أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

حكومة السوداني تفرج عن معتقلي تظاهرات الناصرية في محاولة لتهدئة النقمة الشعبية

رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لا يمتلك حلولًا واقعية تستجيب لمطالب المتظاهرين وتحول دون اندلاع احتجاجات شعبية ضد حكومته في مدن جنوب العراق.

ذي قار – الرافدين
أجمع ناشطون على نجاح الضغط الشعبي على حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بعد إفراجها عن 18 معتقلًا من متظاهري شركة نفط ذي قار بكفالة ضامنة، وذلك بعد أن أمضوا عشرة أيام قيد الاحتجاز بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد.
وأكدوا على أن حكومة السوداني تحاول في هذه الخطوة تفادي اندلاع التظاهرات مجددًا بعد عطلة عيد الأضحى في ظل غليان شعبي متصاعد على خلفية فشلها بالإيفاء بأي من وعودها الخدمية لاسيما مشكلة الكهرباء المزمنة فضلًا عن عجزها في معالجة مشكلة البطالة.
وعادت الأنظار مجددًا في العراق نحو محافظة ذي قار جنوبي البلاد قبل أسبوعين بعدما شهدت تظاهرة احتجاجية لموظفين مؤقتين طالبوا بتثبيت توظيفهم قمعًا دمويًا انتهى باعتقال 34 متظاهرًا فضلًا عن إصابة أكثر من 20 متظاهرًا بعدما تعرضوا للضرب والتنكيل والسحل على يد عناصر مكافحة الشغب في مشهد أعاد للذاكرة أحداث ثورة تشرين عام 2019 التي عمت العراق وكانت ذي قار حينها من أبرز المحافظات في خارطة الحراك الثوري.
وقال نشوان حسن محسن وهو أحد المتظاهرين المفرج عنهم إن “قاضي التحقيق في محكمة استئناف ذي قار قرر الإفراج عن 18 متظاهرًا جرى اعتقالهم إثر مشاركتهم في تظاهرة موظفي العقود في شركة نفط ذي قار التي تعرضت للقمع قبل أسبوعين”.
وبين أن “قرار الإفراج صدر بعد يوم واحد من تنازل مدير شركة نفط ذي قار عن الدعاوى المرفوعة ضد المتظاهرين”.
وتحدث محسن عن توجيه تهم للمتظاهرين وفق المادة 197 من قانون العقوبات العراقي التي تتعلق بالإضرار بالمال العام والتهجم على دوائر الدولة رغم تعرض المتظاهرين للقمع.
وعن مصير بقية المعتقلين قال المتظاهر المفرج عنه إن “عدد المعتقلين كان في بداية حملة الاعتقالات 34 متظاهرًا أفرج عن 16 منهم في بادئ الأمر وبعدها افرج عن البقية البالغ عددهم 18 متظاهرًا”.
وأضاف أن “المتظاهرين الـ 18 لم يفرج عنهم إلا بعد مضي عشرة أيام قيد الاحتجاز في مركز شرطة سديناوية”.
ويرى محسن ان “المتظاهرين المعتقلين تعرضوا للظلم والاجحاف كونهم خرجوا للمطالبة بتثبيتهم على الملاك الدائم وفق ما نص عليه القانون الساري الذي يضمن حق التثبيت للموظفين المتعاقدين مع الدوائر الحكومية بعد مضي سنتين في الخدمة”.
وأشار إلى أنهم “لم يتعرضوا للغبن الاداري فحسب وانما جرى قمع المتظاهرين من النساء والرجال بصورة وحشية بعد المطالبة بحقوقهم ومن ثم اعتقال عدد منهم وتوجيه تهم خطيرة لهم وفق مادة قانونية تتضمن احكامها عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد”.

مثلت مدينة الناصرية نقطة مركزية للحراك الثوري ولم تتراجع أمام عمليات القمع من قبل القوات الحكومية والميليشيات الداعمة لها

