عراقيون يشككون بتعهد السفيرة الأمريكية الجديدة بالقضاء على ميليشيات إيران في العراق

بغداد- الرافدين
شكك مراقبون سياسيون عراقيون بـ “تعهدات” مرشحة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمنصب سفيرة الولايات المتحدة في العراق تريسي آن جاكوبسون، بأنها ستقف بوجه الميليشيات الولائية المدعومة من إيران.
وأجمع عراقيون على أن تعهدات المرشحة جاكوبسون أمام الكونغرس لا تتعدى بأن تكون ورقة تهدف من خلفها القبول من قبل الرأي العام في الولايات المتحدة، بعد فشلها المريع أثناء تكليفها من قبل الرئيس بايدن بإنقاذ ما تبقى من عملاء الولايات المتحدة بعد انسحاب القوات الأمريكية في أفغانستان.
وشددوا على أن تجربة أكثر من عشرين عاما كشفت للعراقيين بما لا يقبل الشك بأن التخادم الأمريكي الإيراني في العراق مستمر من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه.
واحتلت الولايات المتحدة العراق وهي في المنطقة لأهدافها الخاصة، وإيران أخرجت العراق من معادلة القوة في المنطقة، واستطاعت أن تفرض نفسها قوة كبيرة فيها.
وقالوا إن تجربة السفيرة السابقة آلينا رومانوسكي كشفت بوضوح كيف أضفت شرعية سياسية على ميليشيات ولائية شكلت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، وهي سياسة أمريكية قائمة منذ احتلال العراق والسماح لأذرع إيران بالسيطرة على مقدرات الدولة في العراق.
وأكدت مرشحة الرئيس بايدن في كلمتها الافتتاحية أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية على أن إيران لا تزال ممثلاً خبيثًا ولها تأثيرا مزعزعا للاستقرار في المنطقة.
وقالت جاكوبسون “نحن ندرك أن التهديد الرئيسي لاستقرار وسيادة العراق هما الميليشيات المتحالفة مع إيران”.
واوضحت “تتلقى هذه المجموعات الأسلحة والتدريب وغير ذلك من أشكال الدعم من إيران، وتستخدم الميليشيات أسلحتها وأموالها من أجل تعزيز النفوذ الإيراني في العراق”.
وتعهدت إذا تم الموافقة على اختيارها بهذا المنصب ستستخدم كل الأدوات السياسية لمواجهة هذه الجماعات الخبيثة ووقف نفوذ إيران في العراق.
وزعمت بأنها سوف تعزز استقلال العراق في مجال الطاقة كي لا تتمكن إيران من استخدام الطاقة كسلاح ضد العراق.

وقالت في كلمتها التي نشرت كاملة على موقع الكونغرس الأمريكي “سأدعم العمل المهم الذي تقوم به وزارة الخزانة لتحديث النظام المالي في العراق وربطه بالنظام المالي الدولي، مما يؤدي إلى تآكل قدرة إيران على ذلك الاستفادة من البنوك العراقية”.
وأكدت جاكوبسون، التي تمتلك خبرة تزيد عن ثلاثين عامًا في وزارة الخارجية، أنها ستعمل بشكل وثيق مع اللجنة لتعزيز المصالح الأمريكية في العراق.
وأشارت إلى خبرتها السابقة كسفيرة للولايات المتحدة في تركمانستان وطاجيكستان وكوسوفو، وكذلك كقائمة بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة في إثيوبيا، مؤكدة على أن هذه التجارب جعلتها أكثر تأهيلاً لتعزيز المصالح الأمريكية في العراق.
وبينما مارست حكومة الإطار التنسيقي التي تنضوي تحتها الميليشيات الولائية، الصمت الرسمي على تصريحات مرشحة بايدن لمنصب السفيرة في بغداد، اعتبر المستشار الأمني للسوداني حديث السفيرة المرشحة لتمثيل واشنطن لدى بغداد بأنه حديث لا يتناسب ومهامها الدبلوماسية.
وقال خالد اليعقوبي في تغريدة نشرها على موقع “إكس” بأن كلام جاكوبسون يمثل “عدم فهم واضح للعراق وتدخلا في شؤونه الداخلية والإساءة إلى جيرانه”.
ولا يتوقع معلقون سياسيون بحدوث صدام مرتقب مع الميليشيات بعد تسلم السفيرة الجديدة لمهامها في بغداد، وعزوا ذلك إلى أن بوصلة هذه الميليشيات تدار من إيران التي لا تريد أي مواجهة مع القوات الأمريكية.
وقالوا إن كلام قيادات الميليشيات عن القوات الأمريكية مجرد استهلاك خطابي فاقد الفعالية، فالميليشيات منضوية بالأساس في حكومة الإطار المرتبطة باتفاقية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، ومن نظام سياسي يعُد واشنطن صديقًا للعراق.
واعتبروا أن تصريحات جاكوبسون وقبلها تحذير المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، من عدم إطاعة ميليشيات الحشد الشعبي لأوامر السوداني، بأنه من مقتضيات الصراع الأمريكي الإيراني التخادمي.
وتساءلوا “كيف لنا أن نفهم هذا التناقض في ظل الاجتماعات المستمرة مع السفيرة الأمريكية آلينا رومانوسكي، والتي تكاد تكون أسبوعية لضبط سياسة الحكم؟”.
وقال الكاتب العراقي كرم نعمة “دعونا نترقب ما الذي ستفعله السفيرة جاكوبسون مع ميليشيات وأحزاب إيران في العراق وفق تعهدها أمام الكونغرس.
وأضاف “علينا ألا ننسى أن التهاون الأمريكي أكثر من منح شرعية سياسية لتلك الميليشيات في حكم العراق”.
061324_Jacobson_Testimony