أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

التصحر والجفاف يسلبان من العراق 15 بالمائة من الأراضي الزراعية

لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية: التصحر وشحة المياه يدقان ناقوس الخطر القاتل في العراق وعلى الحكومة التعامل الفوري والجدي مع الملف.

بغداد – الرافدين
حذر المركز العراقي للرصد البيئي من استمرار ما يعرف بالزحف الصحراوي في العراق الذي يفقد 400 ألف دونم سنويا بسبب التصحر. وأكد المركز أن الخطر بات يهدد باحتلال أراضي العراق التي توفر للبلاد الأمن الغذائي فيما تستمر عمليات تجريف الأراضي الزراعية.
وألقى المركز باللوم على الحكومة التي تفتقد خطط ومشاريع حقيقية لمواجهة الخطر الداهم على البلاد، ومن ثم الحفاظ على الأراضي الرطبة من الصحراء وفي مقدمتها مقتربات الأهوار، فضلًا عن استثمار الموارد المائية المتاحة بحرفية، وتفعيل مشاريع الأحزمة الخضراء في عموم المحافظات، لتثبيت زحف الكثبان الرملية باتجاه مراكز المدن والأراضي الزراعية.
من جانبه كشف المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق، عن خسارة العراق 15 بالمائة من الأراضي الزراعية بسبب التصحر والجفاف.
وقال رئيس المركز فاضل الغراوي إن “مساحة الأراضي المتصحرة في العراق تبلغ نحو 27 مليون دونم أي ما يعادل تقريبا 15‎ بالمائة من مساحة البلاد، فيما نحو 55‎ بالمائة من مساحة العراق تعد أراضي مهددة بالتصحر”.
وبين الغراوي أن “أكثر المحافظات تضررًا هي ذي قار بنسبة تضرر بلغت 53 بالمائة، أما باقي المحافظات فالنسب فيها تتراوح من (1-14) بالمائة”.
وتابع أن “هنالك عوامل طبيعية وبشرية تسبب التصحر في العراق، مثل المناخ الجاف والحار، وانخفاض نسبة تساقط الأمطار، والرياح السائدة، والتغير المناخي، والتلوث النفطي”.
وطالب الغراوي الحكومة بإطلاق مشروع الإنعاش البيئي خلال السنوات الخمس القادمة يتضمن زرع غابات ومحميات طبيعية في الصحراء وتطبيق الاستمطار الصناعي وإنشاء النهر الدوار للحفاظ على مياه دجلة والفرات ومنع تجريف البساتين وبيعها كقطع سكنية وإطلاق مبادرة زرع مليار نخلة ومعالجة مشاكل التلوث البيئي.

حكومة السوداني تفتقر إلى المعالجات التي تحد من ضرر التغير المناخي على حياة المواطن العراقي

وتقف حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عاجزة ومن دون أي حلول واستراتيجية معلنة، على الرغم من التحذيرات المستمرة من خطر الجفاف والتغير المناخي على العراق.
ويصنف العراق من بين الدول الخمس الأكثر تضررًا من التغير المناخي، إلا أن حكومة السوداني تستمر بتهميش هذا الملف بافتقارها إلى معالجات تقلل من ضرر الجفاف على المجتمع العراقي.
وتتخاذل الحكومة في تنفيذ الإجراءات اللازمة لمكافحة التصحر في العراق في ظل عدم وجود تشريعات وسياسات واضحة وفعالة لحماية الأراضي من التصحر، والفساد والتدخلات السياسية، بالإضافة إلى تأثير النشاطات النفطية والصناعية على التلوث والتغير المناخي.
واتسعت رقعة المساحات الصحراوية في العراق بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب التغيرات المناخية التي ضربت مساحات زراعية واسعة من بلاد الرافدين، مما يشكل منحى خطرًا على الأمن المائي والغذائي وتأثيراته في الخطط الزراعية تزامناً مع الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة في البلاد، تزامناً مع انحسار الإطلاقات المائية لدول المنبع.
وأكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق أن مناطق الأهوار هي الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي، مشيرًا إلى أن بلاده تفقد نحو 400 ألف دونم (400 كيلومتر مربع) من الأراضي الزراعية سنويًا بسبب التغيرات المناخية.
وقال الممثل المقيم للبرنامج أوكي لوتسما إنه “تم تصنيف العراق في المرتبة الخامسة بين الدول الأكثر عرضة للتأثر بالتغير المناخي”، مشيراً إلى أن “درجة الحرارة تزداد بمعدل اثنتين إلى سبع مرات أسرع من الدرجات العالمية القياسية”.
وأضاف ممثل البرنامج الأممي أن “مناطق الأهوار الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي”، منوهاً بأن “السنوات الأخيرة شهدت زيادة في درجات الحرارة ووصولها إلى أكثر من 55 درجة مئوية، مما زاد من تواتر وشدة نوبات الجفاف”.
في حين قالت نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار في مجلس النواب زوزان كوجر إن الجفاف يشكل خطرًا على الأمن الغذائي والاقتصادي والمجتمعي في البلد، سواء كان بسبب التغيرات المناخية وندرة الأمطار والاحتباس الحراري أو قلة الواردات المائية في نهري دجلة والفرات وتأثرها بقلة الإطلاقات من دول الجوار.
وأضافت أن القطاع الزراعي الأكثر تضررًا، إذ أصاب الجفاف 70 في المائة من الأراضي الزراعية، إذ إنه يعتمد على مياه دجله والفرات بنحو 80  بالمائة، لافتة إلى أن المحافظات الجنوبية تضررت بصورة أكبر.
ونوهت كوجر بأهمية أن يكون هناك خطط استراتيجية وتعاون بين كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في تلك المناطق لمواجهة هذه المشكلة.

مناطق الأهوار الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي

وفي هذا السياق، أكد عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، رفيق الصالحي، حاجة العراق لخطط استراتيجية رصينة لمكافحة التصحر في البلاد.
وقال الصالحي في حديث، إن “استصلاح الأراضي الزراعية يحتاج لأسس صحيحة لمقاومة الجفاف”. مبينًا أن توفير الأمن الغذائي يستوجب رفع التحديات لمكافحة التصحر والحفاظ على التنوع البيولوجي مع التغيرات المناخية.
وأضاف أن “التصحر وشحة المياه يدقان ناقوس الخطر القاتل في العراق وعلى الحكومة التعامل الفوري والجدي مع الملف”.
ويرى مختصون، أن الحلول والخطط تحتاج إلى إرادة سياسية واجتماعية ودولية قوية لتنفيذها في ظل الوضع الراهن، ولكنها ليست مستحيلة. إذ ان العراق لديه إمكانيات وموارد كبيرة يمكن أن تساهم في مواجهة التحديات البيئية والزراعية، إذا ما تم استغلالها بشكل صحيح وفعال.
بالمقابل يرى الخبير البيئي إياد عبد المحسن بأن “وزارات الصحة أو البيئة وهي الوزارات المعنية بهذا الملف، لا يتوفر فيها مختصون حقيقيون لإدارة ملف التصحر لأن هذه الظاهرة تحتاج إلى خبراء حقيقيين يحملون خلفيات علمية عن هذا الموضوع، إذ أن نسبة عالية ممن يدخلون إلى مجال البيئة بعد 2003 هم غير مختصين لاسيما أن الموضوع تطبيقي يحتاج إلى مختصين أكفاء وعمليين ومعرفة شاملة بالمواقع البيئية العراقية”.
وأشار إياد عبد المحسن إلى أن “العراق بحاجة إلى تخطيط كامل ودراسة شاملة للمواقع البيئية لتنفيذ حملة كبيرة لمواجهة التصحر والجفاف، على أن تستخدم التكنولوجيا الحديثة في تقنيات الري لإدارة المياه بترشيد”.
ولفت  إلى ضرورة “إدارة الملف المائي بشكل صحيح، فحرب المياه موجودة في كل دول العالم، وهناك أنهر جفت وأنهر بقيت حية، وأنهر مريضة، والوصف الأخير هو ما ينطبق على دجلة والفرات”.
من جانبه، يؤكد الخبير البيئي حمزة رمضان أن “الحكومة تتحدث عن دراسة استراتيجية لمكافحة التصحر مصممة من قبل خبراء إيطاليين وأردنيين، ولكن يبدو أن رائحة الفساد غير بعيدة عنها، فالدراسة لا تمت إلى الاستراتيجية بصلة ولم تخرج على ضوء التغير المناخي، وليست لدى أحد الجرأة على كشف هذا، حتى وزير البيئة نفسه على الرغم من خبرته بهذا المجال”.
وشدد حمزة رمضان على أن “كل المبادرات هي عبارة عن كلام إعلامي لا أكثر، فيجب عند الحديث عن زراعة أو حزام أخضر الإعلان عن الخطة وكم تستهلك من المياه وتحديد المساحة الطولية والعرضية والبدء بنقل الآلاف من خريجي كلية الزراعة حتى لو كان على سبيل التعاقد والمباشرة في العمل، وليس إطلاق الحملات على الفيسبوك والإعلام”.

التصحر وشحة المياه في العراق ينذران بعواقب اقتصادية وديموغرافية في ظل غياب الخطط الحكومية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى