أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الاعتقالات والترهيب يلاحقان الصحفيين العراقيين في ذكرى تأسيس الصحافة العراقية

حكومة السوداني تواصل نهجها في التضييق على حرية الرأي وتضع القيود على العمل الصحفي وتلاحق كل من ينتقد فسادها في وقت تصور فيه الدوائر المقربة منها بطريقة تحايلية أوضاع الصحافة بأحسن صورة.

الموصل – الرافدين
دق عاملون في مجال الصحافة في العراق ناقوس الخطر حيال النهج العدواني المتبع ضدهم وتصاعد الانتهاكات التي تطالهم خلال تأدية عملهم الصحفي بما “يقوض حرية التعبير عن الرأي وشعارات الديمقراطية المزعومة في البلاد”.
وأكدوا بمناسبة الذكرى الـ 155 على تأسيس الصحافة العراقية في الخامس عشر من حزيران، على استحالة مقارنة حرية الصحفي العراقي مع رفاقه ببقية دول العالم في ظل محاولات السلطات الحاكمة وضع أسس صلبة لنظام بوليسي بصبغة ميليشياوية يقمع بدوره حق الحصول على المعلومة للمتابع والصحفي بالدرجة الأولى كما كفلته القوانين السارية.
وتعد ذكرى تأسيس جريدة الزوراء في 15 حزيران عام 1869 مناسبة سنوية للاحتفال بعيد الصحافة العراقية، لكونها أول جريدة صدرت في العراق.
وعلى الرغم من عدم وجود أجواء احتفال من قبل الصحفيين أو العاملين بالمجال الإعلامي الذين نشر معظمهم صور زملائهم الذين قتلوا خلال السنوات الماضية فضلًا عن رفاقهم المعتقلين فإن الجهات السياسية والحكومية حرصت بشكل كوميدي على تقديم التهاني للأسرة الصحفية العراقية بمناسبة عيدها.

صحفيون عراقيون يستنكرون صمت نقابة الصحفيين على اعتقال زياد السنجري دون تهمة محددة خلال زيارته إلى الموصل

وامتعض صحفيون عراقيون، من التهاني والتبريكات والوعود التي جاءت بالذكرى (155) لعيد الصحافة العراقية، وذلك بسبب تناقض الوعود مع الانتهاكات على أرض الواقع لاسيما وأن عيد الصحافة جاء متزامنًا مع استمرار زج الصحفيين بالسجون الحكومية بدعاوى كيدية لاسيما ما حصل مع الصحفي العراقي زياد السنجري.
وعرف السنجري بمواقفه الإعلامية المناهضة للميليشيات التابعة لإيران وسطوة الأحزاب والميليشيات المسلحة لاسيما ميليشيا بابليون وزعميها ريان الكلداني على خلفية جرائمها وفسادها في الموصل.
واستنكر الصحفيون صمت نقابة الصحفيين وبقية المؤسسات المعنية بالحريات الصحفية على اعتقال الصحفي زياد السنجري الذي اعتقلته القوات الحكومية في مدينة الموصل.
وقال الصحفي العراقي عثمان المختار إن ” نقابة الصحفيين تحولت لهيئة توزيع منح سنوية بلا أدنى حراك محترم لحماية الصحافيين”.
وأضاف المختار في منشور له على منصة أكس “لليوم السابع يتواصل سجن الصحفي العراقي زياد السنجري في الموصل بدون توجيه تهمة واضحة له”.
وتابع “لم يندد أحد بهذا الاضطهاد لكل صوت لا يُعجب الحكومة والأحزاب؛ مُخجل هذا التمييز الطائفي حتى بالتعاطف”.
وأوضح الصحفي العراقي أن “السنجري صحفي منذ 20 عامًا عمل خلالها مع رويترز والجزيرة والغارديان البريطانية وأنه يعاني من الأمراض ولم يسمح له حتى بأخذ علاجه”.
وبين أن “الصحفي زياد السنجري في سجن الاستخبارات حاليًا بتهمة كشف وثائق نشرها قبل سنة تتحدث عن فساد بعقود وإحالات مالية في نينوى”.
بدوره وصف الصحفي العراقي إياد الدليمي تبادل التهاني بين ساسة البلد بمناسبة العيد الوطني للصحافة في العراق بقمة النفاق وذروة سنامه في وقت لايزال فيه مصير الصحفي زياد السنجري مجهولًا على الرغم من مضي أكثر من 7 أيام على اعتقاله في الموصل.
وتابع الدليمي في منشور له على منصة أكس “حتى أن الجهات الرسمية لم تصدر أي تفاصيل، بل إن نقابة الصحفيين التزمت الصمت!!”.
وخلص بالقول “هذا هو العراق الذي يتحدث عنه المطبلون لحكومته، غير آمن ويختنق في ظل حكومة الولائيين إذ أن الزميل السنجري اعتقل لا لشيء سوى لأنه عمل على كشف ملفات الفساد في الموصل”.
وتشهد مدينة الموصل منذ استعادة السيطرة عليها من قبضة تنظيم داعش حملات متواصلة لتقييد الحريات وملاحقة الصحافيين والناشطين الذين ينتقدون الفساد والفشل الإداري والتلكؤ الحكومي في تنفيذ المشاريع وتقديم الخدمات.
وعلى غرار ما حصل للصحفي زياد السنجري فإن مصادر مطلعة أكدت تعرض الصحفي محمود الجماس من الموصل للاعتقال قبل نحو شهرين من قبل قوة تابعة لميليشيات الحشد الشعبي على خلفية نشر معلومات عن نفوذ وسيطرة بعض الفصائل على الوضع السياسي والاقتصادي في المدينة، ثم أطلق سراحه بعد تحذيره من نشر أي معلومات تخص الحشد الشعبي وفصائله.

مراسلون بلا حدود: صحفيو العراق يواجهون تهديدات من جميع الجهات في ظل ضعف الدولة التي تفشل في واجب حمايتهم

وحل العراق بالمرتبة 169 عالميًا بحرية الصحافة من أصل 180 دولة في حرية الصحافة بحسب تصنيف لمنظمة مراسلون بلا حدود في تصنيفها لحرية الصحافة للعام 2024، متراجعًا بدرجتين عن العام 2023.
ونددت المنظمة غير الحكومية خصوصًا “بغياب واضح للإرادة السياسية من جانب المجتمع الدولي لإنفاذ المبادئ المتعلقة بحماية الصحافيين”.
وتشير البيانات التي اعتمد عليها تقرير المنظمة إلى تراجع نقاط العراق في المؤشر السياسي من 39.2 الى 20.6، وتراجع المؤشر الاقتصادي من 28 الى 22.1، وتراجع المؤشر الاجتماعي من 36 الى 29.4 نقاط، وتراجع مؤشر الأمان من 29.9 الى 28.6.
ويصف تقرير مراسلون بلا حدود العراق بأنه يعيش بين الإرهاب وعدم الاستقرار السياسي والاحتجاجات، حيث يواجه الصحفيون تهديدات من جميع الجهات في ظل ضعف الدولة التي تفشل في واجب حمايتهم.
ويكشف التدهور الخطير في الحريات بشكل عام في العراق حقيقة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، التي تفاقم القلق المتصاعد جراء ارتفاع وتيرة الاحكام القضائية وأوامر القبض والاستقدام والحكم الغيابي ضد الصحفيين وفقًا للقوانين التعسفية.
ويرى الخبير القانوني علي البياتي أن العراق “يشهد انتكاسة في ملف الحريات، ويظهر ذلك من خلال ملاحقة واستهداف الناشطين والإعلاميين وأصحاب الرأي”.
وأشار البياتي، إلى أن الطبقة السياسية “تحاول أن تجير القضاء لصالحها، وأن تورطه في انتهاكات كثيرة، ومنها استهداف الصحافيين والناشطين في كشف ملفات الفساد”.
وشدّد على “ضرورة إبعاد القضاء عن ممارسات وسلوك الطبقة السياسية التي لا تفكر إلا بمصالحها وتوسعة شبكات الفساد في البلاد”.
وسبق أن صوت البرلمان الحالي نهاية آذار الماضي، على تعديل قانون العقوبات العراقي 111 لعام 1969، حيث تم تعديل المادة 226 من قانون العقوبات الخاصة بتجريم إهانة السلطات العامة، مع استثناء حق المواطن في التعبير عن رأيه ونقد السلطات العامة بقصد تقويم الأداء وحق إبداء المظلومية.
كما تثير اللائحة التي أعدّتها هيئة الإعلام والاتصالات في العراق المعنية بتنظيم المحتوى الرقمي جدلًا واسعًا بين الأوساط الإعلامية والأكاديمية والقانونية، ولا سيما حول بعض ما ورد في فقراتها من عقوبات تجاه المحتويات الرقمية والمواقع الإخبارية.
ويرافق تشريع هذه القوانين التي تضيق الخناق على العمل الصحفي عمليات قتل وترهيب وحالات بث للرعب في نفوس الصحفيين بهدف إخضاعهم إلى ما تسعى له حكومة السوداني في تمجيدها ونفخ منجزاتها الهشة وإيقاف معارضتها.
وتتنافى المنهجية الميليشياوية والملاحقات غير القانونية وعمليات إقصاء الصحفيين مع وعود السوداني الذي تعهد بحماية حرية الإعلام وترسيم الديمقراطية مما يجعله موضع اتهام بسبب العديد من الانتهاكات المسجلة والموثقة لدى الكثير من المنظمات المعنية بحقوق الصحفيين بالعراق.
وفي ضوء هذه المعطيات الخطيرة المحدقة بالعمل الصحفي يتساءل الكاتب العراقي كرم نعمة “كيف يمكن إنقاذ الإعلام العراقي”.
وقال نعمة المهتم بشؤون الإعلام وكان كتابه الأخير بعنوان “السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي” تخسر الحقيقة وهي تخوض النزال بسوق تجارة الأفكار في العراق المخطوف لأن كومبارس الصحافة يقدمون الخدمات الصحافية مدفوعة الأجر للحكومة ويكتفون بمجرد لعب دور الهامش لأخبارها بعرض فسادها وتغولها بوصفه منجزات.
وأوضح “الصحافي لايقول فعلت بل بكل تواضع يقول سمعت وشاهدت! أما عندما يقدم الخدمات الصحافية مدفوعة الأجر ويعرضها بوصفها اجابات مطلوبة ويدير ظهره للأفكار المبتكرة والاكتفاء بفكرة ليس ثمة مايمكن أن نتعلمه فإنه سيجعل من الفضاء الإعلامي مقبرة لنفسه كما يحدث مع قطاع طرق قنوات الميليشيات والأحزاب الطائفية في العراق”.
وأضاف لا يمكن إنقاذ الإعلام من دون الوصول بالعراق إلى المعادلة الصفرية، لأن العملية السياسية بنيت على فرضية غير وطنية، وذلك ما ترتب عليه إعلام غير مخلص لجوهر الصحافة، وتعليم وثقافة وفن.
وقال كرم نعمة “ذلك لا يعني أن نبقى مكتوفي الأيادي بذريعة أننا لا نستطيع عمل شيء، لا أبدًا، علينا أن نصنع خطابنا البديل كما يحدث الآن في مساحات وسائل التواصل، ومثالنا شباب ثورة تشرين جيل لم يمنح الفرصة الطبيعية لحياة طبيعية رفع أحد أهم وأعمق الشعارات (نريد وطنًا) وغير كل الأفكار والتوقعات أن الشخصية العراقية خاملة لأحزاب وميليشيات طائفية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى