسًا بالأعوام السابقة.
ويعزو مربو الأغنام في منطقة النهروان شرقي العاصمة بغداد، ارتفاع أسعار اللحوم، إلى تدخل السيطرات الأمنية التي لا تسمح بعبور العجلات المحملة بتلك الحيوانات إلا بعد دفع “أموال” مقابل ما يعرف بـ”مناداة” من قبل تلك السيطرات للسماح بعبور تلك العجلات وصولها للسوق.
وقال مربي الأغنام في سوق النهروان، فاضل عبد الحسن، إن “أسعار الأغنام بارتفاع متزايد بسبب منع السيطرات الامنية عبور العجلات المحملة بالأغنام ولحومها، بحجة عدم وجود تصريح بعبورها”.
ولفت إلى أن “تلك السيطرات تسمح بعبور العجلات بعد دفع المال لها مقابل المناداة برقم العجلة والسماح لها للوصول الى السوق”، مبيناً أن “هذا الأمر تسبب بارتفاع سعر الأغنام، خاصة أن المواطن العراقي، لديه رغبة دائمة للشراء لحم الغنم العراقي وتفضيله له على باقي أنواع اللحوم اضافة الى المستوردة”.
وأوضح أن “ارتفاع سعر الأغنام تسبب بقلة الطلب عليها من قبل المواطنين وأضر بتجارتهم”.
وأشار إلى أن “ذلك الأمر يحدث بسبب عدم الرقابة الصحيحة من قبل الحكومة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى