أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيبلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

عاصمة الرشيد أضحت مدينة عشوائيات مثقلة بالفقر والحرمان وانعدام الخدمات

أمانة بغداد ووزارة التخطيط تعترفان بوجود 1225 كيانًا عشوائيًا مقابل 425 محلة رسمية في العاصمة العراقية.

بغداد- الرافدين

رَسمَ اعتراف أمانة بغداد بأن المناطق العشوائية تعادل أكثر من ضعف المناطق الرسمية. وازدياد عددها على المناطق الرسمية ليصل إلى 1225 كيانًا عشوائيًا مقابل 425 محلة رسمية فقط. صورة للحقيقة الكارثية التي تعيشها العاصمة العراقية.
ويأتي تصريح أمانة بغداد بعد تأكيد وكيل وزارة التخطيط للشؤون الفنية ماهر جوهان، بأن ظاهرة السكن العشوائي من الظواهر التي انتشرت بشكل واسع في العراق بعد عام 2003، وتنذر بمخاطر كبيرة على المستوى المعاشي والصحي، وتشكل بؤرة للفقر وانتشار الأمراض.
وتصدرت محافظة بغداد بحسب جوهان الأعلى من ناحية التجمعات العشوائية بأكثر من ألف تجمع سكاني، التي تشكل نسبة 23 بالمائة من مجموعها في العراق والبالغة 4 آلاف و679 تجمعا.
وكانت وزارة الإعمار والإسكان قد قدرت في تشرين الثاني الماضي نسبة المواطنين الذين يقطنون بمساكن عشوائية في بغداد بنحو 9 في المائة من السكان، ما يعادل 5 ملايين مواطن ينتشر غالبيتهم في مناطق العاصمة المكتظة بالسكان، إلى جانب عدد من المحافظات الوسطى والجنوبية.
في غضون ذلك قالت لجنة الخدمات والإعمار النيابية أن اللجنة أعادت قانون العشوائيات إلى الحكومة بسبب عدم مراعاة القانون لحجم المشكلة.
وقالت عضوة اللجنة مهدية اللامي، إن الخدمات المقدمة إلى محافظة بغداد لا تتناسب مع النقص فيها، ولا تتناغم مع حجم المتطلبات والمشكلات، ولذلك فبغداد بحاجة إلى نهضة خدمية من أمانة بغداد ومحافظة بغداد باعتبارهما المحاور التنفيذية للعاصمة.
واشارت إلى أن فريق الجهد الهندسي ينفذ الخدمات في المناطق المحرومة التي لا يمكن للأمانة أو المحافظة أن تقدمها بسبب مشكلات قانونية، وإن قدمتها فيرجع ذلك إلى الجانب الإنساني أو الإغاثي.
وتتسع ظاهرة السكن العشوائي في مختلف المدن العراقية مع استمرار أزمة السكن، وغلاء أسعار المنازل والأراضي وهي تتأثر أيضًا باستمرار تزايد عدد السكان في بلد يبلغ فيه معدل نمو السكان نحو 3 بالمائة سنويًا، والهجرة من القرى إلى المدن لأسباب أمنية واقتصادية وبيئية.
وسبق أن حل العراق بالمرتبة 111 عالميًا من أصل 196 دولة بنسبة ملكية المنازل، وفق تصنيف دولي.
ويسكن 26 بالمائة أو أكثر من ربع العراقيين في الإيجار، ما جعل العراق يقع في مرتبة متأخرة بمعدل ملكية المنازل فيه.
وتتألف غالبية العشوائيات من أراضٍ استولت عليها الميليشيات وجرى بيعها للمواطنين بمبالغ مالية كبيرة.

يعيشون الحرمان والفقر في أحياء تفتقر للشروط الإنسانية

ويحمل الباحث بالشأن الاقتصادي، قاسم بلشان، الحكومة، لاسيما وزارتي التخطيط والاعمار والإسكان” مسؤولية تفاقم هذه الأزمة التي عدها “مشكلة حقيقية”.
ويبين بلشان أن العراق يعيش أزمة سكن حقيقية وفعلية، حيث يظهر بشكل واضح كيف أن العائلات تشطر نفسها، وتقسم المنزل الواحد إلى عدة منازل، في الوقت الذي تعيش بعض العائلات الأخرى في عشرة أمتار فقط.
ولفت إلى أن هذا المؤشر يدل على غياب الإرادة الحقيقية وعدم وجود تخطيط حقيقي فعلي لمعالجة أزمة السكن.
وقال إن هذه الأزمة لا تتحملها الحكومة الحالية فقط، بل جميع الحكومات السابقة ما بعد 2003.
وأضاف “ليس من المعقول أن يقطن أكثر من 10 أفراد داخل 50 مترًا، فهذا أمر قريب من الخيال”.
وتذيلت العاصمة العراقية بغداد قائمة المدن الأكثر سوءًا وخطرًا على مستوى العالم لسنة 2024 بحسب تقرير لمجلة “سي وورلد” في استمرار لفشل الحكومات المتعاقبة منذ احتلال العراق عام 2003 في حفظ الأمن والحد من ارتفاع معدلات الجريمة وانتشار العصابات.
وبحسب تقرير المجلة الأمريكية جاءت بغداد في المرتبة 264 عالميًا من أصل 300 مدينة تم تقييمها وفي المرتبة العاشرة عربيا، مع نقاط سلامة إجمالية تبلغ 57.77 من أصل 100 نقطة.
ويقاس مدى السلامة في المدن التي تم تقييمها بناء على معدلات الجريمة المنخفضة وقوة الشرطة والتدابير الأمنية واستقرار الحكومة.
وتحولت بغداد منذ عام 2003 إلى مركز للميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة مع عجز وفشل القوات الأمنية في حفظ الأمن ما جعلها من أخطر مدن العالم.
وإضافة إلى غياب الأمن وانتشار العصابات والميليشيات تعتبر الحكومة في العراق من أفسد الحكومات في العالم إذ تعيش البلاد أزمات سياسية وأمنية واقتصادية مستمرة.
وكان معهد الاقتصاد والسلام العالمي قد وضع العراق ضمن قائمة المناطق العشر الأكثر خطرا في العالم على حياة الإنسان ورفاهيته لعام 2023 وجودة الحياة على نحو عام، نتيجة الصراعات المستمرة وارتفاع معدلات العنف وانتشار العصابات المسلحة.
وتشهد بغداد كحال مدن العراق الأخرى، تزايدا في عمليات السطو والقتل والسرقات نتيجة لسيطرة الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة على المشهد الأمني.


ماهر جوهان: بغداد الأعلى في التجمعات العشوائية بأكثر من ألف تجمع سكاني تشكل نسبة 23 بالمائة من مجموعها في العراق والبالغة 4 آلاف و679 تجمعا

ويشير مختصون إلى أن العراق وبسبب الأزمات المستمرة التي تؤثر على المجتمع فيه والفشل في إدارة البلاد من قبل الحكومات المتعاقبة، يتحول تدريجيا إلى أرضية خصبة لارتكاب الجرائم، وتصاعد أعدادها، بسبب تردي الوضع الاقتصادي، وتراجع مستوى التعليم، إضافة إلى انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في شكل غير مسبوق.
ويعزو مختصون تصاعد الجرائم إلى سوء إدارة الأمن، وضعف منظومة التشريعات العقابية، إضافة إلى الأسباب الطبيعية الأخرى التي تتحملها وزارة الداخلية بالخصوص، وأن ما يجري في العراق من جرائم مفجعة، أمر خطير، ويعكس الانفلات الأمني وعدم الخوف من العقاب من قبل القتلة.
وأسهم التدهور الأمني والخدمي في بغداد منذ سنوات، بالإضافة إلى انهيار البنى التحتية وانتشار العشوائيات، في جعلها واحدة من أسوأ عواصم العالم.
وكشفت مصادر أمنية تزايد البلاغات عن عمليات السرقة، في ظل توسّع رقعة الفقر والبطالة في البلاد وانتشار المخدرات.
وبينت أن عمليات السرقة خصوصا في العاصمة بغداد زادت في شكل ملحوظ، وتشمل منازل ومتاجر مختلفة. كما تنفذ عمليات احتيال ونصب يوميا في مختلف المدن.
وقالت إن الظاهرة تفاقمت بسبب اتساع رقعة الفقر والبطالة، وانتشار السلاح المنفلت، ووجود عصابات تتحرك في كثير من الأحيان تحت غطاء رسمي. وثبت تورط عناصر يحملون هويات لفصائل مسلحة أو جهات حكومية بعمليات سرقة واحتيال وابتزاز، وصولاً إلى الاتجار بالمخدرات وترويجها.

هذا حال العراقيات في الزمن الديمقراطي!
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى