تعاطي المخدرات سلوك شنيع يتضخم وتجارتها تتغول لتدمير بنية المجتمع العراقي
حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تتستر على الميليشيات التي تسيطر على تجارة المخدرات وتعمل على إغراق العراق بها، على الرغم من تصريحاتها الكثيرة عن خطر المخدرات على المجتمع وأنها باتت وجهًا من أوجه الإرهاب.
بغداد – الرافدين
حذرت أوساط مجتمعية وحقوقية من استفحال ظاهرة تجارة وتعاطي المخدرات بعد أن أصبحا أشبه بـ”سلوك وثقافة شنيعة سائدة” وتحول العراق من معبر لها إلى مستهلك في العقدين الأخيرين وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحتها.
وأجمعت على أن حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تتستر على الميليشيات التي تسيطر على تجارة المخدرات وتعمل على إغراق العراق بها، على الرغم من تصريحاتها الكثيرة عن خطر المخدرات على المجتمع وأنها باتت وجهًا من أوجه الإرهاب”.
واتهمت الحكومة بالتقاعس عن ردع هذه الجريمة والحد منها، لوجود جهات متنفذة تمنع التحرك تجاه المتاجرين أو إغلاق منافذ التهريب.
وأكدت أن “تجارة وتعاطي المخدرات في البلاد وصلت إلى آفاق غير مسبوقة تنهش جسد المجتمع والعقوبات لا تتناسب مع مستوى الجريمة”.
وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاحتفال في السادس والعشرين من حزيران سنويا باعتباره يومًا دوليًا لمكافحة استخدام المخدرات والاتجار غير المشروع بها من أجل تعزيز العمل والتعاون من أجل تحقيق هدف إقامة مجتمع دولي خال من استخدام المخدرات.
ويهدف هذا الاحتفال العالمي، الذي يدعمه كل عام الأفراد والمجتمعات المحلية والمنظمات المختلفة في جميع أنحاء العالم، إلى زيادة الوعي بالمشكلة الرئيسة التي تمثلها المخدرات في المجتمع.
وذكر رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، أن “المديرية العامة لشؤون المخدرات التابعة لوزارة ألقت القبض على 38 ألف تاجر وحائز خلال ثلاث سنوات”.
وقال الغراوي إن “العام 2022 شهد القبض على 17 ألف تاجر وحائز مخدرات منهم 123 أجنبيًا، وبلغت كمية المواد المضبوطة نصف الطن من المخدرات بأنواعها كافة، و18 مليون حبة مخدرة”.
وأضاف أن “العام 2023 شهد القبض على 7 آلاف تاجر وحائز مخدرات وضبط 12 طنًا من المخدرات والمؤثرات العقلية “.
وأشار إلى أن العام 2024 شهد القبض 7 آلف تاجر وحائز مخدرات، وضبط 12 طنًا من المخدرات والمؤثرات العقلية.
ونوه رئيس المركز إلى أن نسبة التعاطي في المناطق الفقيرة بلغت 17 بالمائة مبينًا أن أعلى نسب لأعمار المتعاطين كانت من 15 – 30 سنة” .
وأوضح أن “أكثر المواد تعاطيًا في العراق هي الكريستال حيث بلغت 37.3 بالمائة والكبتاغون بنسبة 34.35 بالمائة والأنواع الأخرى بلغت 28.35 بالمائة”.
ودعا الغراوي الحكومة إلى اعتماد يوم السادي والعشرين من حزيران من كل عام اليوم الوطني للوقاية من خطر المخدرات، مطالبًا بإطلاق حملة للوقاية من خطر المخدرات، وتعزيز التعاون الدولي في مكافحتها وتعديل قانون المخدرات بما يضمن تشديد الأحكام ضد تجار المخدرات وإنشاء مصحات لتأهيل المدمنين.
وأوضح عضو الفريق الوطني لمكافحة المخدرات التابع لاستشارية الأمن الوطني العراقي، حيدر القريشي، أن “انشغال الحكومات المتعاقبة عن هذا الملف أدى إلى تراكم المخدرات في البلاد”.
وقال القريشي إنه “منذ 2003 ظهرت في العراق عدة عصابات مخدرات عملت على الاتجار بالمخدرات، مؤكدًا أن العراق على خط خطر تعاطي المخدرات”.
وأضاف القريشي أن “عدد تجار المخدرات بالعراق يتزايد يوميًا، وتتزايد معه أعداد المتعاطين”.
ولفت القريشي أن “العراق يحتل المرتبة الـ 32 من بين الدول التي تنتشر فيها المخدرات “وهي مرتبة مؤسفة، لكنها حقيقة وقد تتفاقم”، وفق قوله”.
وكشفت عضو مجلس النواب، نهال الشمري، عن “تحول بعض متعاطي المخدرات إلى تجار بعد دخولهم إلى السجون الحكومية”.
وقالت الشمري إن “إدخال متعاطي المخدرات في السجون إجراء غير صحيح، كونه يحول المتعاطين إلى تجار أو مروجين بعد دخولهم إلى السجن، فهذا أمر خطير يجب الانتباه إليه من قبل الجهات المختصة”.
وأضافت ، أن “بعض هؤلاء المتعاطين تصل إليهم المخدرات وهم في السجون ، ولهذا يجب أن يتم معالجة هؤلاء المتعاطين بالشكل الصحيح عبر المؤسسات الصحية المختصة، بدل رميهم في السجون مع التجار والمروجين”.
ويرى الباحث في الشأن الاجتماعي الدكتور وعد سامي نوار، بأن ظاهرة المخدرات متفشية منذ سنوات في العراق، وامتلأت السجون بتجارها ومروجيها ومتعاطيها، وتزايدت أعداد المدمنين في مختلف أنحاء البلاد لدرجة أنها وصلت إلى المدارس، على حد تعبيره.
وأضاف أن ذلك يتطلب القيام بحملة كبرى لمكافحة المخدرات “تبدأ بفرض رقابة صارمة على الحدود، ومتابعة مناطق تواجد الشباب حيث يركز المروجون نشاطهم في المقاهي، وتنفيذ أنشطة خاصة في المدارس والجامعات، مع تخصيص مراكز علاج وتأهيل للمدمنين في جميع المحافظات وبقدرة سريرية كافية، بدلاً من الزج بهم في السجون”.
وفي دراسة سابقة مشتركة أنجزها الدكتور نصيف جاسم عاتي، من جامعة ميسان ونعيم عبد الرضا حسان من وزارة الشؤون الاجتماعية، عن متعاطي المخدرات، شملت 100 نزيلاً في سجن العمارة المركزي بالمحافظة، من المحكومين بأحكام مختلفة بعد إدانتهم بقضايا متعلقة بالإتجار والتعاط، تم التوصل إلى أن تعاطي المخدرات أضحت مشكلة لدى فئة الشباب من الفقراء ومحدودي التعليم.
وأظهرت الدراسة أن غالبية المتعاطين هم من الشباب العاطلين عن العمل وبلغت نسبتهم 46 بالمائة من الموقوفين، وأن 55 بالمائة منهم ينتمون إلى أسر فقيرة، وأيضاً من ذوي التعليم المتدني، وان أكثر مادة مخدرة يتم استخدامها هي (الكريستال).
إلى ذلك، قال علي السعدي الناشط الاجتماعي في مجال مكافحة المخدرات إن المجتمع العراقي يواجه خطرًا حقيقيًا لا يقل أهمية عن خطر الإرهاب، لأن آفة المخدرات بدأت تضرب فئة شباب المجتمع العراقي.
وأوضح أن أضرار المخدرات لا تقتصر على متعاطي المخدرات، بل تؤدي إلى انهيار المجتمع من خلال زيادة العنف والقتل، فضلًا عن التفكك الأسري، وبالتالي التدهور الاقتصادي والثقافي للمجتمع.
وأشار السعدي إلى أن “الاتجار بالمخدرات غالبًا ما يرتبط بالعديد من أشكال الجريمة، من بينها الإرهاب وغسل الأموال والفساد، فضلا عن شبكات المهربين والمجرمين”.
ويعتقد الطبيب النفسي أحمد محمد شاكر في مستشفى ابن رشد، أن زيادة الإدمان أحد مظاهر تدهور نظام الأسرة في السنوات التي أعقبت الغزو الأمريكي عام 2003.
وأضاف أن أي عائلة تتكون أساسا من ثلاثة أركان الأب والأم والأبناء، موضحًا أنه بسبب الحروب ونتائجها، تفقد العديد من العائلات أحد هذه الركائز وبالتالي تنشأ المشاكل في هذه العائلات.
وأضاف أن “الأمر يزداد سوءًا مع مرور السنين إذا لم يتم معالجة مشكلة تعاطي المخدرات، فهذا سيؤدي إلى مشاكل مجتمعية، بما في ذلك انتشار الإدمان”.