أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

هيئة علماء المسلمين: ذكرى ثورة العشرين تأتي في ظل أسباب مشابهة إلى حد كبير لعوامل انطلاقها ومسبباتها في ذلك الوقت

هيئة علماء المسلمين: الطائفية السياسية التي يتبناها النظام القائم في العراق هي أحد أخطر آثار الاحتلال التي تعاني منها البلاد اليوم.

أكدت هيئة علماء المسلمين في العراق أن العملية السياسية وما أنتجته من حكومات متعاقبة؛ أثبتت على مدى إحدى وعشرين سنة خلت -مثلما وصفناها من قبل مرارًا- أنها مرض خبيث يتفشى في الجسد العراقي، وتتفاقم أعراضه على نحو يعكس جميع أنواع الفشل على المستويات والأصعدة كافة.
وأضافت الهيئة أن مكافحة ذلك تتطلب رأيًا جمعيًا وجهدًا موحدًا يستطيع إنقاذ العراق وأهله من تسلط الأحزاب السياسية الساعية إلى إبقائهما في حالة الافتقار للأمن وعوامل الانضباط والاستقرار، وجر الشعب نحو الانشغال بأمور تصرف أنظاره عن حقيقة واقعه المؤلم، فضلًا عن سعيه لتغييره.
وتابعت “علاوة على تجويعه وتجهيله، وقطع أي طريق يسلكه نحو التطور وزيادة زخم تقدُّم أبنائه في المجالات كافة، والإصرار على تجنيس الأجانب وزجهم بين العراقيين بما يوهن نسيجهم المجتمعي ويهدد بتشويه ثقافته ومصادرة أعرافه وعاداته المنضبطة الأصيلة، وغير ذلك من صور وأنماط التغيير الديموغرافي ذي الأبعاد السياسية والطائفية”.
وقالت الهيئة في رسالة مفتوحة إلى جميع العراقيين بمناسبة الذكرى الرابعة بعد المائة لثورة العشرين إن “ذكرى ثورة العشرين الكبرى، ثورة العراقيين جميعًا، تأتي في ظل عوامل وأسباب مشابهة إلى حد كبير لعوامل انطلاقها ومسبباتها في ذلك الوقت؛ فقد انتقل العراق اليوم -وهو يرزح تحت وطأة الاحتلال المزدوج- من حالة التهديد التي تنطوي على مخاطر جمَّة، إلى حالة الحرب المعلنة والصريحة والعدوان الذي لا شك فيه على ثوابت العراقيين: الشرعية، والوطنية، والقيمية، والأخلاقية، والثقافية، والمجتمعية”.
وأشارت الهيئة في رسالتها المفتوحة إلى أن العراقيين يشهدون حقبة من التأريخ يعيش فيها العراق ظروفًا استثنائية متردية؛ بعد أن تركت مآسي الاحتلال وما تبعه من طغيان وظلم في نفوس العراقيين غصة وتحسرًا على بطولات سطرها الأجداد في ثورة العشرين المجيدة، الذين تناسوا كل اختلافاتهم ونبذوا كل ما يفرقهم؛ ليتوحدوا أمام خطر الاحتلال البريطاني، بعد أن بلغ السيل الزبى ولم يبقَ في قوس الصبر منزع؛ فقاموا بثورتهم المباركة التي جمعت كل أطياف الشعب وفئاته للخلاص والانعتاق من احتلال لم تسلم منه فئة دون أخرى منهم”.
وقالت الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين إن آثار الاحتلال الخطيرة التي نعاني منها اليوم أشد المعاناة؛ هي الطائفية السياسية التي يتبناها النظام القائم في العراق، التي باتت تتجاوز في آثارها حجم الدمار الذي تخلّفه آثار القنابل والأسلحة التقليدية، الأمر الذي يلزم العراقيين جميعًا -للخلاص منها- بالاسترشاد ببوصلة أجدادهم الذين فجروا ثورة العشرين وقادوها، وأعلنوا بقوة وحزم عن عزمهم على تغيير واقعهم آنذاك، على الرغم من أن إمكانياتهم في ذلك الوقت كانت لا تقارن بإمكانات عدوهم المحتل وآلته الحربية، فضلًا عن كونها أقل بكثير مما يحظى به العراقيون اليوم من إمكانيات وطاقات وعقول ونخب وأدوات ووسائل”.
ولفتت إلى أن “السياسيين اليوم اتخذوا من المنحى الطائفي الذي يتصادم مع القيم ويتقاطع مع الثوابت سبيلًا للهرب من رقابة العراقيين والتفكير في محاسبتهم، سواء في تسليط أبواقِهم للإساءة لرموز الأمّة الإسلامية وتراثها عبر التأريخ، أو لرموز العراق وأعلامه ومنهم قادة ثورة العشرين، والاستخفاف بأي جهد وطني تأسس العراق عليه، أو بالشروع المباشر في الاستنقاص من أدبيات العراقيين: الشرعية، والوطنية، والثقافية، والتأريخية والسعي نحو إبطالها، بسن القوانين أو اتخاذ القرارات ذات الأبعاد المحرضة على الكراهية والتفرقة والإقصاء”.
وشددت الهيئة في رسالتها على أن منظومة الحكم التي فُرضت على العراقيين، تُظهر أهدافها ومقاصدها علانية ومن دون حياء؛ مما يعني أنها غدت هدفًا مشروعًا من أجل التغيير بالثورة الشاملة على خطا من سلف من العراقيين الأبطال”.
وجاء في الرسالة المفتوحة للعراقيين الذين وصفتهم الهيئة بأحفاد ثورة العشرين أن “الاستذكار السنوي لثورة العشرين ما يؤكد على موقفنا الثابت في رفض النظام السياسي القائم في العراق، وعدم الاعتراف به؛ بل والتأكيد على دعوتنا إلى الخلاص منه وتطهير البلاد من مخرجاته ومآلات استمراره؛ فقد أظهرت الأحداث المتلاحقة أن هذا النظام المتكئ على عكازات الاحتلال المزدوج لا يقوى على البقاء إلا وهو يقتات على الفوضى وما تخلِّفه من تداعيات تعزز من حالة الاضطراب”.
وتابعت “ولعل في اعتماد نهج الطائفية السياسية ما يمنح هذا النظام الفرصة الوحيدة لمد عمره ما أمكن؛ حيث لا توجد أي مبررات للحملات الممنهجة التي يبادر النظام وأجهزته وميليشياته في قمع وصد أي صوت أو جهد يسعى للنأي بالعراقيين عن براثن الطائفية؛ غير ذلك، وما حصل لشباب العراق في ثورة تشرين من قمع وقتل وتغييب أنموذج واحد من النماذج الكثيرة في هذا السياق”.
وخلصت بالقول إننا “نهيب بأبناء شعبنا الأبي لتحقيق موقف شعبي موحد -بالاستفادة من المعاني المتقدمة ومن تاريخ ثورة العشرين- للتصدي لفساد الحاكمين في العراق، والعمل على مشروع استعادة العراق وطن العراقيين جميعًا لحضن أبنائه الذين عانوا كثيرًا وآن لهم أن يغيروا ما يجري عليهم منذ أكثر من عقدين، ويستردوا وطنهم ومقدراتهم ويبنوا بلدهم دون تدخل أحد كائنًا من كان”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى