أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيبلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

عراقيون يهربون من انقطاع التيار الكهربائي للسباحة بمياه الأنهر الملوثة

مع انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة في اليوم، تلجأ الكثير من الأسر إلى المولدات الكهربائية فيما يصبح التكييف في المنازل ترفًا في بلد غنيّ بالنفط لكنه يعاني من تهالك البنى التحتية ونزاعات واستمرت لعقود وسياسات عامة غير فعالة وفساد حكومي.

بغداد– في حيّ الكريعات السكني في شمال بغداد، يسبح عامل البناء موسى عبدالله (21 عامًا) يوميًا في نهر دجلة إذ “لا خيار آخر” لديه في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة في العراق والانقطاع المزمن للتيار الكهربائي.
ويقول العامل بملابسه المبلّلة والملطّخة بدهان أبيض لوكالة الصحافة الفرنسية “نحن شباب ونريد أن نستمتع بوقتنا. إلى أين نذهب؟ في البيت لا كهرباء وحرارة المياه حارقة”.
ويضيف فيما الحرارة 47 درجة مئوية عند الساعة الرابعة عصرًا “يتسرّب مني العرق وأشعر أنني انتهيت بحلول نهاية اليوم بسبب الشمس”.
ويتابع “لا خيار آخر” سوى نهر دجلة حيث “المياه ملوثة”.
في العراق الذي يضمّ 43 مليون نسمة، لا يميّز الحرّ الشديد بين الطبقات الاجتماعية في الليل كما في النهار. غير أن سبل مواجهة ارتفاع درجات الحرارة تختلف، فيلجأ البعض إلى الخيارات المجانية مثل الأنهر على الرغم من تلوث مياهها فيما يقصد آخرون صالات ترفيهية فيها مياه وتكييف.
ومع انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة في اليوم، تلجأ الكثير من الأسر إلى المولدات الكهربائية فيما يصبح التكييف في المنازل ترفًا في بلد غنيّ بالنفط لكنه يعاني من تهالك البنى التحتية نزاعات واستمرت لعقود وسياسات عامة غير فعالة وفساد حكومي مستشري.
وفيما يرتدي عبدالله صندلا بني اللون ليعود إلى منزله للاستحمام، يقفز رشيد الراشد البالغ 17 عامًا في المياه حيث كان اثنان يغسلان شعرهما بالصابون.
ويقول الشاب الذي يعمل في جمع النفايات “الجو حار في المنزل ولا يمكنني أن أبقى فيه وقتًا طويلًا”.
وفي منطقة أخرى على ضفاف دجلة، يختلف المشهد إذ لم يكن أحدًا في النهر سوى دورية لشرطة النجدة النهرية أبعدت نحو عشرة فتيان عن المياه.
ويقول أحد عنصرَي الدورية طالبًا عدم الكشف عن هويته “كلّما أبعدناهم عن المكان يعودون، إلى أن يغرق أحدهم”.
ويضيف مشيرًا إلى مقطع فيديو على هاتفه “هذا طفل عمره 11 سنة انتشلناه ميتًا من المياه بعدما ظلّ غارقًا مدة يوم ونصف اليوم”.
وفي محافظة بغداد وحدها، قضى ستة أشخاص معظمهم دون سن العشرين غرقًا في نهر دجلة بين الأول من أيار والتاسع عشر من حزيران، حسبما أفاد مصدر في شرطة بغداد.
وفيما تبقى السباحة في النهر الخيار الوحيد لمَن يريد الهرب من الحر الشديد مجانًا، يلجأ آخرون إلى مدن الألعاب المائية.
في مدينة ألعاب بغداد المائية في منطقة زيونة في شرق بغداد، تغطس دارين عبد (11 عامًا) بزيّها الزهري في المياه الباردة.
وتقول “أتمنّى لو كان بإمكاني أن آتي إلى هنا 24 ساعة في اليوم”.

المياه الملوثة حل للهروب من الحر اللاهب
ومنذ وصولها عند الواحدة ظهرًا، توثّق تلميذة الصف السادس التي تنوي البقاء في المسبح حتى الثامنة مساءً، لحظات المرح بهاتفها على مزالق مائية ملونة ضخمة حيث يستخدم كثر عوامات سباحة خضراء وصفراء للتزحلق.
وتضيف الفتاة التي تمارس السباحة بانتظام منذ عامَين “الحرّ قاتل والتيار الكهربائي مقطوع كل الوقت في البيت”.
وتفتح هذه المدينة المائية التي تفرض رسم دخول يصل إلى 15 ألف دينار (11.5 دولارًا تقريبًا) للشخص الواحد، أبوابها حتى الساعة 23.00 يوميًا.
ويقول المتحدث باسم الإدارة علي يوسف (23 عامًا) “حلّ الصيف باكرًا في هذا الموسم لذلك نشهد عددًا كبيرًا من الزوار يأتون بعد العمل أو بعد المدرسة”.
بدوره، يشتكي الموظف في قطاع التربية ميثم مهدي (31 عامًا) من انقطاع الكهرباء في منزله.
ويتوقع مهدي وهو أب لأربعة أطفال، في زيارته الثانية للصالة المغلقة هذا الشهر أن يرتاد المكان بكثرة هذا الصيف “من أجل البرودة”.
وفي ظلّ تراجع نسبة المتساقطات وارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الجفاف، يعدّ العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثرًا ببعض أوجه التغير المناخي وفق الأمم المتحدة.
وشهد هذا البلد في السنوات الأربع الأخيرة موجات جفاف متتالية اتّسمت بنقص في المياه وانخفاض ملحوظ في مستوى الأنهار. لكن هذا الشتاء كان أكثر اعتدالا ورحب المسؤولون بالأمطار الغزيرة التي يأملون أن تحسن الوضع خلال الصيف.
لكن في بلد يتميز “بمناخ شبه صحراوي”، يتوقع أن تكون “السنوات القادمة أكثر حرارة” ويشهد “موجات حارة غير مسبوقة” نتيجة التغيرات المناخية بحسب المتحدث باسم الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي عامر الجابري.
ويُتوقّع أن تتخطى درجات الحرارة 50 مئوية هذا الأسبوع في أكثر من نصف محافظات البلاد، بينها بغداد وأخرى جنوبية، وفقا لتقرير لهيئة الأنواء الجوية العراقية.
ويضم مركز زيونة التجاري، صالة للتزحلق على الجليد هي الوحيدة في العاصمة العراقية، بحسب الإدارة.
وقد يصل عدد روّادها إلى مئة في أيام العطل والأعياد، حسبما يقول المدرّب سجّاد محمد (25 عامًا).
ويؤكد أن الصالة المجاورة لمطاعم وصالة ألعاب إلكترونية تشهد إقبالًا أكثر خلال فصل الصيف.
ويضيف الشاب أن في صالة التزحلق “الكهرباء مؤمنة 24 ساعة وكذلك أنظمة تبريد داخلية” للحفاظ على الثلج.
وبعد دفع مبلغ سبعة آلاف دينار (5 دولارات)، يضع حسين هلالي (11 عامًا) الحذاء الخاص بالحلبة وينطلق فيما تلتقط والدته صورًا له.
ويتردد التلميذ في الصف الخامس مرتين في الأسبوع مع أولاد عمه إلى هذه الحلبة.
ويقول “أستأنس بهذا المكان وأشعر براحة كبيرة أكثر من أي مكان آخر”.
جيل يعيش حياة بائسة في بلد غني يحكمه لصوص دولة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى