أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مزاعم واهنة عن وضع العراق في قائمة الدول السعيدة

عراقيون يطالبون رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي بمراجعة وعيه ويؤكدون أن للتلفيق حدودا في التعامل مع عقول الرأي العام، إلا أنه يصل لهذه الصلافة باعتبار العراق من بين الدول السعيدة وهو في ذيل قائمة المؤشرات الدولية بالفساد والكآبة، فهو أمر شائن ومعيب.

بغداد- الرافدين
أمعن رئيس المركز الاستراتيجي العراقي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، بالتلفيق بطريقة صلفة عندما صنف العراق من بين أسعد خمس دول عربية، في وقت أعترف بأن العراق حل بالمرتبة 98 على مستوى العالم في مؤشر السعادة.
ودعا الغراوي في عرض إعلامي شائن يستهين بمعاناة العراقيين وكرامتهم، حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إلى تشكيل الهيئة الوطنية للسعادة ترتبط برئاسة الوزراء وتكون مسؤولة عن قياس مؤشرات نجاح الحكومة في سعادة المواطن من خلال تأمين متطلبات العيش الكريم والخدمات وحقوق الإنسان.
ولم يستغرب عراقيون عرض الغراوي الشائن مع أنه يمثل مركزا يزعم الاهتمام بحقوق الإنسان، معتبرين الأمر جزء من عروض الحكومة الملفقة عن إنجازات وهمية.
وتساءل عراقيون “ألا يخجل هذا المسؤول بمزاعمه المعيبة، فيما يعيش العراقيون في جحيم انقطاع التيار الكهربائي، ويجازف الآلاف من شبابه لعبور البحار من أجل البحث عن كراماتهم المهدورة في البلاد”.
وطالبوا رئيس المركز الاستراتيجي العراقي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، بمراجعة نفسه والاعتذار للأمهات اللواتي يترقبن خبرا من أولادهن المختفين قسرا، والفتيات والأطفال الذين يعملون في مصانع إنتاج الطابوق، وملايين النساء الأرامل وهن يبحثن عن لقمة عيش لأطفالهن.
وقالوا “إن للتلفيق حدودا في التعامل مع عقول الرأي العام، إلا أنه يصل لهذه الصلافة باعتبار العراق من بين الدول السعيدة وهو في ذيل قائمة المؤشرات الدولية بالفساد والكآبة وانعدام الشفافية، فهو أمر يدفع صاحب هذا الكلام لمراجعة وعيه وطريقة تفكيره”.
وعلى الرغم من أن العراق بلد غني بالنفط، لا يزال ثلث سكانه البالغ عددهم 42 مليونًا يعيشون في الفقر، أما البطالة فهي مرتفعة في أوساط الشباب، فيما يحتجّ العراقيون على النزاعات السياسية وسطوة الأحزاب والميليشيات الفاسدة والنفوذ الإيراني في بلدهم.
ومنذ عام 2003 يتخذ العراق مراتب متأخرة في جميع مؤشرات ومعايير الفساد والحريات وجودة الصحة والتعليم ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي
ويعيش ملايين العراقيين في مجمعات عشوائية في أطراف المدن يفتقدون فيها للكرامة الإنسانية فضلا عن الخدمات، الأمر الذي يجعل من السعادة وضعًا بعيد المنال، فيما تحاول وسائل إعلام حكومية تقديم صورة مزيفة عن السعادة في العراق عبر لمجمعات ومقاه محصورة على طبقة محدودة من المجتمع.

عمالة الأطفال فأين السعادة؟

وحافظ العراق على موقعه في المراتب المتأخرة في مؤشر السعادة الدولي لعام 2023 وفق تقرير للأمم المتحدة، في إشارة على عدم حدوث تقدم بطبيعة حياة العراقيين وبعد عشرين عامًا من احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية.
وحل العراق في المرتبة 98 من بين 137 دولة، ولم يتقدم الإ على فلسطين والمغرب وموريتانيا بين الدول العربية، وحلت أفغانستان بالمرتبة 137 أما لبنان فجاء بالمركز 136.
ويستند معدو الدراسة المنشورة سنويًا منذ 2012، إلى استطلاعات رأي يجيب فيها السكان عن استبيانات بشأن درجة السعادة الشخصية. وتتم مقاطعة هذه البيانات مع إجمالي الناتج المحلي ومؤشرات التضامن والحرية الفردية والفساد، لوضع درجة نهائية على 10.
وأظهر تقرير عام 2023 الذي أعلن لمناسبة اليوم الدولي للسعادة في العشرين من آذار، وفق شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة والمدعوم ببيانات معهد “غالوب” للإحصاءات، بقاء فنلندا على مرتبتها، للسنة السادسة على التوالي، على رأس الدول الأكثر سعادة.
وكان مؤشر السعادة العالمي للعام 2022، قد صنف العراق في المرتبة 107 من أصل 146 دولة حول العالم.
ولا يمثل تقدم العراق في تسع مراتب بمؤشر السعادة تغييرًا جوهريًا في بلد يعد من بين الدول الثرية، فيما صار الفساد جزءًا من منظومة الحكم.
وجاء العراق في المرتبة 157 كأكثر الدول فسادًا وأقل شفافيةً من أصل 180 دولة في آخر مؤشر للفساد العالمي.
ولم يحصل العراق حتى على مراتب متدنية في مؤشر دافوس للتعليم وجاء خارج المؤشر من بين 180 دولة.
وتسبب السلوك السياسي المشين والفساد في تبوأ العراق مراتب متقدمة في تصنيف الدول المكروهة في العالم، بالتزامن مع استطلاع دولي أظهر بأن العراقيين هم أكثر الناس تشاؤما بعدم وجود مساواة مقارنة بالمعدل العام لبقية المواطنين العرب.
وصنف موقع أمريكي 15 دولة، كأكثر الدول “المكروهة” عالميًا، وكان العراق إلى جانب إيران والسعودية و”إسرائيل” ضمن هذه الدول.
وعزا موقع (WORLDOMETERS) الأمريكي المعني بالإحصاء السكاني العالمي، الكراهية الدولية للعراق، إلى تصرفات الحكومة التي ينخرها الفساد والفشل.
وجاءت كراهية العراق أيضا من السجل المنهار لانتهاك حقوق الإنسان في هذا البلد الذي شهد عمليات تهجير وقتل على الهوية.

على فاضل الغراوي مراجعة طريقة تفكيره فللتلفيق حدود

وأشار الموقع إلى أن مصدر الكراهية يتأتى مما يشهده العراق من تطهير طائفي وإبادة جماعية واغتيالات ومخبر سري لا يخضع للقانون وسجون سرية وتعذيب مشين.
وأظهر استطلاع للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الاسكوا” بأن العراقيين هم أكثر سكان المنطقة شعورًا بعدم المساواة، وأن الفساد يشكّل التحدي الأكبر الذي يواجه البلاد.
وأشار استطلاع “الاسكوا” إلى أن العراقيين هم أكثر الناس تشاؤمًا بعدم وجود مساواة مقارنة بالمعدل العام لبقية المواطنين العرب.
وأوضح أن معدل التشاؤم لدى العراقيين فيما يتعلق بوضعهم الحالي والمستقبلي بخصوص المساواة الاقتصادية والاجتماعية، هو الأعلى بين مواطني البلدان العربية الأخرى.
وأظهر استطلاع أجري بين شباب عراقيين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة، ان ثلاثة ارباعهم كانت نظرتهم سلبية جدًا تجاه الوضع الحالي للمساواة الاجتماعية والاقتصادية.
وذكر أن هناك أشياء كثيرة تجعل الناس تعساء، ولكن هناك عوامل هي الأكثر تأثيرًا ومنها الفقر والمجتمعات السيئة والجوع والشعور بالوحدة.
وسبق أن تصدرت العاصمة العراقية بغداد أسوأ مكان للعيش في مدن العالم، ليس بسبب الانعدام الكامل للخدمات حسب، بل لان أهلها يعيشون اغترابا حسيا مع مدينتهم التي باتت مختطفة من قبل الميليشيات والأحزاب السياسية الفاسدة.
وتريّفت مدينة بغداد ودُمّر جمالها وقُسمت أحياؤها بطريقة طائفية مقيتة دمّرت نسيجها الاجتماعي، وهدّمت تماثيلها ورموزها واستبدلت بتماثيل طائفية خالية من أي رمز حضاري.
وصارت بغداد أكبر مدينة مثقلة بالأحياء العشوائية وفقدت أهمية أي تخطيط لها كما فقدت قبل ذلك هويتها، وصار عدد سكانها اكثر من 12 مليون نسمة بما يقرب من ثلث سكان العراق بينما لا يبلغ عدد اهلها الأصليين سوى بضعة آلاف موزعين في أحياء متفرقة.
وتحولت بغداد إلى أمثولة ساخرة في لسان مغنية الروك الأمريكية كورتني لاف بعد أن حاصر متظاهرون ضد الحكومة سيارتها في باريس، فكتبت على تويتر “هل هذه فرنسا؟ أشعر بأمان أكثر في بغداد”.
وكان الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 بذرائع كاذبة قد زعم بأن العراق سيتحول إلى دولة ديمقراطية يعيش شعبها أعلى درجات الرفاهية.
ويهتم الشباب العراقيين بموضوع الفساد الذي يعمل على هدر أموال الدولة وتضييعها من قبل الأحزاب الحاكمة والميليشيات المرتبطة بها، في وقت يمكن استخدامها في مجال خلق فرص عمل وتقليل نسبة الفقر والمضي قدما تجاه التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تكرر السؤال عن التعاسة والمستقبل الغامض بين ملايين العراقيين الذين لا يمتلكون بيتًا خاصًا بهم ولأسرهم.

هذا مشهد الطفولة في العراق

ويجمع عراقيون على أن مفهوم السعادة نوع من الرفاهية غير متاحة إلا لفئة لصوص الدولة في العراق الذين حصروا أنفسهم في المنطقة الخضراء والمجمعات المحمية بعناصر الميليشيات.
ويتساءل عراقي يعيش مع أسرته المكونة من ستة أفراد، في مجمع عشوائي في منزل مبني من الصفيح، عن معنى السعادة في وضعه الحالي مع أطفاله.
ودعا الرجل في تصريحات مصورة على “فيسبوك” وسائل الإعلام التي تتحدث عن السعادة إلى زيارة المناطق العشوائية للاطلاع على حال “التعاسة” التي دفعت أجيالًا من الشباب إلى الجريمة وأدمان المخدرات واللصوصية، بعد أن فقدوا الأمل بالمستقبل وتغيير وضعهم المزري.
وخرجت العاصمة العراقية بغداد خارج التصنيف الدولي التي تعده سنويًا وحدة المعلومات والأبحاث والتحليل الاقتصادية في مجموعة (EIU) البريطانية عن جودة العيش.
ومع وجود غالبية العواصم العربية في التصنيف السنوي للمجموعة البريطانية المرموقة وهي إحدى شركة مجموعة “إيكونوميست”، إلا بغداد التي كانت تصنف في ذيل المؤشر السنوي لنفس المجموعة في الأعوام السابقة لم يظهرها المؤشر في التقرير السنوي.
ويستند المؤشر إلى 30 معيارًا نوعيًا وكميًا تتعلق بالاستقرار والنظام الصحي والثقافة والبيئة والتعليم والبنية التحتية.
ويمثل خروج العاصمة بغداد من مؤشر وحدة المعلومات الاقتصادية (EIU)عن تصنيف المدن الملائمة للعيش في العالم، ضربة لحكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني. بعدما أطلقت على نفسها “حكومة خدمات”.
ويعزى عدم ظهور بغداد في المؤشر إلى غياب المعلومات الصادرة عن المصادر الحكومية أو عدم دقتها، أو لأن طبيعة المعيشة في بغداد من الرداءة الأمر الذي جعلها خارج درجات التصنيف.

نساء عراقيات يعملن في مكبات النفايات بسبب الفقر وغياب العدالة الاجتماعية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى