المعتقلون يعيشون في جحيم السجون العراقية وتهدر كرامات ذويهم عند طلب مقابلتهم
تحول توجيه وزير العدل الحالي خالد شواني، إلى إدارات السجون العراقية بضرورة تجهيز الأقسام بأجهزة التبريد ومياه الشرب، إلى موضع تهكم من إدارة السجون نفسها فضلًا عن المعتقلين.
بغداد – الرافدين
يتفاقم الظلم والتنكيل وسلب الكرامات بالمعتقلين وأسرهم عند محاولة مقابلتهم في الأيام النادرة التي يسمح لهم بالزيارات داخل السجون في المدن العراقية.
وتشهد السجون والمعتقلات في الكاظمية والتاجي والناصرية، ظلمًا تجسده قصص مؤلمة وحزينة للسجناء وذويهم.
وينقل عن بعض السجناء أنهم لم يقابلوا أحدًا من ذويهم منذ سنوات، حيث تمنع زيارة الأولاد لآبائهم السجناء، في حين تتعرّض النساء الذين يسمح لهن بالزيارات لإهانات وابتزاز وتحرش.
وتضطر السيدة (ا.م – 65 عامًا) من بغداد إلى دفع مبالغ مالية لضباط في إدارة سجن الناصرية المركزي من أجل زيارة ابنها المعتقل منذ عام 2012 بوشاية المخبر السري وتحت ذريعة قانون 4 إرهاب سيء الصيت.
ولم تغير وزارة العدل في حكومة الإطار التنسيقي شيئًا على الرغم من الوعود التي يطلقها وزير العدل الحالي خالد شواني، حيث يروي أهالي المعتقلين شهادات صادمة لعمليات الإذلال والابتزاز من أجل رؤية ذويهم، إلا أنهم يفضلون الصمت خشية منع السلطات في السجون من رؤية المعتقلين.
وتحول توجيه وزير العدل خالد شواني، يوم الأربعاء، إلى إدارات السجون العراقية بضرورة تجهيز الأقسام بأجهزة التبريد ومياه الشرب، إلى موضع تهكم من إدارة السجون نفسها فضلًا عن المعتقلين.
وقال قسم الإعلام والاتصال الحكومي في الوزارة إن “وزير العدل خالد شواني زار سجن التاجي المركزي وأصدر عدة توجيهات، أهمها تحسين البنية التحتية للسجن”.

ويجمع أهالي المعتقلين على أن تصريح شواني مجرد عرض إعلامي فارغ من المضمون لأن السجناء يعيشون في جحيم مطلق وهناك شبكات فاسدة تدير السجون وتفرض أسعارًا باهضة على الأطعمة والمياه الباردة.
ولا توفر حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إحصاء لعدد السجناء في العراق، لكن أرقامًا متضاربة تشير إلى أن الرقم يقارب مائة ألف، ويتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تملكها أجهزة أمنية، مثل المخابرات والأمن الوطني وجهاز مكافحة الإرهاب، وسجون ميليشيا الحشد.
فيما تغيب المعلومات عن سجون سرية تضم آلاف المعتقلين في أنحاء البلاد. أغلبها تدار بواسطة الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي.
وقالت الممثلة عن عوائل السجناء الأبرياء والمعتقلين والمغيبين، إسراء أحمد القيسي، إنها أرسلت نحو 3 آلاف بريد إلكتروني لمستشار حكومة السوداني لحقوق الإنسان ترصد فيها حالات التعذيب والانتهاكات التي يتعرض لها أبناؤهم في السجون الحكومية.
وكانت القيسي قد، أسست تجمعًا يضم 46 ألف عائلة من عائلات المعتقلين والمغيبين للمطالبة بمعرفة مصير أبنائهم والإفراج عنهم.

وقالت القيسي، إنها ومنذ عام 2015 لم تترك بابًا إلا وطرقته ولم تترك مظاهرة إلا وشاركت فيها من أجل إيصال صوتها وعائلات المعتقلين والمغيبين إلى المعنيين، لرفع الظلم عن أبنائهم.
وأكدت على أن هناك انتهاكات “تشيب الرأس” لبشاعة التعذيب والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون، وأنها تواصلت مع منظمات عالمية وزودتها بالصور والوثائق اللازمة والتي تثبت حجم الانتهاكات ضد المعتقلين في السجون الحكومية في العراق.
ويصطف طوابير من العراقيين منذ ساعات الفجر الأولى أمام السجون، ويحملون معهم أطعمة ومواد غذائية لمقابلة ذويهم، لكنهم يواجهون معاناة شاقة من أجل الدخول. وهم يصفون هذه الزيارات بأنها “أيام عذاب”، في حين يؤكد ناشطون وحقوقيون ونواب وجود العديد من الانتهاكات والتجاوزات في السجون، وأن بعضها تحصل في حق ذوي السجناء الذين يجري التعامل معهم بطرق تخالف القانون، وتشمل التعدي والابتزاز.
وتسمح قوانين السجون في العراق بأن يُشاهد السجين أهله أو عائلته أو محاميه مرتين شهريًا، لكن يحدث غالبًا بسبب توزيع السجناء على المقابلات أن تقتصر المشاهدة على مرة واحدة فقط. وقد يحصل ألا تحدث المقابلة الشهرية لأسباب إدارية أو أمنية أو بسبب العطل الرسمية.
وتخصص دوائر السجون أيامًا محددة للزيارات، وتوزع السجناء عليها، وتحصل عادة بحماية مشددة ولوقت محدد في السجون الصغيرة وغير المكتظة أو غير الخطيرة، كما يقول أحد المحامين، لكن في أحوال كثيرة تمنع الزيارات أكثر من 3 أشهر، وتحديدًا في سجون تتهم منظمات وحقوقيون إداراتها بارتكاب انتهاكات وفظائع داخلها، مثل التاجي والناصرية المركزي.
وسبق أن انتشر فيديو مسرب من سجن التاجي في بغداد إلى وسائل إعلام، تضمن استغاثة السجناء من انتهاكات وصفت بأنها لا أخلاقية ولا إنسانية تمارس بحقهم من إدارة السجن، وذلك من خلال إجبارهم على شراء المخدرات والهواتف النقالة بأسعار باهظة.
وهزت الحادثة الرأي العام في العراق، وعلى إثرها قرر وزير العدل الحالي خالد شواني، إعفاء مدير السجن ومعاونيه وعدد من المسؤولين عن إدارته.
ووفق بيان وزارة العدل فإن قرار الإعفاء شمل إضافة إلى مدير سجن التاجي ومعاونيه، مسؤول شؤون الداخلية والأمن ومسؤول التصاريح الأمنية، وتمت إحالتهم الى الجهات التحقيقية لغرض التحقيق معهم بشأن ما ورد من الاتهامات في الفيديو.
وبحسب نشطاء، فإن لجان التحقيق لا تعلن شيئًا ولا تظهر النتائج إلى الرأي العام لمعرفة مصير القضايا التي تمس حياة المعتقلين في سجون الحكومة.