وعن محاولات تهدئة الشارع أكد الناشط حيدر الفتلاوي أن الحكومة تحاول امتصاص الغضب الشعبي بكل الطرق خوفًا من موجة تظاهرات واسعة.
وقال إن “المتظاهرين تلقوا اتصالات من مسؤولين حكوميين وعدوا بحل المشكلة، وأنهم مكلفون رسميًا بمتابعتها، وتلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين”.
وشدد على أن الحكومة تسعى لمنع أي حراك شعبي أو ردة فعل قد تحدث في الناصرية على أثر تلك الاعتداءات.
وأكد الناشط على أن الاعتداء على المتظاهرين أوقع 16 مصابًا، بعض منها خطير، وهو يمثل انتهاكًا خطيرًا وقمعًا للمطالبة بالحقوق، وهو استفزاز للناصرية.
وأضاف أن “القمع لا ينهي التظاهرات الشعبية، وأن تظاهراتنا ستستمر حتى القصاص العادل من المعتدين، والحصول على حقوقنا وأن الناصرية لن تسكت، وتجب محاسبة المعتدين وإقالة المسؤولين عن القمع”.
وأثار استخدام العنف المفرط تجاه موظفي العقود في شركة نفط ذي قار موجة من السخط والاستياء بين الأوساط المجتمعية والسياسية قبل أن ينظم المئات من الناشطين تظاهرات احتجاجية في ساحة الحبوبي أبرز ساحات التظاهر إبان ثورة تشرين لشجب أعمال القمع والمطالبة بوقف العنف ضد المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة وسط تلويح بتوسيع الحراك الشعبي احتجاجًا على الفشل الحكومي بمختلف الأصعدة.
وقال الإعلامي والناشط في تظاهرات ذي قار حسين العامل إن توسع واستمرار التظاهرات مرهون بعوامل انطلاقها، وحرص المواطنين على المشاركة في تحقيق مطالبهم المشروعة.
وأكد العامل على أن مطالب الحراك الشعبي هي مطالب تظاهرات ثورة تشرين نفسها، المتمثلة في التغيير والإصلاح الاقتصادي، ووقف المحاصصة، وإلغاء مجالس المحافظات، ومحاربة الفساد، وتوفير فرص عمل للعاطلين من الخريجين، واستعادة سيادة الدولة وهيبتها.
ومن أهداف الحراك الشعبي أيضًا “عدم جعل العراق حديقة خلفية لدول الجوار أو ساحة لتصفية حساب الدول المتصارعة”، فضلًا عن الاهتمام بالصناعة الوطنية والقطاع الزراعي والإنتاج الوطني، حسب الناشط العراقي.
ويشير العامل إلى أن هذه المطالب جميعها من مطالب تظاهرات “تشرين 2019″، وزاد عليها مطلب الكشف عن قتلة المتظاهرين وقمعهم، وإنهاء فوضى السلاح.
وكشفت الاحتجاجات المتواصلة في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار منذ أكثر من أسبوع، بأن شرارة الغضب الشعبي تضرم بين جيل شاب يشعر بالظلم والقهر والتهميش وفقدان الأمل عندما تسد بوجهه فرص الحياة والكرامة في بلده.

استخدام العنف المفرط ضد التظاهرات المطلبية في ذي قار يثير موجة من السخط والاستياء بين الأوساط المجتمعية والسياسية

ويدرك رئيس الحكومة محمد شياع السوداني طبيعة الغضب الكامن في نفوس أهالي الناصرية منذ زيارته الأخيرة في شهر كانون الثاني الماضي التي تجنب فيها اللقاء بأي من المواطنين.
وأحيطت زيارة السوداني إلى مدينة الناصرية بحماية خاصة وحددت مساراتها مسبقًا للحيلولة دور مروره بأي من الطرقات والشوارع خشية من الغضب الشعبي المتفاقم في المدينة.
ولم يمر السوداني في أول زيارة له للناصرية بأي من طرقات المدينة الرئيسية ومركزها، فيما انتشرت قوات أمنية أرسلت إلى المحافظة قبل يومين من الزيارة لحمايته من أي غضب شعبي خصوصًا من أسر ضحايا ثوار تشرين وشهداء جسر الزيتون وقتلة المتظاهرين في شارع الحبوبي من القوات الحكومية وعناصر الميليشيات.
ويرى مراقبون بأن الاحتجاجات كامنة في نفوس الشباب وهي أشبه بقدر ضغط كاتم يغلي في صيف مدن العراق اللاهب وليس من المستبعد انفجاره بأي لحظة ممكنة.
وقالوا إن مدينة الناصرية مثلت نقطة مركزية للحراك الثوري خلال ثورة تشرين ولم تتراجع أمام عمليات القمع من قبل القوات الحكومية والميليشيات الداعمة لها، وبمجرد انطلاق الاحتجاجات فيها مجددًا ستزيد من موجة الغضب وتتوسع إلى المدن الأخرى.
وأكدوا على أن السوداني يشعر بذلك، ومحاولته الأخيرة لمنع اندلاع الاحتجاجات في محافظة المثنى المجاورة لذي قار، تكشف أنه لا يمتلك حلولًا واقعية تحول دون اندلاع احتجاجات شعبية ضد حكومته في مدن جنوب العراق.
وتوقع المحلل السياسي غازي فيصل أن تمتد الاحتجاجات والحراك من ذي قار لتشمل جميع مناطق الجنوب والوسط.
وعزا فيصل أسباب تجدد هذه الاحتجاجات ضد الطبقة الحاكمة إلى انتشار “المكاتب الاقتصادية” للأحزاب النافذة التي تتسبب في بقاء طبقات الشعب فقيرة معدمة تعاني انعدام العدالة والتوزيع العادل للثروة حيث ترتفع معدلات الفقر، خاصة أن محافظة المثنى وصلت فيها نسبة الفقر إلى 50 بالمائة، وفقًا للتقديرات الرسمية.
وفي محافظة بابل التي تفصلها محافظة القادسية عن ذي قار توقع الناشط المدني ورئيس “منظمة فعل” (غير حكومية) عبد الحسن الخفاجي أن يمتد الحراك إلى محافظات الوسط.
وبين الخفاجي أنه في حال استمرار الحراك الشعبي في الجنوب، فإن بابل لن تكون بمعزل عنه.
وقال إن بابل -مثل المحافظات الأخرى- تفتقر إلى أبسط الخدمات وتعاني سوء الإدارة وانتشار الفساد وانعدام البنى التحتية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى